الأربعاء الأدبي التاسع والعشرون
- مارس 11, 2013
- 0
أعزاءنا في عالم نوح و نصل إلى الأربعاء الأدبي التاسع والعشرون، وهو من اقتراح المهندس والشاعر عبد الرحمن كنجو وهم السادة: بيسان خيربك، ناصر رباح و وقيس عبد المعني. ويزيّن صفحة أربعائنا لوحات للفنان التشكيلي خالد نصار
أعزاءنا في عالم نوح و نصل إلى الأربعاء الأدبي التاسع والعشرون، وهو من اقتراح المهندس والشاعر عبد الرحمن كنجو،
ويزين صفحة أربعائنا لوحات للفنان التشكيلي خالد نصار
تعريف بالمشاركين: بيسان خيربك ,شاعرة سورية ولدت في أوكرانيا درست الطب في كندا
ناصر رباح شاعر فلسطيني من غزة له عدّة دواوين شعرية , نائب مدير دائرة الاعلام الزراعي .
وقيس عبد المعني شاعر يمني
مبتدئين أربعائنا مع الشاعر قيس عبد الغني من اليمن
تأتين كومضةٍ يقين نزّت من وجه قمر مُثخن بالوشاية
تأتين متأنقةً بضجرك
متضمخةً بنسيانٍ مقلد..
تحطين على كف الإبهار كخرافة تبحث عن عش فقد ذاكرة الفقس,
لم أفهم فستانك جيداً..
و لم أُنبهك إلى شحوب "أُحبكَ" التي طبعتها على شفتي
عند السرير أيضاً لم ألكز فطنتك لتلحظ كيف أن الرغبة ثرثرت أكثر مما فعلنا
كيف أن الصمت أفرط في إحتسائنا حتى سال الشغف على الأرضية دون أن ننتبه..
ثم أنكِ مضيتِ مخلفة وراءك أدلةً تغط في الدوار والخدر
لستُ حزيناً لأنكِ -بتعمدٍ- تركتِ مذاقك يلهو و يكبر في دمي
بل حزينٌ لأنكِ -بسهوٍ ماكر-
نَسيتِ أنيابكِ الغضة مغروزةً في عنقي
لن تفهمي أبداً معنى أن يهديكِ رجلٌ قصيدةً رديئة في أواخر شهرٍ بارد..
عند إنتهاء مُهلةٍ ما قررت سلفاً تحديد موقعه من التشرد..
لن تفهمي معنى أن يستيقظ "لاوعيهُ"الكسول في أواخر ليلةٍ زمهريريةِ المزاج,
ليذرف من وحي طعنتك سطورٌ بيضاء على مسودة مغفرةٍ محتملة..
لن تفهمي معنى أن يكتب لكِ رجلُ أطفى كل مصابيح منزله إحترازاً ,
رجلٌ يصغي بإتقانٍ لما يكتبه برغم طرقات الباب المخيفة ,
برغم وابل الرسائل المنهمر على أذنه..
برغم النداءات المتسربة من شقوق النافذة
برغم الفيلم الرديء
والنشرة الجوية المقلقة
برغم الوحشة الجاثمة على زاوية إلهامة ..
رجلٌ يرسم عيناكِ بتأنٍ
وكأنما مضت كل كوابيسه في إجازة
وكأنما كل الذئاب التي تترصده وجدت لنفسها وليمة
وكأنما كل قتلة العالم صاروا أصدقاءه
لن تفهمي أبداً معنى أن يهديكِ رجلٌ قصيدةً رديئة في أواخر شهرٍ بارد..
عند إنتهاء مُهلةٍ ما
مهلةٌ حجزت لمدائن روحة حيزاً فاخراً من التشرد.!
الشاعر قيس عبد الغني
كمن يُحدِثُ صمتاً ولا يغادر "
وأنت تثابر في تعطلك
لا تفعل ماتبقى في وسعك أن تفعله
أدخر هباءك لقادم السطور
وأعتني جيداً بطيشك و ثمرة حزنك
أنت لم تعد بتلك المهارة في إسداء نسيانك للذين أحبوك
في إقتراف الشوق لمن هم مخضبون بدمك ..
حتى وأنت تُشيد خرائبك
كن متفانياً
و لاتحدث جلبةً إذا ما تعثر نعيقك بفكرةٍ بيضاء أو بمعزوفة رقراقة,
لا تفعل ذلك حتى وأن ساورتك/لبعض الدمع/ إمرأةٌ بطاولةٍ منزوعةُ الشك..
لا تفعل حتى وإن طرأت لمطرقتك وردة مذهلة
أو حبيبة هشه..
لا تفعل وإلا ..
فلن ينبت على سِنِ رُمحكَ غير /رأسك
الشاعرة بيسان خيربك
غادرنا..
تاركين نيّة الرّجوع ذابلةً تحت وسائدنا الحالمة
وعلى رفوف المكتبة الأولى
تاركين الرائحة أمانةً في عنق القميص
و يد الأم على ركبتها الحارة كَجبين طفولتنا
تاركين الشجرة خلفنا و كل العصافير عليها ..
