الفنان زهير قشعور
- يناير 25, 2011
- 0
يسر عالم نوح أن يلتقي الأستاذ زهير قشعور الذي استقبلنا في مرسمه الذي يضج بحياة ساكنة تتأرجح بين طياته تقلبات اللون وانحناءات الريشة، هذه الانحناءات التي أصبحت على علاقة وثيقة مع أنامله التي أخذت تلوّح بانطباعية شفافة.
يسر عالم نوح أن يلتقي الأستاذ زهير قشعور الذي استقبلنا في مرسمه الذي يضج بحياة ساكنة تتأرجح بين طياته تقلبات اللون وانحناءات الريشة، هذه الانحناءات التي أصبحت على علاقة وثيقة مع أنامله التي أخذت تلوّح بانطباعية شفافة.
حدثنا بدايةً: بالنسبة للانطباعية لا يوجد فنان يستطيع أن يحدد مسار عمله من البداية وأن يختار مدرسة ما كونه يظهر من خلال أعماله ومن خلال أسلوبه ونتاجه الفني ولا أخفي أنني قمت بتجارب عدة ولكن في البدايات يشعر الإنسان نفسه مرتبكاً ويريد أن يخوض في كل الأساليب والأنماط ولكن في النهاية هذه الخبرة تجتمع لتظهر الجانب الحقيقي الذي يحبه من شخصيته فتغدو مدرسة قائمة بذاتها يستمر فيها أو يغيرها في المستقبل.
وتابع قائلاً: لا يوجد شك أن المدرسة الانطباعية عريقة جداً ولم يصنعها أحد بل أتت تلقائية لأنه قديماً كان الفنانون قد أسسوا هذه المدارس لكنهم لم يقصدوا أن ينظموها باسم الانطباعية أو التعبيرية أو الواقعية بل أتت مع الأيام وكنا بحاجة لتصنيف هذا النمط لنفرز نمط لكل مدرسة على حدا .
وعن بداياته والانطباعية قال: في البدايات لم تكن الانطباعية متطورة مثل وقتنا الحالي والكثير من الفنانين في عصرنا الحالي قاموا بتطوير الانطباعية بنمط جديد وأسلوب جديد و تأثرت كثيراً (بمونيه ومانيه) وبأسلوب عملهم للطبيعة، كان في ألوانهم سحر لا يقاوم وشفافية لكن كانت قاتمة قليلاً نتيجة طبيعة الفن أو البيئة في ذاك الوقت.
ويستمر في حديثه وهو يقول: من خلال عملي كنت أشعر أنني أميل للانطباعية ولكني لم أكن قادراً على فهم تفاصيلها وتقنية اللون فلي تجارب مستمرة على مدى سنين طويلة ووصلت إلى مرحلة بدأت إلى حدٍ ما أعتقد أنني وصلت إلى طرف الخيط لهذا الجانب، في الوقت الحالي أعمل على الطبيعة وحاولت نقل الحس الذي كنت أعيشه في الطبيعة لمرسمي وتفاجأت بأنني مزجت العمل بأكمله, فإذاً يوجد إحساس معين تشعر به في اللحظة التي تعمل فيها ولا يجب أن تعيده لأنه ليس من الممكن أن يكرر ثانية لأنك تعيشه في لحظته وينتهي في وقته فأصبحت عندما أرسم الطبيعة يجب أن لا أعيد الإحساس عليه لأنني بذلك أسيء إلى اللوحة بدل أن أكثر.
ويتابع: عمل الطبيعة يعطي حساً انطباعياً وعندما تعمل لشخصية بورتريه, أو تأخذ بروفيل لشخص ما في نفس الوقت تبقى محافظاً على نفس النمط…. والقاسم المشترك بينهم هي الانطباعية.. لكن الشيء المختلف بينهم هو نوع الموضوع.. الذي تعمله, و نوع الموضوع يعود إلى حس الفنان وقدرته على دمج هذه الأشياء، ومن الممكن أن يكون قد أتى هذا الشيء من خلال تراكم هموم الفنان عبر الأيام وهذا يلعب دوراً كبيراً لأن الفنان يعيش منغصات كثيرة ويحاول أحياناً أن يظهرها في أعماله لأنه إن أراد أن يظهرها بتفاصيلها يجب أن يعمل بواقعية بحتة أو برمزية بحته وهو يعلم أنه فنان انطباعي ، فهنا تكمن مقدرة الفنان في جمعهم مع بعض.
وعن فن الإستشراق يقول: هو فن عريق…والفنانين العظماء الذين أتوا إلى المشرق وأخذوا هذا السحر كلّه وجمعوا السكيتشات الهائلة وعادوا إلى مراسمهم إلى أوروبا ليعيدوا صياغتها وجسدوها على شكل لوحات و أعمال ظهرت رائعة جداً وحفظت تاريخ المشرق بألوان أشعة الشمس, نحن عندما أعدنا رسم هذه الأعمال المقصد منها هو تخليد لهذه الأعمال ولكن كان هناك جانب يدفعنا لنعمل عليه ألا وهو القصد المادي وهذه كانت في البدايات.
الشيء الذي يستفيد منه الفنان من الأستشراق هو كثر الممارسة، والعمل على هذه الأعمال تجعله يكتسب خبرة ويكتشف ألواناً لا يعرف أنه ستخرج معه، مع الوقت أصبحنا نكتشف بأن هناك تقنيات جديدة للون وهناك ألوان نكتشفها من جديد وهي موجودة بالتأكيد ولكن لم نستطيع الوصول إليها بعد.
