اتلقى عالم نوح بالأستاذ الفنان غسان مكانسي و جرى الحوار حول مسرح حلب الدائم للهواة حيث قال: المسرح وصل لمرحلة الوفاة النهائية لولا بعض الأعمال التي تقدمها المسارح القومية الموجودة في المحافظات السورية, و الآن نحن في حالة إنعاش للمسرح و نتمنى عودته للحياة فالمسرح إذا مات, مات معه كل الفن الذي يقدّم.

الفنان غسان مكانسي…… بقعة ضوء على مسرح حلب الدائم للهواة


هلا حدثتنا عن مسرح حلب الدائم للهواة بشكل عام؟

الحق و الحق يقال أن صاحب الفكرة الأساسية هو الأستاذ عمر حجو فكان لديه هاجس لمشروع مسرح دائم يبني فيه جمهور حقيقي, فكان دائماً على اتصال مع التجمّعات المسرحيّة و يسأل عن تفاصيل عروضها, ثم التقت أفكاره مع أفكاري و بدأنا نصعّد الفكرة و نهذّبها ثم طرحها الأستاذ عمر على وزير الثقافة الذي تبنى هذه الفكرة و أبدى استعداده لدعمها, فيما بعد ذهبنا بالفكرة إلى السيد المحافظ السابق لمحافظة حلب الذي شكّل لجنة من الأساتذة:

الأستاذ غالب برهودي مدير الثقافة في حلب
الأستاذ الأديب وليد إخلاصي
الأستاذ الفنان عمر حجو
الأستاذ أحمد محسن معاون مدير الثقافة
الأستاذ الفنان أسامة السيد يوسف مدير مسرح حلب القومي
الأستاذ عبد الحليم حريري رئيس مكتب فرع نقابة الفنانين في حلب
الأستاذ ياسر زيتون محاسب الإدارة في مديرية الثقافة و أنا أيضاً, فشكلنا نواة نظام للفرق التي ستشارك في هذا المشروع, و بعثنا للوزارة خطة تنفيذية لإدارة المشروع فوافقت عليه و زودتنا مشكورة بمبلغ و قدره 500 ألف ليرة سورية لدعمه.
ثم تعددت اللقاءات بيننا و بين التجمّعات الشبابية التي تحب الفن و المسرح و تعتبره رسالة, حيث تناولت هذه الاجتماعات شرح لآلية العمل فوجدنا أن هنالك فرق قد أكملت المشروع بنجاح و فرق لم تكمل, و الآن هنالك العديد من الفرق التي تجهّز نفسها للدخول مضمار المسرح الدائم الذي هيئه الأستاذ عمر حجو لجميع المواهب الشابة في حلب.

هل يمكن اعتبار مسرح حلب الدائم فرصة لأي هاوي موجود في حلب؟

نعم, هو فرصة جميلة للشباب فنحن نقدم جميع تكاليف العمل المسرحي مع الإرشادات و الإصلاحات اللازمة, أما وارد شباك التذاكر فهو للفرقة فقط. و يتم توزيع المبلغ حسب رؤية المخرج لجهد العملين معه فهو المسؤول عن توزيع هذا الوارد, و هذه الفكرة هي جميلة لأنه في الغالب تتعثر أعمال الشباب لظروف مادية فالمسرح مكلف, أما الآن فليس هنالك حجة للذي يمتلك موهبة حقيقية من أن يقدم عمل فكل شيء مؤمن, أما أشباه الهواة أو أصحاب الأفكار التجارية البحتة فلن تستمر في تقديم المسرح.


كيف يتم اختيار الأعمال المشاركة؟

 نحن لا نزال في طور التجربة, فهنالك إلى الآن منحيين للأعمال المشاركة الأول يقتضي بأن نقترح نص للفرقة المشاركة كي تعمل عليه و الثاني يقول بأنه إذا ما كان المخرج يستهويه عمل ما فليعمل عليه, فالأفكار متعددة و نحن كلجنة لن نهمل أية فكرة بل سنجرب لنرى أية الأفكار ستكون ناجحة و أيتها المخطئة.
الخطة الرئيسية للمشروع هو جمع المواهب الشابة على نتاج فني و ثقافي يقدمون من خلاله رسالة سامية.

كلنا يعلم أن هنالك أزمة مسرحية, هل برأيك أن مشروع المسرح الدائم سيساهم في تخفيفها؟ و إلى أي مدى سيتقبل الجمهور المسرح؟

الجمهور عندما يقدم له شيئاً جميلاً و مفيداً يحوي المتعة و الفائدة فسيحضر, فهو يحب الضحك و لكن ليس على تفاهات مقدّمة, فنحن نحاول أن نقدم مسرح الفائدة و المتعة فلاغ يكون فيه إسفاف و لا جفاف, و من خلال تطوّر الجمهور سيتطور المسرح و تخف الأزمة, و أعتقد أن جمهور المسرح في حلب يولّد حركة فنية ممتازة فنحن في مدينة الفن و تلاقي الحضارات منذ أن كانت في طريق الحرير و هي محطة ثقافية و فنية مهمة, فالمسرح فيها يرفد الموسيقى و الغناء و الفن التشكيلي في تشكيل نهضة فنية عظيمة بعظم هذه الحافظة العريقة.

