أماسينا الأدبية الرابعة 7-2-2012
- فبراير 8, 2012
- 0
الجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون بالتعاون مع مديرية الثقافة بحلب ، ما زالت تطرز أماسي حلب بألوان من الثقافة شتى، وهي اليوم 7/2/2012 تقدم أديبين من حلب الشهباء بتقديم رقيق امتاز بالبلاغة والاختصار الرقيقين قدمت الشاعرة سامية الرحماني الأديبة القاصة بيانكا ماضية ( فراشة حلب ) واستعرضت سيرتها الذاتية ثم انتقلت للتعريف بالأديب الشاعر الدكتور حسام الدين خلاصي
الجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون بالتعاون مع مديرية الثقافة بحلب ، ما زالت تطرز أماسي حلب بألوان من الثقافة شتى، وهي اليوم 7/2/2012 تقدم أديبين من حلب الشهباء بتقديم رقيق امتاز بالبلاغة والاختصار الرقيقين قدمت الشاعرة سامية الرحماني الأديبة القاصة بيانكا ماضية ( فراشة حلب ) واستعرضت سيرتها الذاتية ثم انتقلت للتعريف بالأديب الشاعر الدكتور حسام الدين خلاصي
ثم بدأت الأديبة بيانكا ماضية بقراءة قصص قصيرة نبعت من قلب الأزمة واستحوذت انتباه الجمهور الذي لم يكن كثيرا بسبب الأحوال الجوية الباردة والتي تحولت لدافئة مع الغزل وحب الوطن الذي قدم لهما الدكتور حسام الدين خلاصي في قصائده وبعيد انتهاء الأمسية تناول السادة الحضور بمداخلاتهم عمق النصوص المقروءة وتحدثوا عن الفكرة والصورة والشكل الفني لقصيدة النثر واالقصة القصيرة وانتهت الأمسية على وعد بتلاقي أجمل وأجمل من قبل الجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون بكلمات رقيقة من الشاعرة الصاعدة سامية رحماني.
قطارُ الزمنِ العابر
كانَ يسيرُ مسرعاً نحو سيارتِه التي ركنَها إلى جانبِ الرصيفِ، يَودُّ اللحاقَ بالقطارِ قبلَ أن يُطلقَ صفيراً معلناً رحيله…
أمسكَ بمقودِ السيارة بعد أن أدارَ مفتاحَها، واستعدَّ للانطلاق، نظر إلى يسارِه فوجدَ امرأةً أطلَّت عليه في هذا الصباحِ الدافئِ دفءَ شمسِ آذار …
نظر إليها نظرةَ من يرى امرأةً جميلةً للوهلةِ الأولى …
هالَه شكلُها وجمالُها، لكنَّ النظارةَ الشمسيّةَ التي تضعُها على عينيها أبعدتْ عنه بعضاً من تفاصيلِ وجهِها …
رأتْه في ذاك الصباح الباكر من خلالِ زجاجِ نافذةِ سيارةِ الأجرة التي كانت تقلّها إلى المحطة …
لم تعرف كيفَ طلبتْ من السائقِ أن يتوقفَ لتعطيه أجرتَه فتترجلَ مسرعةً نحوَه، قبل أن يسيرَ بسيارته فلاتستطيعُ اللحاقَ به.
لم يبقَ غيرُ خطوتين وتصبحُ إلى يسارِه …
وفكَّرتْ في أن تسرعَ قليلاً فتمرَّ من أمامِ سيارته لتفاجئَه بكاملِ حضورِها …
ولكنه التفت إلى يسارِه فرآها ماثلةً أمامه … وجهاً لوجهٍ وزجاجُ النافذةِ بينهما.
* * *
في اللقاءِ الأخيرِ الذي بقي مترسخاً في ذاكرتِها أعلمها بأن إحدى الجامعات الخليجية قد عرضتْ عليه العملَ ليكونَ من بين أساتذتها، وبأنه كثيراً ما كان يحلمُ بهذا العرض حتى أتاه في وقتٍ عصيبٍ جعله محتاراً بين قبولِه أو رفضِه، بين البقاء في دائرةِ حياتِها أو الاستسلامِ لحلمٍ مازال معششاً في الذاكرة …
كان وقعُ الخبرِ على أسماعها ثقيلاً جداً، كان صاعقةً نزلت على رأسها فأبقتْها من دونِ حراك…
راحت تنظر إليه وهي تراقبُ حركةَ شفتيه من دون أن يصلَ إلى أسماعها صوتُه …
كان ذهنُها شارداً في قاعةٍ من قاعاتِ تلك الجامعة، تتخيله كيفَ يُلقي على الطلاب محاضراتِه … وهي هنا تعد الساعاتِ والأيامَ إلى حين عودتِه …
طلب منها أن تساعدَه في حلِّ هذه المعضلة … لكنها لم تقوَ على التفكيرِ، كانت جسداً هامداً من دون حياة .
