نقدم صفحة تخرج الفنانة التشكيلية الشابة شيراز مصطفى من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بحلب قسم الغرافيك وكان ذلك يوم الاثنين 1-8-2011

نقدم فرحة تخرج الفنانة التشكيلية الشابة شيراز مصطفى من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بحلب قسم الغرافيك وكان ذلك يوم الاثنين 1-8-2011

وقد قدمت الفنانة التشكيلية شيراز مصطفى مشروع تخرجها بما يلي:

 

الوجه واقع ومرآة

دأب الإنسان ولا يزال على تسجيل حالاته السعيدة والحزينة، الشاردة والمتأملة بأكثر من لغة فنية ، وفي ذلك كله كانت الصورة الوجهية ( الشخصية ) أهم الوسائل تعبيراً من هذه الحالات الإنسانية وغيرها.

لذلك اخترت أن يكون مشروعي الوجوه وأن تكون من الواقع ومن شخصية واحدة لأن الصورة الشخصية هي المعبّر والجسر والوسيلة الأنجع للوصول إلى دواخل الناس والوقوف على ما يموج فيها من هموم وآمال، والوجه أشبه ما يكون بالكتاب المفتوح يمكن أن تقرأ فيه حالة صاحبه الآنية وتستشف تركيبته النفسية ككل والقضايا التي تحاصر الإنسان في حياته.

وفي ( كتاب الوجه) تأتي العينان والفم فعلين من أهم فصلوه وأقدرها بلاغة على التعبير وبمراجعة بسيطة لكل ما حققه الفن التشكيلي من صور شخصية رسماً وتصويراً ونحتاً وحفراً وإعلاناً ثم التصوير الضوئي من بعده تبيّن أن العينين والفم كان محط اهتمام الرسام والمصوّر والنحات والمصور الضوئي لما لها من قدرة على التعبير عما يعتمل في داخل الإنسان من عواطف وأحاسيس وحالات.

وعلى هذا الأساس فغن فن الصورة الشخصية أو فن الوجه هو الفن الذي يتناول الوجه الإنساني مفرداً أو مع الصورة أو الجزع للتعبير عن خصائص هذه الشخصية أو التوثيق لها و التعريف بها ذلك لأن الغرض منها إظهار حالة تعبيرية إنسانية خاصة كالحزن أو الكره ، الطيبة أو اللؤم، الحنان أو الحزم…..الخ

لقد اكتشف الإنسان الفنان في وقت مبكّر من تاريخ الإنسانية إن الوجه يملك قدرات كبيرة على كشف داخلة الإنسان والتعبير عنه، على النحو الأفضل والأمثل من الناحية الفنية وتقنياته المختلفة.

ولقد عبّر الكثير من الفنانين على وجه العموم عن ( الوجه كمفردة تشكيلية) بطرق وأساليب ذات أبعاد تشكيلية وتعبيرية وجمالية مختلفة ، تتضمن سمات مادية ، تشكيلية ، معنوية وتعبيرية تتمثل في ملامح الوجه وما تحمله من تعبيرات تعطي دلالات نفسية مختلفة وذلك لأن طبيعة الوجه التي تتميز بها ما هي إلا وليدة لعوامل شعورية تتفاعل داخل الإنسان فتتأثر ملامح وتنطبع آثارها عليه فتارةً تكون حزينة وتارة أخرى تكون هادئة وبذلك تفصح الأعمال الفنية القائمة على توظيف الوجه كمفردة تشكيلية عن الكثير من المعاني التعبيرية التي تعكس مشاعر وأحاسيس الإنسان عند تتبعنا للجوانب التعبيرية للوجه الإنساني فإننا نرى أنها تعني الإفصاح باللغة ( الأشكال والألوان والأحجام والظلال) و عن قيمة فنية يحسها الفنان وتنتقل من خلال مشاعره إلى الآخرين وهذا يعد انتقالا للشخصية الداخلية عند الفنان إلى المتلقي من هنا يتحقق التميز لدى الفنان حيث ابتكر أسلوبه المميز الذي جمع بين تعبيرية الوجه والخط واللون في منظومة جمالية متكاملة تخترق مشاعر المتلقي لتسكن عقله ووجدانه.

