قمنا بزيارة للفنانة ليلى نصير، وكان لقاء وديا و “قويا” ولكن قبل نشر اللقاء، هذا تعريف سريع بهذه الفنانة الكبيرة.

اقتطفنا قليلا مما جاء عن الفنانة ليلى نصير في كتاب :
الهيئة السورية لشؤون الأسرة
نساء سورية
ألجزء الأول
بقلم مجموعة من الكاتبات السوريات ـ تحرير : نبيل صالح

                                                    ـ سعد القاسم ـ
على أن نلتقي قريبا مع الحوار الخاص الذي أجراه الزميل ثائر مسلاتي وصوره محمود مولي وطبعا بحضور الشاعر العزيز شادي قيس نصير، وذلك في منزلها في اللاذقية.

ليلى نصير، هي البهجة الطفولية ذاتها وإن اختلفت صورها … حين يترافق انزلاق الأرجل الصغيرة في رمال البحر الناعمة، أو في تراب الأرض الرطبة، بسعادة غامضة وبعض من خوف ممتع.

… فآثرت أن تغلف لهوها البريء بعمل مفيد تجعل عنوانه مساعدة القرويات على جمع السلبين والخبيزة … ما كان لابنة (القائمقام) معرفة أن صور أولئك القرويين الذين عاشت طفولتها بينهم متنقلة من قرية إلى قرية مع انتقال عمل أبيها، ستظل محفوظة في ذاكرتها بنظارة لا تبهت لتخط لها طريق سنواتها القادمة … وبعد سنوات طويلة حين صار الرسم أميز وسائلها الإبداعية في التعبير عن مشاعرها وأحاسيسها وأفكارها خرجت تلك الصور إلى السطوح البيضاء للوحاتها بعيدة عم هو وثائقي أو فوتوغرافي … بصياغة خاصة متفردة ومميزة صنفت تحت عنوان العبيرية.

… تلك الصور المحفوظة من زمن الطفولة هي بعض من أسباب تميزها الإنساني، كما تميز أعمالها، فهي تبدو صوراً غريبة لذاكرة ابنة (قائمقام) يمثل أعلى سلطة في منطقته، والمألوف أن أبناء أمثال هؤلاء الموظفين الكبار يعيشون بعيدين عن الناس …
… وإلى ما سبق كان حضورها الدائم بين الناس الذين أحبتهم، فما أن تندلع المواجهات أواخر السبعينات مع الاسرائيليين في جنوب لبنان حتى تكون إلى جانب الشباب اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين الذين حملوا السلاح منتصرة لقناعاتها ملقية خلف ظهرها بكل تحفظ أو اعتراض … وثانية تسقط من اهتماماتهاالأعراف الاجتماعية السائدة فتختار زاوية في أحد مقاهي مدينتها اللاذقية ترتادها كل يوم برفقة أوراقها وأقلامها لتدون رسوماتها وتخط كتاباتها الأدبية غير عابئة بردود فعل مستهجنة اعتادت أن يكون المكان للرجال وحدهم…
… لم تحصل ليلى نصير على مكانتها التي تستحقها بالسهولة التي قد يعتقدها بعض من يتابع المشهد التشكيلي السوري ومساره التاريخي عن بعد.

حكت كتاباتها الشعرية عن ذاتها .. عن مشاعر امرأة شابة ألهب الحب قلبها .. بخلاف لوحاتها التي بقيت تحكي عن الآخرين دائما… كانوا المساكين المهملين .. والأطفال المكفوفين والمعاقين والمشردين.. ماسحي الأحذية وباعة الصحف وبطاقات الحظ ممن لا حظ لهم.. أمضت أوقاتاً طويلة بينهم في ملاجئهم ومؤسساتهم. وفي شوارع المدن وحاراتها الضيقة .. صورت تعابين الأسى والقلق في وجوههم، مثلما صورت تعابير الرعب في وجوه ضحايا صبرا وشاتيلا، وتعابير الصبر في وجوه أمهات الشهداء.. والتصميم في وجوه مقاومين بعمر الزهور.. رسمت عن الواقع مباشرة …
غالباً ما ظهرت في أعمالها تأثيرات الفن المصري والفنون السورية القديمة.. خاصة لجهة المبالغة في حجم العيون.. (فأنا ـ كما تقول ليلى نصير ـ أعيش في إطار هذا التراث شئت أم أبيت. فأنا بالضرورة استمرار له.)…
… ومنذ تجربتها مطلع الستينات مع التجريد مروراً بالواقعية وصولاً إلى تعبيريتها يبدو هذا المسار جلياً دون أدنى التباس.. ومع معرضها الأحدث مطلع عام 2008 وقفت أمام إرث فني مذهل يتمثل بمشاركات بالغة الأهمية في معارض فنية جماعية، وعشرات المعارض الفردية وبراءات تقدير من وزارة الثقافة ومجلس الوزراء تعود إلى أواخر الستينات، وتكريم خاص في بينالي المحبة الثالث في اللاذقية وعدد كبير من اللوحات المحفوظة في المتاحف وعند ذواقي الفن الراقي.. ويتوج ذلك كله حضور مشرق في المشهد التشكيلي السوري والعربي .. وفي الحياة الثقافية. حضور جعل اسم ليلى نصير أساساً في تاريخ الفن التشكيلي لا بحكم ريادتها كامرأة فنانة، وإنما بحكم دورها المؤثر والحيوي والخاص.