العنف الموجه في رسوم الأطفال المتحركة .. وأثره على الطفل..
- يوليو 23, 2010
- 0
أحد الآباء يقول: لقد بدأت أخاف على طفلي مما يراه من عنف حقيقي ومشاهد الضرب .. والسيد ممتاز الشايب المدير التنفيذي للجمعية السورية للعلوم النفسية له رأي في هذا الموضوع… ريما ديبو
العنف الموجه في رسوم الأطفال المتحركة .. وأثره على الطفل..
ريما ديبو:
من اللافت خلال السنوات القليلة الماضية و المتابع لبرامج الأطفال أن أغلبها أصبحت ليس لها علاقة بكلمة (أطفال) و إنما بكلمة ( العنيفين).
ففي إطار الغزو الإعلامي و الثقافي للمجتمعات و الشعوب احتلت الرسوم المتحركة ذات الطابع العنيف ، المرتبة الأولى في حياة أطفال العالم. ومع ثورة الاتصالات و تقنيات الإعلام و التواصل الدائم على مدى 24 ساعة أصبح أطفال العالم عرضة لأخلاقيات الإعلام الهدامة.
(أبو كرم): أصبح الطفل يستخدم العنف بدلاً من إعمال العقل و المحادثة..
أبدى رأيه بهذا الموضوع حيث قال: أصبحنا نخاف على أطفالنا من انعكاسات تلك البرامج على سلوكهم أو عقولهم. فقد لاحظنا أنهم أصبحوا باللاشعور يمتصون في وعيهم الباطن كل أشكال و حركات العنف و الكلمات البذيئة التي يشاهدونها في فترة برامجهم، وصاروا مستهترتين بكلامي و كلام أمهم ونصائحنا، ولا يسمعون لكلام معلمهم في المدرسة، و يضربون أصدقائهم . أي أصبحوا يستخدمون أيديهم ولسانهم بالألفاظ النابية بدلاً أن يستخدموا عقولهم.
(أم شهد) : برامج الأطفال لا تعلم الطفل قيمنا وأخلاقنا.. بعض هذه البرامج تتناقض مع قيمنا وأخلاقنا و آدابنا. فهي لا تحوي في فقراتها على توجيه يشجع على التعليم المدرسي و الآداب العامة. بالإضافة إلى أن هذه البرامج يوجد فيها بعض الأفكار المدسوسة و التي تتناقض مع قيمنا وأخلاقنا و آدابنا فهي مثلاً تحض الطفل على الانتقام بدلاً من التسامح و تحض الطفل على الضرب والقتال بدلاً من الحوار و المحادثة، ونلاحظ تغييب برامج الأطفال التي تحضه على أهمية العلم و الحصول على شهادة علمية . . وافتقارها لوجود الأناشيد التي تغرس في الطفل حب الوطن .
ماهو السبيل لإبعاد الطفل عن مثل هذه البرامج الغير طفولية و العنيفة؟
السيد ممتاز الشايب المدير التنفيذي للجمعية السورية للعلوم النفسية كان له رأي في ذلك: من طبع الطفل أن يحوي في داخله حب البطولات و المغامرات وتتقصد هذه البرامج أن تلعب على هذا الوتر عند الطفل من خلال برامج التشويق والضرب و الإثارة و خاصة لدى الأطفال الذكور، يعد الطفل الأوسع طاقة و المتلقي الأمثل لما يصادفه و يتعامل معه في كل يوم، والخطورة أن الطفل لاسيما في السن الذي يتلقى فيه المؤثرات الحركية كحدث جديد في حياته، فإنه يدخر في ذاكرته الكمية القصوى مما شاهده من الرسوم المتحركة، وهنا تدخل عملية التفاعل بين الطفل ومع ماشاهده و أدخره في مخزون الذاكرة ليعيش فيها أحلام يقظة يتفحص خلالها الشخصيات المرسومة بكل طاقتها و حركتها محاولاً تنفيذ جل ما يستطيع منها بشكل حي وهنا تكمن المشكلة.
