وهذه صور مع بعض النصوص التي أمدنا بها مشكوراً المهندس جمال طحان، من الأمسية الثانية من ملتقى القصة القصيرة جداً والتي كان يوم الاثنين 2/8/2010.
وبدأنا بتحميل النصوص

في اليوم الثاني يشارك سبعة عشر قاصّاً من السعودية ولبنان وتونس والمغرب وليبيا وسورية ويقدم الإضاءة النقدية نذيرجعفر، ثم تعقد ندوة نقدية بعنوان:(خصائص القصة القصيرة جداً) يشارك فيها:
د.سعد العتابي (اليمن) ( القصة القصيرة جدا الرؤية والتشكل)
حنان يوسف الهوني(ليبيا) (القصة القصيرة جدًا و القصيدة الومضة)
يدير الندوة ويشارك فيها:محمود علي السعيد(فلسطين)

 

وقد قدم الأمسية الأستاذ بشير دحدوح وقد صال وجال في أنحاء الصالة مقدماً السادة الكتّاب بلذيد الصفات وأحلى الكلام

 

ثم كان الدكتور حسام الدين خلاصي من حلب

 

فالسادة :

حسن الشحرة الفيفي ـ السعودية

 

1/حمل ق.ق.ج
راح يتأمل البالون الضخم بسرور بالغ..
شب على قدمين صغيرتين..ربت عليه برفق..
ثم غمغم:عمو..متى يجي النونو؟!
2/خلاف ق.ق.ج
هوى فوق القرية الوادعة أسفل الجبل
طحن كل ما صادفه من بيوت حجرية
وأحواض زراعية
ودواب…
هب الناس مذعورين
عجبوا لضخامته
وغرابته
تساءلوا عن أي اسم يمكنهم إطلاقه عليه
قيل طاحون
والمدمر
والمرعب…
لكن تسمية استقرت أخيرا وارتضاها الجميع:
العمدة!!

3/زاد
ريح صفراء تضرب وجه المدينة..من جذوره تقتلع كل شيء..
لم يسلم أحد..
تذكر بعض فتات..من قريته كان أحضره..
لجيبه مد يده..فعانقته نجاة!
4/سادية
لا أطيقهن..أطاردهن في كل مكان..أسحقهن دون رحمة..لا أحتمل عضاتهن الموجعة..
إلا واحدة..لم تطاوعني نفسي على قتلها..عندما شاهدتها راكضة نحو البيت.. حاملة فوق رأسها..
اليسير من الفتات!
5/ إنكار
أراد سماع صدى صوته..
صوّت في الكهف:
– أنا عربي..
ردد الصدى:هيهات…!

6/كبد ق.ق.ج
كان يلح علي بالوقوف:
هنا.. هنا..هنا.. في مكان بعيد قبل أن نصل لمدرسته
واليوم
حينما أوصلته بمركبتي الجديدة ..
هتف:
زد..زد ..زد.. حتى صرنا على مقربة شديدة من التلاميذ !

7/لاجيء ق.ق.ج
ضاق به ذرعا
كافح حتى نقل لدائرة أخرى
ولدى مباشرته
وجده على رأس مستقبليه!

8/ مباديء
ارتجل المسؤول الخطير خطبة طويلة..لم يفرق بين فاعل ومفعول..ولم يقم وزنا لحرف جر..
سأل الطفل أباه:
– لم لا يتقيد بمباديء النحو؟!
– (المباديء) أنواع يا ولدي..
بعضها للكبار..وأخرى لا تصلح إلا للصغار!

9/ نرجسية
أخذ يتفحصني بعيني صقر..ثم رشقني بسؤال مباغت:
– أنت من …؟!
أجبته بالنفي..
تشق وجهه ابتسامة ماكرة..ثم يردف:
– (يا خي هذيلا ما طيقهم..أكرهّم كره العمى)!!

10/ود أسود ق.ق.ج
ليست مرة.. أو مرتين..أو…
كلما طلبته:
– أنا مشغول الآن..حدثيني لاحقا..
ألقته خارج سياج الوطن ، مضت!
11 / صلح يدب الشجار بينهما كل حين..يقوضان ما بنياه منذ سنين طويلة..
كانا مضرب المثل لكل زوج ناجح..
يلومه أحدهم فيبهته جوابه:مات المصلح يا ولدي!
12 /هجرة ضبطوا وهم يحاولون اجتياز حدود دولة غربية..
أقروا بتوقهم لحياة كريمة..
لكن صدم المحقق عندما علم أنهم ليسوا على حقيقتهم..
وضرب كفا بكف حسرة على عالم يستطيع أن يقمع حتى العفاريت!
************

محمود عادل بادنجكي من حلب

 

*******************

فتحي فطوم من الـ سلمية

 

ســـــارق
تأفف صاحب الرَّفْعَةِ والعظمة ، واشتكى رأسه وظَهْرَهُ من الزمن الذي سرق الهدوء والسكينة من حياته ، وجعل الرعاع من الرعية يتمردون ؛ فتوترت أعصابُ صاحبِ العَسَس ، وجحظت عينا كبير البصاصين ، ثم تحركا بسرعة البرق ، حيث أصدرا تعليمات مشددة لأتباعهم بإلقاء القبض على المسبب فوراً ، وإحضاره موجوداً . 

اختلاس
بلغ من العًمْرِ أرذَلَه ، أُصيب بمرض السكري ، هذا لم يمنعه أن يسرحَ بخَيَالِه . نظر إلى زوجه خُلْسةً وهي تستحم ؛ فأُلقي القبض عليه بناءً على أمرٍ عرفي صدر بتوقيفه لارتكابه جرم الاختلاس .
9 كانون الثاني 2010 

تفجير
حضرت اللغة العربية ندوة حول تمكينها كركيزة حضارية ، ثقافية ، تضمن الأمن الثقافي، والحضور الحضاري الدائم . في البداية أصاخت السمع بسرور بالغ إلى ما نطقت به الألسن ، لكن فرحتها لم تدم طويلاً ، سرعان ما انطفأت حين نهض أحد الحضور ، ورفع عَقِيْرَته داعياً إلى تفكيك النص ، وتشظي اللغة ، وتفجيرها … فارتعدت حروفها ، و خرجت مذعورة !
الثلاثاء 16 شباط 2010

حرامي
عندما كان طفلاً قيل له : " سَرِقَةُ بيضة مِثْلُ سَرِقَةِ جمل " ، وحين بلغ مَنْزِلةً رَّفِيعةً سَرَقَ قضية الوطن ، وأرشدهم إلى مكان قَعُوْد من حُمْرِ النَّعَم* .
الأحد 14آذار 2010 
* قعود – كعمود – وهو من الإبل البكر الذكر إذا أتى عليه سنتان ، جمعها : قعدان ( شرح شافية ابن الحاجب ج 2)

تمييز
وقف بباب مَحَلٍّ لبيع الطيور ، حدق بها مشدوهاً ! كانت تُصَوِّتُ ألواناً متناغمة . خطا باتجاه البائع ، وسأله :
ـ كيف تميز الذكر من الأنثى ؟
ابتسم البائع قائلاً :
ـ الأمر في غاية البساطة ، أمسكُ الطائر من منقاره ، ثم أرفعه هكذا ( أشار بيده ) ، وأدعه يُصَوِّتُ ، فإذا تَرَنَّم فهو ذكر ، وإذا تَرَنَّمَت فهي أنثى.
أطرق هنيهة ، قفل راجعاً على عَقِبَيْهِ وهو يتمتم : " ترنم … ترنمت " ، ثم قبض على شفتيه ، حاول أن يرفع صوته ؛ فتردد كالحَشْرَجَة . غِبَّ الباب وقف فجأة كمن تذكر أمراً هاماً ؛ التفت إلى الوراء : " غبي ! كيف يمكن للطائر أن يترنم ومنقاره مُكَبَّلٌ ؟ " .
الأحد 14آذار 2010

ونظراً لوفرة المادة المرسلة من قبل الأستاذ فتحي فطوم قمنا بإحداث صفحة خاصة بكتاباته التي لم تنشر هنا.

***************

عدنان كزارة من حلب 

رواية عندما أنهى الروائي الكبير روايته الجديدة بعنوانها الرئيسي (رجوع الشيخ إلى صباه) ، وعنوانها الفرعي (مغامرة إيروتيكية) ، طلب من صديقه المخضرم أن يعطيه رأيه فيها . لم تمض أيام حتى كان الصديق يفاجئ الروائي بسَحنته الجديدة ، ذقَن حليق ، حواجب منتوفة، شارب مشذّب ، وكأنه ابن أربعين لا سبعين ، لكنّ عينيه كان يغلّفهما حزن شفيف ، ونظرة يائسة . تجاوز الروائي دهشته وسأل الصديق عن رأيه في الرواية فقال : لم تُضع يا صديقي وقتك في كتابتها ، لكنني أضعتُ نفسي بقراءتها ، لقد نسيتُ أن العطّار لا يصلح ما أفسده الدهر .

