العمارة المغربية جـ1
- فبراير 7, 2012
- 0
أخصص مواضيع هذا الشهر للعمارة والديكورات المغربية….ضمن احتفاليه موقعنا الكريم بالمغرب خلال هذا الشهر: من العمارة المغربية الخارجية التقليدية إلى العمارة المغربية المعاصرة وهمومها ..وانتهاء بالداخل المعماري والديكورات المغربية وخصائصها…. المهندس أسامة شريبا
ومع صديقنا المهندس أسامة شريبا
العمارة المغربية
جـ1
أخصص مواضيع هذا الشهر للعمارة والديكورات المغربية….ضمن احتفالية موقعنا الكريم بالمغرب خلال هذا الشهر..
ثلاثة مواضيع تبدأ من الخارج وتنتهي في الداخل // ولا تنتهي بالمعنى الحرفي للكلمة….//
من العمارة المغربية الخارجية التقليدية إلى العمارة المغربية المعاصرة وهمومها ..وانتهاء بالداخل المعماري والديكورات المغربية وخصائصها….
وتبدأ الحكاية مع انتقال الريادة الثقافية الى مراكش في بلاد المغرب منذ ضم المرابطون بلاد الاندلس الى سلطانهم بعدأن كانت هذه الزعامة للأندلس في عهد الدولة الأموية الغربية.
وكان ذلك ايذاناً لتغيير في ميدان الفن الاسلامي في المغرب، كما كان المرابطون من أهل التقشف والبساطة فلم يلق الفن على يدهم عناية كبيرة ثم خلفهم الموحدون الذين استوى على أيديهم الطراز المغربي الاندلسي في منتصف القرن السادس الهجري وتوقف تطوره منذ القرن التالي بيد أن مراكش ظلت وفية لهذا الطراز إلى الوقت الحاضر وإن كان مظهره لا يتجاوز تقليد الأساليب الفنية القديمة والمحافظة على تراث الصناع المسلمين في العصور الوسطى.
الملاحظ في الطراز المغربي انه لم يتأثر بغيره من الطرز الاسلامية تأثراً كبيراً وأن تطوره كان بطيئاً بالقياس الى تطور سائر الطرز الاسلامية وكان أهم المراكز الفنية في هذا الطراز اشبيلية وغرناطة ومراكش وفاس ولم يأتي الطراز المغربي بالجديد في تصميم المساجد إذ ظل ما كان معروفاً في القيروان وقرطبة متبعاً في تصميم مساجد هذا الطراز وبقيت مميزات الصحن والإيوانات والمجاز العريض والمرتفع الذي يؤدي الى المحراب في إيوان القبلة بيد انه استخف استعمال الأعمدة واستعملت اكتاف من الآجر مسننة الأركان وعقود على هيئة حدوة الفرس مستديرة تماماً او مدببة قليلاً وكانت هذه العقود منخفضة في معظم الأحيان مما يضفي على المسجد طابعاً من الجلال والهيبة. أما المنارات فكانت تبنى غالباً من الآجر على شكل برج مربع تعلوه شرفات كأسنان المنشار ثم برج أصغر حجماً وفي جوانب البرج أو المنارة صفوف من النوافذ ذات الحليات العمرانية الجميلة. وكانت المنارة تقام عادة في وسط الجهة المقابلة لإيوان القبلة ومما يلاحظ أن بعض المساجد في أنحاء العالم الإسلامي لها مأذنتان أو ثلاث أو أربع ولكن مساجد المغرب ليس لها الا مأذنة واحدة.
وأدخل سلطان الموحدين يعقوب المنصور بناء المدرسة في المغرب والاندلس في نهاية القرن السادس الهجري بيد أن المدارس في تلك البلاد ظلت وقفاً على التدريس ولم تؤثر عمارتها في تصميم المساجد أي تأثير وأهم ما في هذه المدارس ما اتسمت به زخارف غنية ومن ضروب العمائر المغربية المتصلة بالمدرسة الزاوية، وكانت تشاد لتعليم اتباع طريقة من الطرق الدينية إلى جانب ضريح أحد الأولياء وكانت تجمع بين المدرسة والضريح والخانقاه.
أحد أبواب فاس
أما العمائر المدينة فقد كان نصيبها من العناية ضئيلاً في عصر المرابطين إذ كانوا؛كما أسلفنا، أهل تقشف كما كانوا أهل حرب وانصرفت عناية الموحدين إلى العمائر الدينية أكثر من القصور فلم نعرف عن قصورهم شيئاً إلا بعض الأطلال في مقرهم بأشبيلية .. وقصر الحمراء هو ما بقي من آثارهم العمرانية. واسم الحمراء مشتق من بني الأحمر وهم بنو نصر الذين حكموا غرناطة بين عامي 629 و897 للهجرة، وقيل أيضاً أن أصله التربة الحمراء التي يمتاز بها التل الذي شيد عليه القصر، وقيل كذلك أن جزءاً من القلاع المجاورة لقصر الحمراء كان يعرف منذ نهاية القرن الهجري الثالث باسم المدينة الحمراء.
