لقاء شادي نصير وعالم نوح مع راقص الفلامنكو السوري ضياء الدين حمصي

                              راقص الفلامينكو السوري ضياء الدين حمصي

وبلا مقدمات، هذا اللقاء لشادي نصير وعالم نوح مع راقص الفلامنكو السوري ضياء الدين حمصي
الفلامينكو قصة تختصر تاريخ مجتمع له حضارته وأفكاره، كيف كانت الشرارة الأولى التي دفعتك الى اقتحام هذا العالم الفريد؟
في شهر آب من عام ٢٠٠٦ في دمشق، وفي كلية الفنون الجميلة كانت الشرارة الاولى، ضمن عرض (فلامينكو) راقص، يومها أغرمت برقص متكامل فيه هذا القدر من القوة والطاقة الذي لم أراه في أي نوع رقص آخر، علما انني منذ الصغر عشقت الرقص،
فبدأت بال
Breakdance Dance

وتنقلت بين الجمباز و الباليه والفلكلور العربي، رقصت مع فرق سورية ولبنانية، ولكن المحرض الحقيقي والحدث الأهم هو رقص الفلامينكو الذي غير حياتي


هل كان هاجس الرقص يعيش في عالمك في الشرق، وخصوصا أن الرقص بكل أنواعه غير مستحب، وكيف استطعت ان تقنع المجتمع الشرقي بالرقص وتحمّله على الحب؟
لم استطع إقناع المجتمع طوال فترة إقامتي في بلدي سورية بأن الرقص شيء مستحب، كان هناك جزء من الأصدقاء وجزء من العائلة الذين لم يكن لديهم أي مشكلة مع الرقص، كانوا حولي يدعمونني وكانوا الحلقة المحيطة بي اتحدث اليهم
أما بالنسبة للذين لم يكونوا يتقبلون الموضوع فلم يكن لدي أي مشكلة معهم، هم من لديهم المشكلة، وهم الذين كانوا يعانون ولا يتقبلون الموضوع. مع أن جزء منهم بدأ يتقبل الفكرة فيما بعد، فالصعوبات بمواجهة المجتمع بالمعنى الحقيقي لم تكن موجودة بالنسبة إلي، لأنني كنت صلبا وجريء بأجوبتي وعنيدا بمناقشتي

هل تلقيت دعم من قبل أناس في عالم الفلامنيكو، وكيف كانت خطواتك الاولى معه؟
أعتقد أن الدعم موجود منذ البداية، فمن لحظة خروجي في تلك الليلة من حفلة كلية الفنون الجميلة بدأت البحث والسؤال لأتعّلم الفلامينكو فكان الشخص الوحيد الموجود في دمشق هو السيد واثق سلمان. كان يرقص الفلامينكو مع شقيقتاه سلمى ونور.
كانوا مبدعين باعتبارهم لم يخرجوا من سوريا لتعلم رقص الفلامينكو وتعلموا بجهدهم الشخصي. وقد استقبلني واثق بصدر رحب ومعه بدأت أولى خطواتي حتى انتقلت فيما بعد للعيش في لبنان.
فهناك تعرفت على السيدة فاديا يارد، وهي مديرة جمعية Flamenco In Beirut ، وهي عبارة عن مدرسة صغيرة تعنى برقص الفلامينكو، حيث كانت تقوم بدعوة راقصي الفلامينكو من إسبانيا من فترة إلى أخرى لإجراء ورشات عمل قصيرة لم تكن تدم أكثر من أسبوع أو اسبوعين كحد أقصى. وبعد سنتين تقريبا أحسست بضرورة السفر إلى إسبانيا لأروي عطشي بنفسي 

اليوم لديك مشروع فلامينكو بالعربي، حدثني أكثر حول مشروعك هذا والى ماذا يهدف؟

– مشروع فلامينكو بالعربي لم يرى النور حتى الان، هو بذرة لفكرة مشروع كبير، أعمل على أن يتم البدءفيه قريبا، وهدفي منه هوإعادة تقديم الفلامينكو بلغة الجسد العربية، فأنا أومن أن الفلامينكو أغلب مكوناته هي من نسيج عربي، فهنالك نظريات كثيرة لتعريفه، أحد هذه النظريات تقول أن أصل كلمة فلامينكو هي فلاح منكوب (حسب Blas Infante)
وهو مفكروكاتب أندلسي، فهو الفلاح الذي أضاع أرضه وبيته جراء نكبة ما (بالإشارة إلى فقراء الموريسكيين و الغجر اللذين عاشوا على هوامش المجتمع في تلك الأيام).
وهناك من يرجع التسمية إلى طائر الفلامينكو. وهناك من يقول أنها أتت إلى إسبانيا مع شعب الفلاندرز (هولندا اليوم) …. الخ من نظريات لم يستطع أحد إثبات أي منها
كل ما نعرفه أن كلمة فلامينكو ظهرت لتأخذ شكلها الحالي في أواسط القرن الثامن عشر 

