الفنان الشاب مجد كردية يعرفنا عن نفسه
- يناير 25, 2010
- 0
عندما طلب مني الصديق العزيز نوح أن أكتب للموقع طرقة فهمي للعمل الفني وأساليب تعاملي مع اللوحة في جميع مراحلها من كونها مجرد أشباح في المخيلة إلى آخر تجلياتها الجسدية، منذ أن طلب مني ذلك وأنا أفكر ما سأقول، لا أريد أن أمارس نرجسيتي على أحد لكني أريد ببساطة أن أطرح بعض الأفكار التي تجول في ذهني عندما أفكّر في الفن بشكل عام والتساؤل يبدأ من فهم الفن.
عندما كنا صغاراً نتابع برامج الأطفال الساعة الثالثة والنصف على القناة الأولى والوحيدة في ذلك الوقت، وعندما تختفي الصورة فجأة من الشاشة وبعد ذلك تعتذر لنا المذيعة عن (هذا الخطأ الفني) صار عندي كره لهذا (الفني) الذي حرمني من حلقة (جزيرة الكنز) وكنت أتساءل كيف يكون الخطأ الفني؟ يعني خطأ يرسم أو يكتب نص أدبي. إلى الآن لم أعرف لكني أعتقد أن استخدام مصطلح (خطأ تقني) هو الأمثل، مثال آخر، لوحة الكهرباء، لوحة الشرف، (الجورة الفنية) وهي لمن لا يعرف حفرة عميقة لمياه الصرف الصحي، بمعنى آخر لا توجد لدينا مصطلحات خاصة للفن، مزجنا الأمور التقنية بالكهربائية بتمديدات الصرف الصحي، أنا لا تعنيني المسميات كثيراً لكن أحببت الإشارة إلى ذلك من باب الكريكاتير.
والفن أو مهما أحببتم أن تدعوه، هو عملية صراع بين الفنان وفراغ مخيف يمثّل العدم والموت، كما في الأساطير القديمة كانت تنتصر آلهة الحياة على آلهة العماء والعدم ثم تبني من جسدها الأرض والسماء، كذلك يتصارع الفنان مع الفراغ الأبيض ويحاول أن يحوّلهُ إلى شي حي ينفصل عن الفنان بالنهاية ويكوّن كيانهُ الخاص، وكما أنهُ لا يوجد إنسان كامل كذلك لا يوجد عمل فني كامل لكن روعة العمل الفني تكمن في أنّه مخلوق ناقص قادر على الخلود.
عندما أقف أمام اللوحة أجد صعوبة كبيرة في البدء وكأن شيء ما يمنعني من هتك هذا البياض الثقيل لكن في النهاية أتغلب على ذلك وأمضي حتى الآخر(أستخف كثيراً ممن يهربون من هذه المشكلة بمجرّد الرسم من صورة فوتوغرافية)، أرسم ما أراهُ جميلاً وما أحسُّ بجماله، لا تغويني الفكرة كثيراً، أرسم الأشياء الأصلية في نفسي، السمكة هي اختزال لطفولتي على ضفة الفرات، والحصان هو روحي البدوية المتمرّدة على كل شيء.
لا أحب تسمية اللوحات لكني لا أريد أن تكون مجّرد أرقام، فالعرب أطلقوا أسماء على أحصنتهم ونوقهم مثلا (حرب داحس) والغبراء لم يقولوا حرب (الفرس رقم 12 والفرس رقم 56)، أسمي اللوحة كي لا تكون مثلي مجرّد رقم في حسابات هذا الكون الشاسع.
أحب الشعر كثيراً وخاصةً الجاهلي، أستمد منه الأحاسيس والصور، لكني في النهاية أرسم ما أراه متفقاً معي، فمثلاً من جماليات الحصان العربي القوائم الثخينة وعندما أرسم حصان أفكر في الحصان العربي لكني أرسمه بقوائم رفيعة ورشيقة لأنني أراه هكذا أجمل، وهنا تكمن الرؤية البصرية الخاصة بالفنان، فلو أراد إنسان آخر قروي يعمل بالزراعة أن يرسم حصان لرسمهُ ربّما بشكل هجين قادر على تحمّل ثقل المحراث.
وفي النهاية كانت هذه بعض الأفكار التي فكرت بها أمامكم بصوت عالي، وشكراً لعالم نوح.
وفي الحقيقة ترددت، هل أدرج هذا النص ضمن مقالات، أو أدرجه مع "فنان شاب" وفي النهاية قررت أن يكون ضمن الشباب، مجد كردية، حتى تكون جميع كتاباتك متواجدة مع الشباب وإليهم، ولك تحياتي و للرواد الكرام تحية فنية عطرة. نوح
نتعرف في هذه الصفحة على مجد الفنان الكاتب والرسام والمصور الضوئي … لكم تحياتنا