و عودة أخرى لكتابات الأديبة منى تاجو، كتابات من القلب و تساؤل العقل والواقع: الأحرف تجول في رأسي و هي تضج بصخب، و الكلمات تنتظم لتحكي عن فكرة دارت في رأسي أثناء النهار و لم يتح لي إيقاع الحياة اليومي أن أضعه على دفتري

Muna Tajo‎   منى تاجو
               أنا و أنا

الأحرف تجول في رأسي و هي تضج بصخب، و الكلمات تنتظم لتحكي عن فكرة دارت في رأسي أثناء النهار و لم يتح لي إيقاع الحياة اليومي أن أضعه على دفتري – كل هذا و أنا أحاول أن أنام- كنت قد أخبرت كلماتي الغالية أنني لا أستطيع أن أخرجها من رأسي و هي ما زالت غضة، كنت أريدها أن تنضج كي أرضى عنها، و اعتقدت أنها ستطيعني و لكنها لم تفعل. كان يوماً مُرهقاً السرير يناديني، انسحبت إلى غرفتي مترددة بين أن أخط كلماتي على الورق أو أضع رأسي على الوسادة، و لكن الخيار الثاني كان الغالب، فاستسلمت لسريري و أنا أحلم بليلة هانئة و نوم عميق، و لكن هيهات، كانت الكلمات لي بالمرصاد، فهي لا تتعب إنها تدور في رأسي بصخب، تارة تنتظم بطريقة ما لتعود لتستبدل هذا متجملة بكلمة جديدة…….. وعندما ترضى عن شكلها تعود الحروف بالتجمع ثانية لتشكل تظاهرة جديدة من الكلمات و بين هذا وذاك، كان الظلام و الهدوء يسكنان غرفتي، رأسي فوق الوسادة يتقلب باحثاً عن وضعية تسكت الكلمات و تجلب النوم إلى عيني المغمضتين طلباً للنوم دون جدوى، الساعة تستمر بعد الثواني دون توقف ثم تشير إلى الوقت بصوت حاد مكررة هذا كل نصف ساعة.

الليل يسري وئيداً، و أنا أسيرة الكلمات و أسيرة الرغبة في النوم الهارب بعيداً، لم انجح في استجلاب النوم و لم أتوقف عن المحاولة، بدأت أقول لنفسي لن أنم هذه الليلة اليأس يقترب فصوت القرآن الكريم يُرتل بدأ يصلني من الجامع القريب إلى منزلي، محمولاً على النسائم الصباحية مبشراً بقرب رفع آذان الصبح، بعد قليل رفع الآذان.

هل غفوت؟ دقات الساعة لامست سمعي فأيقظتني، إنها سبع دقات تعلن بدء يوم جديد، أزحت الكسل عني و أنا أزيح الغطاء من فوقي، و نهضت لاستقبال يومي الجديد، حسناً يا كلماتي فقد أخضعتنني، اصبرن قليلاً أيضاً، فأنا بحاجة لقليل من القهوة، سأعد فنجان قهوة و من ثم أضعكن على أوراقي، هيا بنا!. منيت نفسي بأنني سأستعيد قواي بعد أن أشرب القهوة و أنسى تعب ملاحقة النوم الهارب، صوت الماء يغلي، رأسي فارغ متعب أمضه الشعور أضناه السهد و إدراكه أنه لن يعود إلى النوم ثانية قبل عودة الليل.

بعد عدة رشفات من القهوة بدأت الكلمات بالارتسام على الورق و هي تحكي أفكاري فمن رؤية هنا ترسم البسمة على شفتي و من فكرة هناك تحي ذكرى ما، و الأحرف تشكل الكلمات المنساب على الورق يغرقني الحلم، يحملني بعيداً حيث ينسى المرء هموم الحياة و آلامها.

صوت هادئ يستجدي: هل نسيتني؟ لقد دبت البرودة في أوصالي.

انتبهت فأنا هنا و لست بين الكلمات أحيا، عائدة من الحلم تساءلت: من؟ من يتحدث؟

نعم ………..نعم……… قهوتي حتى طعمها بدأ بالتلاشي، فنجاني المحبب و الأبيض و الأسود يزيناه: ما بك؟ لقد لفك صقيع النسيان، اعذرني لابد و أن إهمالي لك قد آلمك، و لكن صدقني أن كلماتي هي المتسببة. حملتني بعيداً إلى عالم.
رد: حسناً …..حسناً أعرف أرشفي مني فأنا سأعطيك الانتباه و سوف أخرج الكلمات بيسر أكبر ألم أفعل هذا دائماً؟

فطيبت خاطره محتضنة إياه براحتي متأملة بدفء قد يكون تبقى فيه و أنا أقول : نعم ……نعم يا صديقي.

مع آخر رشفة باردة ممتعة دب النشاط في البيت و بدأ الغناء ينساب من الهاتف النقال لمطربة لا يمكنك أن تعرف من هي فكل الأصوات قد تشابهت و الألحان لا ترقى لأن تكون ألحاناً، ولكن عليك أن تسمع دون احتجاج، انتزعت من حلمي من عالمي، يؤلمني الواقع، إن آرائي ما عادت تسر الكثيرين. و سأبقى أنا مع أنا؟