كانتِ الأيامُ التي فرقتْ بينهما تسير بخطا وئيدة، ولكنه لم يكنْ ليغيبَ عن ذهنِها لحظةً واحدة…
مرّت السنةُ الأولى من رحيله وهما على تواصلٍ وتراسلٍ دائمين، إلى أن جاءَ يومٌ انقطعَ فيه اتصالُه، ورسائلُه الإلكترونية …
ومرّت الأيامُ من دونِ أن تعرفَ سبباً لهذا الانقطاع، حاولت الاتصالَ به غيرَ مرَّةٍ … لكنَّ أحداً لم يكن ليردَّ على صوتِ الرنينِ المتواصلِ لهاتفِه النقّال، أو يقطعَ صوتاً يعبرُ الهاتفَ الثابتَ في بيته بكلمةٍ واحدة، أو يردَّ على الرسائلِ التي امتلأ بريدُه بها .
بدأت الهواجسُ تتسربُ إلى ذهنِها، وبدأت الظنونُ تنهش تفكيرَها …
تُرى هل أصابه شيءٌ ما؟
هل هو مستلقٍ على سريرٍ في أحد المشافي بعد أن حدث له مكروهٌ؟
هل رأى فتاةً أخرى فوقعَ في حبِّها؟
هل نُقل إلى مدينةٍ أخرى ولم يستطعْ بعدُ الاتصالَ بها؟
كانتْ حين يرنُّ هاتفُها النقال تخال أنها ستسمع صوتُه آتياً من البعيد، معتذراً عن غيابٍ طالَ وطال …
ولكنها لم تعد تسمعُ صوتاً أصبحت نبرتُه صدىً يتردد في أسماعِها…
كانتْ حين تعودُ إلى بيتها تركضُ مسرعةً إلى حاسوبها، لترى إن حملتْ إليها إحدى الرسائلِ اسمَه وعنواناً للاعتذار …
لكنها في كل مرةٍ تجدُ البريدَ خاوياً من الحبِّ والشوق …
ومضتْ سنواتٌ من دون أن تجدَ أجوبةً لتساؤلاتِها، مضتْ ولم يبقَ غيرُ ذكرياتِ الحبِّ التي تأكلُ جسدَها لتجعلَه واهناً ضعيفاً…
لم تكنْ تَودُّ في ذاكَ الصباحِ الباكرِ أن تستقلَّ القطارَ، لتسافرَ إلى تلك المدينة التي ستلقي فيها قصائدَ من عشقٍ وولهٍ …
كانت ترغبُ في أن تستقلَّ إحدى الحافلات كعادتِها …
ولكنها في اللحظة الأخيرة غيَّرتْ رأيَها، فودت أن تستمتعَ بالمناظرِ المتناثرةِ على جانبي الرحلةِ السريعة، بعد أن لم تكن ترى في الحياة طريقاً نحو نهايةٍ …كانت تراها عبثاً يجعلها تعيش بلاجدوى، أياماً تمر يشبه أحدُها الآخر، لاشيءَ يجلب السعادةَ إليها سوى صوتٍ عابرٍ من فضاءٍ بعيدٍ يعيد إليها سرَّ وجودِها.
* * *
حينَ رأتْه انتفضَ شيءٌ ما في داخلِها …وانطلقتْ كالبرقِ لتفاجئَه بوجودِها أمامَه …والتقى الوجهانِ وما بينهما نافذةٌ زجاجية وزمنٌ مضى …
وقفت قبالته لتنظرَ في عينيه، لترى لونَ وجهه، لتحلَّ لغزاً، فتزيحَ عن كاهلها كابوساً أرّقها طوالَ سنواتٍ …
* * *
في زمنٍ ما كان ثمَّةَ ذاكرتان أفقدهما البعادُ وهجَ عشقِهِما …
وفي مكانٍ ما من المدينة كانَ ثمَّةَ محطةٌ تنتظرُ أقدامَ مسافِرَين تاها عن بعضهما …
وفي قطارٍ سريعٍ كان ثمَّةَ مقعدانِ متجاورانِ لرجلٍ وامرأةٍ، ونفقٌ طويلٌ يعبُران من خلالِه أزمنةً وأمكنةً وحكايةَ حبٍّ لامرأةٍ أخرى لم يُحكَ عنها فيما مضى.