جريمة
أمضى في السجن خمسة عشر عاماً ، ومع ذلك رفض الاعتراف للسلطة بجريمة لم يقترفها. حين خرج كان ولدُه الرضيع قد بلغ الحُلُم . وفي يوم من الأيام استغرق الولد لشدّة تعبه في نوم عميق حتى ساعةٍ متأخّرة من النهار ، فهاج الوالد وثار ، ولكن ! بدلاً من أن يسأل الابنُ أباه عن سبب غضبه ، ويبرّر نومته الطويلة ، اعترف بجريمة لم يقترفها إذ قال : الحقّ معك يا والدي ، فأنا أنانيّ ، لا أفكّر إلاّ في مصلحتي . قال الوالد في نفسه مدهوشاً : لقد نجح الواقعُ في أن يحقّق مع ولدي ما عجزت السلطة أن تحقّقه معي .

الرائحة القاتلة
أنهى المعتمد بن عبّاد أمير إشبيلية مزج الطين بالمسك والكافور ، وأعدّه لحبيبة قلبه التي اشتهت أن تغمس قدميها بالطين بعد أن ملّت الخطو فوق بلاط القصور ، لكنّه احتفظ بمضغة منه في زجاجة . توالت السنونَ ومالت شمس المعتمد للغروب ، وفي يوم من الأيام ضجّت حبيبته التي غدت زوجتَه بالشكوى من حياة الضنك والشقاء ، فقالت كما تقول سائر النساء : واللهِ ما ذقتُ معك يوم سعدٍ قطّ . لزم المعتمدُ الصمت ، ولم يلبث أن قام إلى زجاجته وفتحها ، ففاحت رائحة المسك والكافور حتى كتمت أنفاسهما .

في قصر الحمراء
كان الشاعر العربي يتجوّل مع صديقته الإسبانية في قصر الحمراء مندهشَين من روعة الصرح العظيم ، قالت : انظر إلى عظمة أجدادي ، فابتسم ابتسامة غامضة ولم يُعقّب. عند بِركة الأسود قال الدليل السياحي : هذه إحدى عجائب الزمن، فعلى رأس الساعة الأولى يتدفق من فم الأسد الأول ماء أبيض، وعلى رأس الساعة الثانية يتدفق من فم الأسد الثاني ماء أزرق، وهكذا يتناوب خروج الماء من أفواه الأسود الباقية بألوان مختلفة على مدى اثنتي عشرة ساعة. سأل أحد السيّاح: هل تعمل هذه الساعة العجيبة الآن ؟ أجاب الدليل : كان هذا أيام بني نصر، وقد توقّفت عندما حاول الإسبان معرفة سرّها إثر دخولهم غرناطة
قالت صديقة الشاعر : ومن بنو نصر ؟ أجاب الدليل : هم الذين بنوا هذا القصر .

يوسف بن تاشفين
عندما انتصر يوسف بن تاشفين على ملوك الإسبان في معركة الزلاّقة ، وأخّر سقوط الأندلس بأيديهم أربعمئة عام ، قصده الشعراء يمدحونه بقصائدهم العصماء . كان ابن تاشفين لا يلمّ كثيراً بالعربية ؛ لهذا ظنّ أن الشعراء يمدحونه لأنهم جائعون فأمر لهم ببعض المال ، غير أنهم جاؤوا في اليوم الثاني ومدحوه ، فأدرك بفطرته أنهم شحّاذون فطردهم ، ولم يُنفق طوال حكمه درهماً واحداً من بيت مال المسلمين على بيت من الشعر . لكنّ خلفاءه من بعده أحبّوا الشعر ، وعشقوا الغناء ، وتفانَوا في الملذّات . وحين عاد الإسبان لغزو مدن الأندلس لم يجد خلفاءُ ابن تاشفين ما يكفي في بيت المال لتجهيز جيش يصدّ الغزاة ؛ لأن جلّ المال قد أُنفق على الشعراء والمغنيّات والغانيات .

القراءات العشر
تعلّم القرآن على يد والده بقراءة واحدة ، وفي الكُتّاب تعلّمه على القراءات العشر ، أمّا إمامُه فوضّح له الخلافَ بين الفرق الثلاث والسبعين التي تنقسم إليها الأمة . تعمّق مفهومُ الخلاف في وجدانه فاعتقد أنه من الفرقة الناجية . بعد حين ترجم اعتقاده إلى تعصّب مقيت فكان وقوداً في حرب طائفية أتت على الأخضر واليابس . قال أحد العارفين إثر مقتله : كانت تكفيه قراءة واحدة لتجعله مؤمناً صالحاً .

رحّالة
كان رحّالة مشهوراً ، وفي يوم من الأيام راح يحدّث أبناءه عن رحلاته العديدة التي جاب فيها أقاصي المعمورة ، تطرّق في حديثه إلى العادات ، والتقاليد ، والمشاهد التي حفرت في نفسه وذاكرته أخاديد عميقة . كان ينهي حديثه عن كل بلد زاره بهذه العبارة : "شعبه متحضّر يحب أبناؤه بعضُهم بعضا" . حين انتهى من حكاياته التي بهرت أبناءه قال له ولده الصغير : ولكن ! يا أبي ، لماذا لم تقم برحلة واحدة إلى بيت عمي الذي يسكن بجوارنا ؟

رواية عندما أنهى الروائي الكبير روايته الجديدة بعنوانها الرئيسي (رجوع الشيخ إلى صباه) ، وعنوانها الفرعي (مغامرة إيروتيكية) ، طلب من صديقه المخضرم أن يعطيه رأيه فيها . لم تمض أيام حتى كان الصديق يفاجئ الروائي بسَحنته الجديدة ، ذقَن حليق ، حواجب منتوفة، شارب مشذّب ، وكأنه ابن أربعين لا سبعين ، لكنّ عينيه كان يغلّفهما حزن شفيف ، ونظرة يائسة . تجاوز الروائي دهشته وسأل الصديق عن رأيه في الرواية فقال : لم تُضع يا صديقي وقتك في كتابتها ، لكنني أضعتُ نفسي بقراءتها ، لقد نسيتُ أن العطّار لا يصلح ما أفسده الدهر .

جريمة
أمضى في السجن خمسة عشر عاماً ، ومع ذلك رفض الاعتراف للسلطة بجريمة لم يقترفها. حين خرج كان ولدُه الرضيع قد بلغ الحُلُم . وفي يوم من الأيام استغرق الولد لشدّة تعبه في نوم عميق حتى ساعةٍ متأخّرة من النهار ، فهاج الوالد وثار ، ولكن ! بدلاً من أن يسأل الابنُ أباه عن سبب غضبه ، ويبرّر نومته الطويلة ، اعترف بجريمة لم يقترفها إذ قال : الحقّ معك يا والدي، فأنا أنانيّ، لا أفكّر إلاّ في مصلحتي . قال الوالد في نفسه مدهوشاً : لقد نجح الواقعُ في أن يحقّق مع ولدي ما عجزت السلطة أن تحقّقه معي .

أمل
أحبَ الحياة ونهل منها إلى درجة الإفراط ، استثمر كل ثانية منها في العمل والسفر والمتعة الجنسية . جازاه القدر على نهَمه الحسيّ بمرضٍ أفقده الحركة والكلام . لكنّ الأطباء أبدعوا له وسيلة للتعبير البصري ، فكانت تقف قبالةَ سريره ممرضةٌ تشير بعصا إلى أحرف الهجاء وحين تأتي إلى الحرف الذي يريد أن ينطقه يطرِف بجفنه وهكذا حتى يؤلف جملة مفيدة . كانت أول جملة كتبها بجفنيه : هل تتزوّجينني ؟

شاعر
في محاولته الجادة لأن يكون شاعراً حداثياً قام بقصّ عبارات لا على التعيين من صحف متفرقة ، ثم جمع بينها ، ورتّبها في صورة أسطر شعرية . لقيت محاولتُه الاهتمام فكرّرها حتى غدا شاعراً يتردّد اسمه في وسائل الإعلام ، حرص على تطوير تجربته الشعرية ، فجمع أشعاراً منحوتة على شواهد المقابر ، وقدّمها على أنها نصوص تراثية إحيائية . طمح إلى أن يكون تفكيكياً ممثّلاً لتيار ما بعد الحداثة ، فحطّم قواعد اللغة ، واستعار في شعره ألفاظ العامة وأمثالهم الشعبية في موضوعات الجنس والبذاءات النادرة . عُيّن تقديراً لجهوده في تطوير اللغة الشعرية ، عضواً في المجمع اللغوي بتزكية من أحد رفاقه المتنفّذين . جاء في خطاب التنويه بمآثره : إنه أحد الأصوات القليلة التي استطاعت أن تجمع على نحو متفرّد بين الأصالة والمعاصرة .

