بهذه الكلمات الرقيقة قدم الأديب محمد داية الأمسية الأدبية التي أحياها كل من الأديبين حسام الدين خلاصي و محمود عادل بادنجكي: الإبداع موهبة من الله تعالى، وإن بذلَ الجُهدِ والعطاء المستمر يجعلكَ آخرَ المطافِ تحصدُ الصدارةَ والتميّز ولا يكون ذلك إلا باستغلالِ الوقتِ بشكل جيّد وصحيح،

مساء الخير أيها السيدات والسادة، أسعد الله أوقاتكم بكل خير ومحبة


المقدمة:


الإبداع موهبة من الله تعالى، وإن بذلَ الجُهدِ والعطاء المستمر يجعلكَ آخرَ المطافِ تحصدُ الصدارةَ والتميّز ولا يكون ذلك إلا باستغلالِ الوقتِ بشكل جيّد وصحيح.
(محمد داية)


أيها السيّدات والسادة:

بسم الجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون، وبسم مديرية الثقافة بحلب أرحب بكم أجمل ترحيب وأبدأ معكم رابع أماسينا الأدبية وهي من ضمن برنامجنا الثقافي لعام 2011 والذي يقام برعاية كريمة وتعاون مثمر مع مديرية الثقافة بحلب.


وقفتنا الأولى: ستكون مع القصة القصة والقصة القصيرة جداً، يصاحبنا فيها أديب متخصص في هذا اللون الأدبي الرفيع، يحمل بكالوريوس اقتصاد من جامعة حلب، مؤسس ورئيس جمعية من أجل حلب، وعضو مجلس إدارة تنظيم الأسرة، والجمعية الوطنية للتنمية البيئية، ينشر أعماله في الصحف والمجلات المحلية والمواقع الألكترونية. نال تكريم الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين، وتكريم هيئة دعم المقاومة الاسلامية.


أيها السيّدات والسادة؛ أرجو أن ترحبوا معي بالأديب القاص الأستاذ محمود بادنجكي.


محطتنا الثانية ستكون مع الشعر بصحبة ضيف حاصل على الدكتوراه في الهندسة الزراعية، عضو مجلس إدارة الجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون (المسؤول الثقافي) وعضو مجلس إدارة جمعية (من أجل حلب) ومدير منتدى أروقة الجنون الثقافية والصالون المغاربي لقصيدة النثر. أيها السيّدات والسادة، رحبوا معي بالدكتور الأديب الشاعر (حسام الدين خلاصي)


(1) بوحٌ إلى محمد البوعزيزي ( سيد النار )  

 

أفلا تخجلي يا قصيدة ُ
أفلا تخجلي وأنت تفردينَ شراعك ِ للبحر
وهناك … هناك َ أبحرَ من قبلك ِ سيد الشعر والنار
كفكفي دمعك ِ يا حروف ُ فمنه ُ أضرمت نار الشمس
ِ …. هو سيد النار

أفلا تخجلي يا قصيدة برثائك ِ
فأنا أشعر ُبالخجل ِ ِ
لأني استعمل ُ النار َ
للطهي
للقلي
لإشعال السيكارة

أنا ما عرفت ُ معنى للحبِّ قبله ُ
أنا ما التقيت ُ بنزقِ ِ الثوار من قبله
غيفارا … عروة بن الورد ….هبوا من مرقدكم
اصحوا … تنادوا لاجتماع الثوار
ها قد أتاكم البوعزيزي
كياسمينة بيضاء َ تهادى في جنتكم
وأنا هنا سأكتفي بقصيدة
يا جبل الزيتون الأخضر يا محمد
يا نور الزيت في مشكاته يا محمد
يا سيد َ النار
يا سيد المنتفضين َ على الطغيان ِ
ها …… زغاريد الصبايا تموج ُ وترسمُ لك َ العرس َ
ها…… ضحكات ُ الأطفال ِ في المدارس تبزغ ُ لك َ
فيا نار كوني برداً وسلاماً
وكانت لك َ برداً وكانت ْ لك َ سلاماً

فاخجلي يا قصيدتي ولا تتمادي
فبطل ُ الرواية ِ اسطورة ٌ ما عَهَدتـِها بين نثرك ِ أو شعرك ِ

وسامحني يا سيد النار إنْ أنا لم ألحق بك َ
فالنار للنبوة ِ
النار للنبوة ِ
برداً وسلاما


