أنواع القصة، مقالة للكاتب محمد الغربي عمران
- أغسطس 24, 2010
- 0
في هذه المقالة وضمن ملف ” الملتقى الثامن للقصة القصيرة” بحلب، قدم الكاتب محمد الغربي عمران هذه المقالة الدراسة عن أنواع القصة وخواصها…. لعها تفيد الناشئين من الكتاب.
أنواع القصة
محمد الغربي عمران
طلب مني إعداد ما يمكن التعريف بأنواع القصة.. لتقديمه لورشة ينفذها نادي القصة بذمار.. إضافة إلى التحدث عن أهمية القراءة للكاتب وخاصة المبتدئ.. وأنا لن أكتب حول أهمية القراءة.. كون المسألة من البديهيات..وأمر مفروغ من ليس للكاتب بل لكل إنسان.. فالكتابة تعني الثقافة ..المعرفة.. بل أنها تعني الإنسانية.. وإنسان لا يقرأ ككائن لا يتطور هنا ومعرفيا.. بل أنه كائن جامد بأفكاره ومداركه.. ويمكنني هنا أن أتحدث قليلا وبشكل مختصر حول القصة وما يمكن أن نصفه بأنواعها أو أشكالها في فقرات قصيرة .
وشيء أخر..إذ أنوي ألا أعتمد على مراجع عند كتابتي لهذه الورقة.. وإن كان هذا مخل.. قد يكون لضيق الوقت.. وسأعتمد فيما سأقدم على تجربتي المتواضعة.. وكذلك سأكتب كما لو كنت أتحدث مباشرة متخيلا القارئ مستمعا إلي.
وحسب مفهومي البسيط حول أشكال القصة ..أو أنواعها.. وبكلام مختصر فهي كما يلي:
القصة القصيرة جدا أو الأقصوصة.. وإن أطلق عليها مؤخرا "ق ق ج" إختصارا.
القصة القصيرة.
القصة الطويلة.
الرواية.. وتجاورها السيرة.
قصص الأطفال.
وكل ذلك يندرج تحت تصنيف السرد.. أو القص.. قد يقول قائل و"ما علاة الرواية بالقصة..؟" وآخر .." كيف نميز بين القصة القصيرة والطويلة.. وكذلك الرواية.؟"
ولي رأي قد يحتمل الصواب وكذلك الخطأ.. مفاده.. أن كل ما ذكرت قص.. ولن أبداء بالإجابة على تلك التساؤلات .. بل سأبدأ من الـ
ق ق ج..
والتي لها خصائص.. من أبرزها قصرها الشديد.. الذي قد لا يتجاوز الثلاثة أو الخمسة أسطر.. التكثيف.. عدم وجود شخصية بملامح واضحة.. لا تحتمل أكثر من فكرة" في الغالب" .. تكتب في قالب قصصي.. و ق ق ج.. تعتمد على قدرة الكاتب في اختيار أقل الكلمات لإيصال فكرته .. أي أن الكاتب يوصل ما يريد أن يقوله في كلمات قليلة جدا.. إضافة إلى أنها تعتمد على المفارقة.. والتناقضات.. وهي في حالات أقرب إلى النكتة.. أو الحكمة.. وهناك من النقاد من النقاد من يقول بعدم الفصل بين "ق ق ج" والقصة القصيرة وأنهما قصة قصيرة ..والبعض يصفها بالومضة.
القصة القصيرة
.. فهي تعالج موضوع بؤري .. وقد تحمل أكثر من فكرة.. في صفحة ونصف ..وقد تتجاوز إلى العشر صفحات أو أكثر قليلا.. وهي تعطي الكاتب مجال كي يتعامل مع شخصية واضحة.. لها ملامحها.. وفي بعض الحالات يتعاطى الكاتب مع شخصيات ثانوية قد تصل إلى الثلاث.. كما أنها تسمح له بتعدد الأمكنة.. إضافة إلى أن الكاتب يستطيع وصف ألشخصيات والأمكنة .. ولكن بشكل مكثف.. أي أن القصة القصير تعطي الكاتب حرية أكثر مساحة من الأقصوصة.
