الحُباب الخيّر وجوليا
- فبراير 9, 2010
- 0
لأول مرة نتعرف فيها على الكاتب الشاب الحُباب الخيّر من خلال نصه "جوليا" الذي نتمنى أن ينال إعجابكم، وآملين التواصل معه من خلال آرائكم. ولكم تحياتنا.
جوليا تناثر صوتها من سماعة الهاتف.. كتناثر شقائق النعمان في حقل أخضر.. إنها جوليا فحسب.. لا أحد يسألني المزيد عنها.. فأنا لن أتكلم عنها أبداً.. سأتكلم عني فيها.. وأنا الذي ما استسغت يوماً طعم القهوة… عشقت القهوة لأنها من لون عينيها.. ربما عقد الطفولة التي ترسبت داخلي .. أو ربما الكآبة.. التي رافقتني طيلة حياتي.. جعلتني أعشق خوفي من اللون الأسود.. لكني في هذه اللحظة.. أدرك موقناً.. أنَّ اللون الأسود لم يُخلق إلا ليسكن شعرها.. هل هي جينيفر لوبيز.. أم بيونسي التي جعلتني أعشق اللون الأسمر.. لا أذكر.. ولكني متأكد من أني بدأت بعشق من نكهة أخرى للون الأسمر مذ رأيت جوليا.. آلو.. أتى صوتها متثاقلاً كزحف الغروب.. لم تدرك عندما أتاها ردي متأخراً أني كنت أبحر في سيمفونية العندليب.. أعشقك.. أجبتها.. ربما لم يدرك يوماً من اخترع لغة الهاتف.. أنَّ هناك لغة أخرى للتخاطب عبره… عندما يتغير مفهوم الأنثى بالنسبة لك.. عندما تسقط معايير الشهوة في عالمك.. عندما يصبح النهد الصغير.. هو ما تعشقه.. ويصبح بروز في البطن مسرحاً لقبلاتك.. عندما يصبح للألوان طعم آخر في عالمك.. حينها تدرك أنك قد التقيت جوليا.. ضحكة خفيفة أتت عبر سماعة الهاتف.. أعشقك.. كررتها مرة ثانية.. – أنت بالبيت.. تساءلت – إن لم أكن سأكن… – بعد نصف ساعة.. – أعشق انتظارك.. – وأعشق ملقاك.. صوت إغلاق السماعة أتى… ومعه أتت أشياء كثيرة.. يبدو أن الذي اخترع الهاتف.. لم يدرك أن الرائحة تنتقل عبره.. الذي عرف جوليا يوماً.. يدرك حتماً أنها ليست بحاجة لتقرع الجرس كي يقوم بفتح الباب.. الذي رأى جوليا مرّة.. أدرك أنه من الممكن أن تحدث هزة أرضية لا يشعر بها سواه.. والذي لمس جوليا يوماً.. أدرك أن للموت نكهة الشوكولا.. والذي قبَّل شفتي جوليا مرّة.. أدرك أنه من الممكن أن تدوم قبلة واحدة ساعات عدّة.. والآن لأحدّثكم عن جوليا…. جوليا تكره التفاح.. جوليا أدركت وهي نائمة على صدري أن الجميع تحولوا إلى وحوش.. جوليا تحب سماع فيروز.. وتعشق صوت البيانو.. جوليا تشرب المتة.. جوليا تستطيع رسم سقراط بخمس دقائق.. جوليا.. تحبني فقط.. لأنني الوحيد الذي تستطيع الإغفاء على صدره.. تغيَّر رائحة الهواء جعلني أدرك أن جوليا أصبحت خلف الباب.. آلاف الكريات الحمراء قضت نحباً إثر هزة أرضية سببها جوليا.. أعددت لها كأس المتة.. ووضعت لها السمَّ في الإبريق.. ولأوّل مرّة منذ سنوات أعددت كأساً من الشاي لي.. لن يدرك أحدكم كم كان موتها جميلاً.. لن يدرك أحدكم أن شقائق النعمان غيّرت اسمها.. إلى شقائق جوليا.. لن يدرك أحدكم كم من الأرواح قد أنقذت بفعلتي هذه.. ولكن الشيء الوحيد الذي سيدركه كل من رأى جولياً يوماً.. أنها لن تتكرر بعد اليوم..
24/1/2010