الأربعاء الأدبي الثالث والعشرون 17-10-2012 literary Wednesday
- أكتوبر 17, 2012
- 0
اليوم نحن على موعد مع الشاعر جان بالوظية في مجموعة من نصوصه…..
اليوم نحن على موعد مع الشاعر جان بالوظية في مجموعة من نصوصه…..
القلبُ الأسير
هلَّ وجدكِ ينبثقُ
مع إشراقةِ شمسٍ
عشقَ بهاءَها الأفقُ
فأَّرقتْ جفوناً تهادتْ
في غيابكِ
حتى حارَ بها الأرقُ
يا من تسكنينَ دمعاً انسكبَ
فبكا على انسيابهِ الشفقٌ
كيف أطبعُ قُبَلَ شوقٍ
قد نقشتْ دربها العنقُ
كيف تتمادى القبلُ
فيوقفُ زحفَ الشفتين
لولؤةٌ و حلقُ
يا صعبةَ المنال
كيف أصفكِ قصيدةً
احترقَ من وهجها الورقُ
و يا ظناً يسكنُ بالي
كلّما نشدتُهُ راحةً
ثارَ على راحتي القلقُ
كيف أنجو من دوامةِ شَعْرِك
كلُّ من أبحرَ إليكِ
قد نالُ منهُ الغرقُ
كيف أصفُ شفتيكِ إذا تباعدتا
تتخاصمُ السّحبُ وتفترقُ
وإذا انطبقتا يُلغى الكونُ وينطبق
وإذا ارتسمتا
فعنقودٌ أحمرُ يندلقُ
وإن غابتِ الشمس لا يهمّ
يُدفئني من اشتهائكِ حريقُ
كيفَ أخاطبُ وجهكِ
إذا ارتحلَ
أأصرخ منادياً يا صديقُ ؟
كيف أنسى هواكِ
وهو الوجودُ وهو الشهيقُ
كيف لا أحبُ بحرَ عينيكِ
وأنا مُذْ عرفتكُ غريقُ
كيف أطلقُ قلبي
وقد أسرتِه
أتعسُ ما في الكونِ
يا حبيبتي
قلبٌ طليقُ !
****************
الإرهاب والكباب
على صفحاتِ العتاب
أكتبُ لكَ يا وطنَ الغياب
لأمحو حزنَ الأزقة
من أسطرِ الضباب
لأخبركَ عمَّن رحلوا
وما مست رقابهم الحراب
لأخبركَ عن جارنا الذي
قلنا لأطفاله أنه
لن يطيلَ الغياب
لكنه من أجلكَ وحدَك
قَبِلَ أن يسكنَ التراب
و ما أجملَ عيشةَ التراب
من أجلكَ يا وطني
ما أجملَ عيشةَ التراب !
***
نحيا على صوتِ الرصاص
و على خبزُ المرارة
نصلي بكلِّ حرارة:
يا ربَّ الأرباب
يا إلهَ الكونِ التوًّاب
أنقذنا من هولِ الرصاص
و من أيادي الغدر ..من أكف العذاب
يا ربَّ الأرباب
تموتُ مع غصصنا
نعمة الحياة
نحنُ الشباب
فهل من عدل أن يُطفأ سراجنا
دون أن نحققَ الآراب ؟
نحن جيلَ الانترنت
والهاتفِ الذكي
والإنسانِ الغبي
نحن جيلَ الغباوة
نعيش وجهاً آخر من عملة الإرهاب
فلا التاريخُ ينفعنا
ولا بلاغةُ الخطاب
نحن جيلَ "الفيسبوك"
و الحبّ الالكتروني
فكيف نبني الأوطان
وما من أحدٍ يلهمنا
على مرِّ الأحقاب
نضيعُ في سياسةِ الحِّريات
و زمنِ التجارةِ بالشعوبِ و الأديان
فهل يرضيكَ يا ربِّي كلَّ هذا العقاب ؟
يا أيها الواحدُ التوَّاب
تهجرُ حلةُ الشبابِ أجسادَنا
و ما من مهدئٍ للأعصاب
سئمنا خداعنا البصري
من وسائلِ الإعلام
تقلبُ الرجلَ امرأةً
تمزجُ الصادقَ مع الكذَّاب
نريدُ أن نبني من عيوننا وطناً
لا أن نُلبسَ رؤانا الجلباب
نشتمُّ رائحةَ الوطن كما
نشتمُّ رائحةَ الشواء
تأتينا من عند الجار
فلماذا يا وطني الخلاب
تغدو مجردَ رائحةٍ
تعشّشُ في الألباب
ولماذا رائحةُ الكباب
أزكى و أشهى
في عصرِ الحرّية الإرهاب ؟!