القصة الطويلة
فهي في الطول بين القصة القصيرة والرواية..قد تتجاوز الخمسة عشر صفحة مطبوعة.. وقد تصل إلى الأربعين صفحة أو أكثر قليلا.. وعند الكثيرين لا توجد قصة طويلة.. فأما قصة أو رواية..لكنها موجودة ..ودوما ما يضمها الكاتب عند النشر إلى مجموعة للقصة القصيرة.. وتتميز بأنها أخذت الكثير من خصائص القصة القصيرة .. وبعض خصائص الرواية.. مثل تعدد الشخصيات.. معالجة موضوع قد يمتد الى سنوات.. الوصف الدقيق.
ألرواية..
وهو العمل السردي الذي يتجاوز المائة صفحة طولا.. وقد يصل إلى أكثر من ألف صفحة .. والرواية تعطي الكاتب مجالا واسعا في الزمن الحكائي.. وتعدد الشخصيات .. كما تمنحه حيزا كبيرا في التعرض للجزيئات والتفاصيل الصغيرة.. وتعدد الحوادث.. وللكاتب الحق في أن يستفيد من الفنون المتنوعة الأخرى عند كتابة العمل الروائي.. مثل: السينما.. المسرح.. الفن التشكيلي.. الشعر.. المقالة.. إلخ ذلك من الفنون.
السيرة.. وهي أقرب شكلا إلى الرواية.. إلا أن الكاتب يعتمد على سرد أحداث حياته مستخدما فنون الرواية.. وهنا يعتمد الكاتب على سرد أحداث عاشها.. وأمكنه هي جز من مسيرة حياته.. وهناك الكثير من الروايات استفاد كتابها من سيرهم الحياتية عند إنجازها.
ومؤخرا ظهر السرد الإلكتروني.. الذي يعتمد على إدخال تقنيات جديدة على النص..مثل استخدام الكمبيوتر في تشكيل النص الجديد..وهذا ما يفتح أفاق جديدة لابتكار قوالب جديدة وغير مسبوقة ..وكذلك استفاد فن السرد من التطور الكبير للحاسوب "الكمبيوتر" وما نتجه عنه من تواصل عبر شبكة "الأنترنت" في الإنتشار.. ومن ذلك الرواية.
قصص الأطفال..
الى أنواع السرد.. والذي دوما ما يتجاوزه الكتاب.. أو أنهم يعتبرونه فن قائم بحد ذاته.. وأحسبه أنا من القص.
وهذا الفن من الفنون الرفيعة.. ولا يستطيع الكثيرون من كتاب القصة والرواية كتابته.. عدى قلة من الموهوبين. قد تكتب قصص الأطفال على شكا قصة.. أو حوار مرسوم.. أو مزيج بين عدة أشكال.
هذا ما أردت قوله .. لكن في كل الحالات فإن السرد بفروعه بحاجة الى صانع ماهر.. والمسألة ليست طول أو قصر.. أو أن نسرد أحداث.. أو نتعرض لوصف العديد من الشخصيات والأمكنة .. أو ذكر لأفكار عديدة.. بل المسألة هي في البدء انتقاء الفكرة.. أو الموضوع.. المراد تقديمه .. أو معالجته.. ثم تقديمه للقارئ في قالب شيق يشده من السطور الأولى أو الكلمات الأولى.. إلى نهاية العمل.
والخيال مهم.. إذ كثيرا ما سمعت من بعض الكاتبات والكتاب يؤكدون على أن ما يكتبون إنما هو من الواقع.. بل أن البعض يحرص على وصف ما يكتب على أنها قصة حقيقية.. وأنه لم يأتي إلا بما حدث ولم يزد أو ينقص .
