
أمسية قصصية لمحمد العيسى
- يونيو 1, 2015
- 0
أمسية قصصية للقاص محمد العيسى 24/5/2015
المقهى الثقافي “القهوة البيضاء” / اسطنبول تركيا
عالم نوح
أمسية قصصية للقاص محمد العيسى 24/5/2015
المقهى الثقافي "القهوة البيضاء" / اسطنبول تركيا
عالم نوح
أقوال طلطميسيوس (منتخبة )
ـ السروال الضيق لا يفيد وخاصة في حالات الاستعصاءات الصعبة .. لذلك اجعل مقاس قلبك واسعاً ليسع قلبك الجميع .. و لن تعاني من الاستعصاءات في حياتك ..!
ـ تشعر بالبرد ولكن ليس لأننا على أبواب الشتاء فهكذا أنت في كل الفصول … وإنما لأنك إلى الآن لم تعرف كيف تحتفظ بقلبها لليالي البرد القارسة
ـ مازلت لا تتنفس و تحسب نفسك حياً .. مازلت لا ترى و تحسب نفسك مبصراً .. ارجع وابحث عن أمك لتلدك من جديد
ـ ليس دائماً الأمور تقوم على .. نظرة فابتسامة فلقاء فـ ..فـ .. يجب أن تتبع من الآن حمية ضد الأحلام الحلوة.. فإن كثرتها تسبب مرض السكر.. و وإلا سيتوقف قلبك وستسعف إلى المشفى حيث سيضطر الأطباء إلى تعريضك لصدمات "واقعية" لتصحو "لاسمح الله"
ـ لا تغفري له دائماً بأنه خارج التغطية فلو كان يحبك فعلاً لكان دائماً داخل التغطية حتى من دون جوال …
شرقيٌّ زيادة ..
أنا حمادة.. هي سكر زيادة…
هي ضد الـ… أنا مع الـ… أردتها بشدة… كسرت على أنفي (بطيخة) وصرت أنا ضد الـ….. كي أبقى معها ..
ـ حــب
أخذت تضحك بكامل سخريتها بعد أن ذكرت هذه الكلمة ثم قالت:
ـ هذه الأشياء انقرضت
دهشت لرأيها الغير متوقع في هذا الظرف الاستثنائي لي.. قررت المسير مع تيار أفكارها.. ليسحبني إلى أعماقها فقلت:
ـ صحيح أنا معك
ـ الحب غير موجود سوى في الشعر والقصص والأفلام.
أخذ وجهي بالاحمرار طبعاً ليس من الخجل..عدت وقلت:
ـ أنا معك
ـ وحتى إن وجد استخدمه الشباب لاستغلال الفتيات.
اجتاح الدم وجهي الذي أصبح ملوناً.. وهي تتابع قائلة:
ـ "أصلاً" الشباب كلهم مخادعون وكاذبون.
لم تنهي كلامها حتى شعرت بتماس كهربائي يضرب رأسي فيخرج منه الدخان..لقد كان هذا اتهاماً صريحاً ومباشراً لا تقبله شهامتي الرجولية ولا كرامتي ولا عزة نفسي ولاكبريائي لالالالا ..أوقفتها..أريد أن أوبخها..نظرت إلى عينيها وقلت:
ـ صحيح أنا معك
إنها عيناها.. إنها كأسا الخمر المعتق.. اللتان حذفتا كل البيانات على ذاكرتي وتركتا لي ملفها الوحيدَ على سطح القلب أرغمتاني على موافقتها للمرة العاشرة..
ساد صمت جاف.. وفجأة أخذت تضحك بعذوبة حتى كادت تفقد توازنها وهي تنظر إلى كتفي ..نظرت … لقد كان عصفوراً جاء ليعبر عن خيبة أملي فبال على قميصي وذهب.قالت وهي تلتقط ضحكاتها الأخيرة:
ـ أتعرف؟ أنتم الرجال ظريفون أكثر من أي أنثى ..
بعد هذا اليوم صرت أبحث عن عصفور يبول علي فأرى ضحكتها اللذيذة مرة أخرى..
ولكن كل ما أفعله كان هباءً منثوراً ..فهي امرأة لا تؤمن بالحب ولا تفكر بالشاب أكثر من صديق..
يا فرسي الأبيض ويا سيفي اتركاني لم يعد لكما فائدة… هي لا تريد بطلاً …لا تريد أكثر من "كومبارس"
* * *
كان هذا الجدارَ السابعَ والعشرين الذي أصطدم به بعد أن أصبت بدوار الحب وأنا أدور في غرفتي المتعبة، مفكراً بمعضلتي مع هذه الفتاة. أخذت أدور وأدور وأدور حتى صرت "أوف لاين".
أبعد كل هذا الشقاء للوصول إليها أكتشف أنها امرأة ضدُّ الـحب..؟ حتى نغمة جوالها لم تكتفي من غيظي وهي أغنية لماجدة الرومي "كن صديقي ..كن صديقي .."وهذا يعني شيئاً رائعاً جداً هو أنني بعد كل هذه السنين من جفاف الحب أصبح "كومبارس" في حياة من أحبها ……
ارتعدتُّ بصوت يصدح "خسا والموت أرحم.." this is Sparta (إنها سبارطة) "..أيا فرسي الضجر ..أيا سيفي المغبر ..جهزا نفسيكما .. إنها الحرب ..سأكون فارسك رغماً عنك ..
كانت سيارةً طائشة..تتجه إليها بسرعة جنونية… أمسكت يدها وسحبتها إلي.. تنفستْ الصعداء..ثم نظرت إلي بريب .. تداركتها وقلت لها مبرراً :
ـ لقد رأيتِ السيارة .. ردتْ بقوة:
ـ ولكن ألا تشعر أنك ما زلتَ ممسكاً بيدي .