كما أن الإنسان هو أكمل الأحياء من ناحية تكوينه الجسماني كما أنه أرقاها من ناحية تكوينه الشعوري واستعداداته الروحية ذات الأسرار العميقة ومن ثمّ وكلّ الله إليه خلافة الأرض.

فإذا تأملنا الإبداع في تكوين الإنسان أو إلى أي عضو من أعضائه تجسدّت لنا تلك الحقيقة كقوله تعالى" وصوّركم فأحسن صوركم" فهو تكوين يجمع بين الجمال والكمال مع التنوع الغير متناهي في درجات هذا الجمال.
وإن الجمال و الاعتدال و السواء يبدو في تكوين الإنسان الجسدي العقلي والروحي متجسداً في الوجه الإنساني الذي يتجلّى فيه هذا الجمال والإبداع الخلقي لله تبارك وتعالى.

فالوجه هو وسيلة اتصالنا بالعالم وأكثر المفردات قدرةً على التواصل والتفاعل بين الناس ونقل الحالات الانفعالية المختلفة فيستطيع المصوّر من خلال عكس حالته كوجه إنساني يحمل تاريخه الخاص ويعكس حالة مجتمعه كما يستطيع من خلاله أن يعكس علاقة المصوّر بالنموذج الذي يصوّره.

فهو مرآة صادقة تعكس لنا الحياة الداخلية لشخوصه وتفاعله مع كل ما يحيط به وما يمر به من خلال مراحل العمر، فالوجه الإنساني هو الذي يحدد هوية الإنسان ويعطيه صوره ويعطيه ماهيته.

وهو يشكل عنصراً تشكيلياً قادراً على حمل الكثير من المعاني والدلالات ومن هنا كان اهتمام الباحثين بموضوع الوجه الإنساني لما له من أهمية في حياة الإنسان عامة وحياة الفنان خاصة فالوجه الإنساني من أهم العناصر التي شغلت اهتمام الكثير من الفنانين على مر العصور وكان تصوير الوجه الإنساني انعكاساً للمتغيرات الفكرية في الآونة الأخيرة فخضع لأبعاد تشكيلية وتعبيرية اختلفت بإخلاف الثقافات والفلسفات والعقائد السائدة.
بل هي دلالات وعلامات في خدمة الانفعال أو الطابع الشخصي، وكأنما هي لغة ناطقة تبوح لنا بالمتغيرات والظروف المحيطة بالفنان.

وأنا اعتمدت في تعبيري على العناصر الأساسية في الوجه( الفم والأنف والعينين) وحاولت أن أعبر عنها في كل مرّة بشكل مختلف وقد رأيت في هذا الوجه الذي اخترته أن فيها نقاءً وصفاءً عطاءً وطيبة وهي صفات موجودة في الطبيعة لذلك اعتمدت في خلفية لوحاتي على الطبيعة مثل القمر والشجر والدوامة والغيوم، ففي هذه اللوحة التي رسمتها رأيت فيها طيبة و رومانسية هذا الوجه فعبّرت عنها من خلال القمر الذي أدخلته إلى اللوحة مستخدماً فيها تقنية الإبرة الحادة و الالفونة الناعمة و المملس في بعض أجزاء اللوحة.

 

 

وهذه لوحة أخرى تعبّر عن هموم وضياع هذه الشخصية كأنها في دوامة لا تعرف نهايتها.

