الفنان نجيب جمال لعالم نوح: آه من المسرح .. كلما سمعت هذه الكلمة أصابني الحزن و الرغبة بالبكاء .. فهو عالمي الذي أحببت و لم أستطيع العيش فيه و امتلاكه

أصدقاءنا في عالم نوح، نرحّب اليوم، بفنان شاب، يملك موهبة التمثيل بموهبة الإخراج. هو الفنان نجيب جمال.
نوح حمامي ـ عالم نوح


نجيب تولد   6 _ 7 _ 1990 في مدينة حماه. يدرس الطب البيطري. ولم تمنعه دراسته من ممارسة هوايته في الإخراج والمثيل.

نرحب به مرة ثانية في عالم نوح، حيث كنا قد قدمنا فيلمه الروائي الأول "نينار" الذي كان عرضه الأول في 28-2-2015 في مدينة حماه.




&
من يراقب نشاطك الفني لا بد وأن يتساءل كيف توفّق بين الدراسة والفن؟

استطعت أن أوفق بينهما في السنتين الأولى و الثانية من الحياة الجامعية فقط .. فقد كانت مكتبتي تعج بمحاضرات الطب و الكيمياء الحيوية و الفيزيولوجية الطبية و كلمات جميع تلك المحاضرات كانت مدفونة تحت كتاب " إعداد الممثل " ل ستانسلافسكي و مجلات المسرح و أفلام السينما.
وان قلت لك أني كنت مجتهداً في دراسة الطب أكون كاذباً .. فقد كان حلمي منذ كنت في مقاعد المدرسة أن ادرس الفنون و المسرح و الموسيقى .. فأنا موسيقي و عازف عود منذ 14 عاماً .

& هل حدث في لحظة ما أن وجدت نفسك في موقف اختيار ما بين دراستك أو بداية ممارسة هوايتك الفنية وتنميتها.

قد دخلت في متاهة الاختيار بين ( الرسم – الموسيقى – المسرح ) و وقع اختياري على المسرح و أعتقد أنه كان صائباً تماماً.
فعندما نلت شهادة البكالوريا قررت التقدم لفحص المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق و لكن أحياناً تجري الرياح بما لا تشتهي السفن و لأسباب خاصة لم أتمكن من السفر الى العاصمة و التقدم للامتحان فقررت أن أدرس الطب البيطري لأني معجب جداً و مهتم كثيراً بعالم الحيوان .. و زرعت في رأسي و قلبي و كياني هدفي الأساسي الذي لم أتخل عنه حتى هذه اللحظة.
و عندما وصلت إلى سنة التخرج في الجامعة تقدمت للامتحان و لم أتخرج.
و عند تقديمي لآخر مادة عدت للمنزل و حزمت أمتعتي و غادرت الى العاصمة دمشق لأتقدم لفحص المعهد العالي للفنون المسرحية و تفاجأت بأنه غير مسموح لي بالتقدم لأني قد بلغت سن 23 سنة و بعدها لم أعد أفكر بالمعهد العالي و بدأت بالبحث عن البديل.

& والموسيقى إذن؟

علاقتي بالموسيقى علاقة جدا قوية و متينة، تعلمت على آلة الاورغ في البداية عندما كنت في الصف الثالت، و بعد عامبن تفاجأ والداي بطلبي التعلم على آلة العود لأنها آلة صعبة و طربية بالدرجة الاولى فلم يعيرا اهتمامهما لطلبي لكن اصراري و الحاحي على هذه الآلة بالذات دفع بوالدي لشرائ آلة العود لأتعلم عليها. كان والدي يخبرني أنه حين كان عمري سنة تقريبا كنت كلما سمعت أغنية مرتي حلوة للموسيقار ملحم بركات أقف و أقلد عازف العود. هذه الموهبة ورثتها من جدي لأمي ولازالت حتى اللحظة تجري في عروقي.
الموسيقى غذاء روحي مهم جداً لكل انسان لهذا تابعت اجتهادي على هذه الآلة الرائعة حتى هذه اللحظة و تمكنت من بلوغ مرحلة الاحتراف و شاركت في العديد من الأمسيات الموسيقية و..  لازلت.

& لتكلمنا عن مشاركاتك الفنية قبل الوصول إلى نينار؟

قبل وصولي الى نينار كان لي تجارب مسرحية كثيرة في حماة منذ طفولتي و عندما كنت في السنة الثانية من دراسة الطب البيطري قرأت إعلانا لاتحاد الطلبة بإقامة مهرجان للأفلام القصيرة فقررت خوض هذه التجربة و كانت الاولى من نوعها في حياتي .
فصنعت مع بعض الأصدقاء فيلماً اعتقدت أنه سيكون قصيراً و لكن تفاجأت انه تجاوز 30 دقيقة بعنوان ( هل أصبح عبداً .؟ )
فتركته بحاسوبي و قررت أن اصنع فلماً أخراً فكان التعاون بيني و بين الكاتب العراقي حسين عبد الخضر فصنعت فلماً قصيرأ مدته 8 دقائق عن حرب العراق بعنوان ( مسلح مجهول ) و هو أقرب للوثائقي يحكي آثار الاحتلال الأمريكي على العراق و لم يشارك في أي مهرجان فلم يكن بالمستوى الذي كنت قد رسمته له و السبب هو عدم درايتي الكافية وقتها في فن السينما بشكل مقبول.

