الفنان الراحل ظافر سرميني بقلم محمود مكي
- مايو 12, 2014
- 0
محمود مكي: إن تجربة الفنان ( ظافر سرميني ) في مضمار الساحة التشكيلية السورية تعتبر من التجارب التي قدمت رؤية جديدة لمفهوم الواقعية
كتب الفنان التشكيلي محمود مكي:
الفنان الراحل ظافر سرميني
الانطباعية تأكيد للواقعية
البداية :
في مساء يوم الاثنين 4112011 افتتح معرض الفنان ( ظافر سرميني ) في صالة ( الأسد ) للفنون بحلب ، وقد ضم المعرض ( وهو الثالث ) مجموعة من الأعمال اكثر من اربعين لوحة التي تتراوح حجومها بين اللوحة الصغيرة واللوحة المتوسطة ، ومشغولون بألوان الزيت بضربات ريشة خشنة وسكين الرسم وضمن اطارات أنيقة اهتم بها الفنان كثيرا لتتلاءم مع تشكيلاته الفنية التي احتضنت مذهب الواقعية الجديدة التي تبحث بقوة عن مذاهب الانطباعيين ولكن ضمن إحساس الفنان وهواجسه الفنية ورؤيته الجمالية …
الفنان الراحل ( ظافر سرميني ) من أحد الفنانين الذين تخرجوا من مركز الفنون بحلب 1965، ونظرا لهواجسه الفنية التحق بكلية الفنون الجميلة بدمشق ليتخرج منها في عام ( 1978 ) من قسم التصميم والزخرفة ، وبعدها شغل عدة مناصب إدارية في مجال الفن بحلب وحتى تقاعده عن العمل الوظيفي ليتفرغ تماما لإنتاج الأعمال الفنية اللائقة بطموحاته وتطلعاته إلى رؤيته الفنية والجمالية …
توفي بعد معاناته المرض في 1152014 غازي عنتاب
ونجد في معرضه الحالي استمراره بكل أمانة في تناول موضوع الطبيعة الخلوية التي استقى منابعها من البيئة المحلية ، والحارات العتيقة المتناثرة بين مدينة حلب ، ومدينة اللاذقية ، وتركيا ، وأسبانيا …
الموضوع :
تناول الفنان ( ظاهر سرميني ) في معرضه الحالي موضوعه الأثيري لديه ، وهو الطبيعة الخلوية والشوارع العتيقة بحلب ، التي استمد أشكالها من البيئة المحلية التي توزعت بين ريف حلب ، وريف اللاذقية ، وريف تركيا ، واسبانيا …
وموضوعاته هي ( كفر جنة – بالة – المشتل الزراعي – عين داره) من ريف حلب (الكرت) من ريف اللاذقية ، (اورفة – غازي عنتاب) من ريف تركيا (غرناطة – فالنسيا) من ريف أسبانيا.
يختار الفنان ( سرميني ) مناظره الطبيعية مباشرة من زاوية حساسة للعين ، فهي مليئة بالأشكال المتنوعة وغنية بعناصرها الطبيعية ( جبال – أشجار – زهور – مروج – …) ليأتي التصميم الكلي متناسبا تماماً مع التشكيل الفني والرؤية الجمالية الخاصة به التي تفصح لنا عن مقدار حبه لطبيعة الخالية تماما من عناصر الإنسان ..
التجربة الفنية :
تنحصر تجربة الفنان الراحل (ظافر سرميني ) ضمن التجارب الواقعية الجديدة التي تحاول البحث عن المذاهب الانطباعية في ساحة الذائقة البصرية السورية ، رغم أنه يشدد على انطباعاته الشخصية في اللوحة وخاصة إحساسه اللوني خلال لحظات الإضاءة المتنوعة في مشهد المنظر الواقعي ، مما دفعني بتأكيدي على اهتمامه الكبير في الالتجاء إلى الانطباعية في أكثر المواقع في لوحاته ، التي تميزت في البحث عن اختلافات الإضاءة في منظر واحد ، وخلال أوقات زمنية متنوعة ، ويؤكد ذلك ضربات الريشة وسكين الرسم بألوانهما المادية والفنية المعبّرة عن الإحساس الداخلي أكثر من الاحساس الواقعي ، وخاصة من خلال الوان الواقع الحي ، حيث لا يكترث كثيراً باهتمامه في أعماله إلى الوان واقعية العمل الفني بقدر اهتمامه في التعبير عن الحالة اللحظية الخاصة به أثناء إنتاج اللوحة ، لذلك جاءت ألوانه مطابقة لاحساساته الداخلية المرهفة أكثر من مطابقتها للواقع ، واللحظة الزمنية التي يقتنصها من الضوء خلال أشعة الشمس يحاول أن يثيرها من خلال ألوانه الرمادية المتنوعة ، لتعبّر عن انطباعاته الداخلية وهواجسه الفنية ، ورؤيته الجمالية ، وقد استطاع بكل مهارة أن يقدم لنا هذه الرؤية الجمالية التي اهتم بها كثيراً في أعماله ، والتي تتواكب مع رؤيته الجمالية ، وخاصة من خلال ضربات ريشته القوية أو سكين الرسم أحياناً ، والدسمة أو السميكة أحياناً أخرى ، وتتراكب إلى بعضها لتأسيس أشكال لوحته ، وقد استعمل في بعض أعماله الفنية سكين الرسم وضمن ضربات صغيرة متناسبة ومتراكبة على بعضها بشكل دراماتيكي جميل يتناغم فيها غنى الألوان مع التشكيلات الطبيعية بلغة فنية جميلة.
إن تجربة الفنان ( ظافر سرميني ) في مضمار الساحة التشكيلية السورية تعتبر من التجارب التي قدمت رؤية جديدة لمفهوم الواقعية ، وخاصة عندما استطاع أن يزاوجها مع مفهوم الانطباعية ، وأصبحت تجربته تمتلك تلك المفاهيم الفنية المعاصرة في الفن التشكيلي السوري …محمود مكّي