ــــ انتهت ـــــ قطار الزمن العابر ــــــ
إلى وطن يعشق النساء
كم من الوهم أحتاج لأمضي صباحاً بين أشجار العمل
وكم من الصقيع يلزمني كي أنقي القمح فوق السطح ِ
هل تبلغت ِ رسالة البلبل نحو اصطفاء الخليقة
فأنا جاهز ٌ للبلوغ الجنسي بعد بطة وبطة وهجرة
سأسفكُ دمي كلولب حنفية ماءٍ معطل
فلا يقف الهدر وأحاصر أنا كلية ً بهذه التهمة
شموليتي تغفر لي ذنوبي بلا انكسار
واستعلائي على قامات النساء هو جزء ٌ من الوطن ليسعفني في امتحان النوايا
فهل وصلك ِ بارق ٌ من رعدي ليصورَ لك السماء في تعسفها ورفضها
دائماً سأكتب الشعر بجوار كتب يركبها الغبار ….. كحمار
فوحدَها رائحة السلامة تغريني بنهود كل نساء العشيرة
عندها سأنحر حروفي مثل خروف ثمل
وأصنع من جلده بيتا موزوناً لسكناك ِ
ومن لحمه مخدة لنومك ِ العميق
ومن قرونه سيكون التاج ُ لرأس الملك
ألا غفوت ِ على الخيط الرفيع ولتتركي فوقه شعرةً مذهبة ً
ألا ذرفت ِ من ثلج ِ عينيك الأحمرِ مقبرة ً للحزن العميق
ألا شددتني إلى خصرك منديلاً لترقصي على أنغام المهاجرين
تبقى لي الحبَّ نافذةً في باب ٍ حديدي ملؤه الصدأ
تبقى لي الحب حلماً بلون الحنين
فلا تنحري أضحيتك تيمناً بعودتي
فأنا هنا ……… وهنا تبعد عنك مجرة
حسرة من حب مضى
على الباب ِ أندب ُ حظي
ويندبني الباب ُ
فرحيلك يشبه وجهي اليوم
ويشبهه غداً
أي أنك لنْ تعود
مسمارُ الباب ِ يرقصُ لي
كبجعة في جليد أحزاني
وقبضة ُ الباب ِ تداعبُ أصابعي …. تسليني
لكني بكماءُ الحظ ِ
وصماءُ الروح ِ
فأنتَ لنْ تعود
مضى على غيابك عقاربٌ وعقاربْ
وأنا مازلت ُأتلهى بحلمي
فأنفي ذاك الخبر لجزر بعيدة
واستوردُ تفاحاً شهياً لاستقبالكَ ثانيةً
وأرصعُ غرفتي بعازفي الجاز للرقصة
وأمد سجادتي العجمية
وأنشر ستائري لريح الهبوب
فتنطفئ الشمعة ريحاً لا خلاصاً
ولم تعدْ
أتخيلُ القطارات التي تحملكَ
ملونة ً بالزهري والبحري
وأنتَ تمدُ وجهكَ للهواء ِ تلاطفهُ
تغمضُ عينيكَ تتخيلني
أسبحُ وزعانفي تتوقُ للوصل ِ
أتخيلُ أنكَ ما زلتَ تحبني
كرغيف ِ خرجَ من الفرن يتوق لفم ٍ جائع ٍ
ولكنكَ لم تعدْ بعدُ
فهلْ أتابع لك سرد أحلامي ؟؟؟
والباب ما زال يسخر مني !!!!
كائناً من كنت َ كن ْ
اصرخْ
عـَبِّرْ عن خضم ِ علاقتنا
عن تراجع ِ الموج ِ
في بيتنا
في شارعنا
في كل ما يعترينا
ولا تقذفْ خلف َ ظهرك َ اتساعَ حدقتي نحو الدهشة
كن ْ رئيس َ دولة العنفوان ِ واسمحْ لجنودك َ باعتقالي
هي لحظة ٌ نقترف ُ فيها الصراحة َ
فلا تقل ْ أنك َ لا تبالي
كنا بالغين ِ راشدين ِ مضينا نحبو للحب
وامتصصنا كل َّ ساعات ِ الغضبْ
في ذاك المقهى لحظة شتاء
يوم تلاقينا… رسمنا الشهد َ بأقلام ٍ من عسل ْ
وتعلقنا بشجرةِ لبلاب ٍ
وصعدنا و صعدنا ….. نحو السماء ِ
وجلسنا فوق غيمة ٍ مرت ْ من تحتها كل الشهب ْ
وكم حرضنا الغيمة َ أن تهطل َ في بلاد ٍ يحاربها الجدب ْ
كنا انفعالات ٍ صادقة
وترانيم كنيسة أقدم من دم ِ المسيح
كان وجهي يشبه وجهك َ
ولحظة تلاقينا يشتعل ُ الحيُّ بالألعاب النارية
وتصبحُ أمي عند َ أمك َ وتمسي تلك َ عندها
كنا التصاقاً
كنا نغني ونرقص ُ على أي صوت ٍ
كانت النوتات الموسيقية تهزج لنا
كنا حباً
كنا
كنا
واليوم تأتيني باردَ الوجه ِ
وكأنَ شيئاً لم يكنْ
كائناً من كنت َ كن ْ
فقط أخبرني باستنفار ٍ واحد ْ
أننا انتهينا
ولا تمضي كزائر في مشفى أتى لأداء ِ الواجب ْ
ابق قربي
هدهدني
قبلني …. آخر قبلة
وقل نعم …. كنا
ثم ارحل ْ