الأربعاء الأدبي الأول
- يناير 26, 2011
- 0
نقدم اليوم صفحة أدبية يتشارك فيها السادة الشعراء والكتاب: محمد كمال، سناء هايل الصباغ، شادي نصير، مجد كردية، أحمد جنيدو، عوني الشامي، محمود الشامي، طارق سلمان، ونتعرف لأول مرة في موقعنا على الكاتبة الشابة فادية ياسين.
الأربعاء الأدبي الأول لعالم نوح
نقدم اليوم صفحة أدبية يتشارك فيها السادة الشعراء والكتاب: محمد كمال، سناء هايل الصباغ، شادي نصير، مجد كردية، أحمد جنيدو، عوني الشامي، محمود الشامي، طارق سلمان، ونتعرف لأول مرة في موقعنا على الكاتبة الشابة فادية ياسين.
2-2-2011 – 17:04:20
من ديوان "حريق الفصول" للشاعر محمد كمال هاتين القصيدتين
أين
لا تسألوا الشاعر عن سره
فقد طواه الصمت في غمره
مسكنه بين ضلوع الدجى
وتنقل الأشباح من شعره
أين الربيع الغض، أين السنا
ورفة العطر على فجره
فكم وكم أشعل مصباحه
كبراً… فأرداه صدى كبره
مؤرق الجفنين، لا ينثني
ينتظر الإفلات من أسره
لا تسألوه أين ألحانه
وما أمات السكر في خمره
وكيف مر العمر … والمشتهى
من بوحه مازال في صدره
فقد يثير الشوك إحساسه
وينثر الورد … على قبره
1962
تشكيلات
هكذا تمضي الليالي
والجدار
يمسك اللوحة
لم تتعب يداه
وأنا أمسك كأسي
وأرى اللوحة خمراً…
وأرى الكأس الإطار
*
طالما حدقتَ بي…
لم تتغير
نظرة الحسرة في عينيك
قل لي…
هل أنا الصورة أم أنت
اقترب مني أكثر
ربما أجتاز وحل الوقت
أهوي…
أتحجر
*
موجة البحر
عل صدر الرمالِ
ترتمي…
تفرط عنقود اللآلي
وعلى البعد سحابه
نهضت من نومها الان
تعرت…
أومأت للضوء
فاهتزت أراجيح الظلال
مثلما تهتز أصداء ربابه
*
فوق لوح خشبيْ
ترقد الجثة كالدهشة
تمتدُّ…
وفوق الصدر
يثَّاقل صمت أبدي
يرقب المشهد أم وصبي
في غد يعرف
ما معنى الحكايات المعاده
ولماذا يرقد الإنسان
من غير وساده
12-1996 محمد كمال
******************
الشاعرة سناء هايل الصباغ
كيف للفاعل
كيف للفاعل
أن يُنصب
والفاعل هوالنصاب؟
وكيف يُرفع
فوق الكراسي
وتفتح له جميع الأبواب؟
وكيف يُسكّن
أفخر البيوت
ويدوس رؤوساً
ويفك رقابا؟
ولم لا يُجر
إلى السجن
ويبقى من دون حساب؟
حسبي الله على
الفاعل
فليس له محل من الإعراب..!!
سناء هايل الصباغ
**************
شادي نصير
كش مات كش مات استنفر كل قواه ليعبر عما في صدره من ضيق، لمح في عينيها بريق فجر لم يعهده في السابق، صم أذنيه عن أحاديث وقهقهات من حوله، صرخ بكل قوة: كش مات.