(2) من عربي منزوع السلاح إلى السودان

المطلع ْ ( سجعْ )
قال سايكس لبيكو يا سادة يالئامْ
قال سايكس لبيكو ياسادة يا نيام ْ
قال سايكس لبيكو يا سادة يا …… الحرامْ
نحن عدنا كما لو أنا ما رحلنا
عدنا بسكين ٍ و بخاذوق ٍ من بلاد ِ سام ْ
فرحـِبوا بنا أجمل َ ترحيب ٍ وغطوا في النوم … وأطيلوا المنام ْ

المدخل ( وجع ْ )
وهل ينفع ُ الشعر ُ في رقبة ٍ لامسها حد السيف ِ
وهل ينفع ُ الشعر ُ في ضمير مستتر ِ
أبكاني قلة ُ البكاء ِ والنحيب ِ
قد ْ كنا نتقنه ُ وجعاً … وتضرعاً
ستون عاماً ينتف ُ في ريشنا يا عرب ُ
واليوم تسلخ ُ جلودنا
فلا حال ٌ ولا حولٌ ….. أدرنا ظهرنا للسياط ِ
فتقسم الكعكة ُ من جديد ٍ
وتهز ُ فيفي عبدو خصرها
وزيتونة من تونس ٍ تتألم ُ لفقرها
وعبد القادر الربما جزائري ينتحب ُ
وأرزة ُ لبنان صارت صبارة ً

المنتهى ( قسمة )
سودان ُ إن قسمت َ
ستصير البشرة السمراء ُ أبيض من ثلوج ُ ألاسكا
ويصير النيل أمازوناً
والنمر الأفريقي …. قطة ً
سودان ُ ما عرفتك َ اليوم
أ لأني لم أعرفك َ البارحة

ما أجمل العظام الهشة َ …. فلا تكسر …..تطحن لتصير حليباً …
هذا أسهل

سودان ُ إني أبكي حرقة ً
إني صبغتُ جلدي أسمراً
تلونت ُ زنجياً وقرعت ُ طبلاً
فوجدتُ أن غشاء َ الطبلة ِ قد ثقبا
سودان ُ لا تلمني لأني عشت النكستين
سودانُ لا تسل عني ……فأنا معصوب العينين
سودان ُ إني لا أستحقك َ
قد قسموك رغماً عن أنفي وفمي ويدي وأولادي …. قطعتين

أيها الزمن تتلو علينا تكاتكِ عبر مـُتـَكـْتِـكَة ٍ

تكات ُ الساعة ِ, اليوم ستزداد حلاوةً لنرقص , لنقفز و نبتسمْ ، ولنحملْ جرح العام ِ المنصرم ِعلى ظهرنا ، ونتعمقْ في الجرح ِ فلا نشاهده من الخارج .
أحضنُ حبيبتي بتوهج ٍ أخبرها أني أحبها وأني سأكون معها الأصدقَ في العام التالي ، وأني لن أبارحَها مثل بذرة الدراق سألتصق بها وإن سقطتُ سأنبت ُ كدراقة ٍ جديدة ْ.
أوزع ُ ابتساماتي على الحضور فرحاً ، غير أني أدرك ُ أن غداً سيكون يوماً أقل من عادي … بل فيه علة النقص من عمري .
أرقص كالقرد المحبط الذاهب لمعدة أحد الأسيويين ، الذين يفضلون دماغ القرد ليلة رأس السنة ، غير أنهم يحتفلون به بعدنا .
آكل مثل غراب ٍ ، وأعلم أني سآكل كل شيء ففاتورة المطعم دفعتها مسبقاً ، ولعقت الصحن وأنا اعتمر قبعة رأس السنة الكرتونية والتي أحسست نفسي من خلالها ملكاً كرتونيا ً ( يتشتش ) تحت المطر .
ينفض ُ الحفل ُ ينتهي المطرب ُ من وصلته النشاز ، فأجد نفسي مثقوب َ غشاء الطبلة ِ فأنا إذاً لم أعدْ أنتمي لبرج العذراء .
ألتف ُ تحت معطفي وشالي وأودع الشلة على أمل اللقاء في العام التالي أو خلاله ُ ، أرتجف ُ من البرد ِ وينهمر المطر ُ كسيل ٍ … أمشي وأمشي لأني لا أملك ُ مثلهم ثمن سيارة أو حتى أجرة التكسي …. وعند سماعي لآذان الفجر … ولجت ُ المسجد علِّي أستمتع ُ ببعض الدفء ريثما ينبلج ُ الصباح وتُسير ُ الباصات الرخيصة .

