لعل مخاطبة هم الشارع ونبضه من أكثر الأمور تعقيداً وأهمية من قبل القنوات التلفزيونية التي تسعى إلى النجاح وكسب المتلقي قدر الإمكان، ولعل هذا من أهم أسباب نجاح القناة أو فشلها، ففي حين يحوي القمر الصناعي على عدد لا يحصى من القنوات فإن ما يلفت انتباهنا وما نتوقف عنده لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وهي بهذه اللفتة تكون قد حققت إحدى أبرز شروطها وأهمها ألا وهو مخاطبة الناس وعرض رؤاهم وأفكارهم من خلال سلسلة البرامج والمسلسلات والأفلام التي تعرضها.

 

الغزو والاحتلال في رمضان 2012

 

لعل مخاطبة هم الشارع ونبضه من أكثر الأمور تعقيداً وأهمية من قبل القنوات التلفزيونية التي تسعى إلى النجاح وكسب المتلقي قدر الإمكان، ولعل هذا من أهم أسباب نجاح القناة أو فشلها، ففي حين يحوي القمر الصناعي على عدد لا يحصى من القنوات فإن ما يلفت انتباهنا وما نتوقف عنده لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وهي بهذه اللفتة تكون قد حققت إحدى أبرز شروطها وأهمها ألا وهو مخاطبة الناس وعرض رؤاهم وأفكارهم من خلال سلسلة البرامج والمسلسلات والأفلام التي تعرضها.

وإزاء الوضع الراهن التي تشهده المنطقة حالياً فقد ذُخرت القنوات وتسابقت لعرض البطولات والملاحم التي تحث على الجهاد والنضال ومقاومة الظلم، والنداء بقوة الحق وطغيانه على كافة قوى الشر إن صح التعبير، ولكن في الوقت ذاته كانت هنالك الكثير من المفارقات والنقاط التي لا بدّ من الوقوف عندها، ففي حين نرى على القنوات السورية خلال دورة رمضان 2012 مسلسل "المصابيح الزرق" الذي يتحدث عن مقاومة الشعب السوري للاحتلال الفرنسي وتحقيقه الاستقلال نشاهد أيضاً على قناة mbc فيلم war of the world  "حرب العوالم" لتوم كروز الذي يتحدث عن احتلال ثانٍ ولكن من نوع آخر ألا وهو احتلال المخلوقات الفضائية للأرض ومحاولتها الاستيلاء على خيراته ولكن دائماً ما تكون الإنسانية فوق أي إحتلال، وهنا إلتقى العرضان في البطولة الجماعية للبشر وتمسكهم الشديد بالحرية والخلاص على الرغم من تركيز الثاني على منحى إنساني أكثر من تركيزه على جماعة محددة، وإذما إنتقلنا إلى الكوميديا فقد عرض مسلسل "أبو جانتي ملك التكسي" على إحدى القنوات بينما عرض فيلم  school ties على قناة أخرى، ففي حين كان الأول كوميدياً أكثر إلا أنه حاول في كثير من المشاهد تسريب بعض الأفكار والآراء التي تتعرض لها سورية والتي قد تبدو في بعض الأحيان بعيدة عن الطابع العام للمسلسل، في حين ركّز الثاني على دراما خفيفة جذبت المتلقي "على الرغم من بساطتها" إلى التمييز العنصري من خلال شخصية يهودية في إحدى المدارس الأمريكية وكيف تم نبذ هذه الشخصية حالما علم زملاؤه في الغرفة بأصله الحقيقي ولكنه في النهاية يُظهر  لنا بعداً إنسانياً في هذه الشخصية على الرغم من الرأي المسبق للمشاهد حولها، فلا تملك إلا أن تتفاعل معها وتتغاضى عن انتمائه ودينه أو عرقه، وهنا أيضاً أخذت الحالة المقدمة بعداً إنسانياً أكثر من توغله في مصالح أو آراء شخصية قد ينفر المتلقي منها في حال إقحامها عمداً ودون أي مبرر..

أيضاً حين نشاهد مسلسل عمر بن الخطاب omar ومحاربته لقريش والكفار ودعوته للحق والعدل لا بدّ لنا من التوقف أمام فيلم القلب الشجاع breav hart الذي يدعو إلى المبادئ نفسها من خلال شخصية تدعو  لاستقلال بلادها "اسكتلندا" والتخلص من المستبد الذي يحاول بكل قوته قتل ثورة الشعب وتركه في التخلف الذي هو فيه ليستطيع السيطرة عليه أكثر.

وبالإضافة إلى هذه العروض فقد ذخرت الشاشة بأفلام أخرى طيلة الشهر وجميعها اشترك في عدد من المواضيع، منها: الإحتلال، الظلم، مقاومة الشعوب، الاضطهاد والغزو؛ ومن تلك الأفلام:

أفاتار "avatar": احتلال البشر لكوكب تسكنه الأفاتار ومحاولتهم سلب أرض السكان الأصليين.

 صراع الجبابرة clash of the titans: في حين يصبح الإله هاديس أقوى كلما شعر الناس بالخوف فإن الإله زيوس يصبح أقوى كلما شعروا بالحب.

Antz النمل: يتحدث عن قبيلة من النمل يتمرد واحد منهم على الظلم من قبل النمل الحاكم الذي يسعى إلى التصفية العرقية، وينتهي الفيلم بانتصار الثورة وعودة الأمان إلى المملكة.

Rise of the planet of the apes: يتحدث عن تمرّد القردة على ظلم الإنسان وجبروته وثورتهم ضده بعد أن تطوّر حركياً وعقلياً وأصبح مدركاً لكل ما حوله، فيقومون بثورة على الجنس البشري للسيطرة على العالم أجمع.

 وعلى الرغم من أن البعض قد يقول أن المقارنة بين الفيلم والمسلسل بعيدة إلى حد ما إلاّ أن القصة في الاثنين لا تبدو بعيدة كل هذا البعد وإنما تبدو كل منها محاكاة للآخر إلاّ أن الأفلام أخذت بعداً إنسانياً عاماً أكثر من المسلسلات على الرغم من مخاطبة الاثنين لقضايا شعب واحد أو فرد أو دعوتهما لنبذ العنصرية والتخلف، ولكن الفيلم أخذ بعداً إنسانياً استحق بذلك أن يكون عالمياً "بغض النظر عن مكان نشوئه" أكثر من مسلسلاتنا، ونحنا هنا لا ندخل في التقنيات المستخدمة في المسلسلات أو الأفلام وإنما نستخلص القصة والنص مباشرة، لذلك لا أعتقد أن الاختلاف في التقنية والمؤثرات يعني الاختلاف في القصة وبنيتها وسير الأحداث.

وبالنظر في مواضيع تلك الأفلام والمسلسلات فإننا نجد أنها ركّزت على نقطتين أساسيتين دون غيرهما، وهما: نبذ الخوف والتحلي بالشجاعة والثورة على الظلم من جهة ومقاومة الاحتلال والمطالبة بالحقوق المشروعة من جهة أخرى، فهل الشاشات المحلية والعربية بالمجمل كانت في رؤاها هذه أو مخاطبتها للمتلقي تنبئ بالمستقبل أم تحذّر من حاضر لم ندركه بعد..!!؟،  أم هي من جهة أخرى مجرّد كتابات لم يستطع الكتاب الخروج من رتابة مواضيعهم وتكرارها على مدى شهر كامل….أو أكثر..!!؟.

 أغيد شيخو_ عالم نوح