اشتياق
على زركشةِ السّماءِ الوردية
كتبتُ اشتياقي إليكِ
منقوشاً بالقُبَلِ النَّارية
على نغمةِ النَّسيمِ الحنون
يلعبُ على أوراقِ الشَّجَرْ
أُغنيةَ عِشقٍ أَزليَّة
كتبتُ اشتياقي إليكِ
قصيدةً بحريَّةً حمَلها المَدّ
قصيدةً أسكنَتْ أَحرُفي اللَّحد
فَعاشَتْ قَصائدُ وَهميَّة
***
ألًّفْتُ لعينيكِ لحناً
فغدا نشيدا
سَكَبْتُهُ على أَشجاني
فَغدا سيمفونية
***
كُلُّ المرايا تعكسُ شُعاعَ عينيكِ
كأَنَّكِ روحُ الشَّفافية
كأنَّكِ صورَتي البِلًّورية
تجيئينَ مع أُغنيَةِ عَندليبْ
ترحلينَ مع قمرٍ كئيبْ
و تُبقينَ الجراحَ المُنكوِية
مع حلولِ اللَّيلِ تَرتسمينْ
شفتاكِ حمُرةُ الغَسَقْ
ونهداكِ يتحديانِ الغَرَق
في بحرِ القَصائدِ المَنْسيَة
و طفولتكِ تتراءى أمامي
رقصةً سريعةً
و شقيَّة
كأنكِ حُلمُ الصَّباحِ يَهِلُّ
ممزوجاً بشمسِ التَّحية
كـأنَّكِ قِصَةُ حُبٍ خُرَافية
كأنكِ عَشتروتُ أحلامي
بمجدِ مَحاسِنِكِ
برقتِ العيونُ البُنّية
كأنَّكِ لسْتِ أنتِ
وكـأنكِ لستِ
–في الغياب-
نشيدَ الرُّوحِ الَبهيَّة
كأنك أَمسي
أو غَدي
فما الفارق ؟
و حُبُّكِ نعمةٌ أبديَّة؟
أبحثُ عنكِ
أبحثُ عنك
أيتها المسافرةُ في بحارِ النسيان وأمواجِ العشق
أيتها العذوبةُ الحلوة..والعذوبةُ المرة
أبحثُ عنكِ …أنا المُسيَّرُ في ليلِ عينيكِ …..دونُ أملِ
ومع ذلك ..ما استسلمتُ ..ولن أستسلمَ
فأين عيناك ؟ أين جديلة السواد؟… تصارعُ كي تعيشَ ليلها الحرّ
أين الأصابع ؟ أين المناكير الأحمر ؟؟؟ يشعلني ويذوبني
أين بسمتك أدوخ بها ..آهٍ كم تدوخني !
********
أبحث عنكِ ….في كُحلِ صديقاتي …
وفي غموضِ ما عرفتُ من عيون
لعلّكِ تخرجينَ كماردٍ سحري
من كلِّ هذي الجفون
وتقولين لي : أحبّكَ
أحبكَ يا مجنون
*******
المقاعدُ هنا تسألني عنك ..والحرقةُ دمٌ قاتم
والغموضُ قتلَ الوقت …وسقفُ السماءِ عاتم!
الليلُ هنا استقال !