وهنا أقول أين الخيال.. صحيح نحن نأخذ معظم أفكارنا من الواقع.. لكننا نأتي عليها بالكثير من خيالنا.. فالوقع يحمل مشاهد كثيرة وأحداث نعيشها.. وأشخاص نعرفهم.. لكننا إن قدمنا ما نعرف.. أو ما نعيشه بحذافيره دون تدخل.. دون خيال.. دون فن.. دون أن نضيف الكثير من أرواحنا.. نكون ناقلين فقط لذلك.. وهنا لا يحسب للكاتبة أو الكاتب أي شيء .. عدى تعبه في نقل ما شاهد..ولن يبرز بذلك قدرته أو مهاراته وتميزه.
وما ذكرناه سابقا.. وما لم يذكر.. لم يأت منزل من السماء.. بل كل ذلك كان في البدايات الأولى حكي ساذج.. ليتلوها عدة مغامرات.. وتجارب في الشكل والمضمون.. وبذلك تطور ذلك الفن.. وأضحى كما هو بين أيدينا اليوم.. وتطوره لم يأتي على يدي شعب من شعوب الأرض دون غيرها.. وإن كان البعض ينسب الى شعبه ببعض ذلك الإنجاز.. وأحسب ذلك تجربة إنسانية.. أسهمت فيها كل شعوب الأرض.. واليوم مطلوب من كل واحد فينا يدعي أنه يكتب القصة .. أن يغامر باحثا عن أشكال ومضامين جديدة.. يسهم ولا يتقيد بما يقرأ.. بل على كل منا أن يستخدم التجريب والبحث عن قوالب جديدة..وأساليب مبتكرة.. أن نغامر ..وأن نضيف إلى من سبقونا.. أن ما نقرأه وما نراه جديدا ومدهشا.. لكن أين نحن من كل ذلك.. حتى نترك بصماتنا الخاصة بنا.. أما إذا سرنا على درب من سبقونا.. متقيدين بأساليبهم.. فالأجدر بنا أن ترك تلك الأقلام ونقلع عن الكتابة.
الشيء الأخر الإخلاص لهذا الفن وأن نعتز ونفتخر أننا كتاب.. وأنا نرى هذ اللقب أو الصفة.. أسمى من أي مرتبة إدارية أو اجتماعية.. فمن يرى أن الكتابة مجرد تسلية أو هواية .. أو وسيلة من أساليب تبديد الوقت فعليه أن يقلع عن فعل لا يراه هو جزء منه .. أو هي الطريق الذي سيقدم نفسه لمحيطه منها .. فهو أو هي ستظل نكرة بين من يؤمنون بالكتابة.. مهما بذلت أو بذل من جهد طالما يفتقد إلى الصدق والإخلاص لهذا الفن الإنساني العظيم.
ويتبق علي ذكر أهمية اللغة.. بل أنها تأتي قبل أي حديث.. فمعظمنا لا يلم بفنون لغتنا العربية.. وهذا خلل كبير.. أنتقبل من طبيب لا يلم بعلم تخصصه ويمارس مهنة معالجة الناس.. أو مهندسا مقصرا بتخصصه وأدوات تنفيذ عمله.. ماذا سيحدث للمرضى الذين يعالجون على يدي ذلك الطبيب .. أو تلك المشاريع الهندسية من مباني سكنية أو منشآت عامة والتي صممها ذلك المهندس الذي لا يفقه في فنون الهندسة شيء.
ونحن الكتاب أداتنا لغتنا .. إن لم نجيدها فكيف بأهم أداة .. وكيف بنا.. فمن لمعيب أن ننشر عملا ملؤه الأخطاء الإملائية أو النحوية.. ومن المعيب أن نصعد المنبر لنلقي قصة.. وهي مليئة بالأخطاء اللغوية. إذا علينا أن نجيد لغتنا.. وإن لجأنا لبعض الزملاء أو الأساتذة واستعنا دوما بهم.. لمراجعة ما نكتب .. وهذا ليس معيبا.. بل المعيب أن ينشر النص أو يلقى وفيه ما يعيب من قصور مشين.
أنتم حراس وأمناء اللغة.. وأنتم أدوات الثقافة..والفن الذي ينتظر أن تضيفوا إليه من أرواحكم..ومن إحساسكم وأخلاقكم الكثير.