أعزاءنا، وكان لا بد لنا وقفة و نحن نلقي الضوء على الثقافة المغربية من إلقاء الضوء على الثقافة الأمازيغية بادئين بالأمازيغ و إشكالية الأصل للمحامي محمد عواد، ثم تقديم و من عدة مصادرعبر النت بعض ما يتعلق باللغة الأمازيغية و كتابتها عبر القرون الطويلة الموغلة في التاريخ.. آملين أن نحقق التواصل المنشود و التعريف بتراث مغاربي أفريقي نعتز به.

أعزاءنا، وكان لا بد لنا وقفة و نحن نلقي الضوء على الثقافة المغربية من إلقاء الضوء على الثقافة الأمازيغية بادئين بالأمازيغ و إشكالية الأصل للمحامي محمد عواد، ثم تقديم و من عدة مصادرعبر النت بعض ما يتعلق باللغة الأمازيغية و كتابتها عبر القرون الطويلة الموغلة في التاريخ.. آملين أن نحقق التواصل المنشود و التعريف بتراث مغاربي أفريقي نعتز به.

نوح حمامي

 

الأمازيغ وإشكالية الأصل واللغة والكتابة

الأمازيغ وإشكالية الأصل

     محمد العواد

لطالما تساءل البعض عن الأمازيغ وعن أصولهم وعلاقتهم بالعرب وسأحاول تقديم مقاربة لهذا الإشكال بنوع من الاختصار عبر لمحات أتمنى أن تلجم بعضا من التساؤلات الملحة.

وتبرز في مجال البحث حول الأصول التاريخية للأمازيغ اتجاهات عديدة وتتمثل فيما يلي

الأصل الأوربي

أولئك الذين تأثروا باتجاهات المدارس الغربية يرجعون أصل الأمازيغ من أوربا إذ ثمة معطيات لغوية وبشرية تشير إلى أن الإنسان الأمازيغي له صلة بالجنس الوندالي المنحدر من ألمانيا حاليا وسبق له أن استعمر شمال أفريقيا ويستند هذا الطرح إلى وجود تماثلات لغوية بين الأمازيغية ولغة الوندال الجرمانية من جهة وإلى التشابه الذي يوجد بين بعض ملامح بعض الأمازيغ خاصة سكان الأطلس كقبائل زيان والأوروبيين مثل لون العيون والشعر من جهة أخرى وذهب البعض إلى أنهم من نسل الغاليين (gaulois) أو الجرمان الذين أتوا مع الفيالق الرومانية أو الوندال وهو أمر لا يمكن التسليم به لكون هذا النمط من البربر عاش في تلك المناطق قبل الوجود الروماني.

الأصل المحلي

ويميل اتجاه آخر إلى بناء وجهة نظره على بعض الكشوفات الأركيولوجية والأنثربولوجية إذ يفترض أنه تم العثور على أول إنسان في التاريخ في بعض مناطق أفريقيا مثل كينيا وبتسوانا وبالتالي فالإنسان الأمازيغي لم يهاجر إلى شمال أفريقيا من منطقة ما ولكنه وجد فيها منذ البداية والإنسان الذي عثر عليه يترجح أن يكون من السكان القدامى وهذا ما أرجحه.

الأصل العربي

وذهب اتجاه آخر إلى ربط سكان هذه المنطقة بالمشرق وجزيرة العرب وقد نقض ابن خلدون ذلك و أرجع الأمازيغ إلى الكنعانين وليس إلى العرب حيث إنهم نزحوا من المشرق إلى شمال أفريقيا نتيجة لحروب أو تقلبات مناخية وغيرها.

يتوزع الناطقون باللغة الأمازيغية في المغرب على ثلاث مناطق جغرافية واسعة:

منطقة الريف الأوسط شمال المغرب ويقدر العدد الإجمالي لأمازيغ المغرب الناطقين بالريفية (تاريفيت) بحوالي 6 ملايين وتتميز هذه المنطقة بتنوعها الجغرافي.