رسالة من شعر ونثر لحبيبتي
تخيلي أني تلاشيت , وأني أعدت ُ تكويني لأصير وشاحاً حريرياً ، لتعبري كنسمة ٍ في السوق العتيقة فتشتريني ، لتلفيني حول جيدك المرمري فلا يفارق ملمس الحرير الحرير .
تخيلي أنك قلعة ٌ على رأس جبل ، حِجارك من أسماك ٍ نسيها البحر يوم غمر الجبال وأني صياد أرمي شباكي متسلقاً لأصل جنة عدن ٍ التي تسكنين .
تخيلوا أنكم تقرؤون حروفي هذه وأنتم برفقة وردة حمراء ، تسيرون باتجاه من تحبون ، تبثون الوردة من أنفاسكم رائحة العشق ليختلط مع فيض عبقها .
تخيلوا أنكم توقفتم عن التخيل لحظة رؤيتها لأنها أصبحت حقيقة ، و نسيتم كل مفردات الشوق لحظة التماس حنان يديها وبعد ابتسامتها …… أو ليس هكذا يبدو الحب

منتشياً مثل أمير مدلل ٍ من حكايا الحب أنبثق ُ
مرتقياً نحو الغيم تهفو نفسي إلى العشق وأهله
وأنت ِ سيدة ُ النساء ِ……أهل ٌ للعشق ِ
مثلَ مسطرتي في الصف الأول … تسيرين كالضوء
وكما انحناءةِ الدرب في آخر منعطف قبل ضيعتنا ….. تلفين خصرك بالشال
مثل حبل الغسيل تحملين رطوبة قمصاني ووجداني
ومثل دراقة حطت للتو على العشب تنامين على صدري
إني أحبك وبتصريح من الماء والخبز والزعتر
أعلن أني ما عشقت امرأة مثلما عشقتك ِ

أنا لا أجد في وصفك ِ حرجاً
فأنت ِ ترنيمة ُ ملحن ٍ يحنو على وتر ْ
أنت ِ نبعة ٌ من ريش وسكر ْ
وأنا من يشرب ُ من خمرك ِ ولا يصحو ولا يسكر ْ
إني أحبك بتصريح رسمي من رجولتي
وأعلن توبتي عن كل نساء ِ الأرض
أعلن ُ توبتي عن الخمر والنهي والأمر
مطيعاً لأوامر العينين ولتلويحة الكف ِ
سأمضي وراءك مسحوراً
ما أجملَ حرق المراحل ِ… وما أروع الشهب التي تسقط بين ذراعيك ِ
تخطرين كغيم البحر فيتوق الجسد للظل ِ
وتـَمُرينَ كانسياب الفكرة في رأس الشاعر ِ فيصفق ُ الحاضرون لروعة الشعرِ
ولأني مقصر ٌ في الوصف
أنحني أمام عرش الجمال وأنثني مثل مطوية ملكية
مطوية أبث ُ فيها شوق الحكاية للنهاية

هاأنا مقبلٌ إليك ِ أتعثر بالرمل ِ حبة ً حبة
فتخيلي أنك ِ تلاشيت ِ وصرت ِ عطري المفضل
أنثرك ِ فوق َ شراشفي وفي خزانتي
أتنشقك ِ صباحا ًومساء
تخيلي أنك ِأرجوحتي التي أركن إليها
تخيلي أنك ِ كلُّ الخيال
لتدركي كم أنا أحبك ِ

خوف ٌ مسجل خوفٌ من خوف ٍ على خوف ٍ يشعرني بالقهر ِ
عتب ٌ على عتب ٍ من عتب ٍ يأكلني كل َّ ليلة ْ
فيا دموعي التي انهمرت ْ مطراً من غيمة ْ
تقهقري برهة ً إلى البحر ِ وارجعي موجة ً تحملني إلى أصلي وفصلي
لعلي أدرك ُ وسيلة ً مستقلة ْ
هاهو العمر ُ يمضي ويمضي ولا يؤطر ُ لوحاتي
ولا الريح ُ تلقح ُ البنفسج َ
والشوك ُ يغزو مطالع َ الدروبِ
أمن َ الزمن ِ مفر ٌ ؟؟؟؟
وأنا الكرارُ لا أبالي
كررتُ …. فعلى نفسي
قد علمتني براقشُ منذ حين ٍ….. لكني قاطعت ُ التأني

