ساندرا كلارك تتابع مسار والدها
وتقدم كليبات غنائية ـ تشكيلية
بقلم الفنان أديب مخزوم
عالم نوح

ساندرا كلارك تتابع مسار والدها
وتقدم كليبات غنائية ـ تشكيلية

بقلم الفنان والناقد التشكيلي أديب مخزوم

متابعة نوح حمامي ـ عالم نوح


منذ سنوات والفنانة المتعددة المواهب والاتجاهات ساندرا كلارك، تدهشنا بقدرتها على الرسم باستخدام تقنيات رقمية، حيث أنجزت مجموعة من اللوحات الحديثة، المتفاعلة مع انقلابات وتحولات وتداخلات وتشابكات معطيات تكنولوجيا فنون العصر، وهذه الفنون الرقمية، تسمح للمواهب بالبروز والظهور، ولهذا تم اعتمادها، ضمن المواد، التي يتم تدريسها، في اكاديميات الفنون الجميلة ، في عواصم ومدن الفن الكبرى.



عوالم الخيال

والمعروف أن موهبة ساندرا تفتحت على حب الموسيقا والغناء، من خلال سماعها أغنيات والدها المطرب الشهير سامي كلارك، وإلى جانب ذلك خاضت غمار الرسم باعتمادها على تقنيات رقمية، وفي هذه اللوحات تظهر الوجوه والعناصر الإنسانية بشكل أساسي ( وخاصة المرأة والأطفال والشمس والقمر وعناصر الطبيعة .. ) وبطريقة واقعية في جزء من اللوحة، في حين تتماهى العناصر والأشكال مع المشاهد الأخرى ( الطبيعة والأوابد الحضارية والأشكال الحيوانية ) والحركات اللونية في أماكن أخرى، وقد تظهر بإيقاعات بصرية كاريكاتورية أحياناً .. وفي مجموعة أخرى من لوحاتها، تبرز بعض العناصر والرموز والأشكال، المرتبطة في صياغاتها التعبيرية والرمزية بعوالم الرسم الموجه للأطفال، وتصل في لوحات أخرى إلى حدود الرسم السورياليز
تبتعد ساندرا في تشكيل لوحاتها الرقمية عن التقنيات التقليدية ( كاستخدام الألوان المباشرة والرسم بالريشة وغيرها) مؤكدة قدرتها على الاستفادة من معطيات الفنون التشكيلية الحديثة كأصل للمعاصرة، وتعمل على تحديثها بطرق مختلفة، يلعب فيها خيالها الخصب دوره، والتعبير من خلال الاستفادة من التقنيات الرقمية ومعطيات تكنولوجيا العصر في الرسم والتلوين معاً، للوصول إلى لوحة تمثلها وتمنحها خصوصية واستقلالية وبصمة خاصة.

شاعرية النور

هكذا يترسخ أسلوب ساندرا كلارك الفني، في التعامل مع اللحظة الانفعالية للعلاقات الشكلية واللونية، ولعل التوازن الذي تؤكده اللمسات العفوية، في أقسام متفرقة من اللوحة، يشعرنا أيضاً بتلك الروح الشاعرية المتقدة باستمرار بين لوحة وأخرى، حتى أننا نشعر بحياة اللوحة، تلك الحياة النابعة من كل مساحة أو حركة أو لمسة عفوية، وهذا يفتح أمامنا شاعرية وغنائية وموسيقا بصرية، داخل المساحات الخافتة والمضيئة والساطعة.
إن شاعرية المساحات اللونية الحديثة، والتي تصل في مقاطع كثيرة الى حدود اللون المشع والساطع، تفتح العين على مساهماتها المتواصلة في كشف جماليات الفنون الكمبيوترية الحديثة، بروحية عالية، تنقل الموضوع أو الفكرة إلى فضاءات مفتوحة ورحبة. ويمكن القول أنها تساهم في سد الفجوة بين اللوحة التشكيلية وعصر التكنولوجيا الرقمية الحديثة.

هكذا نكون قد تكلمنا عن طموحها، في الحدود التي أرادتها منطلقاً وهاجساً، والتي تتصل بطرق صياغة وانجاز لوحاتها التشكيلية الحديثة. حيث شهدت أعمالها خبرة فنية وتقنية مركزة، لجهة إظهار رشاقة الأشكال وخفتها وشاعرية النور، بحيث تبدو اللوحة، وكأنها مرسومة بوسائل الرسم والتلوين التقليدية، وهي تهتم بمسألة جوهرية، من خلال تعاملها مع لوحاتها بحساسية وبعفوية، وبطريقة تقترب فيها من الرسم المباشر، وتبتعد عنه في آن واحد.