 

 

 

هناك تقنيات كثيرة التي يستطيع فيها الفنان التعبير وهي الناحية الغرافيكية والإعلامية والانطباعية ، إذ أن الفن الغرافيكي بما يحتويه من أساليب طباعية متعددة إنه يعتبر مجالاً متميزاً بين سائر مجالات الفن التشكيلي ويتميز فن الحفر( الغرافيك ) أيضاً باشتماله على جانبي الفن المهمين : الوظيفة والإبداع، الأمر الذي أتاح له أن تتعدد مهامه وسبل التعبير من خلاله ، فحقق نجاحات حصلت في الحفر والطباعة لتمتد لاحقاً إلى فنون التصميم والشعارات والرموز ورسوم الكتب والرسوم المتحركة ، فقد ساعد الحاسوب في انتشاره عالمياً مستفيداً من التقنيات العلمية التي كان قد بدأها مع استفادته من التصوير الفوتوغرافي والطباعة الآلية.

فن الغرافيك في معناه العام :

هو الخدش أو الحفر أو معالجة الأسطح الألواح الخشبية أو الحجارة أو الأسطح المعدنية باستخدامها في الطباعة، والحصول على نتائج مختلفة بعد طباعته على الورق أو القماش.

سمّي هذا الفن (فن نسخ لوحات الرسم بأشكال طبقاً لأصل العمل الأول الذي يقوم به الفنان" أو تكراراً للشكل المحفور") بعد مراحل من التصميم وتجهيز السطوح الطباعية وحفرها وطباعتها عبر مراحل متتابعة ومتصلة ببعضها البعض يقوم بها المنفّذ أو الفنان .

عُرف فن الحفر على سطوح الخشب والحجر أو الفخار منذ أقد العصور وقد وثّقت هذه المرحلة في كثير من المتاحف ومنها تمكّن الباحثون من أن يتعرفوا على فنون حقبة هامة من تاريخ الإنسان والتعرف على نتاجه الفكري عبر تلك الرسوم وتصويرهم لواقعه.

وتعتبر الطباعة من الفنون الهامة والجوهرية في عالم الفنون البصرية على اختلاف تنوعها وارتباطها بالحياة الثقافية بجانب ما تقوم به الطباعة الحديثة من خدمة كبيرة للأعلام ولم يكن فن الغرافيك يمارس أو يعرف عبر العصور كفن خاص له مقوماته إلا في بداية القرن العشرين وإن كان قد ظهر كطباعة المنسوجات من خلال قطع خشبية رقيقة محفورة في عصور سابقة في تطبيقات محددة.


ينقسم الفن الغرافيكي إلى قسمين :

الطباعة البارزة :

وهي لطباعة اللوحات الفنية والكتب والجرائد والمجلات ومعظم اللوحات الخاصة بالأغراض الثقافية التجارية لأن الأماكن البارزة هي التي يلتصق بها الحبر عند الطباعة وفي هذا النوع من الحفر يقوم الفنان بالرسم على سطح الخامة كالخشب أو المعادن ثم يقوم بواسطة أدوات الحفر بإزالة المساحات التي لا يريد طباعتها وعند الطباعة نجد أن الحبر لا يستقر إل على الأجزاء البارزة منها والتي سوف تطبع على سطح الورق.


الطباعة على السطح الغائر :

كالحفر على المعدن، ويستعمل لهذا النوع من الحفر الأحماض أو الإبرة أو الأزميل المتعدد الأشكال وهذه الحموض تستخدم لتخشين السطح المعدني باستعمال مساحيق أهمها : الراتينج أو القلفونة المسحوقة وتسمّى هذه الطريقة بصبغة الماء ، وتفرّعت عنها طرق عدّة أهمها طريقة السكر ، ويقوم الفنان في هذا النوع من الغرافيك بحفر الرسم حفراً غائراً على لوح من معدن النحاس أو الزنك أو البلاستيك أو غيرها وذلك لأن الأماكن الغائرة هي التي تلتقط الحبر عند الطباعة وبعد الانتهاء من حفر اللوح المعدني يقوم الفنان بتجهيز خطوطه الغائرة ثم طبعه وعندئذ يحصل على النسخة المطبوعة والتي تظهر فيها الخطوط المحفورة بارزةً عند طباعتها على الورق بفعل ضغط ماكينة الطباعة الشديد.