مناطق سوس وهي مناطق واسعة متنوعة يغلب عليها المناخ الدافئ قرب البحر والحار في الداخل إضافة إلى جبال الأطلس والحوز والمناطق المتاخمة للصحراء كــ ورزازات إذ يعد الأمازيغ السكان الأصلين للمغرب وما زالو يشكلون نسبة كبرى في هذا البلد إلا أن تمركز السلطة في يد العرب أضعف تمثيليتهم عكس الماضي في عهد الموحدين والمرابطين الأمازيغ.

ويدين أغلبية الأمازيغ بالإسلام منذ عهود مضت فقد كانوا منافحين عن هذا الدين منذ اعتناقه.

محمد العواد

 

الأمازيغ وإشكالية اللغة والكتابة


الأمازيغية (Tamaziɣt /ⵜⴰⵎⴰⵣⵉⵖⵜ/ تامازيغت) هي إحدى اللغات الأفريقية الحية، ويتحدث بها الأمازيغ وهم سكان شمال أفريقيا، في 9 بلدان أمازيغية أفريقية وهي المغرب والجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا وشمال مالي وشمال النيجر وشمال بوركينا فاسو وأقصى غرب مصر. وهناك حوالي مليوني مهاجر أمازيغي ناطق بالأمازيغية في بلدان أوروبا وأميركا وكندا، خاصة فرنسا حيث يشكل الأمازيغ الجزائريون والمغاربة شريحة مهمة من المهاجرين وأيضا في هولندا وبلجيكا وألمانيا وإسبانيا حيث يشكل الأمازيغ المغاربة أحد الشرائح البارزة فيها. كما أن الأمازيغ الغوانش في جزر الكناري كانوا يتحدثون بالأمازيغية قبل أن يقضي الاستعمار الإسباني على اللغة الأمازيغية فيها. والغوانش على الرغم من كونهم قد أصبحوا إسبانيي اللغة إلا أنهم ما يزالون يرون أنفسهم أمازيغيين ويسعى الكثير منهم إلى إحياء ودعم اللغة الأمازيغية في جزر الكناري. من أشهر ملوك الامازيغ القدامى الذين تكلموا الأمازيغية: يوغرطة وشوشناق وماسينيسا ويوسف بن تاشفين

العائلة اللغوية

اللغة الأمازيغية هي لغة أفروآسيوية تحت فرع اللغات الحامية بجانب القبطية مثلا. ويذهب الباحث اللساني الدكتور محمد المدلاوي في مقال له حول مبادئ المقارنة اللغوية السامية الحامية منشور في العدد الأول من مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، بالمملكة المغربية، إلى إمكان اعتبار الأمازيغية متفرعة مباشرة من اللغات السامية، وأن بالإمكان الوصول إلى إعادة بناء اللغة السامية الأم انطلاقا من المقارنة بين اللغة العربية القديمة واللغة الأمازيغية، وقدم لذلك أمثلة عديدة، ومنهجية علمية دقيقة للتوصل إلى إعادة بناء الإرث المشترك بين اللغتين. غير أن بعض الباحثين كأحمد بوكوس يرون أن الأمازيغية ليست حامية ولا سامية وإنما لغة مستقلة بذاتها. ويرى الباحث المستمزغ الدانماركي كارل برسه أن الأمازيغية لغة متأثرة باللغات الأفريقية الآسيوية أي الحامو- سامية وأن الكلمات المشتركة بين اللغات الأفريقية الآسيوية هي ثلاثمائة كلمة، وهذا يعني أنه ليس هناك من علاقة جذرية بين الأمازيغية واللغات السامية. ويرى الباحث الليبي عبدالمنعم المحجوب في كتابه [ما قبل اللغة] أن الأمازيغية شأنها شأن بقية اللغات الأفروآسيوية تعود إلى أصل سومري مندثر، وأن المقاطع السومرية المفردة والمثناة توطّنت في جذور الكلمات الأفروآسيوية واصطبغت بسمات لفظية يتراوح الاختلاف بينها من مكان إلى آخر.