شادي نصير
****************
فادية ياسين
هي كاتبة شابة حاصلة على إجازة في الأدب العربي تكتب في الصحف المحلية (كالبعث.. تشرين…) ومشاركة بعدة أمسيات في المراكز الثقافية.. حاصلة على جائزة مهرجان ربيع الأدب بدورته الثانية 2006 ولها مجموعة قصصية قيد الطبع ستنشر قريبا"
كذبة الحلم
أسئلة كثيرة زاحمت عقلها المشغول …….أعيتها ولم تجد جواباً, كيف ستعيش في تلك القرية النائية ؟ وكيف ستعتاد على عاداتهم و تقاليدهم….. هل ستتقبّل طعامهم وشرابهم المختلف عنها …. هل سيحبّونها ..؟ هل سيرحبّون بها وهل …وهل… وهل …؟
كلّ هذه التساؤلات حشرت في دماغ هدى … المدّرسة التي عينّتها وزارة التّربية في تلك القرية كخدمةٍ في بداية وظيفتها التّدريسية تنهدّت هدى تنهيدةً كأنّ وراءها جبلاً كبيراً من الهمّ فيها ولكنّها حزمت نفسها برباطة الجأش والصبّر وصعدت الحافلة التي ستقلّها إلى أقرب منطقة من تلك القرية الرّيفية في محافظة الشّمال, سمعت والدها يقول : "يا ابنتي! انتبهي لنفسك أنت أملنا وموضع ثقتنا فلتكوني عند حسن ظننّا لا تخافي فالأمور على خير ما يرام"
جلست في مقعد أمامي وحدها وراحت ترنو إلى ما بعد بصرها، والدّمعة الرّقراقة تكاد تجد لها مكاناً على خدّها وسمعت هدير الحافلة، ونظرت إلى النّافذة لترى والدها يلّوح لها بطريقةٍ لم تعهدها من قبل فما كان منها إلا أن أشارت بيدها المرتجفة واتخذت مكانها وهي تفكّر لماذا قبلت بهذا الوضع…؟ عادت وبرّرت لنفسها ـ علي أن أرضى بهذه الوظيفة ـ فهي تستحقّ التّضحية وإلا سأقعد بلا عمل بعد كلّ هذه السّنوات من الدّراسة والتّعب وعادت ونظرت إلى النّافذة لترى الأشجار على جانبي الطّريق فأمعنت النظر وكأنهّا تودّع هذه المدينة الصّاخبة بما فيها من ضجيجٍ وعمرانٍ وذكرياتٍ عميقة… هدى لم تعتد السفر وحدها لذلك أحسّت بالضّجر يتغلغل لكلّ جزءٍ من أعضائها فأخرجت روايةً لكاتب روسيّ طالما أحبّتها وبدأت بقراءتها كأنهّا تراها للمرّة الأولى وتتأثّر بأحداثها, فتراها تبتسم أحياناً وتقطّب جبينها أحياناً أخرى… فجأة…؟!
وبينما هدى منهمكة في عمق أحداث الرّواية تتوقف الحافلة…. ويصعد رجل بهيّ الطّلعة واسع الجبين يحمل في يده حقيبةً صغيرةً يبحث عن مكان فلا يجد إلا الشّاغر بجانب هدى المستغرقة في الرّواية هل تسمحين يا آنسة.. ؟يقول الرّجل بصوتٍ رقيقٍ جعل هدى ترفع رأسها وتبعد نفسها قليلاً…
ويجلس الرجل… رائحة عطره النّفاذة كادت تثقب أنف هدى،وجسده المملوء جعلها تلتصق بالنّافذة ،ولكنّها لم تنطق ببنت شفة ،بل عادت لقراءة الرّواية ولكن لم تنسجم بالقراءة كما كانت قبلاً هل يا ترى الغريب هو السّبب ؟ لم لا أتعرّف عليه لا بدّ أنّه ذو مكانةٍ مرموقةٍ لا بدّ أنّه محامٍ أو طبيب أو رجل يعمل في السّلك الدّبلوماسّي… ابتسمت هدى ابتسامةً تنمّ عن خبث طيّب، وعادت تسترسل… ربما عندما نلتقي مرة تلو الأخرى سنعيش قصّة حبّ خالدة وبعدها سنتزوّج وننجب أطفالاً وربما أنتقل بسرعة من تلك القرية النائية وأعيش في استقرار مع زوجي وعادت وابتسمت ابتسامةً عريضةً أكبر من سابقتها.. حسناً ماذا أفعل.؟ سأثير انتباهه _ قالت في نفسها_ وأوقعت الرّواية بصوتٍ مسموعٍ جعلت الرّجل الوسيم يلتفت إليها وينظر وهي تحاول التقاط الرّواية من أرض الحافلة فأزاح قليلاً لتتمكّن من إحضارها لتقول له: شكراً لا تؤاخذني لقد سهوت قليلاً قال: لا عليك هل تحبيّن القراءة ؟ فأومأت برأسها وقالت: بل لا أستطيع العيش دون المطالعة فالكتاب صديقي الدّائم.. وأنت ما نوع الرّوايات التي تفضّلها.. وهنا ساد صمتٌ غريب.. جعل هدى تنظر إلى وجهه لتراه يردّ عليها باضطراب..