ومن فنون الحفر المعروفة الطباعة الحجرية وهي إحدى أهم فنون الطباعة و الغرافيك التي اكتشفها الباحث الألماني الويز سلفندر واكتسبت أهميتها من إعلانات دميي وتولوز لوتريك الفنية.

عرف العصر الحديث مجموعة أخرى من وسائل الحفر الحديث مثل الحفر على صفائح اللينليوم أو الجص بدلاً من صفائح الخشب و الزنكوغراف والشاشة الحريرية والطبعة الوحيدة والحفر على الصفائح المعدنية الثخينة .
إن وسائل الطباعة الغرافيكية في تطوّر مستمر وتزيد في تطورها وسائل التقانات الحديثة والدعاية والإعلان وطرق البرمجة الضوئية والليزرية والكمبيوتر وغيرها.

إن فن الحفر والطباعة لغة تتميز باتساع مفرداتها و إمكانياتها التشكيلية وهو يتميّز بالتنوع الكبير في طرقه الأدائية.

لقد كان فن الحفر والطباعة أسلوباً أصيلاً للتعبير عن الطاقة التشكيلية الكامنة داخل العديد من الفنانين وفي كثير من الأحيان كان هو الوسيط في تسجيل الحياة اليومية لكثير من المجتمعات ويسير فن الطباعة اليوم موازياً لفن الابتكارات الحديثة ليرتقي بين أشكال الفنون ويتميز عنها.

وفي الفن التشكيلي مدارس وأساليب فنية متعددة منها المدرسة الانطباعية والمدرسة التجريبية والتكعيبية و الواقعية والمستقبلية والسريالية والتعبيرية.

وأنا اخترت المدرسة الواقعية التعبيرية حيث تقوم هذه المدرسة على معالجة الواقع برسم أشكال الواقع كما هي وتسليط الضوء على جوانب هامة يريد الفنان إيصالها إلى الجمهور بأسلوب يسجل الواقع بدقائقه دون غرابة أو نفور، فالمدرسة الواقعية ركّزت على الاتجاه الموضوعي وجعلت المنطق الموضوعي أكثر أهمية من الذات ، فصوّر الرسام الحياة اليومية بصدق وأمانة دون أن يدخل ذاته في الموضوع بل يتجرّد الرسام عن الموضوع في نقله.

لقد اختلفت الواقعية عن الرومانسية من حيث ذاتية الرسام ، إذ ترى الواقعية أن ذاتية الفنان يجب ألا تطغى على الموضوع ولكن الرومانسية ترى خلاف ذلك إذ تعد العمل الفني إحساس الفنان الذاتي وطريقته الخاصة في نقل المشاعر للآخرين، إن المدرسة الواقعية هي مدرسة الشعب أي عامة الناس بمستوياتها جميعاً، وصفها عز الدين إسماعيل عندما يتحدث مقارناً فناناً رومانسياً بفنان واقعي قائلاً: كان ( ديلاكروا) وهو فنان رومانسي يرى أن على الفنان أن يصوّر الواقع نفسه من خلال رؤيته الذاتية في حين ذهب ( كوربيه) وهو فنان واقعي إلى ضرورة تصوير الأشياء الواقعية القائمة في الوجود خارج الإنسان وأن يلتزم في هذا التصوير الموضوعية الذي تنكمش أمامها الصفة الذاتية وأن يستخدم في هذا التصوير أسلوبا واضحاً دقيق الصياغة و أن يختار موضوعه من واقع الحياة اليومية فينفذ بذلك إلى حياة الجماهير ويعالج مشكلاتهم ويبصر بالحلول ويجعل من عمله الفني على الإجمال وسيلة اتصال بالجماهير.

 


تحرير : أغيد شيخو
_ عالم نوح