
قراءة لـ نص مراكب الشرق لـ مجد كردية بقلم محمود م. درويش

قراءة لـ نص مراكب الشرق لـ مجد كردية
الشاعر الذي لا يقترب إلا ليبتعد
هي رحلةٌ يخوض غِمارَها منذ بدءِ الخليقة هذا الكائنُ البشريُّ المسحوقُ تحت وطأةِ روحه القلقة سعياً وراءَ تسكينها وإدخالِها في غيبوبة الحياةِ. وفي خضم هذا السعيِّ قد يرتقي الإنسانُ بدواخله نحو الحق والجمالِ كما قد ينزلقُ بها نحو ما تفرِضُه عليه نرجسيّتُه المفرطةُ من موبِقاتٍ. ولكن لا بد لهذه الرحلةِ كي تكتملَ في معناها من مركب يخوضُ الإنسانُ من خلالِه غياهب الرحلة ومن وجهةٍ قد تكونُ العاصمَ من زللٍ ما تخبئُه الطريقُ لخائضه.
ـ من هنا يأخذُ (الشاعر مجد كردية) في نصِّه (مراكب الشرق) <مركبَهُ ـ جسدَهُ> ليكون مرشداً لهذه الروح ـ الشبح في رحلتها نحو سكونها الخاص الذي تهدّده حياةٌ تتوالى ظُلُماتها في ليل تملأُه أسئلةٌ لا تنتهي إلا بالشكِ... هذا الشكُّ الذي سيُشرِّد صاحبَه بعيداً عن الرحلة المفترضة وعن وجهتها الأصلية.
ـ لذلك يذهبُ الشاعر في تيههِ هذا إلى أن يختصرَ العمرَ بأسباب فقط. هذه الأسبابُ التي تغتالُ <المركبَ ـ الجسد> نهاراً لتحييه ليلا من جديدٍ ولكن ليس من خلال الاستهلاك الإيروتيكي بل عبر الارتقاء به ليصل إلى قمة النور فتشعّ عليه بعضٌ من إشراقاتٍ إلهيةٍ تسكِّنُ الروحَ وتصل بها إلى مبتغاها (حقيقتها) الشرق...
ـ وبالرغم من أنً الشاعر في بداية النص يسعى للتحرّر من لعنة الشك فإنه سيعودُ ليطلُبُها من جديد وإن بشكلٍ مواربٍ.
فهو لا يرضى بكونِ الأشياءِ (ظاهرها) بل يهدُف الوصولَ إلى جوهرِها (عمقِها) علَّه يفككُه ليخرج بروحه من سجن شهوتها القاهرة لـ <النور> هذا النورُ الداخليُّ المقيَّد بالجسدِ الذي سيواصل رحلته نحو وجهتيه التي لن يتوه عنها أبداً.
ـ هنا إذاً يتجلّى ذلك التجاذبُ اللانهائي بينَ طرفِي معادلةِ (جسد ـ روح) هشّمت الإنسانَ وألجأَته إلى تلك الأنثى (المثال ـ المتخيّل) التي ستساعده على السكونِ لكنّها ستساهمُ أيضاً في إغراقه أكثر...
ولعلّ هذه الأنثى ليست إلا الوجهَ الآخر لروحه القلِقةِ أو حتّى إلهَهُ ذاتَه الساعي عبر الاتحاد به الحلولَ حيثُ الإشراق الحقيقي.
ـ فالشاعر بعد توالي خيباته في (تسكين روحِهِ) يدرك ربَّه الذي ما هو إلا نفسَه التي تحاول حراسة القلق الداخلي بعد فشلها في تسكينِهِ واللجوءَ إلى الخلقِ (اللعبةُ الكبرى) التي تجلَّت في عالمِ الحبرِ الذي تعيشه مع أنه ليس إلا انعكاساً لعالمِ الوجود العلوي الذي نسعى إلى إدراكِهِ.
ـ وتجلّياتُ النصّ لا تظهرُ إلا في (ليلة العشق) التي لا تنفكُ تتحول ساعة للخلقِ في سعيها المتواصل للإجابة عن كلِّ تلك الأسئلةِ المتواليةِ حرقاً لروحٍ تحاولُ الوصول إلى حقيقتها الهانئةِ.
ـ أما (الحنينُ) كما يبرزُه النصّ إن عبرَ النخلةِ (كائنُ ← الحنين النموذجي) أو عبر مفردةِ الحنينِ نفسِها؛ فهو الضابط لإيقاعِ الروحِ بعدَ أن توالت خيباتها وازدادت اضطراباتُها.