الليل هنا استقال
والشمس كتبتْ آخرَ قصيدة …
وتفكرُ في الانتحار
طرقُ العشقِ تسألني عن عينيكِ كل يوم
وتروي لي عذابها …وتشكو لي معاناتها …من خشونتها
مذ أن فارقتها نعومةُ قدميكِ !
قصائدي تُعاتبني …وتسأل عن ملكتها …
وأنا أضيع بين كل سطر وسطر ..
وبين كل فاصلة ..وإشارة استفهام
ورغم ذلك ما استسلمت ولن أستسلم …
فأنا أبحث عنك داخل قوقعتي اللغوية …
لعلك تخرجينَ من حنجرتي ..
من كلماتي ..من أوراقي …من صورك السحرية
لعلك تمرينَ كالنسمةِ فوقَ أهدابي ..
أو تأمرينَ العصافيَر الملونة بالهجرة …من شباكي
ورغم أنَّ نهارَ العُشاقِ عاتم
ورغم أن مصيرَ الإخلاص ظالم
ما زلت أبحثُ عنكِ وقلبي هائم
وصدقاً بالآمالِ والوعودِ العتيقة …
صدقاً بكل لحظةٍ حلوةً كانت أم حزينة
أراهنُ أنكِ تبتسمينَ الآن …وأنت تقرئين القصيدة
طفلة
ضحكتْ ضحكة طفلة
و أخذت فراشةً من روحي
أبقت في عيوني دمعةً و طفلا ..
أحببتُها كأنّما غُرسَتْ
غابةُ عشقٍ في صدري
شتلةً شتلة
أحببتها كعناقِ مطرٍ خاصمَ غيمتهُ
و هطلَ في ساعةِ غفلة
كم نما ألمُ هواها في فؤادي ؟
حفظتهُ بينَ أضلعي
حتى صارَ كهلا ..
كنتُ ملكَ الهوى
في غروري و حبي
و غدا دماري بين يديها سهلا ..
كلُّ فتاةٍ أحببتُ قبلَها
غرقَتْ في ذاكرتي
و كلُ جمالٍ من غير عينيها يبلى
كم رفضْتُ هوىً عابراً
غير هواها يفرحني
و كم قلتُ لعذابِها أهلا
ترخصُ روحي في جسدي
يرخصُ الهواءُ في رئتي
وهي بين رموشي تغلا
..
إن كان نورُ اليقينِ بعيداً عن عينيها
فكم أفضلُ الجهلا ..
و لو غرسَتْ سكينَ غدرها
في خاصرتي
لن أقولَ لها مهلا ..
كم زادَ قبحُ الدنيا في عيوني
و كم في هواها ..
صارَ العمرُ أحلى
اتركي زيتي ينضب
فقنديل حبنا ..لن ينير
اتركيني وحيداً
من وحدتي أكون
من وحدتي أصير
اتركيني ..
على جبيني حزنٌ يسير
اتركيني لي ربٌّ
و شعر و كأس
و قلبٌ مجنحٌ
يأبى أن يطير
اتركيني .. أموت أنا
ويحيا في شعري
طفلٌ صغير
رسالةٌ حاقدة إلى السرطان
يا أيها المرضُ الخبيثُ الجبان
لو أنك تحاولُ مرّةً
أن تجابهَ الإنسان
لو أنك تحاولُ أن تصرعهُ
دون أن تختبئ خوفاً
في خلايا الأبدان
لو أنك تحترمُ سُنّةَ الحياة
لكنّا حسبناكَ من الخوارق
أو من الفرسان ..
يا من تعذبُ فلان
وتُيَتّمُ فلان
و تُطفئ نورَ فُلان
وتتركُ آخرَ في الهوان
منتظراً فجيعةَ مكرك
منتظراً فواتَ الأوان
يا من تزرعُ خباثتك
في هياكلِ التُعساء
و تهدي أطفالهم الحرمان
من سمحَ لك أن تدخلَ عالمَ الحياة
من سمحَ لك أن تهبنا المأساة
و لم تدرك بعدُ يا جبان
ما يملك الإنسان من عزمٍ و إيمان ؟!
