الأربعاء الأدبي الرابع والثلاثون
- يوليو 17, 2013
- 0
أصدقاءنا في عالم نوح، يسعدنا اليوم أن نقدم لكم في الأربعاء الأدبي الرابع والثلاثون لعالم نوح نصوص أدبية للشاب آدم كردي و قصيدة ابنة الجيران للشاعر الشاب مهند سحلبجي و يزيّن صفحتنا اليوم لوحات للفنانة التشكيلية المغربية السعدية موقير.
الأربعاء الأدبي الرابع والثلاثون عالم نوح
أصدقاءنا في عالم نوح، يسعدنا اليوم أن نقدم لكم في الأربعاء الأدبي الرابع والثلاثون لعالم نوح نصوص أدبية للشاب آدم كردي و قصيدة ابنة الجيران للشاعر الشاب مهند سحلبجي و يزيّن صفحتنا اليوم لوحات للفنانة التشكيلية المغربية السعدية موقير.
أدم كردي ـ المرّة الوحيدة
آمنت بعدالته , حفظت كل ما قاله لي عن ظهر قلب , كان بالنسبة لي أكثر من مجرد معلم , أو أب , كان أكثر من ذلك بكثير , كان الشمس التي أستيقظ عليها كل يوم , كان القمر الذي أتغزل بجماله عند كل مساء, لقد كان بالنسبة لي الحلم الذي أتمناه في كل مرة أضع رأسي على وسادتي الخالية إلا من الحجر والحصى …..
وعدني , حينما أكبر , سوف يكون بجانبي وسيعلمني كل الفنون التي أرغب بتعلمها , كان موسيقارا من الدرجة الأولى فناناً تشكيليا من القلائل الذين استطاعوا أن يجعلوني أؤمن برسالته, لم يكن عاديا في شيء حتى في طريقته بالحياة كان مختلفا عن الجميع .
ذات يوم, دخل عليه رجال مسلحون طلبوا منه الذهاب معهم بالقسوة, ذهب معهم ليس خوفا منهم, ولكن لإيمانه بأنه لم يؤذ أحداَ في حياته, وأنه لم يذنب في شيء, وقال لي مطمئنا, سأعود ( أعدك بذلك ) قالها وكانت يداه الدافئتان تمسح عن وجهي ملامح الخوف والهلع من ما شهده ناظري .
كانت هذه المرة الوحيدة التي خان وعده فيها, فهو لم يعد , لم يعد , لم يعد , لماذا ؟! أنا من تلاحقه الأهوال , أهي عقوبة لعيشي حياة اليتيمة التي لم تعرف معنى اليتم معه , أهو ذنبي أنني عشت على أمل أن الغد الجميل هو الخيط الوحيد الذي يربطني بهذه الدنيا , لم يأت ذلك الغد بعد , لم يأت ذاك الحنين بعد , ولن يأتي أبدا , فقد ذهب معهم جميعا ولن يعود .
وسأظل وحدي أتلمس دموعي في كل ليلة, لأنني لا أراها, ولن أنسى منذ ذلك اليوم أنني عمياء. أدركت ذلك بعد رحيله, ويا ليتني لم أدرك ذلك أبدا.
سأبقى أنتظر الموت عله يجمعني به يوماً ……………………………
مهند سحلبجي
إبنة الجيران
تحب أن تراقبني
حين أرشفُ القهوة في الصباح
أُلازمها الضحكة السريعة خفيةً
تأكل الدرابزون تارةً
وتمد يديها على الأحبال
كالقطة الجائعة
فتاة جميلة
عيناها واسعتان
تشبه السماء
تترقب زهور حديقة منزلنا
فتكبر أكثر…
وضحكتها المعبرة
ترش بها الأرز على الشهيد فيحيا
تحاول أن تلفُت إنتباهي
تُرسل مع صديقاتها الكلمات العابرة
فينضجن الفتيات كالسنابل بالطريق
فتاة ذكية
تصادفني كل يومٍ
في محطةِ الأوتبيس
علني أقول لها شيئاً ما
إبنة الجيران
لا تعرفُ أنني
معجبٌ بإختها
آدم كردي ـ جسد يتوسّط اللوحة
من بين كل تلك الأوان عشقت ذلك الأحمر الذي يرسم قبلة سوداء على بقعة صفراء حمل وشاحها الأزرق ومشت في طريقها الأبيض خارجة من الإطار الكلاسيكي, حاملة كل معاني التجريدية لتدخل في عمق ذلك الأرجواني الدمشقي المزاج , ذاك الذي سطر بخطه الأصفر المتأرجح قصة العاشقين على مساحة بيضاء خلقت لتتعمد بالأزرق السماوي, والشعاع الأحمر الثائر يحمل في شخصيتي المتعبة قيما جمالية يحكيها ذلك الأصفر الذي يمنع حدود الخيال من الظهور ويطلق العنان لمزاجي العشقي, ضاربا كل مجموعتي اللونية عرض اللوحة, مقيما لصلاة الروح البيضاء بين العتمة والهدوء الأزرق …… .
