ومعنا اليوم في الأربعاء الأدبي الثامن ثلاث أساتذة نسعد بقراءة نتاجهن الأدبي، هن الفنانة التشكيلية المغربية ليلى الديوري، ومن سوريا الأستاذة منى تاجو و الصحفية و الكاتبة بيانكا ماضية. و نزين جدار هذه الأربعاء بالنتاج الفني للآنسة عُلا العُجيلي. وهي لوحات تخرجها سنة 2010.

  • ومعنا اليوم في الأربعاء الأدبي الثامن ثلاث أساتذة نسعد بقراءة نتاجهن الأدبي، هن الفنانة التشكيلية المغربية ليلى الديوري، ومن سوريا الأستاذة منى تاجو و الصحفية و الكاتبة بيانكا ماضية. و نزين جدار هذه الأربعاء بالنتاج الفني للآنسة عُلا العُجيلي. وهي لوحات تخرجها سنة 2011. 
  • نتمنى لكم قراءة ممتعة.
  • و نبدأ بخواطر الفنانة التشكيلية والكاتبة ليلى الديوري

      

     

     

     

  •  

    الخاطرة الأولى 
    الزمن الجميل هو ذاك الحلم الصافي الذي ينقش على جدار الذاكرة يعاد بناؤه كلما كانت الحاجة ملحة للبحث عن متنفس ربيعي أخضر بغية البعد عن ضوضاء الحياة وصخبها.
    الخاطرة الثانية
    حين يجتمع الطهر, والنقاء, والصدق, في القلب فإنه حثما يثمر معاملة حكيمة وبليغة تخترق الأرواح والنفوس بكل عذوبة فتعزف سمفونية الرقي والسكينة.
    الخاطرة الثالثة
    الروح الطيبة روح راقية نقشت على قاموس مصطلحاتها معاني ذهبية أبدية يتجلى رونقها في قدسية المحبة السامية, والصدق في العطاء
    والرائع أنها تنسى الإساءة بسرعة رغم ما تخلفه من جرح عميق, بل الأروع أنها تبادل هذه الإساءة بالإحسان فينعكس هذا الجمال الروحي على الإنسان وملامحه, فلا تراه إلا بوجه طلق يتلألأ نورا وإشراقا.
    الخاطرة الرابعة
    إنه السمو والرفعة حين يكون الجوهر رفيعا طاهرا نقيا, فينبعث نور من الأعماق ينعكس بإشراقته على كل الوجود.
    الخاطرة الخامسة
    كل يرى السعادة من وجهة نظره الخاصة ,إلا أننا يمكننا أن نلخصها في كلمة واحدة جامعة شاملة ,ألا وهي الإيمان, فحينما نسلك دروب الإيمان نجد كل طرق الخير تتفتح أمامنا فنلجها ونحن كلنا ثقة في الحاضر فنحياه بكل قناعة ورضا, ونستقبل المستقبل بكل أمل وتفاؤل هذا الشعور في حد ذاته يجعلنا نثق بما عند الله وبذلك نسعد ونسعد من حولنا.

     ليلى الديوري

     

    منى تاجو

    البارحة و اليوم

    تململ الحصان بعصبية وهو في مكانه، هز رأسه ثم استدار إلى فارسه و في عينيه نظرة حائرة، فربت الفارس على عنقه الأصهب مهدئاً بيد لو دققنا فيها لأدركنا اضطراب صاحب اليد فقد كانت ترتجف رهبة و عصبية، فما كان الفارس بأقل اضطراباً من مطيته، هذا الفارس القوي الملامح الملوح الوجه بشمس الصحراء التي صبغت إهابه بلون النحاس.
    خطر بباله كتابُ (الجمهورية) لأفلاطون، ينهض إلى مكتبته ليبحث عنه، لكن لا داعي للبحث، فمكانه محفوظ في ذاكرته.

    إلى جانب فارسنا انتصب جواد يحمل فارساً ذا هيبة و قد فعلت الشمس فعلها في ولده، و ظللت السنوات معالم وجهه بهيبة و وقار رائعين، من حولهما تجمع الأهل و القبيلة فشيخ القبيلة و ابنه في سباق فريد بنوعه، سباق الأب مع ابنه، سباق البارحة مع اليوم، الشمس تسترق النظر من خلف التل بدت و كأنها تحبس أنفاسها ترقباً.