عودة الغائب
عاد رمضانُ بعد غياب طويل ، لا يحمل شيئاً سوى القرآن . كان الفقراء في استقباله بظاهر المدينة ، حملوه على الأكتاف مهلّلين مكبّرين ودخلوا به شوارعها وأحياءها . لكنّه رأى في ساحتها العامة رمضاناً آخر قد احتلّ مكانه ، يشبهه في شكله وسَمته ، يتنافس على مودّته الأغنياء والشباب ، فيغشى الموائد العامرة ، ويحضر الحفلات ، ويسهر حتى السحور على المسلسلات التلفزيونية . أدرك رمضانُ أنه ضلّ الطريق ، وفقد الأهل . عاد من حيث أتى يلتمس طريقاً وأهلاً بين صفحات الكتب ، وفي ثنايا التاريخ .
********

غازي التدرمي من حمص

عبد الهادي قاشيط من حلب

حسنة محمود من مصياف 

ميناء
نظر إليها رشقها بكلمات حب ولهفة مغلفة بعناق على ضفاف الوجد, لم تعد تعرف إن هي حبيبته أو الميناء الذي تحتمي فيه سفينته عند العاصفة. وقبل أن يحاصرها بمشاعره اعتصمت في مفردات قصيدته.

أمنية
تمنيت لو كان في قريتنا نهر لأودع فيه مراكبي محملة بالحب والأشواق للذين ينتظرون عند منعطف الذكريات وقلوبهم مفعمة بالأمل.

صدأ حاصره الصمت فغاص في الخرس, وحين حاول أن يبحث عن مفتاح الكلام وجده صدئاً والحروف متباعدة بفواصل عشوائية لقد فقدت نقاطها ومعظم تراكيبها.

لحظة تأمّلت الكوخ القديم, غاصت في خضم ذاكرتها البعيدة التي كادت أن تتلاشى حين تصدّعت أحلامها على صخرة الانتظار, سمعت صوتاً معتقاً, ابتسمت ابتسامة مقتضبة, تمنت لو تختزل الدهر بنظرة واحدة وربما بلحظة تجسدها في قبلة أو لقاء قصير.

قرار عائلي
حين وُلدت كانت عارية فتلقفها الظلم وتبناها الفقر, وحين برز نهداها حُبست بموجب قرار عائلي ضمن جدران أربعة مع ذئب اعتاد طعم الشواء.

***************** 

شربل طربيه ـ لبنان 

قصص قصيرة جداً لشربل

يانصيب "بكم الورقة؟" صرخ الشاب لبائع اليانصيب. "كذا مليون!" رد البائع مبتسماً. اشترى الورقة ووضعها في جيبه. ما زال الوقت مبكراً حتى "آخر الشهر" ولكنه لن ينتظره ففي تلك اللحظة دخل جيبه "كذا مليون"!

رجل وحيد يصل كالعادة كل يوم بعد الخامسة عصراً. المنزل نظيف كالعادة. يحضر طعامه ويأكل وحده مع التلفزيون. ينام قليلا ليمحي تعب النهار. عند المساء يخرج ليمشي في الشارع. بعد منتصف الليل بقليل يعود ليستلقي حتى بزوغ الفجر. وهكذا كل يوم!

المغترب عاد الى قريته بعد طول غياب. لم يكن أحد في استقباله. نادى أهله ورفاق الطفولة… لم يسمعه أحد! كانت القرية خالية من أهله وأهلها. نزلت دمعة على وجهه المتعب وعاد أدراجه. لقد هُجر أهل القرية.

رحلة أحمد
ركب الباص نحو الطرف الاخر من المدينة المقسّمة. عبر الحواجز ومراكز التفتيش بوجهه الطفولي الباسم. آخيراً وصل الى الساحة الكبرى. وقف متاملاً حداثة العمران ووجوه المارة العابسة. ابتسم مرة اخرى واخيرة. تصدّر بوجهه الطفولي صفحات الجرائد والمواقع الالكترونية حول العالم. لم تعد الساحة كما كانت… لقد انفجرت!

زاردا
كانت زاردا تحب الطفل كثيراً ولكنها كانت تعشق حريتها أكثر! لم تأبه ربة المنزل براحة زاردا ورمت على عاتقها مسؤولية البيت الكبير والطفل الابيض الجميل. جاءها اتصال من بلادها البعيدة ولكن حُرمت منه مرة أخرى. في الصباح استفاقت ربة المنزل على صوت الجيران المزعجين حول جثة زاردا الهامدة في الشارع. منذ ذلك الوقت لم يكف الطفل عن البكاء.

الأم
جلس قبالتها كالوحش الكاسر. لن تسمح له بالتكلم معها أو بضربها مرة أخرى. حملت هاتفها الخلوي وحاولت تذكر رقم الشرطة السريع. سمعت بكاء طفلها من الداخل. لن تتصل بالشرطة, "بلا فضيحة", من أجل طفلها.

جميلة
هي جميلة كأسمها. أرادت أن تصبح عالمة اثار شهيرة. كان شريرا وقاسياً ودون اسم. قضى على مستقبلها في أحد شوارع بيروت الكئيبة. أصبحت أم في وقت مبكر جداً.

المحظوظ حلم بالترحال وبالنجاح. أتته الفرصة واستغلها لأقصى الحدود. تزوج من امرأة ثرية وأنجب منها طفلاً جميلاً. توفيت الزوجة وعاد الى بلده مع الجاه والمال واشترى كرسياً في الحكم. البعض يقول انه قتلها, لكن الناس تقول الكثير!

فادي
لم يكن يبلغ الخامسة بعد عندما اعطته امه دمية جميلة. تعلق بها لسنوات عديدة الى أن أجبرته أمه على الخروج واللعب مع الأولاد. لعب خارجاً ولكنه اشتاق الى الدمية الجميلة وظل يحلم بها ويقلدها عندما تكون أمه خارج المنزل!

منى
كانت تعرف تقريبا كل شيء وتقرأ يومياً الكتب والمجلات. سأل الاسئلة وعرفتها كلها. ربح هو المليون وجلست هي تتحسر على حظها امام شاشة التلفزيون عشرات الكيلومترات بعيدة عن الاستديو.

شربل طربيه
لبنان
Antelias-Metn 2623 0001, Lebanon
T/SMS: 00961 3 988292
E: ct.design@yahoo.com

هاني جميل دقة من ادلب

أعمل في مشروع الأتمتة لصالح السجل المدني بحلب
ثلاث مجموعات مطبوعة
عزف على وتر حزين وحنين إلى الدفء
و أموات على قيد الحياة
وعلى دروب النشر كلب الملك
تولد 1974 أريحا
شاركت في العديد من اللأمسيات
الأدبية على المنابر السورية
كما شاركت في الملتقى الرابع والخامس
وفي المهرجانات الخمس  الأخيرة في النادي الفلسطيني
                                                    

 مجاملة

ما إن خرجت السائحة من المصرف حتى أتاها لص وسرق نقودها
فتبعه مجموعة من الشبان فتمكنوا منه وأوسعوه ضربا قائلين له( لقد فضحتنا أمام الأجانب ماذا ستقول عنا شعب حرامي )
وعندما أتى رجال الشرطة استقبلوه بالضرب حتى أدخلوه السيارة وأعادوا النقود للسائحة
وفي اليوم التالي سألوها عن رأيها في الشعب هنا قالت 🙁 همجي )

تجني
قال أبي : لا أحد مظلوم أكثر مني في هذه البلاد
فقلت له مواسيا : بل أن هناك من هي مظلومة أكثر منك إنها الحكومة
فقد سمعت حديث الناس اليوم في الحافلة أحدهم قال :
إن انتشار الأوساخ في المدينة سببه الحكومة
والآخر قال : إنه لا يجد عملا بسبب الحكومة
وأخر قال : إن انتشار الرشوة والسرقة وغلاء الأسعار سببه الحكومة
لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة إلا ورموها في ظهر الحكومة