– بصراحة يا آنسة.. أنا لا اقرأ روايات ولا حتى مجلاّت وهنا بادرت هدى قائلةً :
-هل وقتك مشغول لهذه الدّرجة؟ ابتسم الرّجل وهو يحرّك أصابع يده:
– بل كلّ الوقت معي ولكنّي لم أدخل المدرسة قط !!
فلا أعرف القراءة ولا الكتابة.. أنا مندوب مبيعات تجاريّة فقط! ولا يهمّ في عملنا إلا المتّحدّث الجيّد…
في هذه الّلحظة أحسّت هدى بصاعقة تقععلى رأسها بشدّة فأطبقت فمها ولم تلتفت أبداً بل وضعت رأسها في الكتاب بعمق..!!!
وكأنهّا خارجة من معركة خاسرة لترفع رأسها بعد دقائق معدودةٍ وتلتفت إلى الرّجل لتراه يغطّ في نومٍ عميقٍ لا يعي شيئاً من حوله .
فـــادية ياســــين /سورية/دمشق
**********************
عوني الشامي
قِيْثَارَةِ
وَ انْهَالَتِ الْأَنْغَامُ دَامِيَةً عِنْدَ منَظِّرَ الْإِشْرَاقِ . وَ تَكَلَّمَتْ … فَلَمْ تَتْرُكْ لِأَحَدٍ فُسْحَة حُرِّيَّةٍ لينبي عَمَّا جَالَ يَوّمَاً فِيْ خَاطِرِهِ . هُهِيَ ذِيْ تَزْرَعُ الْأَرْضَ حَيَاة وَ الْقِفَار خَضَارَا , تَخْتَالُ لَيْسَ كَأَيِّ أُنْثَىْ عَرَفَهَا الْتَّارِيْخُ .
تَأْتِيَ … تَحْتَلُّ الْمَكَان وَ بِكُلِّ صَمْتٍ تَحْتَلُّ الَوَجَوْدَ وَ بِمُطْلَقِ الْهُدُوءِ تَأْسرُنِيْ .
عَيْن الْعَقْلِ تُنَاظِرَهَا وَ تَعْشَقُهَا وَ صَوْتُ الْقَلْبِ يَهْمِسُ بِاسْمِهَا مُخَدَّرا مَسْحُوْرَا تَعْتَرِيْهِ إِرّهَاصَاتُ وَصلهَا …. وَ تَأْتِيَ …
تَأْتِي حَامِلَةً عُرُوْش الْفُلِّ الْدِّمِشْقِيِّ وَ هَامَات الْحُزْنِ الْحمَوِيّة … تَأْتِي بِلَا زَيْفٍ وَلَا رَيْب …. سَوْدَاءُ الْشعر مُبْتَسِمَةٌ …. تنْثرُ الْبُكَاء فِيْ أَرْجَاءِ الْمَكَانْ …. فَنَبْكِي … وَ الْحَنِيْنُ إِلَىَ الْحَنِيْنِ الْقَدِيْمِ يَسْتَيْقِظ فَجْأَةً لِيَبْكِيَ … يَمْسَحُ شَعْرَهْا مِنَ الْجَبِيْنِ إِلَىَ أَعْلَى وَ يَتَحَوَّلُ الْشعر الْأَسْوَدُ إِلَىَ لَيْل عَاشِقٍ عَرَبِي مِنْ عَهْد الْوَفَاءِ …
أُنَظِّرُ إِلَيَّ أَسِيْرُ نَحْوَهَا فَلَا أَصل . لَيْسَتْ بِالسَّرَابِ وَ لَا بِالْمُسْتَحِيْلِ. إِنَّهَا غَيْر مُجَرَّد بَلْ غَيْرُ مَحْسُوْسٍ. وَ إِلَّا لْقَاطَعْتَنِي بِالْوُصُوْلِ أَوْ لأغَرْتَنِي بِالْأُفُولِ . إِنَّهَا _ وَ الْلَّهُ أَعْلَمُ _ حُلُمٌ هَادِئ هَرَبَ مِنَ عَالم الْخَيَالِ إِلَىَ وَاقعنَا الْبَاهِتِ فُلُونَهُ بَلْ أحْرَقَهُ بِالْأَلْوَانِ حَتَّىَ اسْتَحَى مِنْهَا قَوْسُ قُزَح وَ حَزم أَلْوَانَهُ الْسَّبْعَة لِيَرْحَلَ … إِلَيْهَا ….. نَعَمْ لِيَرْحَلَ إِلَيْهَا فَلَا مَكَانَ سَوَّاهَا تَذْهَبُ إِلَيْهِ الْدُّنْيَا بِأَسْرِهَا.
