بين إبداع خطه الجسد في تناسق لا محمدود امتزج بالموسيقى و الإبهار البصري، قدمت فرقة جلنار، تلك الفرقة العريقة بانوراما سورية بامتياز، خلطت فيها الفلكلور السوري مع الرقص الحديث.

 

 افتتاح عرض سحر الشرق 1-12-2011 جـ1

 

 أغيد شيخو_ عالم نوح

بين إبداع خطه الجسد في تناسق لا محمدود امتزج بالموسيقى و الإبهار البصري، قدمت فرقة جلنار، تلك الفرقة العريقة بانوراما سورية بامتياز، خلطت فيها الفلكلور السوري مع الرقص الحديث.
 
وقد حضر هذا العرض الأستاذ غالب برهودي مدير الثقافة في حلب، وعدد من الحضور الرسمي، وجمهور غفير من المهتمين.

 

وعلى هامش هذه الافتتاح، كان لنا لقاءا مع الأستاذ الفنان علي حمدان مؤسس فرقة جلنار

 .

إن كان الذي يميّز جلّنار خارج سورية هو التراث الشرقي، فما الذي يميزها داخل سورية بالمقارنة مع الفرق الأخرى الموجودة؟

هي ضمن سورية أيضاً تواكب التطور، فالجمهور السوري أيضاً بحاجة إلى أن نقدّم له صورة جديدة بعيدة قليلاً عن الذي تعوّد عليه، وحقيقةً فإن موضوع اختيار البرنامج يلعب دوراً مهماً هنا، أي كيفية اختيار برنامج الفرقة داخل سورية وخارجها، ففي عرض "سحر الشرق" صحيح أن جزء مهمّ منه كان فلكلوراً إلا أنه حوى أيضاً رقصاً حديثاً يحتاجه المتلقي السوري، لذلك فنحن خارج سورية نحاول دائماً تقديم التراث مئة في المائة وهذا ما يفضله الأوربي أي أن نقدّم له مادة بعيدة عن هويته وله خصوصيته، أمّا داخل سورية فنحن لا نبتعد كثيراً عن التراث والموروث ولكننا ندرك أن الجمهور بحاجة إلى تقديم شيء بعيد عن هويته قليلاً ومغاير للذي يعرفه لذلك ندمج في سورية بين التراث وبين الرقص الحديث بما يخدم فكرتنا والموضوع الذي نحاكيه في العرض، ورغم ذلك هنالك تفاصيل عامة في الرقص هي مشتركة بين جميع مدراس الرقص في العالم أي أن التدريبات التي تدرّس هنا في سورية هي نفسها التي تدرّس في ألمانيا أو سويسرا أو أي بلد آخر، ولكن طريقة التعاطي مع هذه التدريبات تختلف من بلد إلى آخر بحسب الموروث الثقافي لهذا البلد.


هل من الممكن أن مساحة المسرح قد تخفف من أهمية الفكرة كون التدريبات تكون على مساحة معينّة والعرض يمكن أن يكون على مساحة أصغر؟

حقيقةً هذا ما حدث معنا في حلب، فعرض "سحر الشرق" تم عرضه في دار الأوبرا في دمشق والتي تساوي تقريباً 13/20متراً أما مساحة المسرح في حلب فهي بحدود 10/7 فقط، فقد اختلفت المساحة كلياً هنا بالإضافة على الموضوع التقني الذي له علاقة بالديكورات، فقد رأيت لوحة البحارة والتي من المفترض أن تكون بحراً بالإضافة إلى وجود سفينة كاملة ولكننا لضيق المساحة لم نستطع جلب السفينة إلى المسرح لأن حجمها 7,30 بإرتفاع 6 أمتار ومن المستحيل أن تسع هذه المساحة على المسرح هنا وهذا من الممكن أن يخفف العرض نوعا ما، وتبديل الديكورات يحدث بين خمسة وستة ثوان لأنها على تقنية "الدفشات" الذي يعمل على الهيدرويليك والذي استخدمناه في دار الأوبرا ولكن هذا من المستحيل تطبيقه في أي مسرح كان، فنحن خسرنا من العرض و تفاصيله لنستطيع التكييف مع المسرح هنا، هذا بالإضافة إلى تصميم الرقصات والتشكيلات التي ستخضع جميعها إلى إعادة دراسة لتتناسب مع مساحة المسرح الممنوحة، لذلك فطبيعة المكان تفرض عليك طبيعة التصميم والعمل.

وهل يمكن تعويض ضيق المساحة بالجمال البصري؟

لا أظن، فنحن أصبحنا حالياً في زمن الإبهار البصري، وإن لم تكن هنالك رؤية بصرية مهمة بالتأكيد ذلك سيخفف من قيمة العمل وكلما قدّمت رؤية بصرية غنية كلما زاد ذلك من الغنى في الموسيقى والأفكار وحتى الأزياء، ولكن هذا الموضوع صراحةً بحاجة إلى بنى تحتية وتكاليف مادية كبيرة لتستطيع القول أنك بحاجة إلى جهاز للغيوم مثلاً أو أي جهاز آخر يخدمك في المؤثرات البصرية، فدائماً نقل الأشخاص من مكان إلى آخر بحاجة إلى غنى بصري، فبالإضاءة يمكن أن تخلق الحالة الجمالية البصرية ولكن عمليا حتى هذا الأمر كان محدوداً لدينا.

