الفنان المسرحي بدر زكريا
- يناير 12, 2011
- 0
إنه محمد بدر زكريا الاسم الأكثر بروزاً في العالم المسرحي في سبعينيات القرن الماضي، أسس مسرحاً في مدينة جبلة بأبسط الأدوات وكانت عروضه من أمتع العروض لصدقها في اختيار النص وتقمص الشخصيات من قبل شباب مندفع نحو الفن… وقد إلتقاه عالم نوح وكانت هذه الحوارية ومع شادي نصير
محمد بدر زكريا
إنه محمد بدر زكريا الاسم الأكثر بروزاً في العالم المسرحي في سبعينيات القرن الماضي، أسس مسرحاً في مدينة جبلة بأبسط الأدوات وكانت عروضه من أمتع العروض لصدقها في اختار النص وتقمص الشخصيات من قبل شباب مندفع نحو الفن… وقد إلتقاه عالم نوح وكانت هذه الحوارية مع شادي نصير:
• حبذا لو تحدثنا عن تفاصيل بداية حبك للمسرح، وما هي التفاصيل التي استهوتك لتدخل غماره رغم أنه بعيد عن شرائح المجتمع ؟
حبي ورغبتي في التمثيل كان الفكرة السابقة لفكرة وجودي في عالم المسرح وهي فكرة عفوية، وقد ساهم في ذلك المشهدية التي كنت أتابعها في زقاق حينا الفقير في مدينة جبلة حيث كان شاهداً على لعبي وتعليمي ونموي.
في الليالي الباردة نتجمع في زوايا الحارة ونقص قصص ومن ثم نضيف إليها من خيالنا ومع مرور الوقت يزداد الحماس ويقوم الراوي الطفل بتحويل ما سمعه وحفظه من هذه القصص وما أضاف إليه من خياله إلى حركة مشهدية بصرية تتحول إلى عرض تمثيلي كأن يرفرف كطير من الطيور ويصدر صوتاً رقيقاً.
في المرحلة الثانوية قام الأستاذ محمد سعيد اسبر شقيق الشاعر الكبير أدونيس والذي كان يدرس لنا مادة اللغة العربية بإخراج مسرحية تاجر البندقية فبدأنا بإعدادها مسرحياً وكنا جميعاً سعيدين لأننا سنقوم بأول عمل يخرج عن نطاق الدراسة والقصيدة والإعراب والعروض، ولعبت دور شايلوك الزاخر بالألق وهو الدور الذي يطمح إليه أي ممثل وهنا أيقنت بأنني أريد أن أكون ممثلاً.
وبما أنني في مدينة صغيرة وفقيرة وليس لي احتكاك مع الوسط الثقافي حيث وهو في ذلك الوقت كان عبارة عن مجموعة من المواهب الفطرية والعلاقات الشخصية ولم يكن هناك معهد قررت السفر بعد البكالوريا إلى دمشق وتوجهت إلى المؤسسة العامة للسينما.
في المؤسسة قابلت رجلاً عجوزاً ضحك من حماستي وأخبرني بأنه لا بد أن أعرف أشخاصاً هم أساساً ضمن الوسط.. وكانت هذه صدمة كبيرة لي وعندها عدت إلى اللاذقية ودخلت جامعة تشرين لأفاجئ بوجود مسرح مهم وقوي، وقد كان قد تأسس أساساً المسرح الجامعي من بيان تأسيسي من جامعة تشرين وكان هذا هو المتنفس ولكن المسيرة توقفت لاتجاهي نحو العلم وبعد أن ملكت زمام الأمور المادية والمعنوية بدأت بالترتيب مع مجموعة من الشباب مسرحاً خاصاً بنا فاستغلينا أكياس الورق والورق المقوى والغلاف الداخلي لعلب الدخان المقسى حيث كنا نقوم بإضافته إلى علب الكرتون، لصنع إضاءة فكانت الإضاءة الحمراء من غطاء علب الماء"البيدون" الحمراء والصفراء كذلك وكانت مسرحياتنا تجربة غاية في الروعة وكان فيها نوع من الألق.