    قلب الابن يدق صدغيه و يصم أذنيه و يحرق أعصابه، أما الوالد فقد عبرت نظرة فزعة تمر بسرعة و هي تهرب و كأنها تقول أمن الممكن أن أخسر
    .
    الكل صامت مترقب و صوت يعلو
    …!!!: انطلق 

     

     و نتابع مع الفنانة التشكيلية ليلى الديوري في خواطرها:   
    الخاطرة السادسة
    العمر الجميل هو العامر بقلوب نقية كلها صفاء وشفافية, تنطق بسمو الروح وتمنح النفس فضاء من السعادة الصادقة الدائمة التي تغمر الكون فتنشر البهجة والضياء, معلنة عن مولد يوم جديد تشرق شمسه ولا تغيب .
    الخاطرة السابعة
    الكلمات الراقية يرقى معها المتلقي وينضج معها فكره وإحساسه, لتصل به إلى أعلى مراتب الرؤية العميقة البديعة
    قوية كامتداد البحر في عنفوانه
    شفافة بيضاء كلون أمواجه
    ذاك هو الإبداع الجميل الراقي.
    الخاطرة الثامنة
    التصوف هو رؤية الجمال في كل شئ يحيط بنا فكلما غصنا في كنهه إلا واستشعرنا أن صانع هذا الجمال وخالقه هو من حبانا هذه الملكة التصوفية الربانية لنسجد له شكرا ونزداد منه تقربا فترقى بذلك الروح وتسمو وترتفع عن كل الماديات الفانية وتغدو في الحياة وكأنها طائر يحلق بجناحيه ليحط الرحال دائما بفضاء الأمان فنتذوق الجمال الحقيقي و الكلي مما يبعث على إشراقه القلوب بنور الله.
    الخاطرة التاسعة
    التصالح مع الروح نور يشرق في أعماقنا فيطهر قلوبنا ويشفي أسقام نفوسنا وهو كفيل أن يرشدنا لكي لا نتوه في عتمة الطريق.
    الخاطرة العاشرة
    جميل أن تكون لنا بين الفينة والأخرى وقفة مع النفس
    نحاسبها إن هي أخطأت
    نكبح جماحها إن هي تمادت
    وفي المقابل نشجعها إن هي أصابت
    بل نحترمها ونقدرها إن هي ارتقت
    وعلى الطريق السوي صارت
    وبالنهج الصحيح اهتدت
    دروس من الحياة.
    والخاطرة الحادية عشر
    مع نسائم الفجر الأولى استيقظت على صوت ينادي الله أكبر ,الله أكبر,حي على الصلاة حي على الفلاح ,لم تمر هنيهة من الزمان حتى أزحت ستار النوم عن عيني ونفضت غفلة السهو عن نفسي وقمت وأنا أردد الصلاة خير من النوم’ الصلاة خير من النوم.
    بقلم ليلى الديوري

     

    وعودة إلى الاستاذة منى تاجو:

     كم يتوق رأسي المتعب لأن يرتاح على كتفك القوي الحنون! التوق يسكنني و الحنين يقودني بعيداً فأنا أبحث عنك دائماً، لقد تعبت من البحث ولكنني لم أتوقف فتاهت قدماي في صحراء الحياة يقتلني العطش، السهر قرح عيناي و الوجد يدفعني إلى الاستمرار في البحث، صمت الصحراء قاتل و حرها يلهب رأسي والتعب يهدني فقد طالت الأيام ولم نلتق بعد، أبحث عن مشاعري فلا أجدها، أبحث عن دموعي فتعصني، أنا أعرف أنك موجود فكم من ليل صح…وت في فجره و أحسست بك تسكنني، حتى أنني أضطر في بعض الأحيان للنظر إلى يدي لأتأكد من أنها لا تحتوي يدك فقد أحسست بها عندما كنت أنتزع نفسي من غفوتي، لقد أمضني غيابك سنوات طويلة مرت عشت جزءاً طويلاً منها في التيه فأضيف إلى آلامي اضطراري لمعايشة الخطأ الذي ارتكبته فقد كان سراباً ولم تكن أنت، ترى هل ستأتي تلك اللحظة التي ستصبح فيها حقيقة ونستقبل الشمس سوياً كائنين أتعبهما البعد و جفت روحيهما ثم تجسد الحلم و أدفأت أشعة الشمس وجودهما؟، ترى هل سيحدث ذات مرة أم أنك انتهيت قبل أن نلتقي؟، أم أنك لم تبدأ بعد و سوف يقف الزمن دائماً حائلاً بيننا دائماً؟، أنا أحس وجودك فأنت جزء مني، جزء من نفسي و روحي، أنت و أنا جزءان تاها في صحراء الحياة، ترى هل وجدت سكنك و تركتني أنا أهيم؟ أم أنك تعيش التيه و تتألم وتبحث عني؟ ترى هل ستشرق الشمس في حياتنا ويدك تملأ يدي وكتفك يسند رأسي قبل أن ندخل النور الإلهي الغامر؟ ترى هل ما يسكنني هو الحنين إلى الحياة الأبدية و أنت مجرد وهم صنعه حر الصحراء ليجعلني أستمر في التيه؟

    منى تاجو

     

    الكاتبة بيانكا ماضية

     

    مختليا بنفسه

    يجلس أمام شاشة التلفاز، ينفث دخان سيجارته، وعيناه اللتان خط الزمن حولهما خطوطاً متعددة لا تفارقان الصور التي تعرضها إحدى القنوات عليه، كان يشعر أن هذه القناة تبث له وحده دون الآخرين، يلتقط كل كلمة يتفوه بها أحد المحاوَرين معه في برنامج أصبح يبث حلقاته ليل نهار، يَنصت إلى المحاوَر معه بدقة ليفكر في المصطلحات والمفاهيم التي يطرحها.. دولة القانون، حرية الرأي، حرية التعبير، الإعلام الحر، رفع حالة الطوارئ، إلى غيرها من مفردات لم يكن الحديث عنها في الماضي إلا سرّاً من أسرار الغوص في أمور لم تكن لتُتداول على طاولة حوار.