هل من الممكن أن يصل مصمم الرقصات إلى مرحلة نفاذ فكري، وكيف من الممكن أن يتم إنعاش هذا الفكر؟

لا أتصور أن يصل إلى هذه المرحلة..  ومن الممكن أن تقل النسبة أو ترتفع وهذا أمر طبيعي يمكن أن يحدث مع أي شخص، ولا يمكن أن يصل إلى نفاذ كلي لأنّ مجرّد الخبرة والاحتكاك والخبرة والتجارب المستمرة التي تقوم بها كفيلة في إغمائك فكرياً، فكلما احتككت بتجارب الآخرين كلما زاد ذلك في رصيدك الفكري وبالتالي تقوم بتحريضك دائماً وكما قلت فإن نسبة العطاء قد تقل أو تزاد حسب الظروف المحيطة.

ما أهم المشاكل التي من الممكن أن تذكرها بخصوص الفرقة؟

مشكلتنا هي كمشكلة أي فرقة أخرى في سورية ألا وهو موضوع تبعية الفرقة .. والتي حتى الآن لا تتبع لجهة معيّنة لا لنقابة الفنانين ولا لوزارة الثقافة حتّى، وليس لدينا نقابة أو جهة معيّنة تمثلنا لا في القانون ولا في الدستور بل نحن فقط مسئولون عن أنفسنا ولكن أدبياً التزمت وزارة الثقافة؛ مشكورة، بالمسرح الراقص ولكن عملياً كقانون .. لا توجد أي جهة تبنتنا .. أيضاً لا يوجد لدينا أي جهات راعية وممولة. وفرقة جلّنار، بالمجمل تعتمد على مواردها الذاتية لتستطيع الاستمرار، و الدعم يقتصر فقط على محاولتهم لخلق فرص عرض لنا ومن غير الممكن تغطية تكاليف هكذا عروض من خلال أجور عرض واحد فقط، فمثلاً عرض "سحر الشرق" كلفنا حولي الخمسة ملايين ليرة سورية وهذا المبلغ لا تستطيع وزارة الثقافة تحمل هذه التكلفة، هذا بالإضافة إلى مشكلة المكان الذي يعاني منه الراقصون والممثلون الذين لا يملكون مكاناً مهيئاً ومناسباً للبروفات والتمرينات، فدائماً نرى خلافاً بين وزارة الثقافة والمسرح القومي ونقابة الفنانين حول مسرح ما ليحصل على وقت مناسب للبروفات وهذه إشكالية كبيرة جداً يجب تلافيها.

إلى أي حد من الممكن أن يفيد التمثيل في الرقص برأيك؟

يمكنني القول أن العكس صحيح تماماً، فالرقص هو في النهاية أب للفنون لأن الإنسان بطبيعته حرف الحركة والرقص قبل التمثيل، ويجب على الممثل أن يعترف بذلك أن الرقص منذ القديم كان يستخدم في الطقوس والعبادات وكل مناحي الحياة وحتى الإشارة هي لغة راقصة ولا أحد يختلف برأيي علمياً على أنّ الحركة وجدت قبل الكلمة، فالمسرح الراقص يمكن أن يفعّل الجسد والعقل والحس والشعور وهذا ما يحتاجه الممثل بشكل أساسي برأيي.

 

 

كيف تقيّم تجربة الفنان الراحل "لاوند هاجو" وفرقة رماد للمسرح الراقص؟

لاوند هاجو كان لديه أسلوبه الخاص وتكنيكه الخاص ولكنه كان بحاجة إلى تطويرها أكثر، فهو لم يستطع أن يطوّر هذا الأسلوب لتصبح له جماهيرية وقبول من قبل الناس لذلك فإن روّاده كانوا محددين ومن شريحة معيّنة لذلك رأيت أنه أهتم بالنوع أكثر من الشعبية الجماهيرية وحتى النوع الذي كان يستخدمه في عروضه فقد كان دائماً يواجه نقداً حول فهم المتلقي له وللفكرة الذي يريد إيصاله وخاصة أنّ فلسفته كانت معقّدة جداً، فمهما كان الموضوع الذي تريد طرحه لا بدّ من وجود دلالات معيّنة يجب أن تبرزها ليسهل فهم الموضوع على المتلقي وصراحةً هذه كنت إشكالية لاوند التي كان دائماً يتعرض لها، وأرى أنه ليس من المعقول أن نفكّر في موضوع معيّن في داخلنا ونعرضه كما هو دون الاهتمام بالمتلقي، والدليل أنّ تجربته لم تكن كاملة أنه بغياب لاوند غابت تجربته كلياً دون أن تترك شيئاً وراءها وحتى أننا لم نرى مشاهد مشابه أيضاً، ولكن على صعيد الأسلوبية فبالتأكيد كان له أسلوب خاص.

 

 

 

ماذا تود أن تضيف ختاماً لعالم نوح؟

من خلال عالم نوح أود القول فرقة جلنار تقدّم كل ما يتعلق بسورية ونتمنى دائماً من أي شخص أن يقدّم ما يخدم سورية، وهذه دعوة من جلنار لكل فرد بأي اتجاه كان سواء في الصناعة أو التجارة أو حتى السياسة في تقديم شيء لهذا البلد الذي قدّم ومازال يقدّم لنا الكثير.