طموح

 لاحظت المعلمة إن طالبا لديها يمتلك شخصية ضعيفة جدا وإنه لا يصدق في كل ما يقول
فأرسلت لوالده لعله يساعدها لتخلصه من تلك الصفة
فقال الأب :
لا …….. أرجوك يا انسه أنا من أعلمه أن يقول نعم لكل من هو أكبر منه ولا لكل من هو اصغر منه
فعجبت المعلمة وقالت : وما ترجو منه عندما يكبر
فقال الأب : أريده أن يصبح مسئول ….. مسئول كبير يا أنسه

الشمعة
انقطعت الكهرباء فأشعلت شمعة ووضعتها أمامي فلاحظت أن خيالي على الحائط أكبر من حجمه الطبيعي فابتعدت عنها فعاد إلى حجمه (لكني أردت أن يغطي الخيال الحائط كله فاقتربت كثيرا من الشمعة )

السنبلة
(جذور السنبلة تخاطب بذرة عباد الشمس )الأجدر بك ألا تخرجي لأنك لن تستطيعي مثلي مقاومة أشعة الشمس الحارقة وبرد الليل,تأثرت البذرة بهذا الكلام وبقيت مختبئة في التراب.وبعد مدة أصابها الضجر, فقالت: سأخرج رأسي ليوم واحد ثم أعود فشقت ثغرا في الأرض وأخرجت رأسها وكان الوقت صباحا تأملت الشمس وقالت:ما أجمل هذا الوهج المنبثق عنها وبقيت تنظر إليها حتى المساء .وعندما غابت شعرت بحزن عميق,لكنها سرعان ما نسيت حزنها عندما رأت القمر


العاصفة

هبت عاصفة قوية ونحن في عرض البحر أدركنا أن قاربنا سيغرق وأن الناجي الوحيد هو من سيحظى بطوق النجاة.لم نؤثر أحد علينا فتصارعنا على الطوق حتى سقط في البحر فرمينا بأنفسنا خلفه وبعد ساعات هدأت العاصفة ولم يغرق القارب لكن أجسادنا كانت عرضا لأسماك القرش


بائع الخبز
وقفت في الطابور أنتظر دوري لشراء الخبز وكان الفران يتمتم بعصبية ويقول:((ما هذا الشعب لا يليق به شيء يحتاج إلى ألف سنة كي يتعلم الحضارة))وقال:((أصبحت أكره نفسي لأنني أنتمي إلى لهؤلاء))وقال))كم أنا غبي لأني أبيعهم الخبز))وعندما جاء دوري نظرت إلى الفران فوجدت ثيابه متسخة وجدران فرنه مليئة بالعناكب))
أما بالنسبة للقصص الخاصة بالأندلس لم أكتبها بعد وانشاء اللة إذا وفقت بها سأرسلها لك تباعا

**********

د. غادة البشتي ـ ليبيا   * قاصَّة وناقدة وأكاديميَّة ـ ليبيا.

أحلام وأنا صغيرةٌ ، كنتُ أشتري بالوناتٍ جميلةً ، وأربطها بخيطٍ طويلٍ وأطلقُهَا في الفضاءِ .. لترسمَ لي ألفَ فرحٍ وألفَ عيدٍ .. وفي المساءِ أرجعُهَا لخزانتي لتوَاصِلَ في الغدِ رحلتَهَا من جديدٍ !!
حينَ كبرْتُ صارَ يشقيني بالوني الوحيدُ!!
******
سؤال
سألني الزَّمانُ : أيَّة مرحلَةٌ تودِّينَ أن تعودي إليها!!؟
فأطرقْتُ برهةً وقلت: أسرعْ .. أسرعْ بقدرِ ما تستطيعُ..
**
بديل
أجرى مكالمةً هاتفيَّةً ..
وقفت أمامه تتأمَّل لهفةً مكبوتةً في عينيه..
فقبل أن تدركَ أنها كانت بديلاً غبيًّا لها!!
****
ممنوعات
كان يمرُّ مبتسمًا غيرَ مبالٍ بلوحةٍ فوق رأسِهِ كتبَ عليها ( ممنوع التدخين )
قابلته أخرى ( ممنوع الوقوف!)
امتدَّ بصره للوحة كُتبَ عليها ( ممنوع إلقاء القمامة!)
مرَّ من مكان كتب عليه ممنوع المرور !
غيرَ أنَّهُ عندما قرأ في دكَّان جارِهِ ( الدّين ممنوع ) اعتصرت محفظتُهُ كمدا!!

*****
ارتباكٌ
بابٌ .. وبضعُ خطواتٍ .. وفرحٌ مجنونٌ
تقدَّم خطوةً .. تقدَّمت خُطواتٍ ..
ولجا الباب .. تلاشيا في لونِ الفاكهَةِ ..
لكنَّها غَصَّت بامتدادِ المئذنَةِ في حلقِها..!!
******
صدمة في غفلةٍ من وصايا أمِّهَا..
ظنَّت فيها أنها محورُ عالمِهِ..
فباركتْهُ بمائِها…قبلَ أن تسمَعَهُ يهمسُ لحذائها:
ما أثمنَكَ عنها..!!
******
اضطراب قالت شهرزاد:سيِّدي ، سأحكي لكَ عنِ البلادِ التي تُقتلُ فيها العصافيرُ .. وتنتحرُ الأحلامُ..
قال:لا ، فهذهِ أنا من خلَقَهَا!!
وصرخَ في وَجْهِ النَّارِ :هل من ثلجٍ يُشْعِلُني!؟
********
رغبةٌ
-أمي..لم أعدْ أُريدُ النَّومَ معَ أختي
-لم يا بنيّ .. هي بحاجتِكِ ، ستؤنسَاِن بعضكما..
-لا..قد صِرْتُ كبيرًا ..سَأنفردُ بغرفَةٍ خَاصَّةٍ كما أبي!!
***********

سها شريّف من حلب

• يأس
حين يئس الطبيب من شفائها واستعصى عليه علاجها . استدعى الأهل ولدها الغائب منذ سنين طويلة لوداعها . لما رآها قال للطبيب : دمي كله لها.. كانت تحتضر ومن عينيها انفلتت دمعة قائلة للجميع : لاأريد أن ينقلب قلبي حجراً

• تشييع ابيضت عيناها من البكاء و هي تشيع جثمان ولدها الوحيد محمولاً في تابوت إلى المقبرة .
جاء ولدها الغائب مهرولاً مستفسراً مرتاعاً .سألها من تشيعيين يا أمي ؟
ترددت في الأصداء (برَّكَ )

• القفص
نظر إلي العصفور متألماً شاكياً . ففتحت له باب القفص ليكون طليقاً . مدّ رأسه . نظر إلي … عاود النظر حولي … بكى على سجني .أوصد باب القفص وعاد للتغريد .

• اللعب
عبث بالساعة لاهياً . جمد عقرب الثواني لا مبالياً . فتوقفت الدقائق وتعطلت أيامه . وخرج من اللعبة فاقداً شبابه .

• إهمال سبح في بحر الحياة . . ابتعد عن أرض حبيبته . وفي البحر مكث حتى شاب رأسه وتقوس ظهر الموج. وحين استفاق وجد كل شيء… إلا آرض حبيبته.

• المؤتمر
اجتمع مؤتمر القمة و اتفق العرب على الوحدة القومية , و انحدر الجميع إلى معبر رفح و فتح المعبر و قدمت المساعدات . و أخيراً أعلن المخرج انتهاء تصوير الفيلم.

• البطالة
أصيب العربي بجرح البطالة . ذهب إلى الطبيب لإيقاف النزف . نصحه الطبيب باستئصال الواسطة

• الغيبوبة دخل في غيبوبة عاطفية مع زوجته و لم تفلح معه كل وسائل الإنعاش و تدهور نبض الحب لديه لدرجة الصفر, أعلن الطبيب قرب وفاة عاطفته . فجأة حصلت معجزة و صحا من الغيبوبة عندما قررت زوجته أن تهبه أملاكها .

• الوردة
شع نور الأمل في قلبه عندما أهدته في عيد الحب وردة حمراء معطرة بعطرها الخاص . ذهب عند أصدقائه ليروي لهم سر الوردة . تفاجأ عندما رأى في يد كل منهم وردة تحمل عطرها ذاته .

• ماذا يقول المسرح
وقف الزوجان على المسرح و ناديا بإصلاح الكون . صفق الحاضرون لهما كثيراً حتى كلّت أيديهم . و عندما أسدل الستار عادا لواقعهما المرير فقد عجزا عن إصلاح الشقاق بينهما .