إذا كان الخلاف قائما حول العلاقة اللغوية بين اللغات السامية (كالعربية والعبرية والفينيقية) والأمازيغية، فإن التفاعل اللغوي بين العربية والأمازيغية يتضح بجلاء بعد دخول الإسلام، فبعض الأمازيغ تعربوا لغويا، وكثير من المهاجرين العرب تمزغوا. أما الأمازيغ غير المعربين فيستعملون بعض الكلمات عربية خصوصا في مجال الدين والعبادات إضافة إلى كلمات لاتينية في مجال التجارة والعمل. كما أن تأثير الأمازيغية في اللهجات العربية المغاربية واضح بجلاء صوتا وصرفا وتركيبا ودلالة، وذلك نتيجة قرون طويلة من التفاعل بين العربية البدوية والأمازيغية على ألسنة الساكنة المحلية عربية كانت أو أمازيغية. ويمكن اعتبار العربيات المغاربية نتاجا صرفا للثقافة الأمازيغية.

اللهجات الأمازيغية

تتفرع عن الأمازيغية في مجموع شمال أفريقيا 7 لهجات أو تنوعات أساسية، أما بقية اللهيجات فهي شبه متطابقة فيما بينها. وكل هذه اللهجات تتحد في القاعدة اللغوية المشتركة بينها ويمكن للناطق بأحد اللهجات الأمازيغية أن يتعلم اللهجة الأخرى في أيام إذا كان يتقن لهجته الأم كما يرى الباحث المستمزغ الفرنسي أندري باسيه. ولقد بدأ العمل على معيرة اللغة الأمازيغية حتى يصطلح الناطقون على لغة موحدة في إطار الاعتراف الرسمي باللغة الأمازيغية الذي يطالب به الأمازيغ في المغرب والجزائر ومالي والنيجر. وحصل الإعتراف بالأمازيغية جزئيا وبشكل متفاوت في هذه البلدان.
ولهجات السبع الكبرى هي حسب تعداد الناطقين بها:
• اللهجة الأمازيغية السوسية (المغرب)
• اللهجة الأمازيغية القبايلية (الجزائر)
• اللهجة الأمازيغية الأطلسية (المغرب)
• اللهجة الأمازيغية الريفية (المغرب)
• اللهجة الأمازيغية الشاوية (الجزائر)
• اللهجة الأمازيغية الطوارقية (الجزائر). (ليبيا), (مالي، النيجر، بوركينا فاسو)
• اللهجة النفوسية (ليبيا)

استعمال تيفيناغ عند الأمازيغ

لقد تعطلت الكتابة بأبجدية تيفيناغ في معظم شمال أفريقيا بعد أن اختار الأمازيغ طوعا أو كرها الخط اللاتيني، غير أن الأمازيغ المسمون بالطوارق حافظوا على هذه الكتابة.
تيفيناغ بالإضافة إلى أنه كتابة تدوين فهو أداة زينة وتجميل، فهو يظهر مزينا للزرابي الأمازيغية التي ذاع سيطها، كما أنه كتابة تزين حلي الأمازيغ إلى يومنا هذا عند الطوارق، وهو جزء من الأشكال الزخرفية للحناء كما يبدو في صفحة الإشهار للإذاعة المغربية أ.ت.م.، وحتى في الوشم عند الأمازيغ.