• ما العقبات التي تواجه المسرحيين بشكل عام؟
فن المسرح، كان ولا يزال من أصعب أنواع الفنون بشكل عام وذلك ابتداء من البنية التحتية مروراً بالأمور المادية وأضف إلى ذلك استعدادات المباني، وقد حاولت الحكومة خلال أربعين سنة أن تؤسس لهذا الموضوع، لكن الموضوع هو موضوع تفاعلي وليس قرار، هو حالة خاصة وبما أن المسرح يعبر عن حالة المجتمع، وكان المجتمع في حالة ما يشبه الثبات، بقي المسرح متعثراً، وعندما ينشط المجتمع ويتأجج تتأجج الفنون وعلى رأسها المسرح ودائماً المسرح يعبر عن ظروف مجتمع ما في زمن ما ومرحلة ما، لذا لا يستطيع أن يقوم بأعمال أوفر، مع العلم أنه يوجد نصوص قوية لأكاديميين حاولوا تقديمها لكنهم لم ينجحوا للأسف لعدم وجود تضافر مجتمعي كمؤسسات كاملة ثقافية واجتماعية والاقتصادية.
• ماذا يفيد السبونسر للمسرح؟
أما في حال راعي لمسرح "سبونسر" فهو لا يتواجد إلا إذا كان نوع من التهريج أو الدخول إلى عوالم محظورة أو بعض الإشارات الجنسية أو بعض ما يشبه مسرح الشانسونيه فالمستثمرين لا يدفعون أموالهم لدعم حركة مسرحية تحمل هم اجتماعي وثقافي.
المستثمر اليوم لا يقتنع بالفن ولا السينما وأرى أنه بدون مستثمر حقيقي جاد لا يوجد حركة فنية.
• كيف عملت على المسرح الخاص الشرطي والرمزي؟
قررت أن أعمل في ظروف عدم توفر النقود وهنا كانت الحاجة لنص لا يوجد فيه ديكور كبير ولا يحتاج إلى نقود كثيرة ولا إكسسوارات ولا إضاءة فكانت شروط لا فنية ولكن من الممكن رؤية هذا النص من خلال رؤيتنا الخاصة الشرطية والرمزية.
فأصبحت المسرحية شرطية وأصبح الجمهور يتحدث عن المسرحية الشرطية فنقول للجمهور افترض وجود الإضاءة حمراء أو أن الملك يلبس الأرجوان ومع أن هذا غير موجود فكنا نكتبه بالطباشير ونحن نقوم بصناعة الخلفية أو الماكياج من علب الفتيات حيث قدمنا عدة مسرحيات ثم قدمنا نصاً صعباً "اوفو ملكاً" لألفرد جاري وهو من المسرح الصعب ويعتبر أبو المسرح العبثي وتضاربت الآراء حوله فبعضهم أعجب والآخر لا وأعتقد أن الرأيان مهمان.
وثم "ورطة" لإسماعيل فهد إسماعيل وهو مخاض صعب جدا فالرواية التي اقتبسنا منها المسرحية تنتمي للستينات والسبعينات بجمالياتها وهذا الاستحضار ومحاولة الربط بين وسائل الإعلام السمع بصرية في عصرنا الحاضر، من انترنت وهجوم الثقافة الواردة وهذا الربط قدم خدمة لنا ربما نكون قد سقطنا في كثير من المشاهد نتيجة الضعف الشديد بالإمكانيات لأن التمويل يساوي الصفر فكان جهود الشباب والصبايا هو من يساوي كل شي من المسرح إلى الديكور إلى الماكياج وقد عرض النص في مهرجان جبلة الثقافي ومشكورة إدارة المهرجان حيث لاقت المسرحية الصدى الكبير.