الدكتور عوني الشامي
******************
محمود الشامي
أنا متعبٌ..
أنا متعبٌ يا حبيبتي
من ضوءِ النهارِ
وتغريدِ البلابلِ
ورائحةِ عرائشِ الياسمينِ قي الشوارعِ
متعبٌ من فنجانِ القهوةِ الواحدِ
وفراغِ المزهرية ..
وتراكمِ الغبارِ على ساعةِ الحائط
متعبٌ من الطرقاتِ
تلعنني المارةُ ..
وتطردني عن أبوابها المعابدُ
أنا متعبٌ من ظلي
هو لا يَمَلٌ مطاردتي ..
وأنا قد مللتُ الإلتفات
سريري يؤلمني ..وجدرانُ داري تطبق على أنفاسي
وأرضها لا تطيقُ خطاي..
أنا متعبٌ يا حبيبتي
من التدخين دون امتناعٍ
سؤالُ الناسِ عنكِ يقضم وجهي
تُرى كيف تَرى وجهيَ المرآةُ ؟
التعب يرتديني والحبُ
وتكسُّرُ أصواتِ الناياتِ في البوادي
محمود نايف الشامي ـ حلب
***********************
طارق سلمان
أرجل متلاطمة
غبار أبيض يتنزه فوق الرؤوس ، يغتال السّواد بلحظات ومضيّة ،نافثاً فيه جروحاً لاعباً بتضاريسه، في لحظات خلق ما .. دوائر دخانية بيضاء، تخرج من شفتين لزجتين ملوثتين بجون قهوة مركونة على الطاولة، ووميض سيجارة يلعب بين أسطر وجهه القلق .. إصبعاه الرشيقتان عصرتا عقبها بينهما، ونزعتا من الأسنان الماصة متعة متوارثة، ورمتا بالرماد المتشفي تحت الطاولة.
– انظر إلى الشعلة .. تصور … إنها ستعبر العالم … كم من الأيدي ستحملها، كم من الأعراق ستعكس أحلامها عليها، وأغانيها فوقها …
رفع رأسه ببطء ونظر بعينين متسائلتين: أي شعلة ؟
– الشعلة الأولمبية طبعاً، ما بك يا أبله ؟ ألا تشاهد معنا ؟
حاول بنظرة سريعة أن يفك طلاسم الدخان المتلاطم حول شاشة تتوسط الصالة لكنه اكتفى بهز رأسه باحثاً عن عقب سيجارته الضائع، أخذ منها نفساً أخيراً عميقاً ، شعر بحرارة تلدغ شاربه الخفيف، انتزع أخرى من العلبة المتكئة في جيب بنطاله ، سوّاها بين أصابعه، متلمساً مساحات جسدها المدور الصغير بشغف، قبل أن يشعل رأسها برأس الأخرى، امتص رحيقها .. لتتسرب طعمة غريبة في حلقه، تلمظ بشفتيه محاولاً استعادة مذاقها الأول، لكن دواراً خفيفا اجتاح خلايا رأسه المتعب، قبض على جذع الطاولة، ونظر حوله بعينين غائمتين وخرج.
