سمير طحان يتكلم لنا عن أصل “كنيته” وقرابتهم مع آل الكيالي… و.. لؤي كيالي كان مثل قدح الماء وعلاقته بروحية عبد الخالق كانت علاقة روحانية خارقة.

ونتابع حوارنا مع الكاتب والشاعر سمير طحان:

يحدثنا بكل شفافية عن حياته وفنه ورحلته الطويلة في عالم الإبداع:

عندما سألته عن الشبه الواضح بينه وبين المرحوم لؤي كيالي في شبابهما:

مرة التقيت عالم أنساب وقال لي أن عائلة الكيالي والطحان أسرة واحدة و لقب الطحان أتى لأن أجدادنا كانوا يملكون المطاحن، وكان أجدادي أبطال حروب يطحنون الحنطة بأيديهم … وكان … الطحان .. جدي الأصلي قائدا عسكريا ينسب إلى أيام الاسكندر الذي أسس الإمبراطورية السورية .. وكانت سلالته أبطال حروب وكوّنوا إقطاعية ادلب وضواحيها, وفي مرحلة ما، حصلت مجاعة فقام أحد أجدادي والذي ينتمي إلى أسرة الكيالي بصنع معجزة مثل معجزة تكسير الخبز للمسيح, كان لديه كيس من الحنطة فقام بكيل الحنطة لكل الناس واكتفى الجميع من هذا الكيس لذلك أصبحت له كرامات وقام بعدة معجزات كمعجزات المسيح ..(للشرح وليس للمقارنة), لهذا السبب كان لدينا لقب الطحان والذي نحن حافظنا عليه ولقب الكيالي, فالشبه بيني وبين لؤي آت من أننا من أصل أسرة واحدة، حتى أنه كان لدى لؤي بنت أخت تجمعها مع بنت أختي حالة شبه كبيرة.

لؤي كان صديق مقرب للعائلة وفي فترة أزماته كان يأتي عندنا, ولما أصبت بالحادث لم يكن يستطيع رؤيتي حتى إذا دخلت مقهى القصر وهو موجود يترك المقهى, كان دائما يحاول إن يتجنب رؤيتي والسبب إن صورتي في ذهن لؤي قبل الحادث كانت طاغية عليه ولم يتقبل رؤيتي بوضعي الحالي, وفي أحد المرات كان سعد يكن يريد إن يريه لوحة قد رسمها عن حالتي بعد الحادث في عام 1972 .. أثارت اللوحة غضب لؤي كيالي وثار كما لم يثر من قبل …

 في كل مرة أتى لؤي عندنا يجلس مع أخي بسام وكان دائما يقول: لا أستطيع رؤية سمير في هذه الحالة, وفي سنة 1977 جاء صديقي عابد عازارية من فرنسا وكان مصرا أن اذهب معه لنجتمع مع لؤي لأنه يريد اقتناء لوحة من أعماله, وكانت هذه المرة الاولى التي ألتقي به بعد الحادث ومن بعدها التقينا عدة مرات .. كنت احضر كروكيات وكان لؤي يعمل على لوحة من أجلي, لكن الحادث المروع الذي حدث له منعه من إكمالها.

أذكر أول مرة التقيت لؤي كيالي في مقهى القصر التي كانت محطة لتعارف الأدباء والفنانين على بعض وتحدثنا بمختلف المواضيع إلا الفن… و مرة أخرى كنت ذاهبا مع والدي إلى دمشق لزيارة عمي الدكتور ريمون طحان* صدف وذهبت معه إلى مقهى تدعى غاردينيا حيث يجتمع فيها الفنانين والأدباء والمفكرين, وكان لؤي كيالي و جرى بيننا حديث عميق حول الفن وعلاقة الفن بالحياة, وكان لؤي يقوم بالتحضير لمعرضه الشهير "في سبيل القضية" وأتمنى من كتابة حيثيات هذا الحوار لان القاء كان مهم جدا ومطوّل يصعب ذكره الآن.
كان لؤي تجمعه علاقة روحانية بالمغنية الحلبية روحية عبد الخالق, كان يذهب كل يوم خميس ويحضر حفلها في الملهى, وفي احد المرات ذهبت معه لحور حفل المغنية وقد أدهشني الطقس الجميل والفريد التي كانت تجمعه مع روحية عبد الخالق حتى إنها لم تكن تظهر على المسرح حتى تتأكد إن لؤي جلس على طاولته الخاصة وكانت اللغة المشتركة بينهما التراسل بالنظر وكانت تنظر في عيني لؤي فتعرف أي أغنية يريد إن يسمع وكأنهما كتلة واحدة, واعتبر هذه الحفلة من الأيام التي لاتنسى أمضيتها مع لؤي .
بالنسبة لشخصية لؤي … كان مثل قدح الماء… بمنتهى الشفافية، أي شيء يعكره, أحيانا تراه في حالة سعادة وفجأة يتحول إلى شخص حزين في منتهى الحساسية … كنا دائما حذرين بالتعامل معه… هو مثل الوتر أي شي يمكن أن يجرحه.
وبالنسبة للحالات التي كان يعيشها الوطن العربي في تلك الفترة, كان لؤي متأثرا بها حتى كان يقول عن نفسه أنا مثل شعب حلب، مثل الوطن العربي.. مثل الإنسان, مثل ايطاليا وفرنسا… وبرأيي أن السبب الذي جعل لؤي مفرط الحساسية وجعله سريع الذوبان والحلول هو قراءته للواقع العربي وتوقعه لبعض أسوء الأمور. . ومعرضه "سبيل قضية" الذي كان يعلن فيه أن حربا سوف تحدث جعله يشعر أيضاً بالتباهي والتباعد بينه وبين الوسط الذي كان يعيش فيه.

(يتبع)

* ريمون طحان أستاذ بالجامعة ومؤسس ثلاث علوم باللغة العربية علم الإنسانيات,والأدب المقارن وعلم المصطلح الانتقادي ومن كبار مفكرين العالم