• أسست لمسرح تفاعلي بين الجمهور حيث ترسم الناس أدق التفاصيل افتراضياً وهذا دفع الكثيرين إلى السفر مسافات ليلتقوا بمسرحك كيف عملت على هذا التآلف بين الجمهور والعارضين؟
هي بحاجة إلى نوع من الجرأة والجنوح قليلا ًإضافة إلى القليل من الجنون ولتحقق فكرتك الإبداعية، وهذه المسالة ساعدتنا والمسرح الأكاديمي لا يجرأ وله الحق ولكن كوننا هواة ونقوم بتجربتنا متحررين من قلم الناقد وهذا أعطانا نوع من الحرية أن نجنح وعندها رأينا أن الجمهور متفاعل بشكل طبيعي وعفوي ولكن عندما نقدم له عمل محبوك ومميز وأطلب منه أن يشاهد ويستمتع أولا ومن ثم يحرك تفكيره فالموضوع ليس مقصود ولا مخطط له ولكنه هدف مطلوب على صفحات الجرائد وفي الكتب.
ويبدو ما تحقق هو جانب لم نخطط له وهذا النقص المتواتر بنشاطنا جعل الجمهور المحب الذي يشاهد ويتفاعل أن يكمل ويملىء الفراغات الموجودة في عملنا وهذا الفراغ يوجد في كل المسارح ولا يعترف به وهذه الفراغات أتكلم عنها بمتعة أو النقص هذا واقعنا ورغم ذلك سنقدم مسرح وما نقوم به بحاجة إلى ارادة خارقة وارى أن أي عمل أقدمه ولا املك مقوماته الأساسية من كواليس وديكور واضاءة فهذا انجاز حقيقي للمسرح.
• المسرح السوري في السبعينات كان هناك مسرح فيه نبض واليوم يجنح نحو الخيال أو الكوميدية أو التهريج كيف ترى المسرح اليوم؟
تطرح واقعا حقيقيا وأعتقد أن المسرح اليوم هو غاية الروعة من خلال ما يتوفر له من جمهور وحرية تعبير ونصوص وحتى الجرأة بتناول النصوص أو طرح مثل هذه النصوص أو اجتزاء مثل هذه النصوص.
وأرى اليوم في المسرح السوري لا يوجد أزمة نص أو ممثل أو الأزمة إذا وجدت في المسرح فهي أزمة مجتمع والعكس صحيح وهذا طبيعي والمسرح اليوم فيه أسماء مهمة ولكن كل الطموحات في المسرح اليوم هي طموحات فردية والحلم مشروع ولكن على الواقع هذه إمكانياتنا وما يقدم شيء جميل وفي سورية هناك محاولات كثيرة سواء على الصعيد الشخصي أو الجماعي.
إضافة إلى الرغبة في التجريب ورغبة الفنانين والكتاب والمخرجين بالتجريب فقدم مسرح تقليدي يحمل الهم الوطني والقومي ومجموعة القيم كانت متغلغلة في داخل كل الشعب أما اليوم لا تزال الاهداف كبيرة ولكن شاركتها هموم اخرى وبالتالي اختلفت قراءة الخارطة المسرحية ونشا مجموعة من الاراء سواء على العيد المسرحي أو الحياتي، وهذا شيء جديد نشا من المجتمع وللمجتمع ولان المجتمع يتحرك وهذا المخاض يقدم تجارب بعضها سيعجنا والبعض الاخر لن يعجنا وارى حقيقة أنه هناك تجارب مسرحية سورية ولكن لا يوجد مسرح سوري أو عربي ولكن هناك محاولات رائعة.
• حدثنا عن مكان عملك الميزر؟
الميزر الكلمة هي عبارة عن قطعة من القماش يحفظ فيها العجين قبل خبرزه وتفوح منها الروائح الطيبة وبعد تبريد لخبز يحفظ في قطعة القماش دون أن يفسد وفي المعجم هو الذي يمنع الطعام من الفساد، والمشروع هو الطبيعة في بيتك وهو شعارنا ورأيي أن الطبيعة والمواد الطبيعية بين يدينا ولا نريد أن نراها فأحببت بالميزر مشروعي أن أعيد الناس إلى الأعشاب الطبيعية والقمح الكامل والغير معرض للمواد الكيماوية فقط للسماد العضوي وهو شكل من اشكال أو هو نداء الطبيعة حيث أن الأرض هي الام الكبرى بالمثيلوجية السورية واعادة تذكير أن ما تركناه من خيرات متالقة يجب أن نلتفت اليه والجزء الاهم هو لفت نظر الناس للطبيعة وهي موجودة.