ـ آه ..عفواً .. يعني ..كأصدقاء لا أكثر ..
"كأصدقاء لا أكثر" هذه العبارة بالذات تكررت كثيراً خاصة بعد أن حفظتُ برنامجها في الكلية وصرت أراها مصادفة أكثر من مئة مرة في اليوم ..!
لقاء بعد لقاء..تنازل بعد تنازل.. ومحاولات كثيرة لتغيير موقفها باءت بالفشل ..
من بعيد نظرت إليها متكئة إلى التمثال الذي نتواعد عنده عادة عصفت بي رغبة في معانقته والبكاء على صدره.. كنت متأكداً أن ذلك التمثال يشعر بي أكثر من الإنسانة اللتي بجانبه.. لو كانت تمثالاً لاشتهت دفء صدري ..لأحست بلهفة صوتي حينما أعزف اسمها على أوتار أنفاسي..لشعرت بالثلاث آلاف نبضة لقلبي عند رؤيتها.. أصبحت أشك فيما بعد بقلبها ترى هل ينبض أم أنه يتوقف عندما تراني! ويوماً لمسته لأتأكد فتلقيت صفعة على خدي من يدها الباردة..يالها من صفعة بطعم العناق..وياله من كف شهي قبّل وجهي.. كانت هذه الصفعة كل ما ربحته منها وأنا أمثل دور الصديق المخلص الغبي والظريف.. بينما هي حكمت علي بالإحباط المؤبد..
* * *
في تلك الليلة الطويلة نمت متأخراً متأثراً بدموع حسمت على إثرها أمري معها، وفي الصباح استيقظت أجهز أمتعتي لرحلة النسيان الطويلة والشاقة.. أيها الحب لقد جاهدت وناضلت فلا يكن لك عذر علي.
بعد قليل يرن جوالها معلناً وصول رسالة قصيرة طويلة :
( لأنك هزئت بفرسي المجروح.. وسيفي المثلم.. ولأنك لم تعتادي على مقابلة الأبطال.. ولأن الحب لا يمكن أن أعلمك كيف ترتقيه.. أرجو منك أن تسمعي الكلمات الأخيرة لأغنيتك المفضلة "كن صديقي" ربما تفهمين منها شيئاً والتي تقول: "غير أن الشَّرقيَّ ..لا يرضى بدور غير أدوار البطولة " لأجل ذلك كلِّهِ قررت طرد نفسي من جنتك ولتستمتعي "بكومبارسك")
محمد وليد العيسى
عـلى الـخـط
رمى حقائب الماضي ومضى إلى الأمل الأخير يلملم حطام روحه تاركاً حطام الوطن خلفه.. ومن نافذة الطائرة رأى وطنه يتلاشى شيئاً فشيئاً أو ما تبقى من وطنه.. فجأة شعر بالبرد سخر من نفسه قائلاً: ها لن تدفأ بعد الآن ..
هبط قلبه مع الطائرة على طين لم يتعود عليه ..وعلى صديق لم يتعود عليه هكذا ..
يُقال أنا كل من يتنفس هواء هذه البلاد يتغير .. أخده ورحل ممتطياً جواد الغربة الحرون لأول مرة.
ـ حبيبي أين أنت
ـ عندما تجديني أخبريني
ـ حبيب ما بك ؟
ـ حان لك أن تبحثي عن غيري فبعد مكوثي هنا أكثر من خمسة أشهر حتماً سأتغير سأصبح عديم الشعور متعلقاً بالمادة وسأفقد الإحساس بالأنثى ..
ـ ألووو
ينقطع الاتصال وأرجع إلى حياة الروبوت أمثل دور الآلة كل يوم، لا أعرف من أنا ولا من كنت ولم أعد أفرق بين الجلد والحديد .
ضوء أخضر يعيدني إلى الحياة..يقلب قوانين الطبيعة ..يعيدني إلى نفسي إلى وطني.
ضوء أخضر يفوح منه رائحة الياسمين و الورد من على بيوت حارتنا .
ضوء أخضر يشير إلى أنها على الخط
ـ حبيبي أين أنت ؟
ـ وماذا تريدين مني ؟
ـ أريد كل شيء فيك ..
ـ ينتابني شعور جارف بالتهامك
ـ هل الغربة جعلتك قاسياً إلى حد التهامي ..؟!
ـ أنا في حضن وطني الآن ..
تصمت مكتفية بإرسال وجوه بخدود حمر
اِكتشفَ بعد فترة أن للحب أو لها قوى سحرية منعته من أن يتغير حتى بعد مرور سنة تقريباً على مكوثه هنا ولكن ..
ـ لقد أتاها خطيب ميسور الحال وذو سمعة طيبة
ـ اممم طيب
شعر أنه يجرفها معه إلى اللاشيء ..كان عليه أن يخسرها و يربح ضميره .. ظروفه أكبر من أن يتوج علاقته بأنثى ..
سقطت دمعته على الضوء الأخضر
ـ حبيتي أين أنت ؟
ـ بقربك
ـ لكن ليس بعد الآن
ـ حبيبي لم تقول هذا ؟
ـ لقد سمعت أخبارك ..تعرفين أن ليس لي نهاية معك ..أعتذر .. ودااعاً
توقف عن الكتابة ..عانقت دموعه اسمها على سطح الجوال وهي ما زالت تكتب :
ـ وماذا إن استعمرني الاشتياق .. وماذا إن جثم حنيني إليك فوق صدري .. وماذا إن أغرقتني الذكرى بك وماذا …
وفجأة ينطفئ الضوء الأخضر كما حياته .
محمد وليد العيسى