• النتيجة
بعد إجراء الفحوصات والتحاليل لزوجها المنكوب . تبيّن لها أن زوجها مصاب بقصور جيبي حاد . فقررت استئصاله من حياتها

 

حنان يوسف الهوني من ليبيا

ابنُ الطين
صباح يوم الجمعة ذهب مع أبيه إلى المزرعة، وهناك أخرجَ كيسا ًمن جيب بنطاله، وأخذ َ حفنةً من الطين ودسها خفية في الكيس, ودس الكيس في جيب بنطاله.
وفي البيت حوَّر حفنة الطين إلى تمثالٍ حاكى فيه جسد إنسانٍ ونام, وفي الصباح أصيب َ بالهلع ِعندما لم يجد أثرًا للتمثال .. هرول إلى أمه قائلاً:
– هل رأيتِ ابن الطين ؟ !
– ومَن ابن الطين ؟:
– لقد أخبرتنا المعلمة في حصة التربية الإسلامية أنَّ الله َخلق ابن أدم مِن الطين ثم نفخ َفيه فكان إنسانًا.

براءة

كانا جالسين في فناء الروضة يتحدثان بشغفٍ، استرعى ذلك اهتمام المعلمة، فاقتربت منهما بحذرٍ شديد حتى لا يشعرا بها، أخذتْ تُرهفُ السمع جيداً للحوار الذي دار بينهما، سأل أحمد صديقه عليًا، وقد بدتْ عليه علامات الحيرة:
– لِِمَ أنتَ أسود وأنا أبيض ؟!!
بلا تردد أجابه علي :
– لأن أمي ولدتني في سواد الليل الحالك, وأمك ولدتك في ضوء النهار الساطع..

تصفيق مأجور

دفع أجوراً لمجموعةٍ أنيقةٍ من الحاضرين، ودخل الصالة الفاخرة، ذات الجدران الزاهية، والستائر الفارهة، والمقاعد الوثيرة الأنيقة، عدَّلَ من ربطة عنقه الصفراء، وانطلق نحو الطاولة التي تتوسط المنصة المزينة بباقات الورود، وقبل أن يجلس صفَّقَ له الحضور بحرارةٍ، وانطلق صفيرٌ وهتافٌ ترحيبي بالشاعر ذائع الصيت، جلس، وفتح أوراقه، وأخذ يقرأ بمللٍ، وقد لاحظ الحضور أنه كلما أمسك المايك بأنامله الرفيعة ،ارتفعت أصوات التصفيق والصفير من الجهة اليمنى من الصالة فقط …

الخديع

الخديج .. الذي يُنضجهُ فرنُ المستشفى … لم يحضَ بدفء أحضان أمه ساعات الولادة الأولى، ولم يُقاسمها الفراش، ولم تسهر معه في الأيام الأولى، ولم يتناول الحليب من صدرها الحنون، إنه يتعرض لمؤامرةٍ ما … إنه خديع .

لسع مختلف !!
سألت المطفأة السيجارة في امتعاضٍ شديد:
– لِمَ تصرين على حرقي كل مرة ؟!
ردت السجارة بسخرية :
– لأنكِ وجدتِ من أجلي..
ودست رأسها في المطفأة ..مرة أخرى!!

أنامل

وقَّعَ بحذائه على الأرض فسحق َ نملة.. ووقَّع بأناملهِ على ملفِّ فسحق َإنسانًا..

لا يسعُ اثنين..

لأنه صغيرٌ لا يسعني وذلك الطارق الجديد، دعيني أؤثثُ غرفتي الصغيرةَ في قلبي اليتيم, وأضعُ في الحقيبة شيئاً من خيبةٍ وكثيراً من شجنٍ، وبقايا ثيابٍ بدون رائحتكِ, وسأجتهدُ في أنْ أترككِ بسلامٍ.. لأرحلَ كما دخلتُ .

ثقب إبرة

وخزتُكَ بإبرةٍ اختاطتْ مشاعرنا.. وها أنا اخرج إبرةً عريانة لا تملكُ إلاَّ ثقباً فارغاً من خيط .

يـباب

أرقعُ سمائي بسحابِكَ، وأعلمُ يقيناً بأن المطرَ لا يزورُ الصحراءَ في الصيف .

حلال

على ضفاف حبكَ أحلمُ برشقكَ بكلماتٍٍ تُراكم مشاعري في قلبك مدى العمر..، واكتشفتُ اليومَ بأنكَ تحلمُ بزوجةٍ ثانية.

غواية

يُبقيني العطرُ مفخخةً بك على مرمى الذاكرة،.. التي تُشعلُ فتيلَ الشوق.

خواء 

مُدني،…
مكتظةٌ بحروفك،..
و مُدنُكَ، …
تتصحرً بعطشي.

ـــــــــــــــــــــــ

  نذير جعفر من حلب

 

 *****************

والكاتب الذي لم يحضر من المغرب القاص حسن برطال وهذه بعض كتاباته، والصور مأخوذة من موقعي بيتنا و مطر

 
درس في الجغرافيا تكلم المعلم عن ( الجبال ) و قال بأنها تظهر بفعل الهزات الأرضية و ( الزلازل ) ..
التلميذ يتساءل : إدن فطارق بن زياد زلزال ضرب الأندلس.. ؟؟

طارق بن زياد
بيني و بينه ( بحر) قلتُ له ذكرني بخطبة صاحبك أيها ( الجبل ) ..و لما رأى البحر أمامي
و ليس من ( ورائي ) و أنا الذي في الخلف أجابني :
– سوف يلقيها البحر بعد ( أن يحرق سفنه ) ../

البطاقة ( الحمراء )
الشجرة التي ( طردتني) من الجنة و( أنزلتني) إلى الإرض قطعوها .. قطًعوها .. حولوها إلى
( عصا ) ثم سألوني :
– متي ستأكل من هذه الشجرة ..؟؟
أجبتُ :
– حينما أفكر في( الطرد ) من الجحيم و ( الصعود ) إلى السماء ../

الجوهرة المفقودة
و أنا أبحث عن امرأة لا تبتسم لرجل ( يعاكسها ) و تصده .. أبحث و أبحث
أعاكس و أعاكس .. فلم أجد سوى ( الريـــــــــــــــح ) ../

حوار قصير جدا
سألني هكذا :
– كيف أبدعتَ في كتابة السيرة الذاتية ( القصيرة جدا ) ..؟؟
أجبتُ : لأنني عشتُ حدثا ( واحدا ) في وقت ( وجيز جدا ) بين
الولادة و الوفاة ../

النعجة ( دولي )
طلب مني المحافظ عن الأملاك العقارية الوثائق التالية
– نسخة من ….
– نسخة من ….
– نسخة من ….
ولما تذكرتُ قصة ( دولي ) أوقفتُ كل الإجراءات خوفا من تفويت العقار إلى ( نسختي ) ../

حرب باردة شن حربه على ( النسيان ) .. و لما انتصر هزمته ( الذاكرة ) ../

و ثائقي
قبل خروجها إلى الغابة دس الزوج في سروالها ( كاميرا خفية ) ..
وبعد عودتها حمل الشريط صورة ً لثعبانين كبيرين و هما يخرجان من جلديهما../

حمالة الحطب
كانت أمي تحمل الحطب على ظهرها و أبي يحمل ( السوط ) ..لكنني
كتمتُ شهادتي أمام حقوق المرأة كي لا أكون واحدا من أبناء أبي لهب ../

مضمار
رفض المشي في الوراء , خلف ( الزمن ) .. و لما جرى في اتجاه المقدمة
وجد نفسه ( قبل التاريخ ) ../

***************

محمد الغربي عمران ـ صنعاء ـ اليمن

محمد الغربي عمران ـ قاص وناقد
مكان وتاريخ الميلاد: ذمار 1958
المؤهل: ماجستير تاريخ
العنوان الالكتروني:
zamel-12@maktoob.com
من إصداراته:
– الظل العاري مجموعة قصصية
– حريم عزكم الله مجموعة قصصية
– ختان بلقيس مجموعة قصصية
ـ ماذنة سوداء مجموعة قصصية
الصورة من موقع عرب اونلاين ـ شكرا

ندوة
رأيت صديقة قديمة تبحث عن مقعد.. لوحت لها.. جلست الى جواري وقد وضعت حقيبتها اليدوية في الجانب الأخر للمقعد.. تبادلنا كلمات وضحكات همسة.. أدارت وجهها لشاب يبحث عن مقعد.. أشارت له بالجلوس جوارها بعد أن نقلت حقيبتها لتضعها بيني وبينها.. استدارت بوجهها نحوه.. طوال الوقت يتهامسان.. يتضاحكان.. كنت مغتاظا لوضع تلك الحقيبة.
عند انتهاء الندوة همستها معاتبا.. ردت علي من أنها لا تأمن على حقيبتها إلا معي.. هممت أن أقول لها وقلبك…لكنني ابتلعت غيظي ومضيت.

