الراب في المغرب
- فبراير 25, 2012
- 0
بدأت فكرة الراب تأثراً بالراب الأمريكي وكيف سعى إلى التعبير عن مشاكل الفقر والتمييز العنصري، ظهر في المغرب في بداية التسعينات من القرن الماضي، إذ كانت بعض مجموعات الشباب مهوسةً بالكلمات والإيقاعات والألحان
الراب والهيب هوب في المغرب
بدأت فكرة الراب تأثراً بالراب الأمريكي وكيف سعى إلى التعبير عن مشاكل الفقر والتمييز العنصري، ظهر في المغرب في بداية التسعينات من القرن الماضي، إذ كانت بعض مجموعات الشباب مهوسةً بالكلمات والإيقاعات والألحان، ثمّ شيئاً فشيئاً توسعت ثقافة الهيب هوب ومعها ثقافة الراب ساعدها على ذلك التقدّم التكنولوجي، ومع برامج الكومبيوتر أصبح الجميع قادراً على خلق إيقاعٍ راقص وكتابة الكلمات.
وبتطوّر الراب الأصلي في بلاد العم سام وصلت موجة التغيير إلى المغرب أيضاً مع فارق زمني وإن كان التغيير في المغرب أخذ مظهراً من مظاهر الحنين إلى الماضي كإدخال آلة مغربية بين الإيقاعات أو الاستعانة بلحن لمجموعة مغربية معروفة.
يقول السيد "هشام عبقري" مؤسس فيدرالية الأندر غراوند المغربي في لقاء له في برنامج "بدون حرج": الهيب هوب هي ثقافة شاملة تحوي عدّة أشكال فنيّة ومن بينها الراب، وأول ما ظهر هذا النوع كان في الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة في الساحل الشرقي وفي مدينة "نيويورك" بالتحديد، وقد ظهر هذا النوع في الأحياء المهمّشة الأمريكية والفقيرة منها مع العلم أنه ليس بالضرورة أن تكون هذه الأحياء من الزنوج فقط، وهو فن نتج عن تطوّر الأشكال التعبيرية مثلها مثل العديد من الفنون في الولايات المتحدة الأمريكيّة، وهو في المغرب دخيل بحكم العديد من العادات والثقافات الدخيلة.
أمّا الأستاذ "عبد الرحيم العطري" المتخصص في علم الاجتماع ومستشار برنامج بدون حرج فيقول:
يمكن تعريف الراب أو الهيب هوب ضمن الإطار العام بأنها مجرّد تعبيرات موسيقية وثقافية يمكن أن نطلق عليها أنها ثقافة الهامش أو ثقافة المسكوت عنه أو حتى ثقافة المحظور في كثير من الأحيان، وإن تأملنا المتن وأساس القاموس التي تعمل عليه هذه الثقافة فإننا نجدها قاموساً احتجاجياً يعمل على الجنس بدرجة عالية جداً بالإضافة إلى انخراطه بعولمة الأضواء والغناء بشكل عام، ومن الملاحظ أن الراب يقدّم كافة القضايا الاجتماعية التي لم يتطرّق عليها أي فن آخر كتعرضه لكل قضية يشعر الشباب فيها أنه محروم وغير قادر على الوصول إليها، وهذا الأمر مرتبط بحالة نفسية داخلية بالإضافة إلى ارتباطه بحالة خارجية متعلقة بالاغتراب.
ويضيف قائلاً: من حق الشباب أن يعبّروا عن أفكارهم وآرائهم وعن خبزهم اليومي، البعض يقول أن الراب فن دخيل ولكن برأيي أن الموسيقى لا وطن لها ومن حق هؤلاء الشباب أن يستوردوا هذا الفن وأن يصيغوه وفق الوسط الذي يعيشون فيه
ويقول الأستاذ "مصطفى البغداد" الأمين العام للنقابة الحرة للموسيقيين المغاربة وعضو المكتب التنفيذي لنقابة الفنانين العرب:
أنا بدوري لا بدّ أن أدافع عن كل الأنماط الموسيقية بكل تنوعاتها وأشكالها باعتباري الأمين العام للنقابات الموسيقية المغاربة، ومجموعة من الفرق الموسيقية المغربية ضمن إطار الهيب هوب منخرطون معنا في النقابة ولكن دائماً يجب أن نضع الأمور في نصابها الحقيقي، فالقول بدخول الراب إلى المغرب منذ فترة التسعينات لا يساوي شيئاً أمام التاريخ الطويل للفنون الأخرى، فالراب لاقى معارضة شديدة منذ ولادته في المغرب شأنه شأن باقي الفنون كالمدرسة التكعيبية في مجال الرسم التي لاقت معارضة كبيرة أيضاً وكذلك الأمر بالنسبة للمسرح الديني الذي لم يكن مقبولا بتاتاً ولكن الآن الأمر تطوّر أكثر، لذلك أقول أن لكل فن بداية ولا بدّ له أن يأخذ وقته الكافي ليتطوّر كما يجب ويستوعبه الناس، وأقول أن الفراغات الموجودة في الفنون الحالية هي التي تفسح المجال أمام الفنون الأخرى بالظهور لأن الإنسان دائماً يبحث عن الاكتشاف والكمال بطبيعته.