 

لوحة للفنان حميد بودير

تيفيناغ القديم هو كتابة صامتة شأنها شأن الفينيقية القديمة والعبرية والعربية، غير أن اختيار المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمغرب لهذا الخط جعله يحظى باهتمام العديد من الباحثين الناشطين في الحقل الأمازيغي، وذلك لتطويره وجعله قادرا على مسايرة العصر، وبالفعل فقد خرج المعهد بكتابة تيفيناغ عصرية حاول استيعاب مجمل الحروف التي تستعملها مختلف اللهجات، ولقد نال تيفيناغ اعتراف منظمة الأيسوا، ويبدو أن هذا المجهود كان على مستوى دولي، إذ ساهم فيه المغاربة والجزائريون والليبيون والماليون والكنديون.
• أمازيغⴰⵎⴰⵣⵉⵖ
• تامازغاⵜⴰⵎⴰⵣⵖⴰ
• نوميدياⵏⵓⵎⵉⴷⵢⴰ
إن الكتابة الأمازيغية تسعف الباحثين والدارسين، وذلك بواسطة نقوشها الراسخة على الكهوف والصخور والأحجار والمغارات الموجودة في الجبال والبوادي والمدن والصحاري، وكذلك عبر شواهدها المأتمية ، دون أن ننسى زخارف الزرابي، وظاهرة الوشم التزيينية ، وكل ذلك بغية التعرف على حضارة الأمازيغيين، وثقافتهم ، وطرائق حياتهم المعيشية، وسبل تأقلمهم مع الطبيعة التي تحيط بهم.

واللغة البربرية هي في الحقيقة لغة السكان الأصليين لشمال إفريقية (تونس والمغرب والجزائر وطرابلس والصحراء والجزر المتاخمة لها)
. وأهمها اللغة القبائلية Kabyle والتماشكيةTemachek ، وهي لغة قبائل التوارجTouareg ( الطوارق).

وأما الكوشيتية فهي لغة السكان الأصليين للقسم الشرقي من أفريقية، وبها يتكلم نحو ثلث سكان الحبشة. وهناك مناطق في الحبشة تتكلم بلغة سامية.”

ويشير شارل أندري جوليان في كتابه” تاريخ شمال أفريقيا” إلى دراسة قام بها وليام مارسي توصلت إلى أن ” نسبة الناطقين بالبربرية هي 23 % في ليبيا، و1% في تونس، و27% في مقاطعة وهران. وقد تجاوزت هذه النسبة 40% في المغرب الأقصى. لكن الأمر لا يعدو الفروق اللغوية. فليس هناك خطأ أعظم من الاعتقاد- كما فعله البعض في كثير من الأحيان- في أن التقسيم بين الناطقين بالعربية والناطقين بالبربرية يعكس تقابلا بين جنس عربي وجنس بربري. إن الأمر لا يدل إلا على أن اللهجات البربرية استقرت في جهات جبلية أصعب منالا على الغزاة، بينما استسلمت في جهات أخرى إلى لغة أكثر مسايرة للضرورات الاجتماعية.”

ويتحدث بالأمازيغية أكثر من 40 مليون نسمة
وتنتشر (بتنوعاتها المختلفة : ثاريفيت، تاشلحيت، تاقبايليت…) في 10 من البلدان الإفريقية أهمها:
– المغرب : حيث يشكل الناطقون باللغة الأمازيغية كلغة أم 39.9% من السكان البالغ مجموعهم 33.3 مليون نسمة.
– الجزائر: حيث يشكل الناطقون باللغة الأمازيغية كلغة أم 45.35% من السكان البالغ 32.9 مليون نسمة.
– ليبيا: حيث يشكل الناطقون باللغة الأمازيغية كلغة أم 0,5% من السكان البالغ مجموعهم 5.9 مليون نسمة.
وفي ليبيا يشكلون اقلية بالغة الصغر أما في البلدان التالية فتقل نسبة الناطقين بالأمازيغية كلغة أم عن 5% :
تونس، موريتانيا، مالي، النيجر و بوركينافاسو ومصر.
في أوروبا الغربية توجد جالية أمازيغية مغاربية كبيرة لا يقل تعدادها عن المليونين نسمة. وتتميز هذه الجالية بارتباطها القوي بوطنها ثامازغا (شمال أفريقيا) وبتمسكها بهويتها الأمازيغية.