خادمة

تسير في دلال بين مقاعد الطائرة .. بابتسامة مشرقة.. دافعة عربة الطعام أمامها.. تسأل منتشية عن حاجة هذا ..وطلب تلك.. يلفت ناظريها وجه إحدى المسافرات على مقعد قريب.. تدفع عربتها باتجاهها.. تنهض تلك المسافرة مرتبكة حين تراها.. وهي تتمتم " لقد استأذنت والدك.. وأنا عائدة إلى بلدي في إجازة وسأعود بعدها لخدمتكم"
تشير عليها المضيفة بالجلوس قائلة :" لا عليك .. فانا اللحظة خادمتك!!

أبوة
يخرج من منزله حاملا طفلته الصغيرة على كتفه باتجاه الحقل: " مين روح بابا" , "أنا" "مين قلب بابا","أنا"
تكبر الطفلة.. تلعب مع أقرانها في الشارع.. يلمحها ولدها العائد من الحقل.. يرفع صوته : "مين روح باب" ,"أنا"," مين حبيب بابا ","أنا"
أمست صبية حلوة.. عندها قرر والدها عدم خروجها من المنزل.. تستقبله عند عودته.. يسمعها: "مين عيون باب ","…."," مين قلب بابا", "…."
تظهر الفتاة خجلا من أن ترد على عبارات والدها..بعد أيام يسمع ليلا أصوات حول الدار.. يراقب ما يدور.. يسمع همسا ذكوريا من خلف نافذة غرفة ابنته.. يرهف السمع: "مين حبيبة قلبي"," أنا" , "مين …. أنا.. مين….. أنا .

سرقة
في مدينتي ننتظر انطفاء النهار لنمارس سرقة حفن من حبوب القمح وجالونات القاز..
نسرع الى منازلنا قبل أن تشرق الشمس حتى لا تدوسنا نعال لصوص النهار وهم يحملون الوطن الى خزائنهم.

زواج

رضخ والدي لإصرار والدتي وتم استقدام خادمة لمساعدتها .. بعد أشهر قليلة طلبت أمي الاستغناء عن الخادمة .. رفض أبي ذلك.. لتعلن والدتي "يا أنا يا هي " ليفاجئنا أبي بطلاق أمي والزواج من الخادمة.
هي أشهر قليلة لرحيل أمي من بيتنا.. بعدها أعلنت زوجها من السائق البنغالي الذي كان يعمل سائقا لنا.

ورد
امتلأت مزهريات البيت بالورد .. والزوج يعود كل يوم بالمزيد .. سألته زوجته: "لماذا تذكرت حبي للورد هذه الأيام؟".. لم يجبها.. لكنه فكر في أن يستبدل الورد بقناني العطر.. كانت الأسئلة تتوالد بداخل رأس الزوجة عن سبب تغير زوجها الذي يغدق عليها منذ شهر بالعطور وباقات الورد والكلمات الرقيقة.. ليصلها صوت نسوي عبر الهاتف واشيا " أريد أن أخبرك بسر!"," وما ذلك السر؟"," ألا تعلمين أن زوجك تزوج منذ شهر!!"

اغتصاب
زوجة زعيم يعرفه الجميع.. أسرتها ابنتها الوحيدة بسر..أن أحد شباب حاشية القصر قد اغتصابها .. صدمتها المفاجأة.. إذ كيف يجرؤ أحدهم على مثل هذا الجرم الشنيع..الذي قد يكون أقل عقوبته الموت.. فكرت كثيرا.. ثم طلبت من أبنتها أن تريها ذلك الشاب الملعون حتى تختار له العقاب المناسب.
وبعد أن رأته رأت أن يكون العقاب من جنس العمل.. على قاعدة "العين بالعين والسن بالسن والجراح قصاص"..وقررت اغتصابه.. وهي من ستنفذ ذلك. 

******************

إسماعيل غزالي

ترجمان الأشواق*

رأى ذات حلم امرأة أندلسيّة في شرفة تطلّ على صباح لازوردي ، بشعر منسكب كما نهر سنونو . عندما اسيقظ حدس أنّها لن تكون إلاّ فتاة من غرناطة ولأنّ وجهها أبى إلاّ أن يسكن في ألبوم داخله ويقيم إلى إلأبد ، قرّر ذات مساء أن يكتب لها رسالة ومهرها بعنوان من تلقاء خياله بتواطؤ مع أملاه عليه حلمه وغرامه معا وبعثها مع حمامة زاجل . لم ينتظر إلا ثلاثين يوما وأرسل ثانية مع حمامة أخرى وعلى ذلك النّحو واصل كتابة الخطابات الغراميّة وإرسالها في كل رأس شهر وإن لم يصله منها أيّ جواب . مرّ على ذلك زمن ليس بقصير وهو يواظب على نفس العادة حتى بلغت خطاباته المرسلة المائة .
ذات مساء وصلته ورقة مع حمامة فاختة لم تكن من عشيرة حمامه الزّاجل الذي يرعاه ويعتني به في سطح بيته . بسط تلك الورقة على مائدة شرفته وبدا على وجهه كما لو صعقته موجة كهرباء لمّا اكتشف أنّ وجهه مرسوم بقلم رصاص فيها . وفي هامش الصّفحة مكتوب :
" كنت قد رأيت ذات حلم أنّ فتى مجهولا من الضّفة الأخرى ، مرّاكش بالذّات كما حدست وآمنت ، يرسل لي على رأس كل شهر خطاب غرام وظلّ يفعل حتّى بلغت رسائله المائة . صعقني ما يشبه الكهرباء عندما وصلتني أوّل رسالة منك بعد ما رأيته في الحلم بثلاثين يوما . قرّرت أن أنتظر بلوغ حطاباتك المائة كما جاء في الرّؤيا تلك لأنني كنت أنبش في كلّ رسالة من رسائلك عن شظايا وجهك حيث يجثم فيما بين سطور كل واحدة ملمح من ملامحك وكنت ألملمها وأرممّها حتى تأتّى لي رسمك أخيرا بعين خيالي وأصابع حلمي معا … " .

حدث كلّ هذا في حلم صاحب مكتبة مخطوطات في دمشق ، هذا الذي انتزعه من غفوة ظهيرته صوت فتاة اسبّانية مع فتى مغربي وهما يسألانه على مصطبة مكتبته العتيقة عن مخطوط : ترجمان الأشواق لابن عربي .
بدا على وجه صاحب المكتبة الدّمشقيّ كما لو تلقّى موجة كهرباء متفرّسا في وجهي العاشقين ، كانا هما معا : وجه الفتاة الغرناطية ووجه الفتى المرّاكشي اللذان أشرقتْ بهما رؤيا قيلولته الأندلسيّة .
*عنوان القصّة الأصلي هو : قيلولة أندلسيّة .

تخاطر لوني معكوس*
1 في الهزيع الثّاني من غرب كل ليلة ، كانت رسّامة من إشبيليّة تضع اللّمسة الأخيرة على لوحة لراقصة فلامينكو أو عازف قيثارة غجريّ ويتضرّج وجهها بانتشاء طاعن في الورد قبل أن تغوّص لتوها في نهر منام بنفسجيّ .
2 في ذات الهزيع الثّاني من شرق كلّ ليلة ، كان رسّامٌ من حلب يضع آحر لمسة أيضا على حصان جامح في لوحته ويتخضّل وجهه بوردٍ طاعن في الانتشاء قبل أن يغرق لتوّه في بحيرة نوم غضاريّة .
3 صباحا يروّعها مع كل استفاقة جموح حصان في لوحتها بدل راقصة الفلامينكو أو عازف القيثارة الغجري ولاتفهم بتاتا كيف يلمُّ المسخ بشخوص لوحاتها التي باتت مسحورة .
4 مع كلّ استفاقة في الصّباح ذاته ، يمتقع وجه الرّسام الحلبيّ إذ يلمح راقصة فلامينكو أو عازف قيثارة غجري بدل حصان جامح في لوحته ولايفهم بتاتا كيف يطال المسخ خيول لوحاته التي باتت ممسوسة .
5 في معرض جماعي داخل باب المنصور بمدينة مكناس ، جمعها مع زمرة من رسّامي البحر المتوسّط ، كادت تفقد بصرها محدّقة في غمرة انخطاف كلّي في راقصات الفلامينكو وعازفي القيثارات الغجر داخل لوحات رسّام من حلب ، هي نفسها الرّاقصات وقيثارت العازفين الغجر التي رسمتها فيما مضى من لياليها البيضاء .
6 بنفس المعرض المتوسّطيّ في باب المنصور بمكناس ، غمره انخطاف كلّي وكاد نور عينيه الشّاميتين يؤول إلى ظلمة فاحمة وهو يحدّق في خيوله جامحة داخل لوحات رسّامة من إشبيليّة، هي نفسها خيوله التي رسمها فيما مضى من لياليه البيضاء .
7 في مساء ذلك اليوم شوهد الرّسّام الحلبي والرّسّامة الإشبيليّة يضعان يدا في يد وهما يخرجان من باب المنصور بمكناس حيث المعرض المتوسّطي دون أن يؤوبا إليه وافتُقدتْ أخبارهما إلى الآن

