
الفنان عماد لاذقاني والخزف
- ديسمبر 2, 2010
- 0
الدكتور عماد لاذقاني أحد أهم الفنانين التشكيليين في سوريا والذي أستخدم مادة الخزف بأعماله الفنية … وحوار مع شادي نصير
"الفنان عماد لاذقاني والخزف"
يسر موقع عالم نوح أن يستضيف الدكتور عماد لاذقاني أحد أهم الفنانين التشكيليين في سوريا والذي أستخدم مادة الخزف بأعماله الفنية وكان معه الحوار التالي بعد استقباله لنا بمنزله الدافئ:
بداية هلا حدثتنا عن بداياتك في كلية الفنون؟
حقيقة اختيارنا لكلية الفنون كان نتيجة تواصل بيني وبين مركز الفنون التشكيلية وأحببت أن أتابع هذا الموضوع وكنت أعمل بالرسم, وتوارد علينا أساتذة مهمين و من ثم دخلت كلية الفنون وكان من المقرر أن اختص بالتصوير ومن ثم اكتشفت أن الرسم ملازم للنحات ولكل الفنانين, وبوجود مادة النحت استهواني الطين لوناً وخامةً إضافة لسهولة التعامل معه في عملية التشكيل والبناء فشعرت بقربي من هذه المادة واقتنعت بأنني يجب أن أكمل في مجال النحت..
وأحد "الفواكه" في النحت كما نسميه هو الخزف وهي مادة جميلة جداً ومشوقة وأحببتها كونها تتداخل فيه الألوان وكونها خامة تاريخية تمثل سوريا…..حتى الطين والفخار فأول ما عرف كان بمنطقة تدمر, و لازم الإنسان أمداً طويلاً إضافة لقدسيته لأن الإنسان مخلوق من الطين….وبالإضافة لعنصر المفاجأة عندما تشكل أي منطقة من النحت وتأخذ معك مراحل يجب أن تحضر لها مثلاً: الفرن والألوان الكيميائية والتركيبات… عملية فيها مفاجآت, ولكني تابعت الخزف بطريقة مختلفة ولم أخذه بطريقة تقليدية,الخزف معروف عنه بأنه مادة تطبيقية استخدمت منذ القدم وأحياناً كانوا يستخدموه بدلاً من العملة ومن ثم في صناعات فنية وراقية جداً وبقي ضمن إطار الصحن والفنجان الخ…..
يتابع: خامة الخزف وظفتها بشكل جيد في عملية تشكيل العمل الفني فكان هناك تزاوج بين العمل الفني وخامة الخزف فأصبحت لدي أعمال فنية خزفية ولكنها مختلفة عن مفهوم الخزف, ومن هنا أصبح أسمه العمل الفني الخزفي.
أنت من المجددين لهذا الفن بسوريا ولا يوجد أحد يعمل على هذه الخامة كعمل فني سوى الدكتور عماد لاذقاني؟
بصراحة يوجد أستاذنا الذي علمنا مادة الخزف ودرسنا التقنيات والألوان وتكنولوجيا صناعة الخزف من تحضير الطين لعملية الخزف ومن ثم التلوين… وهناك مجموعة دعني أقول عنها أصدقائي وليس طلابي فقد قمت بتدريسهم الخزف بمعهد الفنون التطبيقية ومنهم: الخزافة ( أيميلي فرح) ويوجد الدكتور (نذير هجري) يعمل على الخزف ضمن رؤية معينة وهو مختص بالنحت ويوجد له أعمال خزفية عدة, وأشخاص لها تجارب خزفية, بينما أنا فقد انحصر اهتمامي ضمن مجال الخزف فقط.
