البصمة الكربونية وتأثيرها على صحة الإنسان والبيئة مقالة للدكتور مجد جرعتلي

الدكتور مجد جرعتلي

البصمة الكربونية وتأثيرها على صحة الإنسان والبيئة


مع الإستمرار السريع لتدهور نوعية الهواء في كافة المدن العربية الذي نتج عن الإرتفاع الكبير في نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون (CO2) في الهواء والذي أدى إلى العديد من الأمراض الخطيرة المباشرة وغير مباشرة للإنسان وإلحاق الضرر بالبيئة وكافة أشكال الحياة , ورفع بشكل كبير تكاليف العواقب الصحية والبيئية بشكل حاد. وتقدر كلفة المشاكل الصحية التي تعزى إلى تلوث الهواء من قطاع النقل وحده في البلدان العربية بأكثـر من خمسة بلايين دولار سنويا .


كما تعتبر إنبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون (CO2) الناتجة عن نشاطات الإنسان المتنوعة واحدة من أهم العوامل الرئيسية المسببة لظاهرة الإحتباس الحراري (Global Warming)، والتي لها التأثير المباشر في إرتفاع درجات الحرارة والتدهور البيئي في كافة أرجاء العالم. وبناء على ذلك تكمن أهمية قياس معدلات انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون والتي يستدل منها على مدى مساهمتنا السلبية في زيادة الأحمال البيئية.


من هنا ظهر ما يسمى بالبصمة الكربونية (Carbon Footprint) وهو مؤشر يتم من خلاله التعبير عن كمية انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري والذي يشمل (البترول ومشتقاتة والغاز الطبيعي والفحم الحجري) المستخدمة في إنتاج الطاقة الكهربائية ووسائل النقل المختلفة والنشاطات الصناعية . إلخ. ويتم إستخدام البصمة الكربونية على عدة مستويات، حيث تستخدم للتعبير عن معدلات انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون على مستوى نشاط كل من ( الفرد و المؤسسات و الدول ) أو حتى على مستوى عملية إنتاج أو تصنيع منتج معين أو على مستوى نشاط معين، وغالبا مايعبر عنها بوحدة (الطن ) من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في السنة.

وتتكون البصمة الكربونية من مجموع جزئين، هما البصمة الرئيسية و البصمة الثانوية البصمة الرئيسية: يتم عن طريقها تحديد الإنبعاثات المباشرة لغاز ثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، والتي تتمثل في إستهلاكنا للطاقة الكهربائية واستغلالنا لمختلف وسائل النقل (سيارات، طائرات، قطارات). ومن خلال هذه البصمة يمكننا مباشرة التحكم في كمية انبعاثاتنا.
البصمة الثانوية: يتم عن طريقها تحديد الإنبعاثات غير المباشرة لغاز ثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن دورة حياة المنتجات التي نستخدمها (من مرحلة إستخراج المواد الأولية إلى مرحلة التصنيع وصولا إلى مرحلة النقل والتوزيع النهائية)، وهي تكون متعلقة بشكل رئيسي بعمليات التصنيع ، وكلما زاد شراؤنا للمنتجات كلما زادت كمية الانبعاثات.
ولقد أصدرت المنظمة الدولية للقياسات والجودة " الأيزو " مسودة عمل لمشروع يخص البصمة الكربونية للمنتجات ومن المقرر أن ينجز هذا المشروع في العام القادم 2011 ويهدف المشروع من خلال " اللجنة الفنية لإدارة الغازات الدفيئة " إلى تحديد قيمة البصمة الكربونية للمنتجات حيث تشمل متطلبات تعيين الحدود المسموحة لتقييم إنبعاثات الغازات كما يوفر متطلبات تقييم البصمة الكربونية المعيارية وإستخدام " أنظمة فئات " مختلفة طوال دورة إنتاج حياة المنتج والتي تتماشى مع أخر متطلبات "الأيزو" التي تم تطويرها وفقا للمواصفات القياسية الدولية.

والجدير بالذكر أن البلدان العربية بحاجة ماسة إلى المشاركة بفعالية في هذا العمل الدولي لتوحيد مقاييس البصمة الكربونية للمنتجات التي تنتج في دولها ومن كافة الأنشطة ، وتنشأ هذه الحاجة مع إستمرار تدهور نوعية الهواء في كافة المدن العربية وخاصة العواصم والمدن الرئيسية الكبرى والتي تعاني من تلوث الهواء بدرجات حادة والتي نتج عنه عواقب مناخية سلبية في غاية الخطورة إنعكست على تنمية كامل المنطقة العربية مثل الإرتفاع الكبير في حرارة الجو والتصحر وإنخفاض الإنتاج الزراعي وتقلص الغطاء النباتي وخسارة التنوع الحيوي ( البيولوجي) والتراجع في تأمين الغذاء، فضلا عن تهديد الإستثمارات في العديد من المشاريع الإقتصادية الحيوية.

أساليب وطرق خفض البصمة الكربونية: يجب الحد من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون وبالتالي تقليل بصمتنا الكربونية، وذلك في الإنتباه ومراقبة كافة نشاطاتنا اليومية من نشاطات صناعية أوزراعية و إلى الطرق والعادات المؤدية إلى ذلك وفيما يلي نذكرأهم أساليب وطرق خفض البصمة الكربونية:
1- البحث عن مصادر للطاقة المتجددة النظيفة وإستغلالها بديلا عن الوقود الأحفوري.
2- التقليل من كافة أنواع النفايات وخاصة النفايات الغازية.
3- مراقبة كافة النفايات الصادرة عن النشاطات الصناعية وإلزام المصانع بمعالجة نفاياتها .
4- مراقبة النشاطات الزراعية وإلزامها بالتحول إلى زراعات عضوية صديقة للبيئة.
5- إستغلال وتطوير وسائل النقل الجماعي للتخفيف من إستخدام وسائل النقل الفردية التي تطلق ملايين اللترات من الغازات الضارة يوميا.
6- الترشيد في إستهلاك الكهرباء والماء وإستخدامهما بشكل أكثر فعالية.
7- إعادة تدوير المواد القابلة للتدوير وإستخدامها في عمليات الإنتاج من جديد.
8- إعتماد وإستخدام الألات و الأجهزة والمعدات والمشاريع ذات الكفاءة العالية وصديقة البيئة.
9- التوسع في زراعة الأشجار والغابات وإعادة إستزراع الغطاء النباتي الطبيعي .
10- إعتماد الأبنية الخضراء صديقة البيئة في عمليات البناء.