هذا، وتنقسم اللغة الأمازيغية إلى لهجات عدة، وهي: تامازيغت، وتاريفت، وتاشلحيت بالمغرب، واللهجة القبائلية، واللهجة الشاوية، ولهجة بني مزاب، ولهجة بني صالح بالجزائر ، واللهجة الزوارية، واللهجة النفوسية، و اللهجة الغدامسية، ولهجة أوجلة، ولهجة سكنة بليبيا، واللهجة الطوارقية ببلاد الطوارق المحاذية للجزائر ومالي والنيجر، واللهجة السيوية في مصر. أما في تونس، فيمكن الحديث عن مجموعات ساقية ومجورة وسند وتامزرات وشنين ودويرات وجربة. وتوجد مجموعة ئزناگن أو زناكة في الحدود الموريطانية-السينيغالية.

مفهوم كلمة تيفيناغ:

تسمى كتابة الأمازيغيين بتيفيناغ أو تفنغTifinag أي خطنا أو كتابتنا أو اختراعنا، وقد وصلتنا هذه الكتابة مخطوطة، وذلك عبر مجموعة من النقوش والصخور وشواهد القبور منذ آلاف من السنين، ولدينا من ذلك أكثر من ألف نقش على الصفائح الحجرية ، بل يفوق 1300 نصا.

ومن ناحية أخرى، يذهب بعض الدارسين إلى أن تيفيناغ مشتقة من فنيق وفينيقيا. ويعني هذا أن اللغة الأمازيغية فرع من الأبجدية الفينيقية الكنعانية. وفي هذا يقول عبد الرحمن الجيلالي:” لقد أقبل البربر على اللغة الكنعانية الفينيقية، عندما وجدوا ما فيها من القرب من لغتهم وبسبب التواصل العرقي بينهم وبين الفينيقيين”.

ويذهب الدكتور عزالدين المناصرة إلى أن اللغة الأمازيغية وأبجديتها فينيقية الأصل، وكنعانية النشأة، وعربية الجذور والأصول:” اللغة الأمازيغية متعددة اللهجات، وهي قابلة للتطور إلى لغة راقية كالعربية، وكتابتها بالحروف الطوارقية (التيفيناغ) هو الأصل، فالمفرد المذكر هو كلمة (أفنيق) ، مما يوحي فورا بكلمة فينقيا، وهذا يدلل على الأرجح أن اللغة الأمازيغية كنعانية قرطاجية، ولم تكن الكنعانية القرطاجية الفينيقية لغة غزاة، لأن القرطاجيين الفينيقيين هم الموجة الثانية من الكنعانيين.

وبما أن أصل البربر الحقيقي هو أنهم كنعانيون فلسطينيون ولبنانيون على وجه التحديد، فإن السكان الأصليين للجزائر، البربر الأمازيغ، أي الموجة الأولى الكنعانية استقبلوا أشقاءهم الكنعانيين الفينيقيين ليس كغزاة، بل بصفتهم استكمالا للموجة الأولى. ومن الطبيعي بعد ذلك أنهم امتزجوا بالرومان والإغريق واللاتين. فالأصل أن تكتب الأمازيغية بحروف التيفيناغالتوارگية الكنعانية القرطاجية الفينيقية، وأصل هذه الحروف يعود إلى الكنعانية الفينيقية والعربية اليمنية الجعزية.”


خصائص الكتابة الأمازيغية القديمة:

الكتابة الأمازيغية بخط تيفيناغ:

يعود تاريخ الكتابة الأمازيغية (تيفيناغ) إلى فترات تاريخية بعيدة من الصعب تحديدها بدقة، وهناك من الباحثين من يرجعه إلى 3000قبل الميلاد، بل إلى 5000 قبل الميلاد : ” وقد كان يعتقد إلى وقت قريب أن تيفيناغ بمثابة كتابة فينيقية ظهرت في القرن الثاني قبل الميلاد بفضل ماسينيسا، غير أن الباحثة الجزائرية تمكنت من العثور على لوحات كتب عليها بالتيفناغ. والباحثة المعنية هنا هي مليكة حشيد، وهي مؤرخة وعالمة آثار أجرت فحوصات على تيفيناغالمعثور عليه، وتبين أنه يعود إلى ألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد، وهو ما جعل البعض يرجح أن يكون تيفيناغ هو أقدم الكتابات الصوتية التي عرفها الإنسان.

