الفنان التشكيلي محمد حمود
- أكتوبر 18, 2016
- 0
ديانا الرضا: يجمع الفنان التشكيلي محمد .س. حمود في معارضه الخاصة والمشتركة، التي يقيمها منذ سنوات طويلة، بين الرسم والنحت، وفي أعماله يقدم، خلاصة تجربة متنوعة
الفنان التشكيلي محمد . س . حمود :
الأدب يغني العلاقة بين الرسم والنحت
———— أجرت الحوار: ديانا الرضا –——————
يجمع الفنان التشكيلي محمد .س. حمود في معارضه الخاصة والمشتركة، التي يقيمها منذ سنوات طويلة، بين الرسم والنحت، وفي أعماله يقدم، خلاصة تجربة متنوعة في أساليبها وتقنياتها ومواضيعها ، حيث يتنقل بين الواقعية والتعبيرية والتجريدية ، ومع ذلك يحافظ على خطه الاسلوبي.
ورغم أنه لم يكن مرتكزاً في مراحل سابقة على الرسم، كأساس في حياته الإنتاجية أو المهنية ،فإن ذلك لا يعني ألا نلاحظ خبراته التقنية في تجسيد العناصر وتقديم الأشكال، والبحث عن مناخات لونية خاصة ، وبعض أعماله الرمزية تفسير موقفه من القضايا المصيرية، وتبرزه كتشكيلي ملتزم بقضية الإنسان، في صراعه ضد قوى الشر والرجعية والتخلف والتطرف. ونشاهد في لوحاته ومنحوتاته المرأة والطبيعة والنباتات والبحر والمراكب والموضوعات المختلفة، حيث يبرز احياناً كتشكيلي واقعي، يجسد تفاصيل أشكال الواقع ، ويقدم في أحيان أخرى، اللوحة المستمدة من تداخل عدة أشكال ورموز والمرتبطة بالتاريخ والبيئة والتراث المعماري والزخرفي والشعبي .
لإلقاء أضواء على تجربته الطويلة ( حوالي نصف قرن) في مجالي الرسم والنحت، التقيته وكان الحوار التالي :
*كيف بدأت قصتك مع الفن ، ومتى أقمت معرضك الأول؟
**كطفل في ربوع قرى منطقة السلمية، ادهشني جدا جمال الطبيعة و حياة الفلاحين، فبدأت برسم بعض تفاصيل تلك الحياة البسيطة، بالإضافة الى رسم النباتات، و بعض الحالات والمشاهد للفلاحين . كما ان الصور في كتب الصف الاول الابتدائي عامي 1958-1959جذبتني لرسمها، وبعد أن انتقلت للعيش في مدينة طرطوس عام 1959كان للبحر و الجبال تاثيراً كبيراً علي كطفل، يهوى الرسم . و بدأت ارسم كل ما يستهويني في هذه المدينة، و أتجهت نحو نحت بعض الصخور الكلسية و الخشب وخاصة خشب الزيتون.حيث كنت أرى أن كل شيء من حولي، يجب أن يتحول إلى لوحة فنية، و تحتاج ليد فنان، و كنت أتمنى دائماً أن أكون هذا الفنان . .
*هل جمعت في كل معارضك السابقة بين الرسم والنحت؟
** أقمت اول معارضي الفردية في طرطوس عام 1969 ، وذلك في المركز الثقافي ، حيث كان انذاك في حي البرانية ، وعرضت فيه بعض اللوحات و القطع الفنية النحتية . أثناء ذلك المعرض حدث معي عدة أمور، تركت تأثيرات بي حتى اليوم . و منها أن مجموعة من طلاب كلية الفنون الجميلة زاروا المعرض، حيث كانوا في رحلة إلى الساحل، ووقف اثنان منهم أمام عمل نحتي و هو رأس لفتاة من الحجر ،بحجم الرأس الطبيعي، و قال أحدهما للآخر أكيد، هذا العمل لنحات متخرج من الكلية، و هنا سألته كم يحتاج هذا العمل من الوقت لإنجازه فقال لي من 20 إلى 30 يوم، فقلت له هذا نحتي، و قد أنجزته بحوالي خمس ساعات، و أنا طالب بالمرحلة الاعدادية، و عندها امتعض و رفض أن يكمل الحديث معي، و خرجوا من المعرض .
أمر أخر: حين سألني أحد الزوار هل تبيع منحوتاتك فقلت له، هل يمكن أن يبيع الأب أطفاله. و حول نفس ذلك العمل(رأس لفتاة منحوت من الحجر) حدثت معي قصة طريفة، حين كنت أنحتها في أحد كروم الزيتون، وكان بالقرب مني عمال يقومون بتعبئة قاطرة تركتور بالحجارة، و قد جاؤوا و اقتربو ا مني بحذر و جلسوا القرفصاء ثم ذهبوا و بعدهم جاء سائق التركتور، و كان يعرفني سابقاً، و قال لي و هو يضحك، لقد قال لي العمال أن هناك مجنون ينحت صنم، و أنا جئت كي أشاهد هذا المجنون ، فقلت له اهلاً و سهلاً و أنا أضحك.