امرأة الثّلج*
استفاق على البياض المستشري ذلك الصّباح . كانتْ ليلة مستفحلة في نديف الثلج . في الحديقة شرع يصنع تمثال امرأة من الثلج ، لم يكن الأمر إلاّ محض تسلية في البدء . عندما وضع آخر لمسة على تمثال المرأة اكتشف لتوّه كم هي باذخة الجمال وأغرم بها في الحين . إسوة بالفنان بيجامليون طلب من السّماء كي تؤول امرأة تمثاله إلى أنثى من لحم ودم ، لأنّها كما غالاتيا ، امرأة لايرضى عنها بديلا وطالما حلم بها . عندها فكر في أن يقبّل امرأة الثلج كما فعل النّحات بيجامليون بأمر من افروديت حين لثم منحوتته غالاتيا و صارت بفعل القبلة السّحرية امرأة حقيقيّة .

كان يقبّل في جنون امرأته الثلجية حيث أيقظه صوت امرأة وهي تقدّم له وجبة غذائه ، كانتْ المضيفة الجوّية للطّائرة التي تقلّه من بلده صوب بلد قارة جارة .
كادت نظرته تتحجّر عليها من فرط الهول . لقد كانت نفسها امرأة الثلج التي نحتها في حلم غفوته من قليل .

*عنوان القصّة الأصلي : القبلة .

نظراً لوفرة مواد الكاتب اسماعيل عزالي التي أرسلها إلى لجنة ملتقى القصة القصيرة، بإمكاننا أن نخصص له صفحة لنتاجه إذا وافانا بصورتين أو ثلاثة صور له. مع الشكر

*******************

قصص عماد نداف الجديدة
حزيران وتموز 2010

آخيل : ـــــــــــ
رمت الطائرات القنابل على بيتي . حطمت كل شيء . لم أمت !
خرجت من تحت الأنقاض ، رفعت راية بيضاء : كانت مصبوغة بدم أمي التي ماتت منذ سنوات !
رفعت راية خضراء : كانت مصبوغة بدم أبي الذي قتل دهسا على أحد الطرق . رفعت راية زرقاء : كان قد رشق عليها دم أخي الذي مات ضاحكا نتيجة دغدغة السرطان في حلقه وبطنه ..
لم يستجب أحد إلى راياتي .. أطلقوا علي الرصاص .. أطلقوه بغزارة إلى أن اصابوني بكاحلي ، فدب الوهن في .. ورحت أنتظر طائر الغمام الأسود !

الجواسيس !
ــــــــــــــــــــــ
طرق السنونو على نافذتي !
سمعت صوته.. أنا متأكد أنني سمعت صوته : قم .. هيا !
غمرت رأسي بالغطاء السميك ، لا أريد أن أسمع صوت العصافير .. أنا متأكد من أني لا أريد أن أسمع صوت العصافير !
لا أريدها .. لا أريدها صدقوني !
كل العصافير تتجسس علي ، وتخبر الشرطة أنني أمارس عادتي السرية كل مساء .. وحيدا، وأنا أتخيل كل نساء السلاطين وهن عاريات!

الجن !
ـــــــــــــ
يعرفه .. قال إنه شاهده .!
صدقه الناس . قال إن الجني رجل طيب ولكنه كافر !
التفتوا إلى بعضهم البعض . قال واحد منهم . كل المنافقين كفار . قال الثاني : أغلب الناس منافقين .
قال الثالث : أغلب الناس من الجن !
قال الرابع : أغلب الناس طيبون ، ولكنهم كفار !

التي يحبها ! ـــــــــــــــــــــ
أمسك بها . هزها ، وقال مرتجفا :
قومي بحق الذي بيننا .. قومي بقا .. عودي كما كنت !
لم تقم !
كانت ميتة ، وكانت تضحك وتضحك إلى درجة الوقاحة !

دم على الوسادة : ــــــــــــــــــــــــــــ
لم ينتبه السيد إلى عنقه المقطوع عند الحنجرة .
نهض كعادته كل صباح ، يريد أن يشرب قهوته ويدخن سيكارته ويستعيد أحلامه !
كان يتوقع أشياء كثيرة .. إلا ماحصل معه ذلك الصباح !
فجأة رأى دما على الوسادة . ركض إلى المرأة ..
تدحرج رأسه على الأرض ثم وقف الجسد بلا رأس !

الطابة !!
ـــــــــــــــــــــ
تجمع الأطفال في حلقة دائرية . قال لهم زعيمهم ، وهو طفل مشاغب أشعث الشعر ، علمته أمه أن لايخاف من أبيه ولا من الشرطة :
ــ لم نعد نرغب في المدرسة . نريد أن نلعب بالطابة !
وقال طفل آخر : الأساتذة لا يعلموننا شيئا .. الطابة أحلى!
وقال طفل ثالث : المدرسة مثل السجن مغلقة الأبواب ولها جرس للدخول والخروج !
وقال رابع : المدرسة مثل المستشفى .. أشعر أنني مريض فيها !
زجرهم الطفل ذو الشعر الأشعث، وقال : لاتحتاج الطابة إلا إلى ساحة كبيرة !

الطفل ذو الشعر الأشقر والعينان الزرقاوان !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اقترب من السيارة . وضع يديه على حافة نافذتها . كانت إشارة المرور قد أضحت حمراء لتوها، قرأ نصه بعناية كبيرة ، وبعينين متوهجتين بذكاء مدفون :
ــ أعطني خمس ليرات . ألله يرضى عليك ياعمو . أنا بحاجة إليها . أمي مريضة . أبي مصاب بالسرطان . أريد أن آكل . أنت رجل طيب ياعمو . كل الناس لايعطونا. ما عندهم شفقة ياعمو . أنت رجل طيب . أعطني خمس ليرات . خمس ليرات بس !
مشت السيارة ، كانت اشارة المرور قد أضحت حمراء لتوها . تراجع الطفل بعينين رماديتين انطفأ فيهما الأمل تماما .. لكنه سمع رنين خمس ليرات عند حافة الرصيف!

*******************

د.  مسلك ميمون ـ

قصص قصيرة جداً

1 . وجد الفقيه الجلالي نفسه في مركب صيد في عرض البحر. لاحظ أنّ معظم البحارة لا يصلون . أقلقه ذلك فقال لهم: لقد أضعتم نصف حياتكم. و حثّهم على الصّلاة . فانتفضت عاصفة قوية . فذعر الجميع . و تمسكوا بالحبال خوفاً .
فقال بحار للفقيه : أتحسن السّباحة ؟
فهزّ الفقيه رأسه نافياً ، و عيناه جاحظتان ذعراً.
فقال البحار آسفاً: لقد أضعتَ حياتك كلّها .

2 . رحّب به الرّاهب و دلّه على حبل الجرس . ثمّ سأله : هل أنت متعلم ؟ قال : لا. فاعتذر له عن عدم تشغيله .. فوجد مبتغاه بعد ذلك في التّجارة .. و أصبح تاجراً كبيراً. فأقام وليمة للوجهاء و الأعيان … فتحدثوا و أطنبوا في فضل العلــم و الثّقافة… فاغتاظ و أسرّ في نفسه : لو كنت متعلماً لبقيت العمرَ أقرعُ الجرس.

3 . قال :إنّ ثلثي النّاس في بلدي هكذا: قد ينقطع القطرُ ، و يعمّ البلاء
و الفقرُ ، و تغلا المعيشة ، و تنتهي الذّخيرة … فيبكون و يتأوهون .
و قد ينزل القطرُ ، و يعمُّ الرخاءُ و التَّمر ، و تبسط المعيشة ، وتكثر الذخيرة ، فيبكون و يتأوهون !!
قلت مستفسراً : و الثلث الباقي؟ !
قال : ذاك كسرٌ من الكسور .