واللوحة الحاملة لحروف تيفيناغ هي أحد اللوحات المرافقة لعربات الحصان، وهذا النوع من العربات ظهر في العصر ما بين ألف سنة قبل الميلاد وألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد، الشيء الذي جعل غابرييل كامپس يرى بأن تيفيناغ لا يمكن أن يكون قد ظهر في وقت أقل قدما من ألف سنة قبل الميلاد.

وإذا كانت هناك عدة فرضيات حول أصل تيفيناغ ابتداء من الأصل الفينيقي إلى الأصل الأمازيغي المحلي، فإن الأبحاث لم تستقر بعد على حال، وهو ما يلخصه كل من غابرييل كامپس وكارل پرسه في أنه بالرغم من كل محاولات التصنيف، يبقى الإلمام بأصل تيفيناغ بعيد المنال.

ومن ثم، فإن تيفيناغ بمثابة كتابة قليلة الشهرة، ولكنها قديمة لدرجة تستحق الاهتمام ، باعتبار أن تيفيناغ البدائي يكاد يعود إلى ثلاثة ألاف سنة قبل الميلاد.

هذا، وقد استعمل خط تيفيناغ في الكتابة على شواهد القبور والمغارات والكهوف والصخور والنقوش والزرابي والحلي، وسك النقود ، ووشم الجسد ، واستخدم كذلك في التزيين والزخرفة، ووسم التذكارات التاريخية المنصوبة.

وإذا كان الخط الأمازيغي قد استعمل كثيرا في البوادي، والجبال (جبال الأطلس)، والمناطق الصحراوية (بلاد الطوارق)، فإنه لم يستعمل كثيرا في المدن؛ وذلك لهيمنة الغزاة من الرومان والوندال والبيزنطيين والفاتحين العرب على دواليبها ومرافقها ، وتجنيسها بلغة الفاتح المستعمر.
وقد تأثر خط تيفيناغ ومن ثم، فإن تيفيناغ بمثابة كتابة قليلة الشهرة، ولكنها قديمة لدرجة تستحق الاهتمام ، باعتبار أن تيفيناغ البدائي يكاد يعود إلى ثلاثة ألاف سنة قبل الميلاد.

وهكذا نجد بعض الجمعيات “القبائلية” تعيد إليه الحياة، وتبعثه من جديد ، وخاصة جمعية “أگراوإمازيغن”، التي تستعمل الآلة الكاتبة لكتابة تيفيناغ، وجمعية” وحدة الشعب الأمازيغي” .”

بيد أن انفتاح المغرب حكومة وقصرا وشعبا على الثقافة الأمازيغية، وذلك مع خطاب أكَدير سنة 2001م، سيعطي عبر الخطاب الملكي الرسمي دفعة جديدة للدرس الأمازيغي الحديث، وسيتم مباشرة بعد هذا الخطاب تدشين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والذي سيقر إداريا، وبشكل رسمي في جلساته ولقاءاته وندواته، خط تيفيناغ خطا رسميا للغة الأمازيغية، وذلك بعد جدل كبير بين أعضاء المجلس الإداري للمعهد، وخاصة بين الذين يدافعون عن الخط اللاتيني، والذين يناصرون خط اللغة العربية، والمنافحين عن خط تيفيناغ.

ومن المعروف أن الكتابة الأمازيغية عبارة عن حروف صامتة وغير صائتة، كانت في البداية تتكون من 16 حرفا صامتا Consonnes ، وصار بعد ذلك 23 حرفا في عهد المملكة المازيلية النوميدية. وستضاف إليها بعض الحروف الصائتة voyelles ، وذلك مع الفتح العربي لشمال أفريقيا، وتسمى :” تيدباكين”، وهذه الصوائت هي: الفتحة والضمة والكسرة. وتسمى الأبجدية الأمازيغية “أگامك” ،لتصبح تيفيناغ اليوم عبارة عن 33 حرفا ، منها 29 حرفا صامتا و4 صوائت.