& كيف خطر لك نينار وكيف كان التحضير له؟

لنينار ذكرى أليمة جداً في قلبي و روحي .. فهذا الفيلم كان نتيجة أزمة نفسية عنيفة تعرضت لها في حياتي فانعكست على عملي الفني و كان هذا الفيلم تفريغاً لطاقة مرعبة و لّدتها لي أزمتي.
قررت أن أصنع فلماً طويلاً مبني على أزمتي .. و أنا من الأشخاص المولعون جداً بالافلام السريالية او الغير واقعية و التي تحمل رسائل إنسانية سامية.
أرسل لي أحد أصدقائي كتاباً بعنوان ( أرواح و أشباح ) للكاتب المصري أنيس منصور و هو مجموعة من القصص القصيرة عن الأرواح و الأشباح منها حدث فعلاً و منها صنع خيال الكاتب.
قرأته كله بنهم شديد .. و عند الانتهاء منه وقع اختياري على قصة تحمل عنوان ( لوحة بريشة فنان و قلم أديب ) و وجدت أنها بالنسبة لامكانياتي التقنية و المادية مناسبة لتكون مشروعاً جدياً .. و هنا بدأت البحث في عالم الأرواح و الأشباح و الميتافيزيقا .. و تابعت الكثير من الأفلام حول هذا الموضوع و المشكلة الكبيرة التى واجهتني هي كيفية تجسيد و طرح الأرواح بطريقة مختلفة عما شاهدته في الأفلام.

& هل يمكن تصنيفه ضمن الأفلام الغرائبية؟

نعم يمكن تصنيفه ضمن هذا النوع من الأفلام و أنا مع أن يكون في أرشيف السينما السورية هذا النوع من الأفلام فهي جميلة جداً و ممتعة أكثر و تلامس الروح في صميمها.

قبل العرض بدقائق قليلة

& كيف كانت ردة فعل الجمهور؟

ردة فعل الجمهور كانت مزيجاً بين الغرابة و الدهشة و الحزن و البكاء فكان كمن تلقى ضربة قاسية على رأسه أفقدته وعيه حتى عندما فتحت باب المناقشة بعد انتهاء العرض لم أتلق إلا القليل من النقد و هذا ما لا أحب أن ألقاه بعد أي عمل أقوم به .. فانا أحب النقد كثيراً لأنه يجعلني أرتقي في أعمالي المستقبلية للأفضل.

& حدّثنا عن المسرح؟

آه من المسرح .. كلما سمعت هذه الكلمة أصابني الحزن و الرغبة بالبكاء .. فهو عالمي الذي أحببت و لم أستطيع العيش فيه و امتلاكه .. أحزن كثيراً على وضع المسرح في بلدي .. فإن لم تكن خريجاً من المعهد العالي للفنون المسرحية أو لديك علاقات و مصالح بعض المخرجين فأنت محرم عليك العمل فيه .. طبعاً أنا لا أعمم فهناك حالات منافية تماماً لما ذكرت .. لذلك قررت السفر الى روسيا لدراسة المسرح و العودة بمخزون فكري و ثقافي فني جديد أضعه بين يدي بلدي الغالي سوريا.

& إذن جرّبت المسرح والسينما، والتمثيل والإخراج … هل تستطيع أن تحافظ على توازنك الفني وكيف يكون ذلك؟

دائما الفنان في أي موقع كان يرغب بتقديم شيئاً محدّداً للجمهور يعبّر عن ما داخله و يضعه بين يدي المتلقي .. فأنا مثلاً في فيلمي نينار فضلت أن أكون مخرجاً فقط و ليس ممثلاً فقد كان لدي الكثير من المشاعرو الحالات النفسية أحببت أن يشاركني الجمهور بها و لكن عدم وجود الممثل الذي يمكن أن يؤدي شخصية الفيلم المحورية في مدينتي حماة كما رسمتها أنا .. فقررت أن ألعبها بنفسي كوني أنا من خلقها على الورق و الأدرى بتفاصيلها .. و لكن أن تكون خلف الكاميرا و أمامها في آن واحد هو أمر صعب جداً و أوقعني في الكثير من الأخطاء و المطبات أثناء العمل .. ربما في المستقبل القريب قد تراني على أحد المسارح عازفاً على آلة العود في أمسية موسيقية .. فهذا يعتمد على حالتي النفسية التي تتملكني وقتها .