الألوان التي تستخدمها بأعمالك الخزفية هي ألوان خاصة جداً لها بريق خاص وروح مختلفة عن الألوان التي نشاهدها في الأعمال الخزفية لدى الفنانين، حدثنا عن الروح التي تصنعها ضمن العمل الخزفي لتخرج بهذا البريق؟
الخزف أصعب مرحلة فيه هي مرحلة اللون لأن الألوان الخزفية الموجودة في الطبيعة هي على عكس ما هي بعد الحرق فتشاهد تراب أبيض ولكن بعد الحرق يصبح أسود اللون, و الأخضر بعد الحرق يصبح لونه أحمر, فالتصور اللوني قبل وبعد عملية شاقة جداً يلزمها ممارسة وضبط, ويوجد أعمال قد يخسرها الفنان إذا أساء استخدام اللون كما يجب، بالنسبة لي يوجد لدي تصور لوني في ذهني وكأنني حفظت الألوان….لأن عملية اللون تتطلب مهارة في التحضير كمعرفة نسبة اللزوجة ونسبة الماء والجفاف أيضاً, بالإضافة إلى عنصر المفاجأة بالحرارة أي عند ضبط حرارة الفرن لمعيار(950) فإذا تأخرت ثانيتين فقط فإن النتائج جميعاً تتغير ويمكن أن أفرح كثيراً أو احزن كثيراً على نتيجة العمل الذي قمت به وخاصة بالنسبة إلى اللون فإجمالاً الألوان الخزفية جميلة جداً….ولكن بحاجة للفنان الذي يستطيع أن يشكل هذا اللون ويجعل منه قيمة ضمن العمل فأنا بطبيعتي ميال للون الأزرق. أحب الفيروزي لأنه لون شرقي ويمثل السماء وله قدسيته ويدل على الصفاء وهو لون الحجر الكريم, إضافة إلى الألوان الأخرى وأشعر أن هذا اللون يتناسب مع حالة المواضيع التي أطرحها بين الانفعالات والعواطف، بين الحالات الإنسانية المختلفة..وهذا اللون يساعدني كثيراً في الحالات التعبيرية.
نلاحظ في أعمالك حالة خاصة من الدراسة تعتمد على الرموز في تاريخ سوريا، حدثنا عن بعض الأعمال كيف تختارها وتتصورها قبل أن تعمل عليها؟
الحقيقة وبشكل عام أنا أهتم بدراسة الفنون السورية القديمة وأتمنى من جميع الفنانين أن يسعوا لدراسة الفنون القديمة حتى نستطيع في النهاية طرح مدرسة فنية سورية فحتى الآن يتكلمون عن الفن السوري القديم أي منذ حوالي 4000ألاف سنة ق.م ,أما حالياً يتحدثون عن الفن التشكيلي السوري ممكن….ولكن لا نستطيع أن نقول "الفن السوري" لأن أسس ومواصفات الموضوع لم تكتمل بعد ،استهوتني بعض من الرموز والمفردات والصيغ مثل الطيور والسمك ومدلولاتها إضافة أنها تتناسب مع الصياغة الفنية التشكيلية ضمن العمل مع الموضوع مثلاً: السمكة وخطوطها التشكيلية فهي عبارة عن مجموعة من الأقواس وعندما تتشكل في الفراغ تعطي طابعاً جميلاً جداً….نفس الأمر بالنسبة للحمامة فبغض النظر عن المعنى الحقيقي والمجازي لها فهي أيضاً تحوي خطوطاً تشكيلية راقية جداً.
اعتمدت في بعض معارضك على الأعمال الخزفية المجسمة أي الرأس, أو حالة لشخصين مع بعضهما، حدثنا عن الكتلة التي عملت عليها خارج العمل المسطح؟
بالنسبة للنحت لا أستطيع أن أقول أن هناك عمل مسطح وعمل ميداني وخاصة خامة الطين، يمكن للنحات أو الفنان أن يرسم عليها مثلما يرسم بأي قلم على سطح ورقة ويستطيع أن يصنع منها نحتاً جدارياً أي بشكل بسيط ومعبر ويمكن لأي شخص أن يعمل على نحت ميداني حسب الأبعاد أي حسب الموضوع والخامة.
وأضاف: الأبعاد الثلاثة تستهويني كونها تشكل حقيقة بينما الريليف أو النحت الجداري يوجد فيه عملية تلاعب لإظهار الكتلة والتعابير ، أما العمل الميداني فيوجد صعوبة فيه أي كل جهة يجب أن تشاهدها من زاوية لتصبح متطابقة مع الجهة الثانية حتى يكتمل العمل.