فيا أبيض َ الحبر ِ
انسج على السواد بهاءَ ضيعتنا
وامسح َ بكف الريشة ِ رأسي
علي أنجب ُ أفكاراً غير مقيصرة ٍ
واجعلني لا أقطع ُ الحبل َ السري َّ لأنه بلون الدم ِ
لأحضن َ فكرة ً مفادها :
……………………. !!!!!!!!
أو
……………………. ؟؟؟؟؟؟؟؟
أو
إني أخجلُ من الزمن ِ

مهزلة دنا اقترابي من اقترابي
وأقصى ابتعادي ابتعادي
فهلموا لتروا آخر منظر ْ

عدتُ نفسي
وبنفسي قبـِلت ُ هدوءَ جرحي وقلة النزف ِ
ومسحتُ بصورتك ِ وِجهة َ صلاتي
ورغم أن الماءَ تطهرْ
بقي دميَ أحمر ْ
فكم صبغَ الماءُ احمرار دمي ولم يفلح ْ

فلا ترحم قلة َ حيلتي
واسكب خمراً على أمر ٍ
وانثره يأتيك بالبيان

تجول فيَّ
واغتنم خمساً قبل َ خمس ِ

آخرها أني آمنت ُ بالقضاء ِ
وأولها انكسارُ قلب ٍ ما عاد يقتلني
ولا عاد َ طفو الرغوة في الفنجان يسحرني
وثانيها أني غزوت ُ فغزيت ُ شيباً
وثالثها وجلٌ أحمق ٌ من استيقاظي
ورابعها وطنٌ معلق ٌ بربطة ِ عنقي كحبل ِ مشنقة
هيا اغتنم …. هيا اغتنم

فيا ابتعادي ويا اقترابي
العشق ُ صارَ يتيماً مثل برقوقة ٍ مهشمة
والوترُ ما عاد يشجيني
ورحابة ُ الزرقة ِ اكتظتْ بالسؤالْ
واصفرار أخضرنا قتل َ المحال ْ
هيا افرحا بالأمر ِ

ليس طويلاً تعود ُ الرغبة ُ في التكتل ِ
وسأمتطي جواد َ رغبتي
وأستيقظُ من انكسار سبقه ُ انكسار ْ
ليس بعيداً سأشدو نوتةً ً تتألق ُ في مهرجان ْ
وسأنسى أنني كنت ُ كتاباً مفتوحاً
وأنسى أنني كنتُ إنسانْ

كائناً من كنت َ كن ْ اصرخْ
عـَبِّرْ عن خضم ِ علاقتنا
عن تراجع ِ الموج ِ
في بيتنا
في شارعنا
في كل ما يعترينا
ولا تقذفْ خلف َ ظهرك َ اتساعَ حدقتي نحو الدهشة
كن ْ رئيس َ دولة العنفوان ِ واسمحْ لجنودك َ باعتقالي
هي لحظة ٌ نقترف ُ فيها الصراحة َ
فلا تقل ْ أنك َ لا تبالي

كنا بالغين ِ راشدين ِ مضينا نحبو للحب
وامتصصنا كل َّ ساعات ِ الغضبْ
في ذاك المقهى لحظة شتاء
يوم تلاقينا… رسمنا الشهد َ بأقلام ٍ من عسل ْ
وتعلقنا بشجرةِ لبلاب ٍ
وصعدنا و صعدنا ….. نحو السماء ِ
وجلسنا فوق غيمة ٍ مرت ْ من تحتها كل الشهب ْ
وكم حرضنا الغيمة َ أن تهطل َ في بلاد ٍ يحاربها الجدب ْ
كنا انفعالات ٍ صادقة
وترانيم كنيسة أقدم من دم ِ المسيح
كان وجهي يشبه وجهك َ
ولحظة تلاقينا يشتعل ُ الحيُّ بالألعاب النارية
وتصبحُ أمي عند َ أمك َ وتمسي تلك َ عندها
كنا التصاقاً
كنا نغني ونرقص ُ على أي صوت ٍ
كانت النوتات الموسيقية تهزج لنا
كنا حباً
كنا
كنا