  

كما تتفاعل مع اللوحة الحديثة، من منطلق تذوقها واستيعابها لتحولات وانقلابات وتشابكات ثقافة فنون العصر، مركزة في معظم لوحاتها على إيجاد "كونتراست" أو حركة تنقل دائمة بين الألوان الخافتة أوالمعتمة والألوان المشرقة أوالساطعة، رغم أنها في تنقلاتها بين طرفي نقيض، تعمل في إطار لوني مدروس وموزون وبعيد كل البعد عن الصخب والضجيج والصراخ اللوني.
وتحمل لوحات ساندرا في بعض مؤشراتها الواقعية والتعبيرية والرمزية ، فيض لا ينتهي من المحبة لوطنها لبنان، من خلال تقديم بعض معالمه الحضارية والسياحية ( مثل قلعة بعلبك ) في فضاء المنظر الطبيعي، النابض بالحيوية والشاعرية المتدفقة، كما تؤكد على وجود العلم اللبناني والأرزة في بعض لوحاتها، كما تظهر مرونة رموزها التعبيرية التلقائية، التي تحكي من خلالها حكايتها مع الواقع.

عوالم الأحلام المتشابكة

وثمة تنقلاً واضحاً في اللوحة الواحدة، التي تتسم بانحياز واضح نحو الدقة والنمنمة والعقلانية والواقعية والهدوء، وبين الإتجاه نحو التبسيط والأختصار في لوحات أخرى، وهي في ذلك تلتقط ثمرة وخلاصة تجربتها وبحثها في مجال الاستفادة من التقنيات الكمبيوترية الأكثر حداثة، في صياغة اللوحة الفنية التشكيلية، إذ تكمن أهمية لوحاتها، في قدرتها على توليف العناصر والأشكال برؤية خيالية تلامس احياناً الأحلام السوريالية، وهكذا تلخص فكرتها في بعض لوحاتها وتكثفها في بعضها الآخر.
وهي تلتزم بصياغة خطية ولونية تفتح أمدية واسعة على تقلبات حالتها الداخلية، عبر الحركات اللونية العفوية، وبذلك يترك الأنفعال أثره المباشر على اللوحة الرقمية، وهذا يظهر بطريقة بصرية وافتراضية.



وثمة تلاقياً في رسوماتها بين المنهج الإيضاحي وبين المنهج التشكيلي البحت، وتصالحاً لمصلحة لوحاتها الحديثة، التي تقدمها بأسلوبها الخاص، وتعمل من خلالها على اختصار وتكثيف الدلالة البصرية متخطية النمطية المقروءة في اللوحة الواقعية التقليدية، من خلال إضفاء النورانية والشاعرية والخيالية على مجمل لوحاتها . ولا شك في أن الكلام إذا كثر في اللوحة يخفف من قدرة العين، على إعتماد الصورة كعلاقة أساسية ورئيسية ، فاللوحة هي لغة بصرية قبل أي شيء آخر، فكيف اذا كانت قائمة على لغة الخيال والرموز والاشارات، حيث تقدم إيقاعات شكلية ولونية شاعرية تشكل استراحات لا بد منها في أجواء التعب والملل والرتابة.


والمعروف أن ساندرا، تنتمي لأسرة فنية عريقة، فهي ابنة فنان الأجيال سامي كلارك، الذي عرفت أغنياته شهرة واسعة مند الثمانينات، في كل البلدان العربية وبلاد الإغتراب والعالم، ولقد أبرزت قدرتها على مواصلة رسالته الفنية، حين شاركته الغناء مع شقيقها، في العديد من البرامج التلفزيونية، إضافة لأغانيها المنفردة والخاصة، التي سجلتها بطريقة الفيديو كليب، وبرزت فيها العلاقة المتبادلة والمتداخلة بين الرسم والموسيقا والغناء، وهي تستعد الآن لتسجيل أغنيات جديدة . ولقد عرفها الجمهور من خلال أغنيتها الأولى التي تحمل عنوان "نفنف يا ثلج" ، وأيضاً من خلال أغنيتها الثانية "قلبي عفراقو"، المعروفة ب
"In my Quiet Hideaway"
وهما من أغنيات والدها ، ولقد تم توزيعها بحلة جديدة ومميزة، مع كلمات عربية، وموضوع مختلف تماما ً، عن فكرة الأغنية الأصلية ، وبأسوبها وإحساسها ومشاعرها الخاصة.