*ماذا عن العلاقة المتبادلة بين الرسم والنحت في تجاربك المتنوعة؟
** ان علاقة الرسم مع النحت متداخلة و منسجمة، حيث تتبلور معظم الافكار المراد رسمها، بعمل نحتي، يحقق الغاية و القيمة الجمالية، بشكل أجمل و أروع . وبالنسبة لي شخصياً، أرى بأن الرسم و النحت يكملان بعضهما البعض، كما تعتبر الأعمال الادبية مصدر ثقافي مهم يغني العلاقة بين الرسم و النحت . و بالنسبة للرسم و النحت فإن هناك علاقة جدلية قائمة ما بين كل الالوان و المذاهب و الاطياف الفنية و هي التشكيل . لكن الرسم استحوذ على هذه السمة، و هي التشكيل المقصود به، جمع الفنان لكل العناصر الجميلة البصرية، و يعيد تشكيلها ، حيث يكون منها لوحة فنية .
*ما سبب قلة النحاتين قياساً لعدد الرسامين، الذين يتفاقم عددهم يوماً بعد آخر؟ **ان سبب قلة عدد النحاتين قياسا لعدد الرسامين، يعود لان الرسم اسهل و لا يحتاج لجهد عضلي، كما ان ادواته متوافرة. بينما النحت يحتاج لجهد عضلي كبير، و لمواد خام كالحجر و الخشب و معداته غير متوفرة دائما، بالإضافة لعدم الرغبة لدى معظم الفنانين بممارسة النحت . و أود أن أضيف أن بعض الاسباب تعود لعدم اعطاء مادة النحت الحق و الاهتمام في المدارس، حيث يجب تخصيص حصص في البرنامج لمادة النحت، منفصلة عن مادة الرسم, و أن تكون حصة أساسية، تنمي المواهب لدى الطلاب و تعمل على صقلها. وكما ذكرت انفاً الرسم و النحت يكملان بعضهما البعض ، وأنا اشارك في كل معارضي بالاعمال النحتية الخشبية، إلى جانب اللوحات الفنية . .
*ماذا عن معرضك المشترك الأخير، مع الفنانة التشكيلية شيرين عبدو، وكيف تقدم لنا أعمالها، وكيف كان الاقبال؟ ** لقد كان معرض لا بأس به، حيث كانت الغاية منه تنوع الاعمال و تشجيع الفنانة شيرين عبدو،للمضي قدماً في مجال الفن. بالنسبة للاقبال كان جيداً، مع العلم انه اقيم بدعوة كريمة من جمعية الملتقى الوطني السوري للثقافة و الاعلام بطرطوس . واعمال الفنانة شيرين كانت متنوعة من حيث الافكار و الاساليب، و كانت هذه المشاركة مفيدة لها.
* كلمة اخيرة عن معاناتك كنحات ورسام ؟ **بشكل عام جميع الفنانين لديهم نفس المعاناة، من حيث عدم وجود الدعم و التشجيع المطلوب من قبل الجهات المعنية . و قد لاحظت و مازلت ألاحظ و ذلك من خلال انخراطي في جو و حياة الفنانين الرواد السابقين و الحاليين، أن هناك عدم اهتمام، إن لم أقل إهمال بأعمالهم، و بهم شخصيا حيث تترك جل أعمالهم الفنية، بلا أي استيعاب أو حفظ أو صيانة، حيث يجب العمل على إقامة متحف أو معرض يضم كافة أعمال الفنانين الرواد في سورية، و العمل على الاهتمام بالفنانين العمالقة، الذين ينجزون اعمال فنية مميزة و تكريمهم و هم أحياء يرزقون و لو بشكل معنوي او رمزي، كي يشكل ذلك حافزاً للفنانين اللاحقين والفنانين السابقين او المتقاعدين عن العمل او شبه المتقاعدين . كما لا بد لي ان اشكر الوسائل الاعلامية المقروءة و المسموعة، لتغطيتها لجميع النشاطات الثقافية و الفنية. و في الختام أود القول بأني أصبحت مشارك بحوالي 44 معرض فني مشترك، و أقمت ستة معارض فردية لأعمالي( جمعت فيها بين الرسم و النحت) وثمة سؤال يطرح نفسه على الذين تخرجوا من كليات الفنون الجميلة و المعاهد و تم تعيينهم كمدرسين ، ثم احيلوا إلى التقاعد، و لم يقيموا أي معرض فني، بحياتهم كيف هذا و لماذا . ؟