ـ وفي عالمِ السكونِ الذي تغرق به كلماتُ النص تأتي شخصيةُ (الحادي) لتنبئِنا بأن الآه التي تقصم أرواحَنا وتشتّتُ معانيها لا سبيلَ إلى شفائِها وأنّ محاولاتُنا للقبضِ على الزمن ستتحول إلى قبضٍ محتّمٍ من الموت علينا.
ـ والنصُّ إذ يُقفَلُ على (فشلِ الرحلةِ) الذي ما هو إلا في وجهِهِ الآخر نجاحٌ متواصل؛ يدعونا إلى أن نوالي تجلياتِنا وولادتِنا لأنَّ السكونَ ليس في الهدوءِ والوصول بل هو أصلاً و تأسياً في الاضطرابِ والغصةِ وعدم القدرةِ على بلوغِ الكمالِ.
محمود مصطفى درويش
24/2/2010

التعليقات على قراءة لـ نص مراكب الشرق لـ مجد كردية بقلم محمود م. درويش
كم يقول محمود درويش شكر ا لنك انت من انت؟؟؟؟ شكرا على كل حال
شكرا على حوارك المقتضب لكن الممتع
اتمنى لك النجاح في طريقك مع كل الاحترام والتقدير ؟؟ كم يقول ملا مصطفى البارزاني الطلبة راس الرمح في كل الثورات والانتفاضة
كل ما أعطاني إياه الواقع الألم والمزيد من الألم وأنا لا أعني ذلك الألم المترف الذي يصاحب العمليات الإبداعية عادة بل أعني ذلك المزيج القذر من الأحداث التي حصلت وتحصل لذلك اعتبرت الفن رؤية مختفلة أو هروب إذا أحببت أن تدعوه من هذا الواقع ومن هذه الإنسانية التي لا تعثر على اللاانساني إلا فيها على حد قول أدونيس، وفي النهاية الفن تجربة (وليس تجريب) وما زلنا في أول الطريق حتى نعتلي القمم أو لنجلس ونبكي في قعر الحياة والمسألة الأخيرة أن الفن ليس موضوع رياضي قابل للمنطق وهو لا يتردد بين الصواب وبين الخطأ لكنه شيء مختلف لا نستطيع وصفه لأن الوصف يأخذ من الموصوف غموضه ويجعله عرضة للاستهلاك وبالتالي للزوال مع كل الاحترام
ارى انك لا تنظر الى الحياة بشكل موضوعي وتبعد كل البعد عن الواقع وتجاربه انما الحياة تطلب من العقل الصحيح ان يفكر بشكل صحيح ونقدي موضوعي اذا انت تفكر فانت موجود ولايمكن ان لا تكن موجود ؟؟؟؟ لا اقصد التجريح وانما النقد فقط؟؟؟؟؟؟؟
أتمنى من الأخ المحترم جداً (محمود) أن يقرن نقده بالأمثلة وإلا كان مجرّد تذوّق عادي للنص وهذا شيء لا يقوم التعليق بذكره، ثانياً ما قصة السقوط على الرأس؟ هل يعني أنني أمارس القفز المظلي، أم أنني أسير على حافة سطح منزلي وأنا مغمض العينين؟ آآآآآآآآآآآآخ ياراسي
لايوجود حسية روحية في النصوص الى جانب الصدق في التامل الموضوع المدرك والبعد عن واقعية نصوص وطبيعة الابداعية ؟؟؟؟؟؟ اتمنى لك المجد في طريقك ؟؟؟ احزر الوقوع على راسك
الأستاذ مجد يبدو من ثقافتك الفنية والفكرية المتجلية قيما تخوضه من نقاشات على الموقع ومن مستوى ماتقدمه من نصوص ان على الصعيد الإبداعي أو على الصعيد اللغوي البحت أنّك لست بحاجة لدروس من أحد ولكن ياصديقي النصّي الذي لم أره يوماً ماهو الشعر؟وماتعريفه كمايقدمه العظيم (ياكبسون) خاصةً؟!
مع أننا لم نتقابل ولم نتناقش حتى، لكنك استطعت أن تحلل النص وكأنك تعرفني من 25 سنة لكن عتبي عليك استخدام لقب شاعر قبل اسمي فهذا شيء لا أحلم حتى بالوصول إليه مجد
