الفنان التشكيلي السوري وليد سالم كموش

 

 

   

بقلم الفنان والباحث عبد القادر الخليل

حين قالوا ما هو الفن؟  قال الفنان  ادوارد مونش؟ “الفن يولد من الفرح والألم، وخاصة من الالم. إنه ينمو من حياة البشر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هل هناك لوحات في الدنيا تُجسد آلام شعب اكثر من ما نراه في لوحات الفنان السوري وليد سالم كموش؟  رأينا مناهج وتصميمات فنية تعتمد على كثافة الالوان. وأخرى تعتمد على تحريك الجروح الخاصة, ورسومات أخرين تحتج امام نوع من الافراد المعينة. بينما لوحات الفنان الكبير وليد سالم كموش, أعتبرها لُقاح لصالح الانسانية, وايضا مظاهرة امام الارهاب، امام الظلم الذي اتى من أين اتى؟  من يرغب ان يرى كل انواع الظلم الانساني فلينظر الى لوحات زميلي الفنان وليد سالم كموش. لم يجرح احد بهذا التشخيص بل إنه يُرمم جروح الوطن. وفي هذا التشخيص للداء والوباء لم يشير الى مفردات من المجتمع بل يضيف ان الانسان يبقى مريض طالما يبحث عن مصالح خاصة. ولأجل تلك المصالح يبني القصور من جماجم الناس. وإذا اردنا ان نقرأ كتابآ يحكي عن الالغاز والاشياء الرمزية فلنتصقح منجزات الفنان كموش. الوانه الدافئة, الوجوه الباردة. التعب يرمي المسافرين. والهجرة تلتهم الحياة.  الهجرة تحمل الانسان الى اجواء يصبح الانسان عبارة عن غنيمة للوحوش. ام غذاء للمفترسين. ويشير الى ان المجتمعات تزرع لأجل محصول مفيد، بينما هجرة الإرهاب تزرع الطرقات من القبور. لهذا يستخدم اسلوب الرمزية بأفضل طريقة تم استخدامها. ويستخلص من السيريالية وصفات لمن فقد الذاكرة. 

تصميمات الفنان وليد كموش هي من الفن الموضوعي. ليست اشكال مستنتجة من المثاليات او لتكون عبارة عن اشياء للزخرفة والزينة. بل انها منجزات تنقل المتلقي للتفكير وتجعله مشارك في سرد القصة السابقة والتي مصدرها يعود الى استعمال القوة امام الضعيف.   فمن الواقعية في الشكليات يفضح  عمليات استخدام العنف لدى الانسان. منجزات الفنان وليد تجعلنا نعرف معنى القراءة للعمل, ومعنى اختيار الصورة, ومعنى الابتعاد عن العفويات وعن طرح الالوان دون دراسة. نسمع احيانآ من يقول ان استخدام اشياء من الواقع تجعل العمل الفني فقير من الناحية الابداعية , لكن اقول انه من الصعب على هؤلاء انتقاد اشياء جميلة ولهذا يقولون انها فقيرة الابداع.  يصعب على الرؤية العامة تفسير كل ما تطرحه رسومات الفنان الكبير من مضمونات خفية بهذه الرسوم. وإن تظهر واضحة. بل كل مقطع وكل صورة تحتاج لتفسير واسع. الفن الذي لا يقوم على تحريك الشعور الانساني ليس فن.” هل هناك انسان ينظر الى هذه المعجزات الرمزية ولا تُهًيج شعوره الداخلي؟ المرايا نستخدمها لرؤية الوجوه بينما الفن التشكيلي لرؤية الارواح” من لا يعرف الألم ربما لا يرى الرسائل في هذه المنجزات..  استيعاب الرموز, سواء كانت حيوانية ام اشياء او نباتات او اشكلآ ام إيماءات، أمر بالغ الاهمية في تقدير الفن. لان هذه الرموز تعبُر اللهجات والحدود الوطنية ، يمكن ان تختلف معانيها وغالبآ ما تكون معقدة ومحددة ثقافيآ، لكن تجعل الحياة نابضة بثقة الانسان  على مواجهة العدوان وتجعل من كل لوحة كتاب تدرسه الشعوب فيما بعد. وهكذا زرعوا لنا من الثقافة والتطور الفكري وهكذا يُطور الفنان وليد سالم كموش بمهارة هذه الرموز ويجعل منها تحليل للمضامين الدقيقة والمعاني الصريحة في الاسلوب الذاتي بين الرمزية والسيريالية مما يُوفر لنا أداة لا غنى عنها للتفسير. 