واليوم تأتيني باردَ الوجه ِ
وكأنَ شيئاً لم يكنْ

كائناً من كنت َ كن ْ
فقط أخبرني باستنفار ٍ واحد ْ
أننا انتهينا
ولا تمضي كزائر في مشفى أتى لأداء ِ الواجب ْ
ابق قربي
هدهدني
قبلني …. آخر قبلة
وقل نعم …. كنا
ثم ارحل ْ

مثلي لا يذاع ُ له سر لا يخرج ُ الشعرُ إلا …. من فوهات ِ زجاجاتي الكثيراتْ
فأراهُ ثملاً مترنحاً حراً

أسامر روحي بكأس ٍ من شراب ْ
وأغفو وأصحو في مدن العذابْ
كما الليلُ يأتي خلسة ً … أندس ُ تحتَ عري الثياب ْ
يطوف ُ الخيالُ حولي عنوة ً
ولا يسكرني إلا الغياب ْ
هي حالُ المعنى بالهوى
فلا سكرُ يوم ٍ يردُ الجواب ْ

بداية جديدة ………………………………………………………..

يا عروة ُ بن الورد ….. تصعلك ْ
إني أدنو إلى قربكَ فتصعلك ثانية ً
وعلمني كيف تبدو المسألة
وتلون بلون ِ جسدي واسكنِّي كي أجادلكْ
ويا نزارُ السلوكِ والمظهر
علمني من النثر ِ برهة ً
أنقض ُ فيها على شالها … فأنسـِلُ خيوطه ليطير
ولتصاب هي بلوثة الحرية

توقف في ردهة المنزل يا صديقي
توقف واحترم مطلع َ قصيدتي
فأنا سأخاطب نيرودا وهوميروس وشوقي
أنا سأعدُ لك َ عشاءً من زيتٍ و زعترْ
لا تغادر قبل اكتمال ِ النص ِ

هكذا يبدو سكري وخمري والشعر عندي لحظة فارقتني
والوطن ُ عندي يوم اقتلعتني الأرصفة ورمتني للمنزل ِ
تمهل واستمع بناء النص
وسأحذف ُ لك َ السرد َ من النص ِ
وسأجمع ُ لك َ انزياحات ِ اللغة ِ
لكن لا تغادر ولا تستعجل نهايتي

قصيدتي اليوم ستبدو مختلفة
إني أحاول … ترفق بي بل بالنص ِ
هأنا سأكمل ْ

تلوني بألف ِ لون ٍ فأنا أحبك ِ
وكما الشاعرُ لا يذاعُ له سر ُ
اعذريني … لأني تخلفتُ عن المسيرة
فزجاجاتي كثيرة
وأحلامي بقيس وليلى لم تعد تنفعني
فلا تترددي في اجتياح آخر لبيروت العاصمة
فأنا سكنت ُ هناك َ ولم أعد أقوى على الرجوع
أعدني نزارٌ إليها
وزياد الرحباني يتوسط لي عندك َ
……..
عد صديقي ولا تقفل ِ الباب َ
سأكمل لك َ القصيدة
أحبَّها وسينتهي أمري …
أحبها وأعود ُ على خمري …
وأما أنت فسخطاً لك َ
سأطبق ُ البابَ بطرف ِ حذائي
وأترك ُ الحذاء خارج المنزل ْ

زوجة رجل يساري تحكي للمساءِ أهدي أحرفاً جمعتها باقة ً لتبدو حكاية
للمساءِ أتضاءل ُ كزغبٍ فوق َ سفرجلة ٍ لا تشبهُ الكرةَ الأرضية
فاسمع ْ حكايتي بتعطشُ الجملِ المسافرِ في الصحراء ِ
وانتبه لكلماتي التي تاهت ْ لسنين َ مثل نيزكْ

حكايتي أني اعتبرتكَ ملهماً ومصدرَ ابتسامة
كنتُ أصحو كلَّ يوم ٍ على بريقِ عينيكَ
و أغفو على شعر ِ صدركَ الملتفِ كمنعطف

حكايتي أني وثقتُ بكَ كحبل ٍ سري لا تنفكُ جدائلهُ
فعهدتُ إليك َ بأسراري …
وبزيت ِ قنديلي لتشعلني كلما عدتَ في المساء ْ