***
يا أيها المُسمى "سرطان"
يا أشرثِ الأدواء
ويا أغدرَ الأمراض
يا أيها المغرورُ و الموهومُ بفتكك للإنسان
يا من تقطف بهجةَ العمرِ الوليد من الأجفان
يا سبب الشقاءِ و يا لهيبَ الأحزان
يا أيها الحاقدُ المغتالُ كلَّ عصفور
و السارقُ من قوسِ قزح الألوان
لن تغلبَ آلةُ قتلكَ شريعة الزمن
إن كنتَ ربحتَ معركةَ الموتِ والحياة
ستخسر حرب البقاء يا داءَ العفن
فإذا ما تحركتِ السنون
و ثار ضدك العلمُ والزمن
وجهودُ الإنسان
ستعرفُ كيف قهرَ الطبُّ الأحزان
لن نبكي على جحيمك
فليس لناركَ دُخان
نعدكَ –نحن الأطباء-
و هذا تحدٍ
أن بعضنا لن ينام حتى
يتربصَ بموتك
و لو طالتِ الحربُ أزماناً و أزمان
هذه غايةُ العلمِ
و قتلكَ هو الرّهان
*****************************
متفرقات نثرية
تعريف الوطن لصديق جاهل :
الوطن يا صديقي ليس عاهرةً تضاجعها ليلةً و مع حلول الصباح تهجرها و تنكر متعة وصالها ..الوطن ليس فندقاً أو نزلاً تأوي إليه يومين ثم تتركه لزائر آخر ..الوطن يا صديقي هو شعور يشبه تلك القشعريرة التي هزت بدنك حين عشقتَ لأول مرة و بكيت لأول مرة ..هو ذلك الفرح العارم الذي لا يلبثُ أن يصير حزناً عميقاً ..الوطن هو ذلك الذهول الذي يسكن فينا و يبقى فينا بعدما نموت , الوطن هو تلك الدهشة التي من أجلها تتسع الأحداق و تلمع العيون ..
الوطن هو تلك الأنثى الحلم التي إذا عشقتها لا تطلب منها سوى الموت عشقاً ..!!
الوطن يا صديقي هو تلك الولادة التي نطقت بها روحك فإما أن تعيش ولادتك الجديدة أو تموت
فكرتُ مرةً أن أحمل بندقيةً ككل الجنود و أدافع عن أرضي و وجودي ..لكني وجدتها ثقيلة الحمل فحملتُ قلماً ..و في الحقيقة أجده اليوم أثقل !
أنا مقتنع تماماً بأنه لكل إنسان على سطح الأرض نجمٌ نظيرٌ له يسبح في الفضاء..يوماً ما سأبلغ نجمي لأقارن ضيائي بضيائه و كم سيهنأ قلبي إن قلت له : يا نجمي ما أعتمك !!
وطنٌ يقتلني خيرٌ من غربةٍ تنعتني باللاجئ !!
كيف أنجو بحياتي و أنا محصورٌ بين حربين , حرب يخوضها الوطن و حرب يخوضها قلبي ضد كل قلب يحاول الوصول إليكِ قبلي !؟
إلى شاعرة ..
حرامٌ عليكِ
لا تكتبي الشعر لا تكتبي
فكلماتك قد أدمت مآقينا
تركتينا في الجوى نتخبطُ
وكنتِ أنتِ مداوينا
كيف للشعر أن يتحول بين أناملكِ ؟
زمردةً وبستاناً وياسمينا
أنتِ القصيدة ذاتها
فرجاءً لا تكتبي الشعر ولا تحرقينا
كوني الكلمة , كوني الحرف
وكوني في الشعر الرياحينا
كوني لحناً فرنسياً
كوني سمفونية الوجد
تلملم من الهوى معاصينا
يا شاعرتي ,ذقت من الهوى ما لايذاق
فلا تمزجي الحروف
وارحمي بعطفكِ الملايينَ …
تنويه : اللوحات للفنان العالمي أندريس إشنباش
متابعة جلال مولوي – عالم نوح