يجب خلق حالة جاذبة أكبر مما يراه، ويشير السيد ممتاز إلى:
إن للأبوين دورا كبيرا في الرقابة و الإرشاد في توجيه سلوك الطفل بكل ما يستطيعان، خصوصا إذا كانا مدركين حجم الأخطار الممكنة من وراء المشاهدة، كخلق حالة جاذبة بشدة أكبر مما يراه، وقد تكون لعبة بين الأب و الابن، أو مفاجأة سارة بنزهة إلى الحديقة، أو بتسجيله بنادي رياضي، أو زيارة الأقارب، وإشغاله بآلة موسيقية ما.
يجب إثبات سوء ما يشاهده الطفل..
ويتابع الشايب: وفي بعض الأحيان يمكن للأبوين أن يخضعا الطفل لتجربة لإثبات سوء ما شاهده، كإشعاره مثلا بالحزن على موقف شاهده بالتلفزيون عبر طرح الخطورة و الشر الذي يمثله ذلك المشهد.
الوقاية خير من قنطار علاج.. يؤكد الشايب إلى: نقطة غاية في الأهمية:
وهو أن يتواجد وعي حقيقي منذ البداية لدى الآباء والأمهات في تنظيم وقت الطفل، وحتى قبل أن تبدأ المشكلة بإدمان الطفل على تلك المسلسلات. وذلك عن طريق تنظيم وقته، وتفريغ طاقاته بأمور إيجابية تعود بالنفع التام عليه. ولكن في حال أن المشكلة قد حدثت وصارت واقعاً، فعلى الأهل أن يباشروا بالتدريج بإنقاص عدد ساعات المشاهدة لدى الطفل، مع ملاحظة أنه لا يجب إشعاره بشكل مباشر بهذا الإجراء معه، بل أن يتصرفوا بكل روية وصبر وحكمة، لأن العنف معهم يولد العنف أيضاً. وأن يعتمدوا لغة الحوار مع أطفالهم والإقناع ، بدلا من الصراخ وفرض الرأي إجبارياً عليهم ،لأنهم بذلك يكونوا قد كبّروا المشكلة بدلا من تصغيرها.
(السيد نزيه): أفرغت طاقته بتسجيله بنادي رياضي:
لقد بدأت أخاف على طفلي مما يراه من عنف حقيقي ومشاهد الضرب، ناهيك عن بشاعة الأشكال المرسومة بها مسلسلاتهم، فحاولت إخراج طفلي من حالة التعلق بمشاهدة (الرسوم المتحركة العنيفة)، وذلك بتسجيله بنادي رياضي لتفريغ طاقاته الزائدة، ولتنظيم وقته وبالتالي لإبعاده من دون أن يشعر عن متابعة تلك المسلسلات الكرتونية.
(أم كريم): أطفأت التلفاز عندما أصر على المشاهدة،
أم كريم: عندما بدأت أنتبه على طفلي أنه يشاهد تلك الأفلام العنيفة. حاولت فوراً أن أغير القناة لبرامج أطفال أخرى ولكنه لم يقبل معي وصار يضرب الأرض بقدميه ويصرخ ويقول لاأريد غير هذا البرنامج أعيديه أريد أن أشاهده، ولكني حاولت أن أهدأه وأقول له أن هذا الضرب الذي تشاهده لا يتناسب مع عمرك الصغير، ويجب أن تشاهد برامج تعلمك الأعداد، والألوان، والأناشيد، فلم يقتنع وظل عنيداً في موقفه فأنا كنت أواجه صعوبة كبيرة في عدم انصياع طفلي حتى يكف عن مشاهدة هذه البرامج العنيفة وألاحظ أنه قد تشرب نوعاً من العنف الذي يشاهده بدليل أنه يظل يصرخ ويكسر أي شئ أمامه حتى أعيد له القناة التي يوجد عليها الأفلام العنيفة …
و لغيت القناة كلها من قائمة القنوات الفضائية كلها.. و من يومها لم تعد تعنيه تلك البرامج..!!