– إلى أين ألن تشاهد الشعلة …
– غداً أو …
أعاد غرسها في الجانب الأيسر من فمه، وعضّها بصمت، وراحت يداه تبحثان عن دفء مختبئ بين الجوانب المتعرّقة من قميصه، لفحه هواء بارد رطب، شعر بجسمه يتخشب، والصور أمامه تنقلب، خاف أن يقع فتمسك بأول شعاع غزا وجهه، كان شعلة حمراء، خدّرت كل أحاسيسه، إنها شعلته الأولمبية .. أشعلها بين خافقيه في أولى مراحل الدراسة المتوسطة، فتعلقت روحه بها، وفيها وجد حبه الأبدي، احترقا معاً في الأزقة الجانبية المظلمة، لفظا الحياة من كل بواباتها، واحتفظ بذكريات صفراء وشفاه متقشرة تنتظر من يعيد إليها لحظة الإشراق الأولى بقبلة.
شعر بطعم مالح لم يعرفه من سيجارة أخرى، فتح عينيه ببطء، كان هناك خيط أحمر قد حفر أخدوداً في وجهه، عفّر التراب عن جسده وراح يبحث عنها، كانت ما تزال مشتعلة، وأحد أسنانه المهاجرة، قد انعتق من فمه، وتمسك بعقبها الأخير، مرت بذاكرته صور شعلته الأخيرة، بصق بعض الدماء فوق البصيص الأحمر المتبقي، وراح يبحث عمن يشعل له أخرى . طارق سلمان
اللاذقية
**************************
أحمد عبد الرحمن جنيدو
وجوه ٌ مخربشة ٌ
على ردهات ِانحدار ِ السماتْ.
وجوهٌ مخربشة ُاللون ِ،
يعبثُ واحدُنا بالألوف ِ،
فتلقى الوجوه َعلى الردهاتْ.
عليها مهالكُ دهر ٍ،
وفيها مكامن ُ سرٍّ،
ومنها تضيعُ الصلاه ْ.
وتحفرُ أزمنة ُالخلـْط ِأوكارَها
في مفاصلِها داخلَ الدرناتْ.
بواطنُ ما في الضمور ِككشـْف ِالذواتْ.
وصورتـُها العبثيّة ُ
في منطق ِالكون ِ مشــبعة ُالصدماتْ.
وعمقُ التكتـّم ِ جرح ٌ ينزُّ،
بأقصوصة ِالعيش ِ في زمن ِالحيض ِ،
في زمن ٍ خاصم َ المعجزاتْ.
تراها جليّاً حقيقتنا لحظة َ الغضب ِ،
المؤسفُ المتجمّدُ يخصي بنا العنفوانَ،
وسلبَ الردود ِ،
وتجتثُّ ما يمكنُ الردَّ فيه ِ بعصر ِ البغاه ْ.
تآلفُ بعض ٍ ببعض ٍ نشوءُ امتزاج ٍ،
وفي مغفل ِ الإلتصاق تراكمُ نسْغ ٍ،
يسمّى بمحضرِنا العفنيِّ مرايا،
انعكاسُ التشوّه ِ في ضامر ِ الأصل ِ،
والعمقُ يبني صروحاً من الذكرياتْ.
ويحملُ عبءَ الحكايات ِ،
يتـْـلف ُمجملـَها في اللهاث ِ،
لأجل ِالوجود ِ وراءَ الحياه ْ.
ويبقى هزيلاً يصالحُ فيه ِ سخافاتِنا،
كالنوايا بخير ِ تواصلها،
قد تبيحُ انحدارَ الصفاتْ.
على جبهات ِ البقاء ِنصارع ُ
من أجل ِذاك َالبقاء ِ،
نموتُ ويبقى الصراع ُ البقاءَ،
ترى المتغـيّرَ في الأمر ِ في كثرة ِ الجبهاتْ.
يسودُ التشابكُ في النفس ِ،
يدركـُنا واقعُ السرِّ في شرك ِ المستباح ِ،
مجازاً من العقباتْ.
هنا يتعلـّقُ أوّلـُنا بالهشاشة ِ،
خيرُ الوقوف ِبحال ِالثباتْ.
وأزهى الحياة ِ بحال ِالسباتْ.
