مشروع رائد لـ “جمعية المبرة النسائية للتنمية الاجتماعية وكفالة اليتيم، حوار ريما ديبو مع رئيسة الجمعية السيدة ندى دياب: تسيّرنا فكرة أن لا حلما مستحيل التحقيق، و في نفس الوقت ترسيخ فكرة أن لا شئ سهل المنال.

ريما ديبو

الأيتام بين مسؤولية المجتمع .. ودور الرعاية الإيوائية:


اليتيم حالة عامة وتمس شريحة كبيرة من المجتمع لا يمكن تجاهلها.. فقد نجد حالات لا تعد ولا تحصى من يتامى تمت رعايتهم في منزل ذويهم، كبيت الجد أو بيت العم أو الخال. ومع ذلك في بعض الحالات لا يجد الطفل من يرعاه من أقاربه، وحينها يا ترى أين سيجد الطفل من سينوّر طريقه ويعينه على صناعة حياة كريمة ؟؟ فهنا يأتي دور المجتمع وانطلاقاً من إيمانه أن المجتمع السليم لبِنته الأساسية هي الأفراد الأسوياء، كما يأتي دور المؤسسات الاجتماعية لرعاية الأيتام في احتواء الطفل صغيراً ورعايته وتدرسيه وتوجيهه حتى يكبر ويشب ويتمكن من رعاية نفسه، وهو من أهم الأساليب الاجتماعية والإنسانية في حماية الطفولة وجعلهم أفراداً ناجحين ومنتجين.


وكان لنا في هذا السياق، حديث مطول مع رئيسة جمعية المبرة النسائية بدمشق السيدة ندى دياب التي تحدثت عن الجمعية وأهدافها، وعن مشاريعها الإيجابية التي تقدمها للمجتمع:

متى تأسست الجمعية، وماهي أهدافها؟


تأسست جمعية المبرة النسائية عام 1945 تحت اسم "مبرة التعليم والمواساة " أسستها نخبة من سيدات المجتمع المتعلم الراقي، كانت أهدافها آنذاك: مواساة العائلات المستورة، وتهيئة سبل العمل الشريف وتعهد أطفالنا بالعلم والتربية، ومكافحة الأمية، وتعليم المحتاجات بعض المهن اليدوية التي تدر عليهن الربح وتغنيهن عن الحاجة.

وأصبحت الجمعية في عام 1978 تعنى وتؤوي 100 من الفتيات اليتيمات و المحرومات من حضن الأهل ورعاية الأسرة، وتكفلهن في دارها في المزة جبل.


ما هو وضع الطفل الذي يأتي إلى الجمعية؟


نأخذ الطفل الذي يأتي لعندنا عن طريق الوزارة أو الشرطة وأحياناً عن طريق الجد أو الجدة، أو العم أو الخال.. ممن لايقدرون على القيام بمسؤوليته بسبب ظروفهم الشخصية، وذلك لمدة مشروطة. فإذا كان طفل ذكر نبقيه عندنا حتى عمر الست سنوات ثم تأخذه دور الرعاية الاجتماعية لعدم وجود مكان له في الجمعية بعد أن يكبر. أما الفتيات وعددهن أربعين فتاة وحالياً وسّعنا الجمعية لتحوي خمسين فتاة، حيث تبقى عندنا في الجمعية من عمر السنة حتى عمر الخمسة عشر. لكن هناك حالة استثنائية، فالفتاة التي تنجح في التاسع وتريد أن تكمل دراستها للبكالوريا فلا مانع من بقائها عندنا في الجمعية حتى تأخذ البكالوريا وتصبح قادرة على الاعتماد على نفسها. وفي بعض الأحيان نقوم حتى بتزويجهن لعائلات تقصدنا لخطبة بناتنا إما لشباب تربت في دور للأيتام أو حتى من عائلات ميسورة جداً.. وشرطنا أن يكون الشاب سمعته جيدة و ملتزم بعمل ثابت فنقوم بتقديم المعونة لهما من ناحية الكسوة أو تقديم أقساط لإيجار بيت، أو تأمين بيت إعارة لهما إلى حين يتمكنا من شراء بيت، وغير ذلك من المساعدات التي نقدر على تقديمها في الجمعية.