فما كان مني إلا أنني قمت بإطفاء التلفاز و حرمانه من مشاهدته في ذلك اليوم، رغم كل صراخه الاحتجاجي. وفي اليوم الثاني قمت بإلغاء كل قنوات الأطفال التي لا تحوي إلا المشاهد العنيفة و الرسوم التي أبطالها أشكالهم مرعبين. وصرت اشتري له القصص ودفاتر مرسومة مسبقاً وهو يقوم بتلوينها، و فعلا بعد مدة وصبر، صار إذا شاهد تلك الرسوم العنيفة عند زيارتنا لأحد الأصدقاء لا ينتبه لها، ولا تهمه بشئ و يكمل اللعب .
(علي وجلال) طفلان في عمر الست سنوات: نحن نحب تلك البرامج القتالية لأنها تعلمنا كيف ندافع عن أنفسنا ضد ( الأشرار)، ولا نسمح لأحد أن يضربنا لأننا أقوى منه !! كما نحب توم وجيري ، ونتفرج قليلا على عالم ديزني.
(فارس عمر الخمس سنوات ): فإنه ينضم إلى علي وجلال في رأيهم ويضيف يجب على الإنسان أن يكون قوي ولا يسمح لأحد أن يقترب منه. وأنا استمتع عندما أشاهد (بات مان، وسبا يدر مان، والآليون) مع أصدقائي، لأننا نتنافس من يستطيع أن يقلدهم أكثر وأقوى من الآخر.
(نور وليلى) طفلتان تؤمان عمر الست سنوات: نحن نحب فله وباربي لأنهما لطيفتان وذكيتان ولا تؤذيان أحد، كما أننا نحب المسلسلات التي تسرد لنا قصص عالمية جميلة، ونحب توم وجيري، وعالم ديزني، ونحب تلك البرامج التي تحوي أغاني مغناة من قبل الأطفال أنفسهم. ونخاف من مسلسلات الآليون المدمرون لبشاعة أشخاصها وحركاتهم العنيفة.
أما (الطفل حمزة) صاحب الثلاث سنوات: فإنه يحب أن يتفرج على (التيلتابيز فهو يعتبرهم أصدقائه، ويحب ألوانهم الجميلة المتنوعة، ويشعر أنهم أصدقاء لطيفين مثله).
و (الطفلة ملك) الأربع سنوات: أحب أن أشاهد القنوات المخصصة للأطفال التي تستمر بالغناء كل الوقت لكي أحفظ أغنياتها، كما أقلد حركات الأطفال التي تغني فيها.
و(الطفل سعيد) ذو السبع سنوات: بعد أن سجلني والدي في المسبح لم تعد تروق لي تلك البرامج القتالية و الشخصيات العنيفة .
مع التنويه أننا لسنا ضد الشخصيات الكرتونية الشجاعة التي تتفوق على الشر وتنتصر للحق، مع التأكيد هنا أننا ننادي بالشجاعة المترافقة مع العقل والحكمة و الهادفة إلى إحلال الخير والسلام بين الناس، بعيداً عن العنف والتهور .
وأخيراً يجب أن نتذكر بأن الأبناء هم أمل المستقبل، و رجاء الحاضر في غدً مشرق جميل. يفتحون عيونهم على نور الحياة فيجدوا آبائهم وأمهاتهم يعتنون بهم، يسقونهم ماء الحب والرعاية. وكلما كبرت هذه النبتة(الأبناء) احتاجت إلى تقليم عن طريق التوجيه، أي التوجيه الواعي المتفهم كي تنمو وتصبح يانعة خضراء.
ومن ذلك نجد أن الدور الإرشادي و التوجيهي في المنزل، يعد من أنبل المهام التي يمكن أن تحصن الطفل، وتوجه نشاطه، وتمتص عنفه، و تحوله إلى طفل فعّال ومتوازن عن طريق تنمية مواهبه سواء في الرياضة، و الرسم، والموسيقى، مع إدخال الأهل القيم العليا تدريجياً في طفلهم مع تقدم السن والوعي لديه.