الصمت .. الصمت عبء والكلام نقمة لـ المهدي نعيمي
ممثل ومطرب مغربي
يراودني صراخ باطني ، يحاول الخروج للواقع _واقع معيش_ أراني فيه ذو قيمة مرة .. وأخرى بلا عنوان . فاقد للذاكرة _الذاكرة المعرفية _ هنا أعاود بسط سؤال من أنا ؟ ما تراني أقدمه من إضافة للكون ؟ هل إضافتي هذه واضحة ، أم في كواليس النظام _ النظام الكوني _ أم أنها تظهر موازية لشهادة الغير ؟

 

 

 

الصمت .. الصمت عبء والكلام نقمة للباحث المغربي المهدي نعيمي


يراودني صراخ باطني ، يحاول الخروج للواقع _واقع معيش_ أراني فيه ذو قيمة مرة .. وأخرى بلا عنوان . فاقد للذاكرة _الذاكرة المعرفية _ هنا أعاود بسط سؤال من أنا ؟ ما تراني أقدمه من إضافة للكون ؟ هل إضافتي هذه واضحة ، أم في كواليس النظام _ النظام الكوني _ أم أنها تظهر موازية لشهادة الغير ؟
من هو هذا الغير الذي لن تظهر إضافتي إلا بوجوده ؟
أعلم أنه تلك الذات الأخرى المغايرة لذاتي والمختلفة عنها ، أنه الأنا الآخر المنظور إليه ليس بوصفه موضوعا ، وإنما بوصفه ذاتا بشرية تملك وعيا وإرادة ، أنه وبعبارة أخرى الأنا الذي ليس أنا سواء كان قريبا أو بعيدا ..
لكن هذا لم يشبع فهمي واستعابي للجواب ..
هنا سارتر يوقفني مؤكدا .. بتصوره أن وجود الغير ضروري لوجود الأنا لتحقق وعيها بذاتها ، فرغم ان وجود الغير يحد من حرية الأنا ويفقدها عفويتها وتلقائيتها ، ما دام أنه ينظر إليها كموضوع وليس كذات حرة واعية ، إلا أنه يبقى مع ذلك ، الوسيط الذي لا غنى عنه بين الأنا وذاتها . إن نظرة الغير إلى الأنا هي التي تمكن هذه الأخيرة من الوعي بكثير من حالاتها النفسية والسلوكية ، كتجربة الخجل مثلا ، التي ماكان من الممكن أن يحصل للأنا الوعي بها لولا النظرة التي يتعرض لها أثناء اللقاء مع الغير ومواجهته .
هم هيجل منتصبا .. ليؤيده في طرحه هذا معتبرا أن الغير وجوده ضروري لتحقق الأنا الإعتراف بها ، مشيرا إلى مثال السيد والعبد "لن يكون السيد سيدا إلا بوجود العبد الذي يعترف له بهذه السيادة "

أفهم من كلامكما أن هذا الغير ما هو إلا أداة قياس نقيس بها وجودنا وأهمية أعمالنا . أيضا أداة نستمد منها حلاوة السيادة !؟
عوض التفسير في حدود سؤالي ، زدتما في وساعته . ما المنفعة التي يحققها الغير من الذات السيدة أو الباحثة في وجودها بفضله ؟ ما فحوى العلاقة ؟
تدخل الصديق كونت قائلا : علاقة تكامل وتضامن .. فالإنسان مدين للإنسانية بحياته وثروته ومعارفه … إلخ ، فما كان له أن يحافظ على بقائه ويبلغ أشده لولا الحماية التي وفرها له الآخرون من آباء وأبناء وأصدقاء … إن وصول الإنسان إلى الحالة الوضعية ، التي تمثل حالة نضج العقل البشري، تحتاج إلى تجاوز المصالح العامة المشتركة، الشيئ الذي يقتضي انفتاح الأنا على الغير ونسج علاقات تكامل وتعاون معه .

الآن وجدت مبحثي .. فالغير كيفما كان محله من إعراب العلاقة له دور في وجودي كما لي دور في وجوده .. إن كان صديق فبينا أسرار ووقائع الصداقة ، إن كان الأب والأم فبيننا فضائل الوجود بفضلهما موجود وبفضلي أحسا بوجدهما ، إن كان عدو بفضله أرى نجاحي وبفضلي يرى فشله (والعكس صحيح) …

الآن كتمت الصرخة .. لكن عندما الصمت تحدث بهمس لكي لا يلامس النقمة ، وبعد أن كان القلب ثائرا والعقل شبه فاهم ….