 هناك من قال أن مسرح الهواة الدائم هو استرجاع للتجارب المسرحية السابقة كمسرح الشعب أو مسرح الشوك, ما رأيك في ذلك؟

هذا رأي و نحن نحترم جميع الآراء و الانتقادات حتى أننا نأمل أن تكون الانتقادات مكتوبة لطرحها على اللجنة و مناقشتها و الاستفادة من الأخطاء, فنحن تعودنا أن نجتمع إثر كل عمل نحن و مخرجه لدراسته و تلافي الأخطاء التي وقعت في التجارب التي ستقدّم, و لا بد أن أذكر بأن مسرح الهواة الدائم في حلب هو تجربة جديدة و هي قابلة للأخطاء و تحتاج لصقل و إرشاد و توجيه, و نحن نشكر أي مواطن مهما تكن حالته الاجتماعية و الثقافية إذا ما قدّم لنا أية نصيحة, لأن المسرح قطعة من الحياة فيشمل الفنون جميعها على خشبته, و كما الإنسان يعيش و يموت و لا يزال لديه نواقص أيضاً المسرح يحتاج لوصول إلى الكمال.

من خلال تواجدك في الحياة الثقافية و الفنية في حلب و كونك عضواً في لجنة مسرح حلب الدائم, هل وجدت ولادة لكتاب مسرحيين جدد؟

المكتبة العربية المسرحية غنية بالكتاب المسرحيين, أما الكتاب الجدد فهم موجودون و لكن يحتاجون إلى تشجيع, فالكاتب عندما يرى نصه قد عرض و جسّد حياً على خشبة المسرح, ثق تماماً بأنه لن ينام إلا عندما يكوّن فكرة جديدة لعمل مسرحي جديد, لكن مرّت فترة لم يقدّم فيها الفنانون مسرحاً فنراهم هاجروا للإذاعة و للتلفزيون لأنهما أكسب مادياً و معنوياً كشهرة, فلذلك أهمل المسرح حتى وصل لمرحلة الوفاة النهائية لولا بعض الأعمال التي تقدمها المسارح القومية الموجودة في المحافظات السورية, و الآن نحن في حالة إنعاش للمسرح و نتمنى عودته للحياة فالمسرح إذا مات, مات معه كل الفن الذي يقدّم, و هذا هو رأيي الشخصي فالمسرح هو الحياة و الفنان الذي لا يقف على خشبة المسرح هو فنان ناقص لأن التمثيل أمام الناس و الشعور بنبضهم يولّد قوة و خبرة فنية, فالمسرح هو المدرسة الأولى للممثل.

 


هل من عامل مشترك بين التمثيل المسرحي و الإذاعي و التلفزيوني؟

هذه الفنون تختلف عن بعضها البعض و لكلّ مقوّماته, ففي الإذاعة يجب أن يكون لدى الممثل مهارة عالية في استخدام صوته لكي يري المستمع قصة من خلال السمع فقط, أما التلفاز فيجب على الممثل أن يلعب على ملامح وجهه بخصوصية مطلقة فالعمل مشاهد, أما المسرح فهو روح لا أستطيع وصفه فهو يعطي طاقة فعندما يكون لديك 500 متفرج فيكون لديك 1000 عين و 1000 أذن تترقبك, و كما هو معروف بأننا عندما نكون أمام لجنة لا تتجاوز الثلاثة أشخاص نصاب بحالة من الخوف فكيف هو الحال بخمسمائة متفرّج من ثقافات مختلفة؟, و إلى الآن أذكر أنه كان لدي عرض و كنت مريضاً جداً و حرارتي أربعين درجة, و لم أكن أستطيع الاعتذار عن العرض فحين وقفت على المسرح شعرت بطاقة غريبة و قدرة على التغلب على هذا المرض فقدمت عرضي و عدت للفراش, أما جميع أنماط التمثيل السابقة فتتفق بأنها يجب أن تقدم رسالة فنية.


ماذا يعني لك على الصعيد الشخصي مهرجان مسرح حلب الدائم للهواة؟

يعني لي الكثير, و الذي يعني لي أكثر هو العملاق الفنان عمر حجو الذي يأكل و يشرب و ينام و هو في ذهنه نشر رسالة فنية حقيقية من خلال المواهب الفنية, و أنا تعلمت منه الكثير من الأشياء لأنه مدرسة مهدت الطريق للفنانين في حلب فكان من مؤسسي نقابة الفنانين الذين حفروا بأظافرهم الصخر حتى شكلوا هذه الروح الفنية, و هكذا تسلمنا الراية منه و نسلمها للذين بعدنا في إنجاز الفن في حلب, و نحن عندما نرى الهواة بإندفاعهم و طموحهم لتقديم الفن سنصفق لهم من قلوبنا و أرواحنا و ستسربل دموعنا كما في كل عمل يقدم لأننا نرى أنفسنا في الشباب الذي يعمل على الخشبة.

كلمة أخيرة…..

أريد أن أوجّه كلمة لجميع الإعلاميين لكي يتعاونوا معنا في تسليط الضوء على الأعمال الفنية التي تقدم و لكي يضعوا يدهم بأيدينا لإنجاح تجربة مسرح حلب الدائم للهواة, لأن الإعلام حقيقةً هو البند الأهم في كل شيء و في اعتباري إنه السلطة الأهم في المجتمع, فكلنا نعمل في خانة ازدهار هذا الوطن الذي نحيا على أرضه و المحافظة على أمنه و استقراره فلولا هذا لما استطعنا تقديم أي شيء.

حوار  و تحرير : جلال مولوي – عالم نوح