وقد ترك لنا الأمازيغيون في شمال أفريقيا أكثر من ألف نقش على الصخور والكهوف والشواهد، و” تركوا عددا من النقوش التذكارية في تونس والجزائر خاصة، فيها ماهو مصحوب بترجمته اللاتينية أو الفينيقية؛ وقد قام الباحث جورج مارسي George Marcy بمحاولة جادة من أجل شرحها. لكن معظم النقوش الأمازيغية القديمة لا تزال تنتظر اختصاصيين يشترط فيهم أن يتقنوا الأمازيغية أولا، ثم إحدى اللغات الميتة الآتية: الفينيقية أو اليونانية أو اللاتينية.”

هذا، و قد ظهرت كتابة تيفيناغ إبان عصر الجمل، فمن المعروف أن الإنسان الأمازيغي في أنشطته عرف عدة مراحل وعصور، كعصر الصيادين من5000 إلى 3500قبل الميلاد، وعصر الرعاة الذي ساد من 3500ق.م إلى 1000ق.م، وعصر الحصان الذي ساد في الألف الأخيرة ق.م، وعصر الجمال الذي ظهرت بوادره خلال المائة سنة التي سبقت التاريخ الميلادي. أما عصر الجمل” ذي السنام الواحد طبعا، فيظهر فيها هذا الحيوان من خلال رسوم أقل جودة وإتقانا من الناحية الفنية مما عرف في الفترات السابقة كعصر الصيادين وعصر الرعاة. ويسمى هذا العصر أيضا بفترة التيفيناغ؛ بسبب وجود هذه الكتابة منقوشة على الصخور؛ إلى جانب الصور المنقوشة والمرسومة . ويبدو أن هذا العصر استمر طويلا؛ بحيث يمكن دمج الفترة الإسلامية ضمنه؛ لأن بعض النقوش أخذت تظهر الحروف العربية إلى جانب حروف التيفيناغ.”

الكتابة الأمازيغية بالخط العربي:

كتبت الأمازيغية بالحرف العربي ابتداء من القرن الثاني عشر والثالث عشر ، وذلك مع ابن تومرت الذي ترجم كتاب “العقيدة” إلى اللغة الأمازيغية بواسطة الخط العربي. بيد أنه في القرن الثامن عشر الميلادي، ستنتشر الكتابات الأمازيغية المكتوبة بالخط العربي، وبالضبط في منطقة سوس،

وقد ساهمت ” الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي” في إصدار مجموعة من المنشورات معتمدة في ذلك الخط العربي، مع استخدام طريقة “أراتن” في الكتابة. وحذت مجموعة من الجمعيات الأمازيغية حذو هذه الجمعية في تبني الخط العربي، كجمعية الانطلاقة الثقافية بالناظور التي أصدرت مطبوعا شعريا مكتوبا بالخط العربي.

ومن الصعوبات التي تطرحها كتابة الأمازيغية عبر الخط العربي نلفي: مشكل كتابة الهمزة، وكتابة الحروف المشكولة، ونرى أن طريقة “أراتن” أفضل في كتابة الأمازيغية باللغة العربية.