كنت َ لي مصدراً لليسار ِ
فخرجتُ عن المألوف ِ
وتعطرتُ بصنوبر حارتنا … وتزينتُ بصدفاتٍ من البحرِ
علمتـَني أن الحياةَ ملهاةٌ
وأن العمرَ نمتطيهِ كيفما شئنا كحصان ٍ بلا سرج ٍ ….
كنت َ تسكرني
فرأيت ُ من خلال أشعارك َ القمر
وعرفتُ في رواياتك ِ حرية َ الأنثى
كنتَ تشدني إليك َ بجنزير ٍ من الحب ِ فلا أبارحك َ

أقفلت ُ بابَ حارتي ومضيت ُ حافية ً وراءك َ
وراء َ شَعرك َ الأشعث
أهذي حباً
ألتهب ُ ثورة ً أردد شعاراتك َ
وتلاحقني فلول ٌ من العسكر … قبل أن ألصقَ منشوراتك
أمنت بالثوار …. من كوبا إلى كوبا
وتمنيت لو أن لي لحية غيفارا
صار لعيوني نظارة وأنا أقرأ نظريات ٍ في التغيير
كنت َ شاعري وقلبي وتنفسي
كنتَ العالم َ بأسره

واليوم تـَدَوَرَ كرشك َ
وغارتْ عيناكَ إلى كهف ٍ في جمجمةْ
تبلدت أطراف ُ أصابعك ِ
وقلم ُ الرصاصِ لم يعد يستهويك َ ولا الورق
قصصتَ شَعرك َ مثل رشدي أباظة
ولمعتَ حذائك َ كالمرآة
وصرختَ في الأولاد ِأن ْ اذهبوا للنوم …. ثم َ رششتَ عطركَ المفضل ْ
وتركتني في المطبخ ِ دون َ قبلة ٍ …
مثل أقحوانة ٍ ذابلة ٍ في كأس ماءٍ عكرْ

إطباق ُ الباب آخر كلماتك
ووحدها صورتك َ على الجدار يوم َ كنتَ أشعثَ الشعر ِ
أخبرتني
أنها انتهت ْ الحكاية
ولم يتبق لي إلا قليلا ً من الثورة في الطنجرة لعشاء الأولاد

هل أنت معها أم ضدها
أنا في داخل البيت ِ
ورائحة ُ كفك َ تداعب أنفي
أنسل ُ إلى قدري
وقدوري أستعجل ُ النار َ تحتها
فيرقص ُ اللهبُ فرِِحاً يحرقني … يذوبني كشمعة ٍ

أرى صورتهُ على الجدار ِ
فأرجع ُ رأسي للخلف ِ وأستند ُ على خيال ِصورتك َ

تفرمُ السكين خضاري ومشاعري
أملح ُ الوجبة َ من دمع ٍ على ألم ٍ
ومن بهارات ِ شالكَ الهندي … بضع ُ نثرات ٍ
وأخلط من لحمي في طعامه ِ علهُ لا يبقيني

أرى ثيابَ نومهِ فوقَ كرسيه مرمية ً
وأنا للنوم ُ
لدسِّ رأسي بين َ راحتيك َ أتوقُ
ألمحُ غليونهَ ومنفضتهُ غريبة َالأطوار
وأتذكرُ دخانَ صمته ِ القاتل ْ

أتذكرك َ كيف كنتَ اليوم
تمازحني
تغازلني
تمدُ إصبعكَ في عيني … لتستعجلني
أتذكركَ وأنت َ تناشد حريتي
تدعوني للهجرة إلى مدائنك َ
فكنتَ من حيثُ لا تدري
تكويني ….

مأسورة أنا
بصراخ ِ أطفالي
بشتات ٍ يتوق لمحاصرتي
وأنت َ ترف ُ من حولي تنثر ُ الحب َ
ذاك َ الذي ببساطة ٍ اشتقتُ إليه

في الأربعين … عرفتُ عمري
وأنا بصحبتهِ
يملأني في كل ذرة … وثانية
يشغلني في كل مرة

وأنتَ تنتظرُ قراري
هو يجلس في فمي … ينطق ُ عني
هو يسد أذني بأناشيده الثورية
يغلق أنفي برائحته طويلةُِ المدى
يمسك قبضتي بيده نحو حفلاته ِ المملة
لكنه ُ لا يسكنُ قلبي

لك َ قلبي فقط
ولا أملك ُ أكثر
لإمرأة تتوقع انتفاضتها ( مهداة )