 

نستخدم السيريالية في الفنون التشكيلية من حقيقة ان الشكل يعتبر الفكرة المركزية والمفهوم الرئيسي للفن ، لذلك يعُتبر ان الاشكال دائمآ تنقل القيم الاخلاقية، وتشير الى الجوانب الثقافية ، وتتبادل المعايير الاجتماعية وتشير الى المعاني . وبالتالي تريد السيريالية إظهار أنه وراء كل من المفاهيم الرسمية الاساسية هناك رؤية للعالم ومفهوم للوقت وفكرة محددة للموضوع. لهذا السبب، لايرتبط مفهوم رسمي بالأعمال فحسب، بل يرتبط أيضآ بالنظريالت الفلسفية والعملية العقلانية، من ناحية اخرى، تتميز منجزات الفنان وليد سالم كموش بالنظام الجمالي والتركيبي الكلاسيكي، والذي على الرغم من متغيراته وتطور معايير خاصة وحدوية وخالدة تعتمد على الترتيب والنسبة والتلاؤم والانسجام  والتسلسل. وهكذا يسمح لنا في الدخول في حقبة جديدة اختفت كثيرا في قوانين التكوين العالمي . ويستخدم التصوير الزيتي للتعبير عن المشاعر. منجزاته تتبع تفكير منطقي في الفنون الجميلة. ويستخدم أشكال تتميز بالحركة وهي اشياء تعني ولها تفسيرات مختلفة بين الشعوب.  ولا نجد بها اخطاء تعبيرية ام رمزية ام تفسيرية ويمكن قرائتها باي لغة كانت ومن خلال تلك الصور نرى فيها الزفير والدمار والغموض عند اصحاب العداوة وعند مصدر الظلم. و تفسيرات يمكن العثور عليها في معجم لا غنى عنه في تفسير مصطلحات الفن العالمي. 

يُعبر عن مشاعر الانسان الذي عانى انواع من العدوان بدون ان يعرف لماذا؟. يُجسد اشكال واقعية لتكون قريبة من مفهومية كل انسان مهما كان مستواه العلمي. وهذه الاشكال بحد ذاتها اشكال رمزية في الديانات وفي العالم العقلي. هي صور اعمق حقيقة للإنسان. والعقل الباطن وعالم التفكير. رؤية الانسان العادي تقول إن الفنان وليد واقعي لكن علينا ان نعرف انه هناك عديد من نوعيات الواقعية التي ممكن ان تكون باسلوب رمزي ام سيرالي ام نقدي. وممكمن ان تكون في اسلوب تعبيري. وكلنا يعرف ان الواقعية لها فروع. الحديثة السحرية. الاننطباعية والطبيعة, والتصوير والواقعية السياسية والمفرطة والاجتماعية والاشتراكية وواقعيات اخرى شرقية منها وغربية.  لهذا ليست النظرة من خلال كريستال واحد، بل من خلال مقاهيم مختلفة. وقوفي امام لوحات الفنان وليد هو الوقوف امام ايقونة من الفن السوري. امام اسطورة من الثقافة السورية فنان عظيم ولوحاته تتمتع بكل اشكال الجمال السحري من حيث التقنية ومن جمال الرمز الذي يهدف اليه من المصدر التعبيري. يستحق القول اننا امام قنان عالمي مميز. يستخدم الاشكال المعروفة ليصنع الجمال البصري والفكري وهكذا يحافظ على وجهة النظرة الإديولوجية التي تعتبر ان الاشكال الواقعية ترتبط بالأشكال الاجتماعية. 

 

في تجسيد الاشكال الحيوانية يعود بنا الفنان الى اصل الفن, الحيوانات لها حكم مختلفة بين المجتمعات ولها مفاهيم الحكمة والقوة. وهناك حيوانات تتمتع بقراءة كبيرة يعرفها الفنان ويستخلص منها رموز تشرح للقارى بفصاحة اكبر ولا يستطيع الفنان ان يشرحها من خلال الكلمة. وتعطي انسجام الرؤية واللغة بإسلوب صامت. فيستخلص من هذه الاشكال الحيوانية معنى القوة ومعنى الضعف, معنى الشجاعة ومعنى الجبان. والتفاؤل والتشاؤم. والصبر  والملل . وشكلا من أشكال التعبير من خلال الاستخدام الدقة للغة الرمزية. ويختلف هذا الاسلوب في استخدام الفن كمثيل للعالم اليومي، كما لو كان مألوفآ مثل الطبيعة أو الانطباعية . اختصر قولي جدآ لكن كل لوحة من لوحات  الفنان الكبير وليد سالم كموش تستحق كتاب خاص. كل لوحة درسأ للحياة وطريقة لرفض العنف ورحمة للأرواح على سطح الارض.

من اسبانيا كتب لكم.  .  Abdul Kader Al Khalil