التصميم الداخلي بشكل عام مجال هندسي بحد ذاته ولكنه لا يبتعد أبداً عن الفن "كمسمى"، سابقاً كانت الفنون الجميلة موجودة مع العمارة وهي جزء من هذا المجال ليس بعيد عن مجال التصميم , الفنان القادر أن يعمل في هذا المجال وأن يجمع ما بينهم بالتأكيد هو شيء عظيم.
المجال الهندسي: لا نستطيع القول عنه بأنه قريب جداً للفن كفن لكن الفنان الذي يعمل في مجال التصميم قادر من خلال عمله إما بسكيتشاته أو بتصاميمه أو حتى بأعماله الفنية التصميم الداخلي لأي فله أو محل, حتى موضوع تعتيق الألوان الذي يعمل عليه في التصميم الداخلي من الممكن أن تضيف لمسة ثانية فنية بحته للتصميم الداخلي.
وبغصة يتكلم الفنان: المنغصات بالنسبة للفن كثيرة…. الضغط النفسي الذي ينعكس من خلال سعيك ولهاثك وراء لقمة العيش يؤدي إلى حالة سلبية عند الفنان، وبالتالي إما أن تظهر أعماله بطريقة كئيبة أو سيضطر أسفاً أن يفصل تماماً ما بين هذا الواقع وعمله، ولكن لن يكون صادقاً نهائياً لأنه سيحاول أن يصطنع واقعاً فنياً بعيد كل البعد عن واقعه المادي أو الاجتماعي, ومن هذه المنغصات أيضاً عدم تقدير الجهود الفنية أو المواهب التي تظهر لأننا نشعر بوجود راعي معين ومجموعة فنانين مرواً على تاريخ الفن التشكيلي في سوريا أو في الوطن العربي، فعند العرب تحديداً نشعر بأن هؤلاء الفنانين مسيطرين على الساحة تماماً.
ومن المفروض هناك مواهب جديدة تظهر وطاقات هائلة وشباب ينجزون أعمال كثيرة مهمة جداً، وموضوع الواسطة والمحسوبية هي واصلة للفن مثل أي جانب أخر, أنت تعلم أنك أنت فنان وتنتج أعمال عظيمة تتفاجئ أن هناك عمل من أعمالك رفض…! لأن مسؤول في اللجنة لا يعرفك وهذا غير منصف إطلاقاً, المفروض تقييم العمل على العمل الفني ومدى تقنيته وقيمته وموضوعيته والجهد المبذول في هذا العمل وليس على أساس اسم فلان لا أعرفه فهذا ليس فنان, وهذه نقطة مهمة وحساسة و للأسف ومازلنا نعاني من هذا الجانب,وهناك منغصات أخرى تتعلق بالجانب المادي تحديداً إذ أن اغلب الفنانين لا يستطيعون العيش من نتاج أعمالهم.
المفروض كفنان ما هي الطريقة التي تجعله يستطيع أن يكمل مجاله وأن يعمل في مجال الفن ولا يعقل أن يعمل في مجال بعيد كل البعد عن مجاله ليستطيع تأمين المادة ليستمر بالجانب الفني.
يعيش الفنان حالة ازدواجية مع نفسه فيجب أن يكون هناك التفاتة من المعنيين لهذا الأمر لإيجاد طريقة أو حل لهؤلاء الفنانين والشباب الصاعد الذين ينتجون بالفعل أعمال عظيمة و أن يبحثوا عن طريقة لحل مشكلاتهم وجعلهم يستمرون ويبدعون بأعمالهم.
منذ حوالي (10) أو (15) عام كان هناك صالات خاصة من الممكن لكثير من الفنانين أن يقدموا نتاجاتهم وهناك لجنة إذا اقتنعت بمستوى الأعمال يمكن أن تعرض لهذا الفنان ولكن حتى هذه الصالات يوجد فيها نوع من الاحتكار للفنان، هناك أصحاب صالات تقول للفنان ممكن أن نعرض لك أعمالك ولكن بشرط أن لا تعرض عند أحد أخر ونحن نبيع بالسعر الذي يناسبنا ولك نسبة معينة…. والموضوع واضح تقريباً ونحن هنا لا نخدم الجانب الفني, فالموضوع أصبح تجارياً ومادياً لا أكثر ولا أقل.
وعن مشروعه الجديد قال: الأمل كبير أنا أشعر بنقلة نوعية في الواقع الذي نعيش فيه وأنا أحاول أن أتفاءل وأبعد كل التشاؤم عن ذهني على أساس أن أنطلق انطلاقة جديدة من هنا، وأحضر أعمال كثيرة ضمن مجالي وهو الانطباعية على أساس أن أخرج بمجموعة معقولة بالشيء الذي أقدمه, وبالمقابل أترك الرأي الأول والأخير للجمهور وللأشخاص المهتمين والنقاد الفنيين الذين ينقدون نقداً بناء وليس هدّاماً إنهم يبدون رأيهم بهذه الأعمال, هناك فكرة إقامة معرض شخصي إنشاء الله بالإضافة لبعض النشاطات التي تعرض من خلال بعض الأشخاص علينا بما يتعلق بموضوع البيئة وبجعل الحرية للفنان أن يرسم ويعمل كيفما يشاء المهم ضمن هذا المجال لأنه أصبح موضوعاً حساساً جداً وهناك تجربة بعيدة عن الانطباعية وبدأت فيها منذ فترة تقريباً.
لقاء: شادي نصير
تحرير: رنا ماردينلي