استقالة المثقفين العباس جدة
- مارس 14, 2015
- 0
الكاتب المغربي العباس جدع: أما السياسة والفن فلا علاقة بينهما،إنهما متعارضا متنافران.
استقالة المثقفين ؟؟؟
الكاتب المغربي العباس جدةالقنيطرة ـ المغرب
ورد في مقال صدر في جريدة المساء اليومية بتاريخ 13 – 03 -2015 بعنوان "استقالة المثقفين" ما يلي– " ولا غرابة أن نجد، مثلا، مفكرا بحجم عبد الله العروي الذي كتب في التاريخ والايديولوجيا وأبدع في القصة والرواية ممارسا ومنخرطا في العمل السياسي في بداياته الأولى؛ أو أن نجد مفكرا من قيمة محمد عابد الجابري الذي يكتب في الفلسفة والفكر ليلا ليحرر الافتتاحيات السياسية ليومية التحرير صباحا، لذلك كان لهؤلاء صيت سياسي ممزوج بالثقافي ولذلك نجحوا بنسبة كبيرة في مهامهم وفي الأدوار التي لعبوها…."
من الواضح أن الصحافي أحمد امشكح يربط بين الثقافي والسياسي ويرى بضرورة الجمع بينهما. ونجده في بداية هذا المقال يدعم رأيه هذا بحديث للكاتب والروائي أحمد المديني الذي يسير في نفس الاتجاه. ولكن هل من الضروري أن ينخرط المثقف في العمل السياسي ؟ وإلى أي حد يمكن الجمع بين العمل السياسي والعمل الفكري؟
صحيح أن رجل السياسة لا بد وأن يكون مثقفا، ومن المفروض أن يملك قادة أي حزب وعيا سياسيا واجتماعيا وثقافيا عميقا، وأن ينطلقوا في عملهم الحزبي والسياسي من رؤية مجتمعية وثقافية واضحة ومحددة. فلا يمكن للفعل السياسي الجاد أن يتأسس على الفراغ الفكري. ولا يمكن أن نطلق على رؤساء أحزابنا وأعضاء مكاتبهم السياسية صفة السياسيين لأنهم بكل بساطة لا يتوفرون على برامج ولا يستنيدون في سلوكاتهم الى مشروع سياسيي واجتماعي وثقافي خاص ومتميز. لكن في المقابل هل يتعين على كل مثقف ممارسة العمل الحزبي والانخراط في الفعل السياسي؟
إن قيمة المفكرعبدالله العروي تكمن في إنتاجاته الفكرية وليس في انخراطه في العمل السياسي وفي مواقفه السياسية، بل على العكس من ذلك لقد كانت السياسة مسيئة لاجتهادات العروي الفكرية والثقافية. وقد فطن المفكر لما يمكن أن يلحقه العمل الحزبي من أضرار على نشاطه الفكري فانسحب في صمت. نفس الشيء بالنسبة لمحمد عابد الجابري، لقد أحرجته مواقف الاتحاد الاشتراكي، هو المفكر الذي وجب أن يحافظ على نزاهته واستقلاليته. ولأن العمل السياسي كان لا يخدم اجتهاداته الفكرية والفلسفية أو على الأقل خوفا من التورط مع الاخوان الاتحاديين في متاهة السياسة وانحرافاتها وانزلاقاتها فقد انسحب من المكتب السياسي سنة 1984. ونأخد مثال اتحاد كتاب المغرب الذي أمسى إطارا فارغا من أي معنى، فما الذي أوصل الاتحاد إلى هذا المستوى من الانحطاط، والصراعات الشخصية الدنيئة، والفساد، والمحسوبية؟ إنها الحسابات السياسية والحزبية الضيقة. فالعمل الحزبي يشكل خطرا على الثقافة والفكر والفن. والمثقف ليس من الضروري أن يباشر العمل السياسي والحزبي ولكن هذا بالطبع لا يعني انسحابه واستقالته من الحياة السياسية والاجتماعية، ذلك أن حضوره بقلمه الناقد وبخطاباته الشارحة ( مثلا مداخلة عبد الله العروي بخصوص مسألة اعتماد اللهجة المغربية في التربية والتعليم.) وبكتاباته الذكية، فهو يسهم في بلورة الوعي السياسي والثقافي لبلده ويشارك بفعالية في الحياة الاجتماعية والسياسية.
أما السياسة والفن فلا علاقة بينهما،إنهما متعارضا متنافران. فلا يمكنني أن أتصور مسرحيا أو سينمائيا أو فنانا تشكيليا يفتخر بأنه ينتمي لهذا الحزب أو ذاك ولو كان حزبا تقدميا -على سبيل المثال فقط – وبالطبع كان الجمع بين السياسة والمسرح في الستينات والسبعينات والثمانينات أمرا طبيعيا إن لم أقل ملزما ، وهذا العمل الايديولوجي الممزوج بالعمل المسرحي هو الذي أعاق الحركة المسرحية في بلادنا . فالفن لا حزب ولا انتماء له ولا يخضع إلى أية إيديولوجيا. فهو منزه عن السياسة ويعادي كل ماهوإيديولوجي. يجب على الفنان أن يتمسك باستقلاليته وحريته. إن الفن فعل حر تلقائي تماما.
العباس جدة