& إلى أين سيأخذك طموحك؟

أظنه سيأخذني بعيداً جداً .. فكل الذين عرفوني يقولون عني أني ذو طموح لا حدود له .. أطمح للكثير و لكن في الوقت الحالي لا أستطيع أن أرى مستقبلي بشكل واضح فهناك ضبابية تخيم عليه.

& لكل فنان طموح، ربما يصطدم بالواقع ولكنه يثابر، هل تذكر لنا بعض من الاحباطات التي تصادف الفنان عادة وإن صادفك إحداها كيف تغلّبت عليه

الإحباطات .. و ما أكثرها في حياة الفنان .. أول إحباط واجهني ذكرته سابقاً عن المعهد العالي ولكنه ولّد داخلي طاقة متفجرة لم تمنعني عن شق طريقي في الصخر و بعد صبر و عناء كانت مشاركتي الأولى في الدراما السورية بعد انتسابي لنقابة الفنانين بصفة متمرن في مسلسل بقعة ضوء الجزء العاشر مع المخرج الرائع الاستاذ عامر فهد الذي كان له الفضل الكبير بمنحه لي هذه الفرصة و إيمانه بموهبتي.

الإحباطات الأخرى والتي أتعرض لها حتى هذه اللحظة و التي أصبحت روتينية بالنسبة لي كفنجان قهوتي كل صباح هي كلام الناس و دائماً يكون ردي هو التطنيش و كلام الناس المحبين لي هو كفيل بضحض كل هذا.

& كيف يتم التعاون بين جيل الشباب والجيل الأكبر منه؟



هذا التعاون مهم جداً جداً .. فأنا الذي انضجني فنياً و ثقافياً و حتى حياتياً هو اختلاطي بالأجيال التي تتقدمني سناً منهم أصدقاء والدي و جدّي، فمنهم الفنان و ومنهم المثقف و منهم أشخاص عاديين .. و لكن كما يقول المثل : أكبر منك بيوم أعرف منك بدهر .. و هنا لا بد أن أذكر صديقي و ابن مدينتي حماة الفنان زيد الظريف هو خريج قسم الدراسات المسرحية في المعهد العالي .. فكان لي نعم الأخ و الصديق و دعمني بكل ما يملكه من ثقافة و خبرة في مجال المسرح و السينما و لم يبخل عليّ أبدا بأي شيء.

  

و أيضا الفنانان الرائعان وسيم قزق و كرم شعراني خريجا قسم التمثيل في المعهد العالي الذان قدما لي الكثير عندما كنت طالباً لديهم في دورة الإعداد لفحص المعهد العالي.

و المخرج التلفزيوني و الأب الرائع الاستاذ فادي زغيب الذي رافقني في طريقي الفني و قدم لي الكثير من النصائح و دعمني بكافة الاشكال.

           

و أيضاً العملاق الكبير الأستاذ فايز قزق الذي تعرفت عليه عن قرب خلال تصويرنا لمسلسل بقعة ضوء في رمضان الماضي .. فقد قرأت في تعابير وجهه خبرة كبيرة قدّمها لي سواء في حديثه أو في صمته أو في عمله امام الكاميرا.

& الفنان نجيب، يضطر الفنان أو ربّما يفضّل أن يتعاون مع مجموعة من الأصدقاء في عدة أعمال فنية… فما رأيك؟

التعاون امر مهم جدا .. فاليد الواحدة لا تستطيع التصفيق .. انا أؤيد التعاون مع أي شخص يحمل رسالة سامية و فناً راقياً في هذه الحياة.

& وككل لقاء، لا بد أن نسأل الفنان عن مشاريعه المسقبلية القريبة والبعيدة منها، فماذا تخبرنا؟
حالياً لا يوجد أي مشروع فني أفكر به سوى السفر الى روسيا لدراسة فنون المسرح و التمثيل هناك.

وجولة سريعة بين صور الفنان نجيب و تعليقه عليها:

من تصوير احدى لوحات بقعة ضوء 10
مع الفنان الرائع ايمن رضا و باقة من الوجوه الشابة
اخراج الاستاذ عمر فهد

            

الصورتين من مسرحية "الساعة الثامنة" النص لـ أنس الصحن و إخراج فؤاد مختار .. قُدمت على مسرح مجمّع دمر الثقافي بدمشق

    

 

 

من أول فيلم لي بعنوان ( هل أصبح عبدا? ) بشخصية الشيطان الذي يتلاعب بنفوس الناس لاجترارهم إلى الهاوية

إذن أعزاءنا، نشكر الفنان نجيب جمال على هذا اللقاء أملين له المزيد من التألق والنجاح، ولنا معه لقاءات أخرى إن شاء الله.
نوح حمامي