جسد يتوسط اللوحة يتكلم مع العنصر الخلفي بقوة صهر نفسه مع اللون الأصفر بقوة محتميا بتلك الأوشحة البرتقالية التي تحمل في الأهرة معاني الوسطية , التي تعايش جميع تلك العناصر بتوازن رمادي في تلك الزاوية المهمّـشـة ….. .
علمتني لوحتي أن لا أفشي بسرها لمخلوق , ولكنني لاشعوريا أرى بأنني أحكي قصتي الروحية مع تلك المجموعة التي اكتحلت بألوان الطيف وجعلت من تعددها قيما لونية جمالية تحدت كل من حولها ورفضت الدمج ببعضها لتوسخ السطح النقي الذي خلق ليتكلم عن ماهية اللون بصفائه ونقائه , لم أستطع أن أخفي نظراتي المنتقلة بين أجزاء اللوحة معجبا بلوحتي الصغيرة في حجمها الكبيرة في عمقها تلك التي جعلت من الخشب سطحا لها وافترشت الغراء أرضا لها لتتربع على عرش الجمال الفني بلمسات عشقية , تجعل من العمل خلقا لمدرسة الحب في التشكيل السامي , تنطلق معه الكلمات بلحن فرنسي المقام, بين ذهول الكمان ودفق ( البيانو ) للمسات المجنونة التي يمليها عليه ذالك الإيقاع الحديث …… , ويحكي قصة الشاب صاحب الشعر الأشقر الطويل والبشرة الذهبية الذي يحضن بعضلاته المفتولة و بدلته السوداء جسد امرأة بنية الشعر, عسلية العينين, متماثلة معه بالقامة في رقصة تشد ناظري كل من يقرأ تلك اللوحة الفنية بأسلوب سوريالي راقي … .
سمحت لذلك الشعر بأن يظهر من بين الحجاب اللوني الذي رسم حوله حياة جديدة ورقصات ( Tango ) مجنونة لتلك الفتاة النحيلة التي تعيش مع حركات إيقاعية حرة يمليها عليها ذلك الشاب الداكن البشرة والغريب في ارتدائه لإكسسواراته, ناسيا نفسه بين ذلك الجمهور الغفير الذي ينظر إلى تعبيرية الموقف بشغف اسباني رهيب, كمن ينتظر الاعتراف بجنسية اللحن ليتباهى بلغة الموسيقى التي تنطق بلسانه, ليحضر شاب وينشر سلامه على جميع من اكتظ حول اللوحة الفنية التي أبدع كل من ُصوّر فيها , ليتحد معهم بصوته الأجش الذي يعزف على أوتار السماء ويرفعك عاليا في كل مرة يقول بأغنيته ( canto alla vita ) ويجعل للحياة معنى آخر حينما يصمت وتظهر فتاة سوداء الشعر الذي كحل ثوبها الأزرق وهي ترد عليه بقولها ( I sing to life and all that bright and beauty ), وتنتهي باختفاء ذلك الشاب المغني بين عتمة الخشبة واختتامه لتلك اللوحة بإيقاع رهيب قام بارتجاله , ليجعل من ذلك المسرح حالة إبداعية من التصفيق الجماهيري الذي لا يمكنك عده على مد نظرك ….. .