فعِدْ كم ْ ترى في الحياة ِ
جناة ًـ عصاة ًـ بغاة ًـ غزاة ً،
بلقمة ِعيشِكَ همْ واقفونَ،
بغرفة ِ نومِكَ همْ نائمونَ،
بلحظة ِجنسِكَ همْ فاتكونَ،
بإنجاب ِ طفلِكَ همْ زارعونَ،
وإنْ تسألَ الحاضرينَ،
يقولون: أنّ الحصاة َحماة ٌ حماه ْ.
على سكرات ِ انكسار ِالضمير ِ
نصافح ُذاتْ.
وهذا التصافح ُ كالسكراتْ.
ونلبسُ ثوب َالحقيقة ِفي أصعب ِاللحظاتْ.
قطيع ُالهشيل ِ من الناس ِ،
في زهوة ِ العيش ِ،
في رغبة ِالوقت ِ، يفقد ُصوتُ الرعاه ْ.
وأرضُ المراعي يبابْ.
رعاة ُالقطيع ِكلابْ.
وصوفُ الجلود ِجرابْ.
ولحمُ الخراف ِ قديدٌ بجوع ٍ مصابْ.
حليبُ النعاج ِ دماءٌ وعظمٌ ونابْ.
ونايُ السهول ِ تناسى،
أفي الغصـّة ِ الأغنياتْ.؟!
تكلـّم ْ وعلـّقْ هديرَ الكمون ِ،
بحلم ٍ حنون ِ،
لأنّ الوجودَ تـَلاقي الفنون ِ،
وأحلى الفنون ِجنون ،
وأجملُ ما تعرفُ الناسُ كالترّهاتْ.
رغيفاً يطاردُه ُالجائعونَ،
تصوّرْ بأنّكَ نطق ُالسؤال ِ،
لهاثاً يحاصرُه ُ الراكضونَ،
تحمـّلْ فإنّكَ تلكَ النجاه ْ.
أيا زمنَ العاهراتْ.
أيا وجع َالأمنيات ْ.
أيا غدنا المستباح ِ،
كأنـّي تقمّصْتُ شيئاً،
فأصبح َ حلمي فتاتْ.
أخيراً تعلـّمْتُ شيئاً،
فأصبحَ عمري على الظلماتْ.
أحمد جنيدو
***********
مجد كردية
فيفالدي
الربيع: في أوّلِ الربيعِ ولتمزّقِ البراعمِ دويٌّ خفيٌّ يحدو لقوافل السنون بصحاري الفضاءِ الأخير.
في أوّلِ الربيعِ والصنوبرُ غيرُ مهتمٍّ والزيتون يسخرُ من قيامةِ تموز القتيل.
في أوّلِ الربيعِ سبعون فتاةً وهبت نفسها لعشتارَ: أنْ فُضّنِيْ يا غريبُ ليتزوّجني حبيبي.
في الربيعِ يتّضحُ النظام، هذا ما قالهُ مُبشّرٌ لعبدةِ فوضى ماعِزٍ فتي.
في الربيعِ تزيدُ الألوانُ وحشةَ الغرابِ: يا ربيعُ لم نسيتَ سادِنَ معبدِكَ الأمين.
في الربيعِ تخلعُ أرملةٌ سوادها، تغسِلُ قلبها: انتبه!! لستُ غُراباً يا ربيع.
في آخرِ الربيع والقمح يستسلِمُ لموتِهِ الوديع.
في آخرِ الربيع والسماءُ امرأةٌ حائرةٌ لا تعرف متى تنهي غضبها وأين.
في آخرِ الربيع وحِملان قصائدنا الرعويّة تجترُّ حداثتنا فوق حقول القمح المحصودِ والموتُ قتيل.
الصيف:
في أوّلِ الصيف صيّادٌ قالَ لغزالتهِ: أمهلتُكِ ربيعاً كاملاً لتغدري عاشِقكْ، عودي للنبعِ لأغْدُرَكْ.
في أوّلِ الصيفِ تتشابهُ ألوان الثمار في اخضرارها فلم يتوّجُ زغبُ الدرّاقُ ملكاً لطقوس الجنسِ بعدُ ولم يقلْ تفاحٌ أحمرٌ لنهدِ مراهقةٍ ما أصغرَكْ!