نلاحظ وجود مشغل خياطة مجهز تجهيزاً كاملاً، حدثينا عن هذا المشروع:


لدينا في الجمعية مشغل خياطة يحتوي على /11/ ماكينة بين درزة صناعية وحبكة ورشة ومقص كهربائي، ومكواة صناعية. نقوم بتدريب أعداد متتالية من الآنسات لتأهليهن للعمل في المعامل والمشاغل. ويحتضن /10/ سيدات تقمن بخياطة حاجيات الجمعية من كساء للتوزيع على العائلات التي ترعاها الجمعية من كساء شتوي، صيفي، للأعياد، والكساء المدرسي. ونعتبرمشغل الخياطة جزء من المشاريع الخدمية الاستثمارية الحالية في الجمعية.


أم بديلة لكل شقة:

حالياً جعلنا (أم بديلة لكل شقة وخالة ومشرفة ) والأم البديلة تبقى مع الفتيات كل أيام الأسبوع ماعدا يوم واحد تعطل فيه. فتأخذ دورها الخالة في رعاية الفتيات. ووضعنا في كل شقة غسالة وبراد ومكواية. أما في السابق كانت المشرفة هي المسؤولة عن الجناح كله بما فيه الفتيات ومتطلباتهن وشؤونهن الدراسية، والأم لا تبقى إلا لوقت الظهر وتذهب. والغسيل كان جماعياً لكل اليتيمات في الطابق السفلي وكان يطبخ طبخة أو طبختين لكل الفتيات في كل الشقق. أما الآن فأصبحت الفتيات تتمتعن باستقلالية أكبر في الجمعية حيث تفرغت لكل شقة أم بديلة لعشرة فتيات.


كيف تقضي الأم البديلة يومها في الجمعية؟


مثلها كأي أم أخرى في أي بيت، تقوم بالطبخ وتنظيم دراسة الفتيات، وترتيب البيت، وتساعدها الفتيات بالكوي والطبخ أيام العطل حتى ننمي عندهن روح المسؤولية ويخرجن من الجمعية وهن مؤهلات كربات بيوت. والمشرفة صار دورها فقط الانتباه والإشراف على حسن سير نظام الطابق. بينما كانت سابقاً لها المسؤولية كاملة في رعاية اليتيمات و حمل كامل متطلباتهن.


حدثينا عن شقة الفتيات؟


كل شقة تحوي عشر بنات فيها غرفة جلوس مع طاولة للدراسة، وغرفة للفتيات فيها عشرة أسرة مع خزانتها، وغرفة للأم البديلة و مطبخ ومنتفاعاته، ومكتبة للدراسة، وغرفة تلفزيون، ومطعم مشترك لكل الطابق.
كيف تبقون الرابط موجود بين الفتيات وذويهن خارج المبرة؟

نحن حريصون على دوام زيارة الأهالي للفتيات كي تبقى العلاقات الأسرية قائمة فيما بينهن ولا يجدون صعوبة في العودة للعيش مع ذويهم من جديد. ففي النهاية الفتيات سوف تتخرج من عندنا في سن معين وستعود إلى بيتها أخيراً، فنحن نؤكد على زيارة اليتيمات أيضاً لبيوت أهاليهن أيام العطل ممن كفلهن سواء أكان الخال أو العم أو العمة أو الجدة…


ما أبرز المشاكل النفسية التي تواجهكم في الجمعية وهل تجدون صعوبة في حلها؟


توجد مشاكل نفسية ومن أهمها عدم إحساس الفتيات بشعور الانتماء، وذلك يعود إلى عدم وجود حياة عائلية للفتاة أي أنها لا تعيش مع والدها والدتها. ونقوم بعلاج هذه المشكلة عن طريق إقامة دورات ومحاضرات دائمة للأم البديلة كي تتعرف على كيفية التعامل مع البنات ومشاكلهن النفسية وتستطيع أن تتجاوز فترة المراهقة التي يمررن بها بدون أي مشاكل وصعوبات مع الفتيات.


هل يقتصر نشاط جمعيتكم على اليتامى والمحرومين فقط؟


في عام 1996، انبثق عن مشروع الجمعية الأساسي مشروع رعاية الأرملة وكفالة أيتامها في بيئتهم، أطفال قد فقدوا المعيل، فتقوم الجمعية بتشجيع الأم الأرملة بشتى السبل المادية والمعنوية لحماية أسرتها من التفكك وتمكينها حتى تستغني عن الحاجة للغير. و في عام 1998 كان لزاماً على جمعية المبرة النسائة تأسيس مشروع لتمكين المرأة الفقيرة، الأرملة، المطلقة، الشابة اليتيمة. وإجمالاً المرأة المهمشة اجتماعياً، في برامج (توجيه وتربية، تعليم وإرشاد وإعادة تأهيل اجتماعي،اقتصادي تعليمي لتلك النسوة). في دورات لمحو الأمية، ودورات تعليم غير نظامي.