4 . لما اشتدّ عوده . قال لي لنتسابق .
كان الطّريق طويلاً .
و الحرّ شديداً .
قلت : لنتسابق .
حين وصلت و أنفاسي تكاد تتقطّع من الجري.كان هو في نقطة البداية،يُرتّق نعله .

5 .لا أدري ما جعله يتكلم بلساني .و يحلم أحلامي ، و يشفق من حالي . و كلّما خاصمني النّاس أدلى بأعذاري ….
حرت في أمــــره !!!
وقد ساورني الشّك في ذاتي و ذاته ، حين جاء يوماً ، يقاسمني مَتاعي … !!

6 .قال الأول مغتاظاً منفعلاً :
ـ لو كان الأمر بيدي لفعلت الأفاعيل . و لقلبت الأوضاع . و لغيرت الموازين .
و لأتلفت الكائن،و جئت بما ينبغي أن يكون.و لصارت الدنيا غير الدنيا،و لـ …..
و قاطعه الثاني قائلا :
ـ حمداً لله أنّ الأمر ليسَ بيدك .

7 .ظلّ يبحث ويبحث عن إبرة في كومة قش. فأشفقت من حاله و قلت : لماذا هذه الإبرة بالضّبط ؟ سآتيك بغيرها .
فقال:لا بدّ مما ليس منه بدّ ،إنّ من يكسي العالم و يبقى عارياً،لا يحقّ أن يهمل أو يضيع أبداً .

8 .كان يحدثنا كثيراّ عن حسن السّلوك . و كنّا صغاراً لا نفهم ذلك.
فقال لنا يوماً : معلّمكم هذا هو السّلوك.ازداد الأمر اضطراباً وغموضاً.
في البيت : قال عمّي لأبي و هو يحاوره : انتهى السّلوك الطّيب ومات .
اندهشت، و قلت لزميلي : غداً عطلة .
فقال: إلى متى ؟ !
قلت : إلى أن يأتينا سلوك جديد .

9 .حين قالوا عنه أنّه أحمق . قلت كيف يكون أحمقاً و هو يحبّني ؟ تركوني و انصرفوا . أمّا هو فظل ينظرني ببراءة و يبتسم . و جاء بلحام مشتعل . قلت ماذا تريد بهذا ؟
قال و البسمة البلهاء لا تفارقه : يريدون تفرقتنا .. و أنا أريد لحمتنا .
فهربت من نار لحامه المتأججة و أنا أصرخ : أحمق .. أحمق ..
فنظرني و قد غابت بسمته ، و قال : حتّى أنت ..؟!

10 .كلّ كلامه كان حول مباهج الحياة : الزّواج حياة، الأولاد حياة ، المال حياة ،السّعادة حياة …كانت فلسفته كما يقول دائماً : حياة الحياة . و كان يتساءل : كيف لا يحيى النّاس ؟ و هل هم أحياء ؟ كانت أسئلته تبهرني . و حديثه يجذبني و يغرقني….
و لكن اليوم سألت عنه، فقيل لي : لقد غادر الحياة .
د. مسلك ميمون

 *******************

 "قصص قصيرة جداً"

بقلم: عمران عز الدين أحمد ـ الحسكة 

أب عندما ألقتْ سلطات الاحتلال القبض على ابنه، قال: أنا أبو البطل.
ولما استشهد ابنه تحت التعذيب بعد عشرين عاماً قضاها في سجون الاحتلال، وقف شامخاً وقال: أنا أبو الشهيد. ولقد انشرح قلبه وشعر بالانتماء لما رأى الإعلام المرئي في بلده ينقل مراسم نقل جنازة ابنه الشهيد إلى بلده الأم. لكنه تألم كثيراً وذرف دموعاً غزيرة، حين زار قبره للمرّة الأولى.!
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مخاتير أمام العواصف
ضجَّ سكان القرية من السرقة المتكرّرة لمحاصيلهم، فقصدوا المختار، كتبوا له عريضة جاء فيها: (تتعرّض محاصيلنا للسرقة باستمرار، نطالب بمعاقبة السارق، واسترجاع تلك المحاصيل.) قطّب المختار جبينه، وأخرج ورقةً من جيبه، فتشدّق وتعهّد باسترداد ما سرق, ثمّ ندّد وهدّد واستنكر وأكّد بأنَّه سيلقن الجناة درساً لن ينسوه أبداً.
فجأةً هبّتْ عاصفة، طوحت بورقة المختار، ورمت بها بعيداً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

استئجار حمير لإنهاء العمل بالسرعة القصوى، قرّر أحد الأثرياء أنْ يستأجر مئة حمار لنقل مواد بناء عمارته الجديدة، لكن مالك الحمير طلب منه أجراً باهظاً، وبعد تفكير عميق، عدّل الثري عن فكرته الخائبة، واستأجر خمسين عاملاً، بنصف تلك الأجرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

نفاق
تبارى صفوة الشعراء في بلاط الحاكم، للظفر بلقب (شاعر الحكم )، وكان أن حقّق أحدهم المبتغى.
وفي يوم ما طلب عبدالستار من الشاعر الفائز أنْ يكتب له شعراً في حبيبته، فشكاه الأخير إلى الحاكم، الذي أمر بالقبض عليه، وزجّه في السجن عقاباً له.
منذ ذلك اليوم، شاع أدب المديح في تلك المملكة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

لماذا تاب..؟
كان يسرق كلَّ ما يقع تحت يده، وقد اكتسب خبرة كبيرة، وأصبحت يده خفيفة جداً، فهذا (كَارهُ) وقد تربى عليه، لم يكن ينسى أصدقاءه، إذْ كان يصحبهم معه إلى الحانات والملاهي، ويولم لهم، لكنه في الفترة الأخيرة صُدِمَ بمَحافِظَ خالية جدباء، فلعن في سرّه كلّ الاختراعات الحديثة والكومبيوترات والبنوك والحسابات السرية، وشعر بتأنيب الضمير، الأمر الذي دفعه إلى التوبة وارتياد دور العبادة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

خيبة الأحفاد طلب الأستاذ من شعبة الطلاب المتفوقين أنْ يكتبوا عن أمانيهم وأحلامهم ومستقبلهم، فكتب الجميع عن الحرّية ورفض الظلم وطرد العدو من البلاد، طمعاً بنيل العلامة الكاملة، ودغدغة مشاعر الأستاذ، كونه من جيل الثورة العظيمة، مستشهدين بآيات قرآنية وقصائد ثورية من عيون الشعر، كانت تردّدها وسائل الإعلام في زمنٍ ما مئات المرّات في اليوم الواحد.
عند تصحيح الأوراق, نال جميع الطلاب علامة الصفر، لأنّهم لم يستوعبوا الخطة الدراسية الجديدة، القائمة على الشفافية وتحديث المناهج ومواكبة العصر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

لماذا يسير النمل بخط ّمستقيم؟! ذات يوم اشتدَّ الصراع بين الفيّلة، ونسيت النملة تلك النصيحة الثمينة، وسارعت كي تتفرّج عليهم، فماتت سحقاً بين الأقدام.
وقد كان هذا الموقف، درساً للنمل، حتّى يومنا هذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

كاتب
كتب عبد الستار مذكراته، فهاجم الجميع، إذ كتب عن فساد المسؤولين مؤكداً أنه يملك كثيراً من الأدلة التي تدينهم. كما كتب عن الذين احترفوا السرقة والنصب، وعن خروقات وتجاوزات على القانون، ثم كتب عن الواقع الذي مرّغه في التعذيب. كتب عن كل ذلك بلهجة انتقامية ولغة تحذيرية، وانتحر بعد ذلك. لكن دون أن يذيّل مذكراته باسمه الحقيقي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

علي بابا والمليون حرامي قرّر علي بابا ذات يوم أن يعتكف كي يحصي عدد اللصوص الذين زاد عددهم على الأربعين.
في اليوم الأول لم يخرج علي بابا، وفي اليوم الثاني لم يخرج علي بابا.
ذلك أنه مكث طويلاً وهو يحصي عددهم.!
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

المنبّه كعادته.. وقبل أن يأوي عبدالستار إلى فراشه منهك القوى، كان يضبط ساعة المنبه على السابعة صباحاً.
ذات يوم نسي أن يضبط ساعة المنبه، وكانت المفاجأة أن استيقظ في التوقيت ذاته.
ظن بعد ذلك أنه لم يعد بحاجة إليه… فباعه.!
لكنه مازال نائماً.