ويتابع قائلاً: الراب فن من الفنون التي لاقت صدى في المغرب وهو بحاجة في الوقت ذاته إلى الكثير من الأشياء ليتطوّر أكثر، إذ ينقصها الوضوح في الرؤية والتعبير عن الفن لأنها في النهاية وسيلة من وسائل التواصل مع الناس، وصراحة هنالك العديد من الفرق التي أفضلها لأنها استغلت التراث المغربي فيما تصنعه من فن ولكن في الوقت ذاته هنالك الكثير من الفرق التي لا نفهم من كلماتها شيئاً وبالتالي فشرط التواصل غير متوافر لديها مما يخلق مشكلة بينها وبين المتلقي.
وللحديث أكثر عن هذا الموضوع أجرينا هذا الحوار مع الشاب مصطفى ماغو، وهو مغني راب وكاتب كلمات:
الفنان مصطفى هل لك أن تعرفنا عن نفسك ودراستك؟ وكيف اكتشفت الراب؟
اسمي مصطفى واسمي الفني "ماغـو إم سي" عمري 19سنة، تلميذ في المستوى الثاني باكالوريا، عضو في فرقة "المغاربة كلين" وأحد مؤسسيها، بدأت الراب في أواخر سنة 2007 بعدما عشقت الموسيقى بصفة عامة، بجميع الأنواع والأذواق، ووجدت في موسيقى الراب وبالضبط "راب أندر غروند" وهو نوع من أنواع الراب كتعبير عن المعاناة وعن مشاكل المجتمع.
هل هناك قضية معينة تشغل فكر جيلك وتختلف عن الجيل الذي قبلكم؟
ليست هناك قضية معينة، فارتفاع البطالة وتدهور التعليم وانتشار المخدرات إلى جانب ما نراه الآن من تقلبات سياسية بالمغرب كلها قضايا تشغل فكر الجيل الحالي.
وكيف تختلف طريقة تقديم مشاكل المجتمع عن "ناس الغيوان، جيل جيلالة" و"السهام"؟
الاختلاف هو أننا نحن نقدم مشاكل المجتمع بطريقة مباشِرة، عكس "ناس الغيوان، جيل جيلالة" و"السهام" و غيرهم، هؤلاء قدموها بطريقة غير مباشرة.
هل تستلهم نصوص أغانيك من الأغاني الأجنبية ؟
لا أبداً، فكلماتي من إبداعي الشخصي.
وهل تقدم الحالات الإنسانية في أغانيك أم تفضل تقديم الحالات المغربية فقط؟
أقدم جميع الحالات، المغربية والإنسانية، على سبيل المثال المجاعة في الصومال والقضية الفلسطينية والثورات العربية، وقد قدمت بعضها والبعض الآخر أعمل على تقديمه في المستقبل إنشاء الله.
هناك من يأخذ أغاني الراب من دون أن يأخذ شكل الـrappeurs الغربيين، ما رأيك؟
أنا واحد منهم، فحسب رأيي المظهر والشكل ليس لهم قيمة، الأهم هو ما يتوفر عليه مغني الراب من إبداع في كتابة الكلمات وفي طريقة الأداء.
بالنسبة للشارع المغربي، لو لم يكن هناك حراك سياسي هل كان الراب سيلاقي نفس النجاح، ففي باقي الدول العربية كان هناك محاولات ولكنها لم تنجح، لماذا نجحت في المغرب حتى شكلت ظاهرة؟
لا، الأمر لا يتعلق بحراك سياسي أو غيره، بل هي ظاهرة منذ البداية فرضت نفسها، وأنت تعلم أن المجتمع المغربي مجتمع سريع الاندماج ومنفتح على المجتمعات الأخرى.
من هنا لعشرة أعوام أين تجد نفسك في الميدان الفني وهل يمكن لمغني الراب أن يغني باقي الأنواع من الأغاني؟
في ظل غياب الدعم المادي والشركات المحتضنة من الصعب الاستمرار لعشرة أعوام، أما بالنسبة لمغني الراب فلا يمكن أن يغني باقي الأنواع من الأغاني ما عدا الأغنية الشعبية.
هل تتقيد أنت أو جيل الشباب الحالي بخطوط حمراء لا تتعدوها. أم أن كل شيء قابل للنقد والغناء؟ليست هناك قضية معينة، فارتفاع البطالة وتدهور التعليم وانتشار المخدرات إلى جانب ما نراه الآن من تقلبات سياسية بالمغرب كلها قضايا تشغل فكر الجيل الحالي.
أخيراً، هل تعتقد نفسك في موقع تستطيع فيه أن تنتقد الشارع أو المجتمع و تعطي النصيحة لأصدقائك؟
ولماذا لا ؟؟ أنا أعيش وسط هذا المجتمع، ومن حقي أن أنتقد وأعطي النصيحة لأصدقائي ماداموا هم بحاجة إليها
كلمة أخيرة لعالم نوح وللشباب؟
أشكر عالم نوح على هذه الالتفاتة وعلى هذا الاهتمام بإبداعات الشباب، وأقول للشباب أن الذي يمتلك موهبة حقيقية يجب عليه أن يطورها ويشغل بها الفراغ في حياته فإن ذلك أفضل من الاتجاه إلى المخدرات أو أشياء مشابهة.
ننتهي إلى القول أنّ للراب كلمات خاصة ولباس خاص وطريقة تعبير خاصة وهو نوع من أنواع الغناء الحديث نسبياً متفرع عن ثقافة الهيب هوب، وفي نظر البعض لا يعدو أن يكون سوى تقليد للغرب وخاصة في قشوره إلا أن من يغني الراب عادة ما يكون على اقتناع تام باختياره ومستعد للدفاع عنه كلياً.
نوح حمامي_أغيد شيخو_ عالم نوح ـ 2M