نبقى معكم اليوم مع الأربعاء الأدبي الرابع في عالم نوح، واليوم نقدم لكم نتاج كل من أمجد عبدو في مجال القصة وهدى محمد في مجال الخاطرة وأغيد شيخو في مجال قصيدة النثر :

نبقى معكم اليوم مع الأربعاء الأدبي في عالم نوح، واليوم نقدم لكم نتاج كل من أمجد عبدو في مجال القصة وهدى محمد في مجال الخاطرة وأغيد شيخو في مجال قصيدة النثر :

لحظة جنونية

هدى محمد

كنت أعلم

أن الحياة لن تكون لي في يوما
والحب كذبة وهم يحكى بروايات
وفي كل أغنية اسمعها اكبر جريمة اعتبرت في هذا العالم
هو الحب
من قال الحياة تستحق أن نعيشها
من قال الشمس تشرق
من قال النجوم تحمل أمنيات وتعلق عليها أحلامك
من قال إنك ستعيش بروحي وتكون أنت كل حياتي
من قال
كذبة جعلتني أصدقها ماذا بعد
لم يعد هناك آمال وأحلام
ضاع كل شيء في لحظة جنونية كانت مني أو منك لا أعلم
من كان يحرق الجسد بأشواقه وأنفاسه
من كان يجعلوني أستيقظ على قبلاته
من كان يضمني في الليل كي أنام
كي لا أشعر بالبرد

من كان يجعلني أغفو وأفرش بعيني دفئ نظراته وحنانه
من كان يجعلوني أنام على موسيقى صوته وأنغام إحساسه
اليوم تفاجئني بأني لست هواك ولم أكن عشقك واشتياقك
من كانت تصارع أشواقك وتصارع غرائزها
في وحشة الليل وتناديك
لم يعد هناك حب اسمح لي أنا أقولها اليوم
إني أكرهك
لا أحبك
لم أعد أصدق أن هناك حياة
لأنك لم تقدّر إحساسي… خوفي وحبي لك
لماذا أنهيت حبنا بكلمة…. لماذا؟
أنت متعب ماذا أقول عن نفسي إذا…. ماذا؟
تهاجمني عواصف… براكين أنفاسك وحوش تفترسني كل ليلة
فأنام أمام تلك الوحوش مذلولة
مكسورة منهزمة
والأشواق كادت تحرق جسدي بأشواقك
من المتعب بيننا
من؟
لا تتكلم لا!
تقول أنك متعب
لا بل قل سئمت مني ومن جنوني وتريد أن تبتعد…
إذا ابتعد!
فأنا سأبتعد وأترك الحب لغيري
لا تصدق من قال هناك حب لا تصدق
وهماً…سراباً
أمالاً بعيدة المنال
لا تصدّق أن أعشق وقلبي ينبض بعد اليوم
سأرحل عن عالم الحب
وارتبطت كما كنت سابقاً في عالم الحزن والدموع فهي مدينتي…
الوداع يا قلب
لا تطالبني بحقك بعد اليوم
مات قلبي
وأصبح بقايا محترقة
هناك من أحيا قلبي بالوداع
يا قلبي يا روحي
لتنام في قبرك وتدع الليل يلبس ثوبه الأسود كما تعودت
الوداع يا أحبائي…الوداع

طارت عبلة التي كانت عبلة
وبقي الحمار حمار
اً

قصة قصيرة جداً

أمجد عبدو

 

المشهد الأول: وداعاً أيها الحمار الضاحك
غادَرَنا الحمار وهو يضحك, وعلى الرغم من أنه كان يضحك بصدق, إلا أنه بقي في خاطرنا حماراً.

المشهد الثاني: من السرير إلى السرير
دخلت عبلة غرفتها, وهي تبحث عن شيءٍ ما تحت السرير, وحين لم تجده هناك انتقلت إلى مكان آخر, ثم تابعت تنتقل من مكان إلى مكان بحثاً عن ذلك الشيء, ولم تشعر بنفسها إلا وهي خارج غرفتها تقلب المنزل بحثاً عنه دون أن تجد أي شيء, وبعد قليل أصبحت خارج بيتها وهي تبحث وتبحث, انتهت من شوارع حيها … إلى الحي المجاور … فإلى ساحات البلدة, دون أن تجد شيئاً, وأخيراً تعبت عبلة من البحث, وأقفلت راجعة إلى حيها, وبيتها, وغرفتها, لتجلس على سريرها وحيدة ومتعبة وحائرة, وسألت نفسها: عم كنت أبحث؟ لتجيب: رباه! لقد نسيت. فضحك منها الحمار!

المشهد الثالث: الكثير منها
مجمع الحمير ينعي حماراً مات للتو, لقد أخذته سفينة الموت بعيداً, ليغيب نهيقه إلى الأبد, عدد من الحمير لا يشبه أي عدد, وقفت بغباءٍ فوق رأس ذلك الحمار, وهي تنهق من شدة الحزن. حمارٌ واحدٌ منها فقط تساءل: وماذا يعني أن يموت حمار؟ ما دام يوجد الكثير! ثم ضحك ذلك الحمار.

المشهد قبل الأخير: حلمٌ واحتضار
عبلة تدخل إلى مجمع الحمير بدافع الفضول, وتأكل برسيماً وعليقاً, وتنام على كتف حمار, وتحلم حلماً جميلاً, فقد وجدت نفسها في الحلم بأنها غزالة تقفز حول الواحات, وتلعب مع الطيور والفراشات, وحين تعبت في الحلم, جلست إلى جانب شجرة خضراء لتنام, وما أن غفلت عيناها حتى نهق الحمار الذي اتكأت عليه, فاستيقظت من حلمها فزعة, لتجد نفسها ما تزال عبلة, فضحك منها الحمار!

المشهد الأخير: نهاية عبلة
عبلة روبنسون كروزو التقت حماراً على شاطئ جزيرة والدها المرحوم روبنسون, فاهتمت به وقربته منها, حتى أصبحا صديقين, فعلمته النطق, وعلمها هو النهيق, وحين نهقت عبلة … ضحك منها الحمار.

المشهد بعد الأخير: بعد النهاية بقليل
ماتت عبلة, ولم ينهق عليها أحد, لكن ضحك عليها الحمار!

بعد الزوال


أغيد شيخو

نرتوي من الذاكرة
حين يتصدع الشوق فينا
ينسل الماء جناحاً…
بين ضلعين في شرود تاها

أبقى حيث أبقى…
على ريشتي أنين
والأنامل أبواب تقفلنا
تستيقظ…لنغفو…

على الجنبين تتلو ميعاداً
لكني غريب…
انحدر إليها…
لتبكيني كما المطر
فأغسل الماء….وأخرج

مات فنجان القهوة…
على شقاء شفاهها
وبيتنا …
وشاح يمتطي أصواتنا…
أربع كؤوس سمان
يرتشفن الصمت
السقف تابوت يحوي ثلاثاً…
أوراقاً بلهاء…
وعطراً هالكاً كالليل..
وابتسامة…
منذ أن دثّرها الدخان…
أصبح للموت اسمان…
منذ أن بكت الحدائق صوتها…
لم نهجأ أسماءنا
لم نطأ أسرتنا…
لم نركع في كل أمسية…
لهديل يرش علينا الياسمين…
أمي تغرّد في الصباح
والكل سابح في صوتها…
كانت تحسبنا كسالى…
والحق معها…
لأننا في تلك الدقائق فقط…
كنا نجد الابتهال…