ماذا تعنين بدورات تعليم غير نظامي؟


هو برنامج رائد في سوريا، يعيد الأم و الفتاة الاتي تركن المدرسة لسنوات، فيعينهن هذا البرنامج في تحصيل الشهادتين المدرسيتين. وفي نفس الوقت نمكنهن من قيادة الحاسوب حتى نعيدهن بصبر وثبات إلى مضمار العمل الكريم بتدريبهن في مهن مختلفة كالحلاقة والخياطة ومبادئ التمريض تنال فيها شهادات من الاتحاد النسائي ومن الدفاع المدني. فنقلنا العمل الخيري الذي اعتاده المجتمع المحصور في الإعالة إلى مضمار التنمية الاجتماعية.


من كان وراء فكرة تسمية الجمعية بجمعية المبرة النسائية للتنمية الاجتماعية وكفالة اليتيم؟


تسيّرنا فكرة أن لا حلم مستحيل التحقيق، و في نفس الوقت ترسيخ فكرة أن لا شئ سهل المنال. فعلى الإنسان المثابرة والجهد. فأطلقنا على جمعيتنا شعارها الجديد في عام 2009 جمعية المبرة النسائية للتنمية وكفالة اليتيم. مشروعنا التنموي البشري على جميع الأصعدة، يخدم ببرامج تعليمية وتدريبية وعبر محاضرات وندوات أعضاء الجمعية المؤازرات /90/ عضو والعاملات الفاعلات /40/ عضو، وتنمية للعاملات في الجمعية ويبلغ عددهن /50/ موظفة و/3/ موظفين، وتنمية /50-60/ أرملة أمهات الأسر التي فقدت المعيل، وتنمية /350/ سيدة وفتاة تخضعن لبرامج التدريب المهني والتعليم غير النظامي (تخرج منهن بشهادات مهنية أو دراسية 150 سيدة وفتاة). كرمتهن الجمعية.


مثال لإمرأة كرمتها جمعية المبرة النسائية؟


كانت أم لأربع أطفال استطاعت بدأبها نيل الشهادة الثانوية، وتسجلت في فرع رياض الأطفال في الجامعة السورية، وذلك بعد انقطاع 15 عاماً عن المدرسة.


هل للجمعية مشاريع أخرى خارج المزة؟


نعم، يوجد عندنا مركز في السبينة غزل للتنمية الاجتماعية، وهو فرع للمبرة في تلك المنطقة الفقيرة. يخدم سكان هذه المنطقة المحرومة الفقيرة فيضم: /180/ طفلا في نادي شتوي صيفي. و/40/ سيدة وفتاة في برنامج محو الأمية.


ما هي المشاريع الاستثمارية الحالية في جمعيتكم؟


تحوي الجمعية بالإضافة لمشغل الخياطة، نادي صيفي شتوي للأطفال تحت السادسة من العمر، يضم حوالي/200/ طفل، وسكن جامعي يضم /93/ فتاة جامعية تستأجر غرفاً، ويغطي ريع المشروعين الأخيرين جزءاً لا يستهان به من النفقات العامة للبناء، وقاعة المحاضرات، حيث تجتمع الهيئة العامة أسبوعياً وتقام فيها الحفلات الدورية، ويمكن تأجيرها لنفس الأغراض في الأيام الأخرى.


مشروع إيواء قيد التنفيذ:

حصلنا على أرض عن طريق التبرع العام الماضي في الكسوة من أجل مشروع إيواء لرعاية الأرامل اللواتي لا يوجد عندهن سكن أو لمن ندفع لهن آجار البيت. أو حتى لفتيات الميتم اللواتي يتخرجن من الجمعية وليس عندهن قدرة على شراء بيت أو قد يكون بيت إحداهن بعيدا عن مكان دراستها في الجامعة فنحاول أن نوجد لهن مركز قريب لهن عن طريق هذا المشروع وهو عقد إيجار يتجدد سنوياً يتألف من أربعين شقة ونفكر ببناء روضة أطفال في نفس المشروع وقاعة للحفلات لتأجيرها لتجلب وارد للمشروع الآن حصلنا على ترخيص لهذه الأرض لتنفيذ المشروع وسيكون هناك فريق مكتب هندسي كامل يتبرع ليقوم بدراسة مجانية كاملة لكل المشروع .