في أوّلِ الصيف تنهشُ حموضةَ تفاحٍ أخضرٍ وكان تُفّاحُكَ ذا آكِلَكْ!
في الصيفِ والجلدُ محشوٌّ باللّذةِ والقلبُ يشكو: لم لا تتّسِعُ سمائي لقمرين؟
في الصيفِ والحرُّ يُفتِّشُ لك عن عُذرٍ لتأكلَ أيّ أنثى تمرُّ قربكَ: ضع رأسكَ تحت الماء ولا تنساهُ فتختنق.
في الصيفِ والملابِسُ تخدِشُ الجلدَ كأنّ قطّةً علِقتْ داخِلَها: اخلعها واركض في الطريق عارياً.
في آخِرِ الصيفِ والعنَبُ مسحوقٌ على صخرِ آرامَ كعاهرةِ الميناءِ في ليلةٍ عاصفة.
في آخرِ الصيفِ والصنوبرُ غيرُ مهتمٍّ والزيتونُ ينتظِرُ الخريفَ شامِتاً.
في أخرِ الصيفِ والأفعالُ ناقِصةٌ وينقُصنا الموتُ ليبتدِأ الخريفُ.
الخريف: في أوّلِ الخريف والشّعرُ يلتمِسُ عُذراً ليصير كئيب.
في أوّلِ الخريف يوقِفُ الكونُ أشغالَهُ ليسمع حفيف ورقةٍ وهي تَصفرُّ كعربٍ هجروا الأندلس.
في أوّلِ الخريف تهمِسُ ريحٌ بارِدةٌ لعاشقين: اشربا كأسَ يومِكما الأخير.
في الخريفِ يهرُبُ الحبُّ منّي فهل أنا شجرةٌ وأنتِ إحدى الأوراقِ.
في الخريفِ أهلِّلُ أشعارَ غيري: ما أُدرِكَ ليسَ لهُ وجود، كانت الستارةُ مرفوعةٌ وأنا مازلتُ أنتظرُ، ليت الفتى حجرُ.
في الخريفِ أهرُبُ من الحبِّ فهل أنا ورقةٌ وأنتِ إحدى الأشجارِ.
في آخرِ الخريفِ بدايةٌ شيءٍ ما لم يُدركهُ العقلُ بعد.
في آخرِ الخريفِ والأشجارُ ناقصةٌ والنهرُ ينقصُ ليكتمِلَ السؤال.
في آخرِ الخريفِ نهايةُ عاشقٍ ماتَ لأنّهُ لم يُجَنْ.
الشتاء:
في أوّلِ الشتاء، من شاهقِ السماءِ نقطةُ مطرٍ اغترّت بِصِغَرِ الأرضِ فشهقت كامرأةٍ مخضرمةٍ: سيكون طوفانٌ جديدُ.
في أوّلِ الشتاء والأرضُ يوجعها الصخرُ ويكسرها الجليدُ.
في أوّلِ الشتاءِ كلُّ الطيورِ مضت في دربِ هجرتها والدُّوريُّ مازال مُعشّشاً أمام شرفتي يصيحُ: لستُ بحاجةٍ لفتاتِ خبزِكَ، أنا الفلسطينيُّ العنيدُ.
في الشتاءِ والرياحُ قيثارةٌ تُرقّصُ جيشاً بربريّاً على إيقاعِ الحديد.
في الشتاءِ وآلهةُ الرافدين تصيحُ: سبقَ السيفُ العذَلْ، سبق السيفُ العذَلْ.
في الشتاءِ هنالكَ قصّةُ حُبٍّ انتقلت أحداثُها من الخريفِ للربيع.
في آخرِ الشتاءِ شتاءٌ يموت والوصفُ صعبٌ في لُغةٍ لم تستوعب بعدُ نقيضَ النقيض.
في آخرِ الشتاءِ تُحصي الأرضُ أشجارها ولا تكترثْ بمن مات من البشرْ.
في آخرِ الشتاءِ تولدُ حبيبةُ شخصٍ ما كي لا يكون مجرّدَ فصلٍ تعيسٍ كئيبْ.
مجد كردية
*****************