    قبل عشرين عاماً أو أكثر ربما بعشر سنوات أخرى، حين قرأ هذا الكتاب لأول مرة وضع خطوطاً بالقلم الملوّن على الجمل التي طرِبت نفسُه لها، ولأنه كلما أراد تذكّرَ مضمون أي كتاب بعد سنوات ذهب إلى الأسطر التي لوّنها ذات يوم، فلاشك أنه سيقرأ الآن تلك الجمل الملوّنة، سيقرؤها ويبتسم، ولاشك أنه سيتعب من الوقوف أمام المكتبة وهو يقرأ ويتذكّر، ولذلك لابد من أنه سيختلي بنفسه تاركاً ذاك المحاوَر معه يثرثر وحده على الشاشة.

    لم يخطر بباله يوماً أنه سيرى بأم عينه هذا الواقع المتراكم بأحداثه المتتالية، وتمتد به خطوط الظنون إلى تصديق هذا الواقع تارة، وتارة أخرى يعيش مع غمرات الأحلام، ولم يكن ليخطر بباله أيضاً أن الواقع سيغير مجراه على عكس أحلامه، أو على عكس ما قرأه في بطون الكتب أو سمع عنه من ثورات … ثورات متتالية في زمن لم يكن ليفكر بالثورات، ولكل ثورة ضحايا ودماء وكتب.

    حين اختلى إلى نفسه بعد أن ترك من ترك وراءه على الشاشة كان الكتاب لما يزل بين يديه، وكان يود أن يكتب رأيه فيما يراه ويسمعه ويشعر به، أن يدوّن موقفاً إيديولوجياً يبرهن فيه على أن هناك مؤامرة على وطنه، وأن هناك جهات تسعى لتخريبه، وأن هناك مطالب لابد من تحقيقها للشعوب، وأن الإصلاح لا يتم بين ليلة وضحاها، وأن الحوار الوطني الذي يجمع بين فئات مختلفة موقفاً ورأياً، هو الطريق الأسلم نحو مستقبل يعيش فيه أبناء وطنه أحراراً عزيزين.

    كان يودّ أن يدوّن كل هذا حين يسمع المحاوَرين معهم، أكان في القنوات العربية أم في القنوات المحلية، وكان شيء ما في داخله يغلي، ولكن شيئاً آخر كان يجعل أصابعه متخشّبة كلما أمسك القلم ليكتب.

    في السابق قبل أربعين عاماً أو ربما خمسين أو أكثر، لم يكن ليثنيه عن قول رأيه أيُّ شيء، أما اليوم فهناك الكثير من المعوّقات – حسب رأيه- تلك التي تجعله مكبّل اليدين، ولكن ما العمل ليكتب أو يقول؟ حتى أصدقاؤه الذين يلتقي بهم بين الفينة والأخرى لم يكن لديهم الرغبة في التعليق على أي شيء أو كتابة أي شيء، فقد انكفؤوا على أنفسهم ولم يعد يُسمع لهم صوت ما.

    بعد أن قرأ تلك الأسطر الملونة في كتاب الجمهورية، استلّ قلمه وراح يكتب، ملأ نصف صفحة تقريباً مما خطر بباله بعد القراءة، وعندما عاد ليقرأ ما كتبه، جحظت عيناه، وسرى خدر في جسده تحوّل إلى برودة ما عادت لتنفك عنه، فمزّق الورقة، وأعاد الكتاب إلى المكتبة، ودسّ نفسه في سريره ملتحفاً بأفكاره لينام.

    في الأيام التالية رفعت حالة الطوارئ، وشُكلت حكومة جديدة، وبدأ النشاط السياسي يدب في كل المواقع، وبدأت الإصلاحات تتم على وتيرة مسرعة، وأتت أُكل الحوار الوطني، ولكنه كلما أراد أن يكتب شيئاً مزّق الأوراق ونام.

     

     

       الآنسة عُلا العُجيلي خريجة فنون جميلة ـ غرافيك  سنة 2011  وهي الآن معيدة في الكلية التي تخرجت منها.

    الفنانة التشكيلية علا العجيلي

     

    متابعة نوح حمامي ـ  عالم نوح

  •