ككأس ٍ مثلجة ٍ من الماء ِ
أروي عطشكَ
كمكواة ٍ لقميصك َ المزركش ِ
كمرآة ٍ ترى فيها خيالك َ
أُعـِدُّكَ للاحتفال ِ
أرقصُ حولك َ مثل َ فراشة ٍ
أثير ُ اهتمامك َ قبل المغادرة ِ
أنشطُ ذاكرتك َ … نخوتك َ
علها تستيقظ ُ من غيبوبة ِ التجاهل ْ
وأنت َ هناك َ تبتعد ُ هناك َ
و تركب ُ موجاً يوصلكَ حلماً تتمناه ُ

أعرف ُ أنها ستكون ُ هناك َ
وأجزمُ أنها تزينت بالذهب ِ المزركش بألمي
إنها مسحت ْ جسدها بعطر ٍ
أشم ُ رائحته كل يوم في سريري
ذاك َ العطر ُ من آخر رحلة ِ فوق َ حزني
ورفعت ْ شعرها كما اشتهيت دائما مني
وأنزلت ْ حاجبيها دون قدميك َ
أدرك ُ أنها اتصلتْ ….. حمرة خديك أخبرتني
وأنك تمتلئ لهفة ً مثل بطيخة ٍ انفجرت ْ

هيا غادر لا تكترث لصمتي
فصمتي سيمفونية لاتصلُ حدود ثقافتك َ
ولا تكترث لابتسامتي…..
فابتسامتي موناليزية المنشأ ….
وأنت َ تحسب ُ دافنشي بائعاً للخيار

فمازلت ُ ألعب ُ دور المستقيلة
وأنت َ مازلت َ تحت َ وصايتي
أراقبك َ ….وأقتفي أثرك َ

أراقبك ُ ….وأحذرك َ
ستعود ُ يوماً تحملُ رطلين من زهرٍ لتعتذر
وأنا عندها .. زهورُ العالم لن تكفيني

حسرة من حب مضى على الباب ِ أندب ُ حظي
ويندبني الباب ُ
فرحيلك يشبه وجهي اليوم
ويشبهه غداً
أي أنك لنْ تعود

مسمارُ الباب ِ يرقصُ لي
كبجعة في جليد أحزاني
وقبضة ُ الباب ِ تداعبُ أصابعي …. تسليني
لكني بكماءُ الحظ ِ
وصماءُ الروح ِ
فأنتَ لنْ تعود

مضى على غيابك عقاربٌ وعقاربْ
وأنا مازلت ُأتلهى بحلمي
فأنفي ذاك الخبر لجزر بعيدة
واستوردُ تفاحاً شهياً لاستقبالكَ ثانيةً
وأرصعُ غرفتي بعازفي الجاز للرقصة
وأمد سجادتي العجمية
وأنشر ستائري لريح الهبوب
فتنطفئ الشمعة ريحاً لا خلاصاً
ولم تعدْ

أتخيلُ القطارات التي تحملكَ
ملونة ً بالزهري والبحري
وأنتَ تمدُ وجهكَ للهواء ِ تلاطفهُ
تغمضُ عينيكَ تتخيلني
أسبحُ وزعانفي تتوقُ للوصل ِ
أتخيلُ أنكَ ما زلتَ تحبني
كرغيف ِ خرجَ من الفرن يتوق لفم ٍ جائع ٍ
ولكنكَ لم تعدْ بعدُ

فهلْ أتابع لك سرد أحلامي ؟؟؟
والباب ما زال يسخر مني !!!!

حكاية زعيم قدر له الفشل
كيف لي أن يكون لي
من كل حبة ً جنينها
ومن الدمعة ِ ماؤها
وفي رحم المسألة اجتهاد بحجم محيط

وكيف لي أن أتعمد من ماء نهر الأردن ِ
والخلافة ُ سلمت ِ العمامة َ ليد تلبس القفاز

مدهونٌ أنا بزيت كي لا أصدأ
كي أتحمل َ لتبقى برادتي ملتصقة بجسدي
مسحورٌ أنا بخطاب أو ربما بألف خطاب حول أهمية الحوار
ومثل مدفأة قديمة ٍ أتسلى بأسود الشحار
وتمتص حرارتي تلك َ الشقراء ُ لاهية ً