هل تعتقد أن الرقص يهذّب النفس ويعطي الأمل للنفس البشري في مستقبل له رسالة الحب؟

الرقص ليس فقط يهذب النفس، هو الحالة المطلقة لتصالح الروح مع الجسد، ولا بد ان يعرف كل انسان ماهية ذلك. لا أقول أن على كل انسان أن يرقص، مع أنه من وجهة نظري جمعينا نرقص بإيقاعات حركاتنا، فالمشي رقص والطبخ رقص وكل الحركات التي نقوم بها في حياتنا اليومية هي رقصات مصممة بعناية

بدأت هذه الفكرة عندما شاهدت طفلا صغيرا يتعثر بخطواته الأولى، فنحن عندما نولد نكون روحا في جسد جديد، يجب أن ندرّبه و نعلّمه كل الفنون التي أتقنها أسلافنا، من حبو إلى مشي إلى ركض … إلى أن نتقن تقنيات الرقص، فيتوحد الجسد مع الروح ويصبح طائعا لكل ماتريده أفكارنا. فعندما تريد أن تقفز وتقوم بدورتين في الهواء، فأنت جاهز لذلك
ومن هنا يأتي شغفي لرقص الفلامينكو، فبعد إتقان العديد من أنواع الرقص اتجهت إلى الفلامينكو وأصبحت الآن قادرا على أن أعزف موسيقاي الخاصة بجسدي، وهو شعور رائع لا مثيل له

حدثنا عن مشاركتك في أرب غوت تالند، وكيف كانت استعداداتك لخوض هذه التجربة؟
أرب غود تالنت تجربة جديدة من نوعها، ليس الجديد الظهور على مسارح كبيرة وإنما جديدة أن تكون في وضع منافسة اختصاصات مختلفة لا تمتّ بصلة لبعضها
وبالرغم من أنني كنت متأهب لموضوع التلفزيون والعروض المباشرة، وضغط الكواليس واحتشادها بالمتنافسين باختلاف أعمارهم واختصاصاتهم، إلا أن الموضوعكان مفاجئ. فهناك عدم توازن في المشهد العام عندما ترى فردا وحيدا على المسرحيؤديمشهدا معينا، وعندما يكون هناك فرقة كثيرة العدد، بين عازف موسيقى كلاسيكية وبين مصمم غرافيك يستعرض آخر ماتوصلت إليه التكنولوجيا على شاشات عملاقة
ولكن هذه هي سياسة البرنامج، وأنا من جهتي كانت استعداداتي على أكمل وجه كي أتوجه وللمرة الأولى إلى الجمهور العربي وأقوم بهذه التجربة الفريدة. والنتيجة كانت أكثر من مرضية

هل ترى أن تقبل الشباب لك في البرنامج، حول تقديمك لثقافة مختلفة يضعك اليوم في موقع الباحث لتقديم الجديد دوما، او دمج الرقص الخاص بالشرق، سوريا، تحديدا ورقص الفلامينكو؟

في البداية، لا أقرّ أنني أقدم ثقافة مختلفة، وإنما تقنيات رقص متطورة جدا عن كل ماتعودنا عليه. فإذا تعمقنا في دراسة وممارسة الفلامينكو، بكل اختصاصاته، غناء تحديدا، فلن يكون من الصعب أن نشعر بثقافتنا وتاريخنا مرويا بلغة وبطريقة آخرى.
فنحن نقول "الله" عندما نكون في حالة الطرب، وفي إسبانيا يقولون
"Olè"
وفي نفس الحالة. وفي بعض أغانينا نستهل بموال "ياليلي ياليل"، وفي

اسبانيا يستهلون ب
"Lerele Les le".
فانظر كيف تغيّرت بعض التسميات العربية عبر الزمن وكيف أصبحت تستخدم في إسبانيا في وقتنا