لقاء مع الفنان التشكيلي علي مقوص أجراه الفنان شادي نصير: إن البناء الفلسفي للوحة يعتمد على بناء فلسفة التعايش الوهمي لتكوين اللوحة

الفنان التشكيلي علي مقوص ولقاء مع شادي نصير


إنه فنان العلاقات اللونية يختار ألوانه بعناية ويكون فوق السطح الأبيض خيالات مفعمة بالحياة، فها هو الدونكيشوت يعود مع سانشو ويسير في فضاء اللوحة غير عابئ بما حوله، لينقلك الفنان علي مقوص نحو ذاكرته التي عبقت بمئات التفاصيل من الحياة التي عاشها في طفولته واختزلها في جمالية قل نظيرها حيث يقول في أعماله:

أعمالي هي جزء من تجربة طويلة عمرها سنوات والمشروع هو تجربة بحث من إنضاج العلاقات الحساسة جداً بين الأسود والرماديات اللونية أو بين القوام الغرافيكي أو الخلفية الغرافيكية وبين الطرح الغرافيكي بشكل توليف للحالة التصويرية، وهنا تدخل معادلات لونية وعلاقات بين اللون والفراغ وحساسية هذا المشروع بتوليف قيم الألوان مع قيم الأبيض والأسود.

ويضيف أن البناء الفلسفي للوحة يعتمد على بناء فلسفة التعايش الوهمي لتكوين اللوحة وهو تكوين له علاقة بالموضوع الذي يحتوي تداخل بين الوهم والحقيقة وبين الخيال والواقع.

فيحدثنا عن طرق الاختزال في العمل الفني:

هناك بحث اختزال المساحة وتكثيفها كمساحة مشعة وجدانياً وإبراز أهمية القاعدة الغرافيكية للمساحة بحكم علاقة القاعدة بالبعد الزمني المهم والذي يتضمن القيمة الوجدانية فعندما نتحدث عن الزمن نتحدث عن العاطفة والذاكرة وبالتالي هنا ليس مهم البناء الواقعي والمنطقي للموضوع ويصبح له قواعد مختلفة ومفهوم العمل الواقعي مختلف فتصبح العلاقات متوازنة جداً ومرتكزة على الحس المكثف جداً للأبيض والأسود "الغرافيك" ويدخل اللون وكأنه مكمل وكأنه ضيف شرف.

ويحدثنا عن ذاكرته المشبعة بعبق الماضي:

الذاكرة لها حضور واضح يضاف اليها ثقافة الرؤية فيما يتعلق بالزمن والماضي والمستقبل وثقافة التحليل ودراسة علاقات المفردات مع بعضها ودراسة علاقة القسم الأرضي من العمل الفني مع القسم العلوي الذي يعيش علاقة حميمية مع الفراغ، وهنا العمل الفني يصل بنا إلى مجموعة من القيم تتقاطع وتشكل قيمة عظيمة تكون مؤثرة ومشعة وأي تفكك في العمل يفقده الطاقة الإشعاعية فالخط والمساحة اللونية تشحن بالطاقة، والحبر الأسود هو مولد للطاقة من خلال علاقته مع الفراغ والضوء، فالأعمال التي أقدمها، لها علاقة بالذاكرة والعاطفة ولها علاقة بتصورات تفكير ذاتي للموضوع الحساس الذي له ارتباط بالأنسنة ومرتبط بالأنسنة الأشمل، والتي تعمل توحيد بين الحالة الإنسانية الخاصة والحالات الكونية الأخرى وبين الإنسان والتراب والعمارة والفراغ والكائنات الأخرى والأشياء الجامدة كالإنسان والمطر والحجر والفراغ والطيور والأدوات ومن ثم محاولة توليف أدق حيث تبحث علاقة الإنسان بمفردات الفراغ وليس بالحجر وبالكتلة بل بعلاقته البصرية مع الجزيئات الصغير التي تكون الحجر ومع الحضور الشعوري للجمال، فتبدأ المسألة من البعيد القريب أي من الإطار الواسع جداً للمنظر الدقيق المجهري.