عيوني تكحلت بهزيمة والد ِ والد ِ جدِّ الجدِّ
وأصحابٍ أتقنوا عزف كل المارشات الثقيلة
متفوقٌ في فن التفسير والتأويل
لا أرنو أبعد من أنفي
فهل الركاكةُ فنٌ أحسد ُ عليه ِ
وهل الخـِيَارُ مربعُ الشكل ِ محسودٌ بين رفاقه ِ

مجرد ُ مواطن يحمل تذكرة َ الهوية
وتعبأتُ في زجاجة الثورة
وأُلصق َ على الزجاجة لصاقة ٌ مفادُها ( أني من الثوار )

ومضى العمر وأنا متجرد من كل هم ٍ إلا….. ( هم َّ القيادة )
فرأيت ورائي خرافاً تعود لمذبحها
وتـُعمَّـدُ بدم خنزير قبل الذبح ِ
لتصير أحجية في فم جائع

فأصبحت قائداً بلا إرادة
وأكلني الشعب ُ ذات صبح ٍ
وغنت ْ أم كلثوم ٍ ….. ( لسه فاكر قلبي يديلك أمان )

هأنا أروي منذ كنت ُ طفلاً
راودني حلم وابتلعني

إلى وطن يعشق النساء

كم من الوهم أحتاج لأمضي صباحاً بين أشجار العمل
وكم من الصقيع يلزمني كي أنقي القمح فوق السطح ِ

هل تبلغت ِ رسالة البلبل نحو اصطفاء الخليقة
فأنا جاهز ٌ للبلوغ الجنسي بعد بطة وبطة وهجرة
سأسفكُ دمي كلولب حنفية ماءٍ معطل
فلا يقف الهدر وأحاصر أنا كلية ً بهذه التهمة

شموليتي تغفر لي ذنوبي بلا انكسار
واستعلائي على قامات النساء هو جزء ٌ من الوطن ليسعفني في امتحان النوايا
فهل وصلك ِ بارق ٌ من رعدي ليصورَ لك السماء في تعسفها ورفضها

دائماً سأكتب الشعر بجوار كتب يركبها الغبار ….. كحمار
فوحدَها رائحة السلامة تغريني بنهود كل نساء العشيرة
عندها سأنحر حروفي مثل خروف ثمل
وأصنع من جلده بيتا موزوناً لسكناك ِ
ومن لحمه مخدة لنومك ِ العميق
ومن قرونه سيكون التاج ُ لرأس الملك

ألا غفوت ِ على الخيط الرفيع ولتتركي فوقه شعرةً مذهبة ً
ألا ذرفت ِ من ثلج ِ عينيك الأحمرِ مقبرة ً للحزن العميق
ألا شددتني إلى خصرك منديلاً لترقصي على أنغام المهاجرين

تبقى لي الحبَّ نافذةً في باب ٍ حديدي ملؤه الصدأ
تبقى لي الحب حلماً بلون الحنين
فلا تنحري أضحيتك تيمناً بعودتي
فأنا هنا ……… وهنا تبعد عنك مجرة

 

الخاتمة:

بقلم الأديب الشاعر (محمد داية) عضو الجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون) يمتدح فيها الجمعية والقائمين عليها:

 

بوركتِ يا جمعيةَ الآدابِ ***** يا ملتقى النقادِ والكتّابِ
لمّا يزلْ إبداعكِ متدفقٌ ***** وحنوكِ في غايةِ الإسهابِ
أبناؤكِ بين النجومِ كواكبٌ ***** ألقاهُمُ من خيرةِ الأصحابِ
يمناهُمُ مدَّت لكلِ مثقّفٍ ***** فهي التي شبتْ على الترحابِ
مستبعدُ منكِ الوقوفُ بنقطةٍ ***** أنتِ اقتداءُ الأخذِ بالأسبابِ
أثنى عليكِ الكلُّ لمّا أبصروا ***** ما كان منكِ طيلةَ الأحقابِ
لم يكتموا السرّ الذي في جوفهم ***** بل أظهروا دفقاً من الإعجابِ.

محمد داية

2011-02-01

محمد داية : تعرفه المنابر الثقافية شاعِراً ومحاوراً
ومشاركاً في تقديم الأمسيات والمهرجانات
نال تكريم الجمعية العربية المتحدة للأداب والفنون عام 2010 لمساهمته في تنشيط البرنامج الثقافي للجمعية.