إضاءة في أعمال الفنانة التشكيلية أمل نصر amal nasr
- يونيو 8, 2012
- 0
إضاءة في أعمال الفنانة التشكيلية الدكتورة أمل نصر بقلم الناقد عبد القادر الخليل: هي فتاة الماضي والحاضر هي بنت الأهرامات، وبنت الشاطئ وتذكرنا بأيام مجيدة
إضاءة في أعمال الدكتورة والفنانة التشكيلية المصرية أمل نصر، قدّمها لنا الفنان التشكيلي والناقد عبد القادر الخليل. متمنين للفنانين التواصل المستمر و النجاح الدائم. نوح حمامي
الدكتورة والفنانة التشكيلية أمل نصر
بنت النيل وشاعرة الفن التشكيلي .. الفنانة أمل ناصر لا تحتاج إلى تقديم، ولا تحتاج إلى المدح والتعظيم، ولا تحتاج أن يكون الكاتب ذو ميول لأسلوب خاص . محبتي للفن والتزامي في الإشارة إلى طلائع الفن العالمي والعربي يحثني على مناقشة تفسيرية لمسيرة الفنانة أمل ناصر، من يعطي نظرة على مسيرة الفنانة الكبيرة سيرتكب الخوف من الخطأ والتقصير لأننا نقف أمام نابغة في العلوم الثقافية والفنية، لكن أقول بنفسي إن كواكب الدنيا خلقت للإضاءة وليس للهرب من جمالها. أتردد كثيراٌ في هذه اللحظة لكن مسؤوليتي التشكيلية تطالبني بأن أنظر لأعمال الفنانة وأن أتحدث عن منجزاتها لسببين: أولاً من الناحية الفنية والثانية من الناحية الاجتماعية. لقد نالت الفنانة على التقادير والوسامات في شتى الاختصاصات، وأثبتت للعالم عن الثورة الثقافية التي بدأته المرأة العالمية منذ بعض السنين ونالت تقديراً في جميع الدول العالمية التي تزورها، ووضعت بصمتها في كبار صالت العرض العالمية، وكل فنان يتمنى لو يكون له شيء من هذا. لكن الأمنيات لوحدها لا تكفي ولا تنقل الفنان من الظلام إلى النور، بل العمل المتواصل والإبداع هو الطريق الذي يجعل الفنان كوكباً كما هو حال الفنانة أمل. الفنانة أمل تحلق عالياً في أجواء الثقافة، وتحلق في عالم البحوث عن أشياء الماضي ومحورها الثقافي والاجتماعي.
ويخطر لي بأن الفنانة أمل أنها كانت هدية النيل في الماضي لكن النيل أصيب في الخجل بأن يلتقم هذا الذكاء الفائق وهذا الجمال البشري، خشي النيل أن يلتقف كوكب من كواكب الأرض ولهذا ردها إلى العالم كي تكون إضاءة للثقافة وباحثة هامة في أسلوبها التشكيلي.
هكذا أشاهد الفنانة أمل، هي فتاة النيل، هي فتاة الماضي والحاضر هي بنت الأهرامات، وبنت الشاطئ وتذكرنا بأيام مجيدة، وصمود أمام روما وماركو أنطونيو. وتحذرنا من العادات غير المألوفة. هي جزء من لوحتها الجميلة والتي هي قصيدة هامة من مذهب السيريالية. هي بنت الإسكندرية المحلقة بين الشمال والجنوب والغرب والشرق, هي جسر الماضي ونور المستقل. لوحتها هذه هي مسرحية حية وقصة أصيلة، هي لوحات عديدة ضمن لوحة واحدة. هي قصص متواصلة، ليست كألف ليلة وليلة، لكن ما أشبه ذاك من الناحية التاريخية مشحونة في أشياء حلمية وخيالية فيها تسأل عن أشياء وتشير الى أخرى، من الخوف والحذر، لها تأثير من زعماء السيريالية وخاصة في الفنان مارك شاغالNarc Chagall, وفيها لمحات من إشارات الفنان داليDali ، لكن مسرح اللوحة هو من ماضي مصر العريق، من أشياء كانت تعانيها الفتاة المصرية، لهذا أقول إنها بنت النيل التي خُلقت للشهرة. من هذه اللوحات التي نشاهدها في سيرتها الذاتية في عالم نوح نشاهد أنها أخذت من كل مدرسة أسلوبا لها، تفوّقها في السيريالية لم يمنعها بأن تكون متفوقة في التعبيرية. من التعبيرية أشاهدها أيضا كباحثة علمية في أسلوب فني، تستعمل الفن كي تغوص في أعماق الماضي, وتبحث في لوحتها عن مكتبة الإسكندرية أكبر مكتبة في الدنيا والتي أطاح بها الزلزال وجعلها في أعماق البحر المتوسط، أشاهد الدكتورة أمل تغوص في ماء البحر في لوحاتها لتشير عن أنوار العلوم عامة والتي كان محوراً لها هذه المدينة التي كانت في مقدمة المدن العالمية، تبحث في لوحاتها في أجواف البحر وتسأل ماذا حدث في برج الإسكندرية وفي آثار كليوباترا حين دمرت جيش ماركو انطونيو وأين الزمان الذي لا يشير إلى سجود روما أمام الإسكندرية؟ أما من الأسلوب التجريدي نشاهد لوحة هامة، تمزج بها التجريدي والتعبيري، تُجسد بها ظلم الجهل، وإن العظمة لله وللمجتمعات.
أشاهد في هذه اللوحة التعبيرية والرمزية معاً بأنها ترسم لنا وعاءاً مشابه لأوعية الغسيل و في العامية نقول طشط الغسيل. وليس فيه أشياء للغسيل وليست هناك مواد للعصير, بل إنها ترسم أقدام فوق البشر حيث تجسد الهياكل الفردية بكثرة ولو أن أحجامها صغيرة فإنها تعني بهذا, وهناك أقدام فرد عملاق يلبس البنطلون ويدوس على الرؤوس. كلنا يعرف أيضا من هو الذي يلبس البنطلون. هو احتجاج واضح, إن كان بنطال الغرب من جهة, وإما تشير به إلى عظمة الرجل وتجاهله لحقوق المرأة, فهو نداء واضح في وجه الظلم الاجتماعي أتى من حيث أتى.
تستعمل الفنانة ألوان تدلّ عن حالتها النفسية في حين من الزمن وتشير للفرح والسرور. وفي لوحات أخرى تستعمل ألوان الشجن والحزن لما فقدت من أشياء وأصبحت بعيدة عنها. ليس مجهولاً بأن الفنانة لها إطلاع واسع على الفن العالمي وتأثيرها بفنانين من المدرسة الدادية، والرمزية، والفن الحديث والتعبيرية التي عرفت بمسيرة الفنان مانج Munch .
آمل للفنانة أمل كل ازدهار وآمل أن نلتقي معها على سطح الأرض في المعارض العالمية والتي أشارك بها أيضاً في الغرب والشرق.
. abdulkaderalkhalil@gmail.com
من مدينة حلب:
الفنان والناقد التشكيلي السوري عبد القادر الخليل.