فإليكم – إذاً- بعض الأمثلة الأمازيغية المكتوبة بطريقة” أراتن”:
إزران ءيزران (الأشعار)
يموثياموث (مات)
أمزكونءامزگون(المسرح)
أرنو ءورينو( قلبي)

الكتابة الأمازيغية بالخط اللاتيني:
اعتمد الكثير من الدارسين والباحثين المتمكنين من اللغة الفرنسية على الخط اللاتيني في كتابة المنتوج الأمازيغي، كما نجد ذلك واضحا لدى الكثير من الجمعيات الأمازيغية في الجزائر والمغرب. بيد أن الخط اللاتيني الذي استعمل في إصدار مجموعة من الصحف والمجلات كجريدة “أگراو” ، و”تاسافوت”، و” تويزا”، ومجلة “تيفيناغ “لأوزي أحرضان… أدخلت عليه تغييرات كبيرة على مستوى الكتابة لتلائم النطق الأمازيغي، فأصبح هذا الخط اللاتيني مشوها ، وذلك بكثرة النقط والرموز الأيقونية فوق رأس الحرف وأسفله؛ مما جعله خطا صعبا للقراءة إذا لم يرافقه جدول لساني صوتي يذلل قراءة الأحرف ، كما لاحظنا ذلك أثناء تعاملنا مع مجموعة من الدواوين الشعرية الأمازيغية الريفية سواء التي أصدرتها جمعية “إيزوران /الجذور” كديوان ميمون الوليد، وديوان محمد والشيخ،وديوان محمد شاشا، أم الصادرة بالمغرب كديوان فاظمةالورياشي، وديوان أحمد الزياني، ودواوين رشيدة مايسة المراقي، وديوان سعيد الفراد…


خصائص الكتابة الأمازيغية الحديثة:

تتكون الكتابة الأمازيغية (تيفيناغ) التي أقرها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمغرب IRCAM ، وذلك بعد أن اعترفت به عالميا المنظمة الدولية الأيسواISO-UNICODE في 25 يونيو 2004م من 33 حرفا، منها 29 من الصوامت و4 من الصوائت. وتتشكل الصوائت من أربعة حركات ، وهي: صائت الفتحة- a – (ءاوال،ءامان/الماء)، وصائت المد المضموم u- – (ءور/القلب، ءودم/الوجه)، وصائت السكون e- – (حركة شيا) التي تستعمل عند تكرار الحروف الساكنة(بد/ قف ، مّي /ابني،ءاسرزم/النافذة) ، وصائت الكسرة -i-(ءيراف/الخنزير).
ومن المعروف أن الكتابة الأمازيغية كما أقرها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تبتدئ من اليسار إلى اليمين ، وذلك على غرار الكتابة اللاتينية .

ويلاحظ أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عندما حاول معيرة اللغة الأمازيغية، وتوحيد تدريسها ديداكتيكيا وبيداغوجيا، استبعد من أبجديته بعض الحروف الأمازيغية الموجودة في اللغة الريفية كالثاء، مثل: (ثرايثماس/اسم امرأة)، وحرف الذال مثل:(ءابريذ/الطريق)، وحرف الپاءP الشفوي الهامس الذي يعد حرفا دخيلا، ويعتبر كذلك وحدة مميزة في أمازيغية الريف.
خاتمة:
تلكم – إذاً- نظرة موجزة عن مسار الكتابة الأمازيغية وتاريخها الطويل، بيد أن هذه الكتابة تستوجب من وزارة التربية الوطنية المغربية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تعليمها للمواطنين المغاربة بصفة عامة والأمازيغيين بصفة خاصة،

أضف إلى ذلك، فإن هذه الكتابة لا يمكن لها أن تفرض نفسها إلا عن طريق تحقيق تراكم ثقافي في مجال الإنتاج والإبداع، واستعمالها في توسيم الاختراعات التقنية والعلمية ، وتشغيلها في إصدار المعاجم التقنية والقواميس الخاصة. ولابد أيضا من نشاط جمعوي مكثف لتحفيز الأمازيغيين لاستخدام خط تيفيناغ في أغراضهم ، وقضاء حوائجهم، والتعريف به على غرار ” قافلة تيفيناغ” ، وضرورة انفتاح المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على جميع الفاعلين الأمازيغيين بدون استثناء أو إقصاء، وذلك لإثراء الكتابة الأمازيغية ، وتطويرها، وإغنائها ، وتشجيع إبداعاتها، وإلا ستقبر الأمازيغية وكتابتها في المستقبل.