متحدثا عن المسرح في المغرب، يقول الفنان خالد الزويشي: فشغف المشاهدة الحية لا يمكن تعويضه بشيء آخر، و يكفي أن نستدل على ذلك بامتلاء القاعات التي تستضيف العروض المسرحية

 

 

 

أعزاءنا في عالم نوح، و أيضاً على هامش الاستعداد لـ مهرجان فاس للمسرح الاحترافي الذي سيكون ما بين 19 و 25 ماي 2012 كان لنا هذا اللقاء السريع مع الفنان المتعدد المواهب، المغربي خالد الزويشي.

 

و قبل ذلك ندع الفنان خالد يعرفنا عن نفسه

خالد ازويشي من مواليد 1979 بفاس أب لطفلة ، وكما تعلم يا صديقي أن لكل فنان بداية، لذا فانطلاقتي الحقيقية بدأت من خلال العمل الجمعوي مع الأستاذ رشيد العلوي أبو البركات "جمعية جذور" الذي راكمت فيه مجموعة من الأعمال المسرحية، اعتبرتها محكا حقيقيا في اكتشاف موهبتي التي ظهرت بوادرها خلال الأنشطة المدرسية السنوية من خلال مشاركتي المتواصلة حيث كان لأحلامنا مع أصدقاء الحي (حميد الملاغة ، علي فهيم ، محمد طوير الجنة..) نصيب في تنمية مخيلتنا الإبداعية .. شاء القدر أن ألتحق بفرقة الأستاذ أحمد الطيب العلج و المخرج محمد فراح العوان رفقة الممثل الموهوب محمد عزام الملقب ب بهلول حيث كانت مشاركتي معهم فاتحة خير على مشواري الاحترافي بمجموعة من الأعمال المسرحية والسينمائية و التلفزية، و من تم حصلت على جائزة أحسن ممثل في المهرجان الدولي للمسرح بفاس عن مسرحية لعبة الحرية للمخرج المقتدر حسن العلوي المراني رفقة صديقي الفنان عدنان مويسي، دون أن أنسى محترف جمعية جذور الذي يضم ثلة من الشباب الموهوبين حيث أني أعمل على نقل كل ما أحمله في جعبتي المتواضعة من تقنيات وأساليب في المسرح إليهم بكل إخلاص وحب، و من هذا المنبر أوجه لهم ولجميع الشباب رسالة ملخصة في كلمة واحدة فقط : الصدق ثم الصدق ثم الصدق .

في البداية، الفنان خالد ازويشي نود أن نعرف نظرتك إلى المسرح الحديث في المغرب عامة ثم خاصة في مدينة فاس؟

·  ·  عرف المغرب المسرح من خلال الأشكال الفرجوية الأولى و البسيطة ، و يمكن اعتبار محمد القري هو أول مغربي أسس للمسرح المتعارف عليه حاليا و ذلك منذ ما يزيد عن تسعة عقود، و طبيعي أن يتم تأهيل القطاع المسرحي بعد فترة الاستقلال ، فظهرت فرق مسرحية لعبت دورا أساسيا في الحياة الفنية المغربية و من أشهرها فرقة المعمورة. و خلال فترة السبعينات كان المسرح هو الوسيلة الفنية الأكثر تعبيرا عن التوجهات و المواقف و الآراء الثقافية و السياسية و الاجتماعية، فكان أن برز مسرح الهواة كبديل عن المسرح الرسمي الذي كان يقدم في تلك الفترة، و بعد عقدين من الزمن التأم الجسم المسرحي ليحدث القطيعة بين الهواية و الاحتراف، رغم ما شاب ذلك من تجاذبات حول تحديد مفهوم المسرح الاحترافي، لكن على العموم فالمسرح المغربي عرف انطلاقة مهمة خصوصا بعد استفادته من دعم مالي من طرف الدولة التي تبنت الفن باعتباره دعامة أساسية لتحقيق المشروع المجتمعي المنشود، أما عن المسرح في مدينة فاس ، فالأمر لا يختلف عن المسرح في المغرب. ففي فاس انطلق المسرح المغربي من خلال محمد القري رحمه الله و منها كانت تنطلق نضالات المسرحيين و الفنانين، و التاريخ يسجل أسماء فاسية مسرحية بصمت بشخصياتها تاريخ المسرح الحديث بالمغرب، تأليفا و تنظيرا و إخراجا و ممارسة، و على سبيل المثال نذكر المرحوم محمد الكغاط، و الدكتور يونس لوليدي و الدكتور سعيد الناجي و آخرين.

 ثم توالت الأسئلة

2) من يخلف الطيب العلج و الإخوة بدوي و غيرهم من رواد المسرح المغربي

الطيب لعلج و الإخوان البدوي و آخرون هم أعلام المسرح بالمغرب، تأليفا و ممارسة، فهم جيل الرواد المؤسسين للفعل المسرحي، و منهم كان ينهل المسرحيون ليطوروا قدراتهم و كفاءاتهم، وذلك في وقت لم يكن للمسرح معهد يدرس فيه الشباب و محبو المسرح، لكن منذ إنشاء المعهد العالي للفن المسرحي و التنشيط الثقافي و أسماء لامعة تتخرج منه، حيث ساهمت في تطوير المسرح المغربي، و نظرا لكثرة الأسماء ، و يستحيل أن نحصر أسماء معينة نظرا لكثرتها.