تاركين صورنا، غير نقية تماماً ، في محافظ الأخوة
والأمل في عيون الأب تركناه واقفاً على رؤوس أصابعه
كوردةٍ في مزهرية ..
تاركين ضحكاتنا على الشاطئ فارغةً
كملابس من لم يقصد البحر ليغرق ..
والأصدقاء الذين عادوا بكامل ضحكاتهم للبيوت
تركنا عنوانيهم بلا رسائل أو صورٍ جديدة لنا على شواطئ جديدة
نحن المستيقظون فزعاً بجانب أقراصنا المهدئة
سارعت أيدينا لصفع قلوبنا
حالما اكتشفنا أننا لم نأخذ معنا شيئاً في حقائبنا الكثيرة..
لا شيء له رائحة ..
بيسان خيربك
(1)
مسكونون كبيوتٍ مهجورة
نحن الذّين
كخرافٍ جزِعة
عبرنا أرق الوجود ..
(2)
كل رغبةٍ عرفناها قتلناها
كأنَّ ما أطلقناه عليها
لم يكن اسماً
بل كان رصاصة .
(3)
بعد ذلك كله
ماذا عسانا نسمّيها
حياتنا التي أتيناها لصوصاً
وغادرناها ناقصين ؟
ومن فلسطين الشاعر ناصر رباح
عاريـاً من التـوت
لا تَذْكرها بحجر..,
لا تأخذ أزرقها من لوحة النسيان،
دع البحيرة نائمة ,
وبحنين واحد.. تعالْ
اترك عتمتك الأولى تسيل على بياض الوقت
أجراساً ليس يسمعها سواكْ,
وناراًً .. دائمة النار
ادخل جوقة المسكونين بالماء,
حنين واحد ويواسيك مجانين,
وغرقى.. يتذوقون لأول مرة حليب القاع,
حطابون.. يشذبون غابة الكلام,
عداؤون.. إلى آخر الروح يسابقون الوحشة,
تعال نبثـُّك أسماءنا البكر..
عارياً من التوت نسميك,
قوس قزح يرشح موسيقى,
تعال نقتسم شطيرة الإنشاد
مسائية.., ومالحة.., وهشة
هيا, ورتل حصاك..
على مسمع من زجاج الآخرين
تعال.. فهناك رضىً على الرف,
وطمأنينة كافية جوار الوسادة,
لتنام قرب نافذة موصدة..
فالنجوم تم عدها,
والحديقة.. مشغولة بالغياب .
ما لم يقله يوسف..
الأربعاءُ لك،
و لكَ الخميس،
وكلّ أيام الحداد لك.
تذوي من الدمع عيناك
تذوي السنونُ،
حكمتُك الراسخة،
البيوتُ التي تشرئب من النهر إلى البحر تذوي.
في انتظاري عائدًا كحَدّاء القوافل،
وأنا من زمن أعدتُ إليك القميصَ،
وما تزال تسأل عني إخوتي الباكين.
تسأل جامعة الدول والعربَ السيّارة
أنا ما عدتُ يوسف يا أبي
ما عدتُ أشربُ قهوةً باردةً،
بعدما يفرغ الآخرون من حوار العشائر.
أنتظر العيدَ كي تشتري لي قميصًا جديدًا
ما عادَ لي إخوةٌ
يلقون أحجارهم في نهير حنانِك،
يكسرون على ركبة الغيظ حلمي الصغير.
أنا ما عدت طفلاً يا أبي
أنا مَلِك الآخرين،
سيّدٌ الأرض، حارسُ القمح، أجملُ الأنبياء.
أنا مِلْك الآخرين،
لماذا أعودُ إليك؟!
مُزّق قميصي الذي قدّسته الحكومات،
وطافت به في السنين العجاف
كم دمائي كانت كذوبةً،
وأنتَ تُبصر الآن ذئبَ القبيلة في كلّ وجه،
تبصر وحدتَك الأبديّة في مجلس الأمن،
حين تقلّب بين كفيك القميص الجديد؛
وقد وشحته النجومُ وعطّرته الحضارةُ
فتأسَّ به… عني
بعطر البلاد عن البلاد،
بالمفاتيح عن الديار
أنا ما عدتُ طفلَك يا أبي،
أنا ها هنا فكُنْ بعيدًا هناك
تَبارِكُ أبنائيَ الذاهبين إلى قمح فرحِهم
يوقظون الفجر،
يسحبون الشمسَ من يدِها
إلى آخر حبّةٍ في الحقل.
إِبتسمْ لهم يا أبي
إِبتسمْ مرةً واحدةً،
ربما يذكرون جدًّا قديمـًا
كان يغرس في أرض كنعان الكرومَ
ربما يذكرونك،
وهم يخلعون العباءة,
وهم يشربون النبيذ.
الشاعر الفلسطيني ناصر رباح
وكل الشكر للفنان التشكيلي الفلسطيني أيضاً خالد نصار