كيف ترى هذا الجيل الذي يسعى نحو التشكيل وإدخال الخزف فيه هل هناك جدية في هذا الموضوع, أما الذي لا يستطيع أن يرسم يأخذ أقرب فرصة و برأيه أنها فرصة سهلة؟
من الصعب أن نتكلم في هذا الموضوع لأن معظم الأشخاص لديهم الموهبة في الرسم ويمكن أن يكون النحت على بعضهم صعباً ولكنا بحاجة إلى التجربة, ومعظم الطلاب الذين قمت بتدريسهم لديهم قابلية للتجريب على المادة وأنتجوا وأوجدوا خصوصية لهم… وهذا كان شيئاً مفرحاً بالنسبة لي، بينما هناك أشخاص اعتمدوا على الخامة كعامل تفريغ نفسي أي عجن الطين ودعكه فهذا تفريغ طاقة نفسية لا أكثر وبالتالي كانوا يخرجون بتشكيلات ولو كانت بدائية ولكنها حالة جميلة بمجرد ممارستهم لهذه الحالة.
اليوم تقوم برسم مجموعة من الأعمال الفنية خارج نطاق الخزف حدثنا عن هذه المرحلة القديمة والجديدة في آنٍ واحد؟
لا نستطيع الفصل بين النحت والرسم والخزف لأن الفنان يجب أن تكون الأدوات بحوزته سواء اللون أو الكتلة أو قلم الرصاص ويجب أن يتناول جميع التقنيات ويعمل ضمن الخصوصية, الرسم أعتبره مرحلة مدرسية أولى لأي عمل نحتي، يوجد لدي لوحات عبارة عن أفكار وأعتقد أنها من الممكن أن تكون أعمالاً نحتية وبالتالي يمكن أن يشاهدوها كعمل للوحة خاصة, أما بالنسبة إلي فإني أشاهدها دراسة لعمل نحتي.
تجسد الإنسان في كثير من أعمالك بالطرف المقابل السمكة هو رمز يتواجد كثيراً ما هي العلاقة بين الإنسان والسمكة فنياً من وجهة نظرك؟
أولاً: الإنسان يستهويني وهو المعيار الأول في العالم لأن الحياة دون الإنسان لا معنى لها بكل أبعاده في حالة الغضب – السرور- الكره – الانفعالات- الحب- العشق, الإنسان عبارة عن مجموعة مدرسية فنية متحركة ولكن بحاجة لعين فنان تراقب هذه الحركات ليأخذ منها بعض الرموز والصيغ ليصل إلى عمل فني, فتقابله السمكة ومن نفس الخطوط والرموز فعندما أشاهد القوس عند لوح الكتف فمعناها أني أشاهده عند السمكة وعندما أشاهد الحركة أي في المعنى المجازي(السمكة رمز للخير) والإنسان لديه عامل خير… ونشاهد أحياناً السمكة لديها لون جميل والإنسان أيضاً لديه الجمال وفلسفة الجمال, من هنا تتطابق الطبيعة مع بعضها البعض وأنا لا أستطيع الفصل بين السمكة والحالة العاطفية والوجدانية لدى الإنسان كما أنني لا أستطيع الفصل بين الكلب والقط، ولكن السمكة بحد ذاتها أحبها وأحب الماء فهي تستهويني كثيراً.
ما هو المشروع الجديد الذي تقوم بتحضيره بأفكار جديدة حول معرض؟
أتمنى أن يكون هناك معاهد وفنانون كثيرون ليمارسوا العمل الفني وأن يتابعوا دراسة العمل الفني, أما بالنسبة لمشاريعي المستقبلية فلدي أفكار جديدة سأعمل عليها قريباً من أجل أن أستطيع العمل على افتتاح معهد خاص لتعليم الخزف فقط.
لقاء: شادي نصير
تحرير: رنا ماردينلي