وعن الطيور في أعماله والبوم دائماً مرافق للشخصية التقليدية في عمله الدونكيشوت يقول حول ما يقدمونه ضمن العمل الفني:

الطير ليس له مدلول رمزي بل هو مدلول بصري له قيمة بصرية أكثر منها رمزية ولكن أحياناً يتعدى إلى المدلول الرمزي، عندما أضع اللون على اللوحة الفنية تتحول الألوان إلى طيور ولذلك علاقة بالذاكرة والتراكمات التي تمر بها هذه الذاكرة التي بلا شعور لأنني عشت طفولتي أراقب الطيور وأعشاشها وكيف تطير، وأتأملها وألوانها وريشها وأشكاله وشخصيته وشكله وحياته.

وعن ارتباط العمل الفني الذي يخصه فن الحفر بالذاكرة التي تكونت عنده ضمن مفردات القش وكثافة الرمز الذي يعود إلى الذاكرة يقول:

كل ذلك له علاقة بتراكمات الذاكرة واللاشعور وأحياناً في حال اخرج شخصيات العمل من اللوحة وتركت الأرضية تبدو كحقل عشب أو قمح محصود فهذه لها علاقة بالأرض والمساحات التي فيها قش وتراب وفيها مخزون الذاكرة، وعندما ترسم مفردة وموضوع وترسم جسم معين ترسمه من خلال إحساس كبير بالتواصل معه وبالتالي فأنت تدخل في هذه الحالة من التواصل لحميميتها لأنه يتولد منها طاقة وجداني رائعة مؤثرة وليس مهم الآن الموضوع الذي أقدمه المهم هو الوصول إلى تفجير الطاقة الكامنة في المفردة هذه عندما أرسم عصفور أو شجرة أو غربال أو كرسي أو البوم الذي يصاحب الدونكيشوت لان خصوصية الشخصية تدعوك للاسترسال في التلامس مع الشخصية وهذا التلامس تدعوك للتفكير كان يفكر ويرسم التصورات وعلاقته ع فرسه وحبيبته وسانشو هو حالة فلسفية فهو ليس حدث كوميدي أو فيه سخرية هو حالة لها علاقة بصميم الفكر الفلسفة الحياتي.

أما الدونكيشوت صديق أعماله فيقول عنه:

الدونكيشوت هو باحث وهمي عن ليس عن الحقيقة أو الفضيلة بل هو كشخصية يسعى لان ينشر مفهوم وتفكير جديد إنساني لو كان مبني على الوهم ولو كان غير حقيقي هو غير مكترث بالحقائق الموضوعية الحقائق عندها بناء خاص به وليس من الممكن أن يغير مفهوم الحقيقية الذي يحمله حتى بالرواية الساخرة كما كتبها سرفانتس عندما ضغطوا عليه لتغيير مفاهيمه كان يتحطم ويدمر ويصبح على وشك الموت هو حامل لنمط تفكير ورؤية مختلفة عن التفكير والرؤية السائدة المبنية على العقد والحسابات المنطقية وله مفهوم آخر للحقيقية وعنده طموحات وهمية وعنده خيال غير متوازن وبالمحصلة هو الجانب الآخر للحقيقية ولا يمكن أن تكون حقيقة إلا على خلفية غير حقيقية ولا يمكن أن تعيش إلا بفراغ وهمي وهنا الدونكيشوت يدخل على العمل من الفراغ والوهم ولا يكون جزء من الحقيقة المألوفة وهو عنده هذا البناء الوهمي لتصوراته جعله تفاصيل سوداوية وفيها إحساس كثير عنيف بأنه يقارع الطاقة السلبية النقيض لذلك كان في رأسه طائر بوم يقوده إلى حيث اللاجدوى إلى الحالة المناقضة للحقيقة.