وعلى مقربة من قصر الحمراء آثار قصر صغير كان ملوك غرناطة يقضون فيه فصل الصيف وهو جنة العريف او جنان العريف ويرجع هذا القصر الى بداية القرن التاسع وما تزال بعض اجزاءه القديمة ماثلة، ومن العمائر المغربية التي ذاع صيتها البيمارستان الذي شاده في مراكش ابو يوسف يعقوب المنصور في القرن السابع الهجري واشتهر بعظم مساحته وجمال عمارته وزخارفه. وكان بناء الحمامات في الطراز المغربي متأثراً بأساليب بناءها لدى الرومان، أما الأسواق والقيصريات فكان يضمها حي مستقل على مقربة من المسجد الجامع. وما تزال بعض اجزاءها قائمة في تونس وكان سقفها من أقبية طويلة نصف اسطوانية مصنوعة من الآجر وتحملها أعمدة رشيقة.
قصبة لوداية في رباط الفتح
وشيّدت الأسوار والقلاع والحصون، فحلت الأبراج المضلعة محل المستديرة منها وازدادت العناية بإبراز الأبواب وزخرفتها وقل بناء الجدران بحجارة النحت. ومن الأسوار التي يرجع معظم أجزاءها الى عصر الموحدين أسوار مدينة تلمسان ومدينة فاس القديمة وكذلك مدينة مراكش، وكان لمدينة الرباط سور محصن أساسه رباط كما يتبين من اسم المدينة ثم حل محله قلعة تسقط منحدراتها رأسياً نحو المحيط الأطلسي (لوُداية) ولها بابان كبيران بعدهما ردهتان تقوم فوق كل منهما قبة وما يزال هذان البابان قائمان إلى اليوم وما يزال في مدينة طليطلة جزء من سورها وفيه باب يرجح انه يعود الى القرن الخامس الهجري يقال له باب الشمس.
أحد أسوار فاس
إن أول ما ينبغي أن نلاحظه في طراز العمارة المغربي هو الاسراف في زخرفة العمائر ولم يظهر هذا الإسراف في عصر الموحدين ظهوراً جلياً وإنما كان جلياً كل الجلاء في عمائر القرن الثامن الهجري وهي العمائر التي تعرف احياناً باسم طراز الحمراء لان المعروف أن الفنانين كانوا يستقدمون من غرناطة الى سائر المدن الاندلسية والمغربية فنقلوا اليها الأساليب الفنية التي عرفوها في قصر الحمراء.
الزخارف من أحد قصور مدينة فاس
والعنصر الفني الاول في هذا الطراز الذي ينسب الى قصر الحمراء هو تغطية المساحات بالزخارف التي بلغت في الغنى والدقة والتنويع حداً يستجلب الاعجاب كله وكان كل العناصر العمرانية ثانوية بالنسبة الى تلك الزخارف الدقيقة ولاسيما ما كان منها محفوراً في الجص او مصنوعاً منه، وكان للمقرنصات شأن عظيم في زخارف هذا الطراز كما امتازت ايضاً بتكرار شارة ملوك غرناطة وهي عبارة «لا غالب الا الله» وبعض الزخارف الكتابية بالخط الكوفي ذي الحروف المتشابكة والمعقودة، ومن الاساليب الفنية المتصلة بطراز العمارة المغربي طراز المدجنين والمدجنون هم المسلمون الذين عاشوا في المدن الاندلسية بعد ان سقطت بأيدي النصارى وقد عمل الفنانون من اولئك المسلمين على الاحتفاظ بقسط وافر من أساليبهم الفنية الموروثة ولكنهم أدخلوا عليها بعض التعديل المناسب للبيئة الجديدة ولما كان سقوط المدن الأندلسية بيد النصارى حدث في أوقات مختلفة فأن طراز المدجنين غير مقيد بمدة معينة ولكنه يمثل مرحلة في تطور الفن الإسباني من الطراز المغربي إلى الطراز الذي ساد عصر النهضة الأوربية، وفي ختام هذه الجولة في فن العمارة الاسلامية في بلاد المغرب من النافع العودة الى أثر من أهم الآثار الباقية من هذا الفن وهو ما يتمثل بقصر الحمراء.
بدأ تشييد هذا القصر في القرن السابع الهجري وترجع بعض أجزاءه الى القرن التاسع ولكن معظمها هو من نتاج القرن الثامن وقوام هذا القصر ثلاثة اقسام:
الاول: هو المِشْوَر الذي يعقد فيه المجلس وتصّرف أمور الحكم.
والثاني: قسم الاستقبالات الرسمية ويشمل الديوان وقاعة العرش.
والثالث: قسم الحريم ويضم المساكن الخاصة بالملوك ونساءهم ومن ابدع أجزاء هذا القصر عمرايناً حوش الريحان وتتصل بساحته قاعة العدل وقاعة السفراء وينقتح هذا الجزء من القصر على صحن السباع وهو أوسع ما في القصر شهرة وقد بني في منتصف القرن الثامن الهجري.