3) كيف يتفاعل الجمهور مع المسرح خاصة بعد طغيان الفضائيات؟

منذ أن عملت وزارة الثقافة على منح أموال الدولة للفرق المسرحية من خلال دعم العروض أو ترويجيها ، أصبح بإمكان الجمهور المغربي أن يشاهد مدارس مسرحية متنوعة و على مدار السنة و لمختلف فرق مدن المملكة المغربية، و الملاحظ أن ثقافة مشاهدة العروض تبقى حاضرة لدى الجمهور المغربي، و لا علاقة لها بطغيان الفضائيات، فشغف المشاهدة الحية لا يمكن تعويضه بشيء آخر، و يكفي أن نستدل على ذلك بامتلاء القاعات التي تستضيف العروض المسرحية سواء من خلال المهرجانات المسرحية الكثيرة التي تتوزع على تراب المملكة أو من خلال عروض الفرق المسرحية ، بل إن الأعداد الغفيرة للجمهور تستدعي من المسؤولين العمل على توفير قاعات مسرحية توفر شروط العرض المريح للجمهور.

 

4) رأيك في التحضيرات لمهرجان فاس للمسرح وما هي الطموح و الآمال المعلقة عليه؟

مهرجان فاس الدولي للمسرح الاحترافي هو مكتسب فني ثقافي للمدينة و للمغرب، و مناسبة لتبادل الخبرات و تطوير الكفاءات الفنية و الإطلاع على مدارس مسرحية متعددة، و خلال شهر ماي من هذه السنة سيكمل المهرجان دورته الثامنة، مراهنا على الجودة و على التطور مع الحفاظ على المكتسبات، و باعتباري عضوا في المكتب الجهوي للنقابة المغربية لمحترفي المسرح بفاس ، أستطيع التأكيد أن كل الأعضاء تجنّدوا من أجل إنجاح هذا العرس المسرحي مستشعرين ثقل المسؤولية و تحزوهم الرغبة في رفع تحدي أهداف الدورة الثامنة المتمثلة في التطور و الاستفادة و الإشعاع الدولي من خلال إبراز مكانة فاس الفنية و خاصة المسرحية.

5) ماذا عن جائزة أحسن ممثل مسرحي لعام 2011 وشعورك و خاصة المسؤولية التي تحملها الآن؟

جائزة أحسن ممثل في المهرجان الدولي للمسرح الاحترافي بفاس السنة الماضية بدوري في مسرحية لعبة الحرية، كانت تتويجا لمساري المسرحي، و لاخياراتي و قناعاتي المسرحية، لقد كانت المنافسة قوية، خصوصا مع أسماء من داخل الوطن و خارجه، و لحظة التتويج كانت مفعمة بأحاسيس مختلفة، ممزوجة بالفرحة و ثقل المسؤولية، فهي اعتراف بالنجاح و تشجيع عليه و تأكيد على سيري في الطريق الصحيح، لكن في نفس الوقت ضرورة بذل جهود مضاعفة للحفاظ على المستوى و لأكون عند ظن الجميع، خصوصا و أن الجميع ينتظر مني الشيء الكثير لأقدمه إلى المسرح و الفن عموما.

 

 

 

6) الفنان خالد ازويشي … مستقبلا، ما هي مشاريعك؟

مشاريعي الفنية تتوزع بين ادوار جديدة، من خلال أعمال مسرحية و تلفزيونية و سينمائية، سيشاهدها الجمهور خلال هذه السنة إن شاء الله

7) التواصل مشرق مغرب هو تواصل شبه معدوم أمام التواصل مغرب أوربا ما رأيك في هذه المقولة؟

المغرب بلد الانفتاح و التقاء الحضارات، و اعتقد أن المغرب قام بمجهودات كبيرة من اجل الانفتاح على المشرق فنيا و ثقافيا و سياسيا و حتى اجتماعيا، فهناك أسماء وازنة استطاعت أن تثري النقاش على الصعيد العربي كالمرحوم المفكر : محمد عابد الجابري و الدكتور عبد الله العروي، بل على الصعيد العالمي من خلال العالم : المهدي المنجرة، و مسرحيا يكفي أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر : الدكتور عبد الكريم برشيد الذي استطاعت نظرياته المسرحية أن تغزو المسرح العربي برمته، أما على مستوى الممارسة و التشخيص فالأسماء كثيرة، بالمقابل قد يظهر أن التواصل مغرب أوربا أكبر من التواصل المغربي المشرقي، و ذلك بحكم العلاقات المتوسطية و القدر الهائل و الدعم الكبير الذي تخصصه دول الشمال للشأن الثقافي، و سعيها إلى نشر ثقافتها و لغتها، و الاطلاع على الآخر لفهمه و التواصل معه.

 

وفي الختام مع أطيب الأماني وأعذب التحيات الخالصة لعالمكم المسافر على متن سفينة نوح الإبداعية.

نوح حمامي ـ عالم نوح