من مواليد حمص- سوريا
حاصلة على إجازة في الآداب و العلوم الانسانية. قسم اللغة الانكليزية


الكاتبة مايا عز الدين عبّارة
من مواليد حمص- سوريا

حاصلة على إجازة في الآداب و العلوم الانسانية. قسم اللغة الانكليزية

أمسيتان بالسفارة السورية في الكويت ..

و أمسية برابطة الادباء بالكويت.

حائزة على جائزة اتحاد الكتاب العرب بسوريا لعامي 2008 – 2010

و شاركت في مهرجان القصة برابطة الخريجين و الجامعين في حمص لعدة اعوام ..

و أمسيات بالمراكز الثقافية و اتحاد الكتاب ..

ملتقى القصة القصيرة جدا الأول في حلب و الثاني و الثالث في دمشق
لي مجموعة قصص صادرة عن اتحاد الكتاب العرب بعنوان جسور معلّقة 2003

            

ساعة الرمل
لا أدري كيف حصل هذا الأمر ! كانت قد مضت فترة لم يهتف فيها أحدنا للآخر. و كان الحل بأن أحرّك الرمال الراكدة فتصحو القلوب النائمة مجددا. قلبتُ الساعة الرملية ذات الدقائق الثلاث و كنت أريد أن أراقبها و هي تتسرب من الاختناق الضيق للزجاجة ذات المخروطين المتناظرين . لكني نظرت إلى نفسي في المرآة و رحت أتكلم معه. بعد خمس دقائق نظرت إلى الساعة لكنها كانت قد مرّرت دقيقتين فقط من الرمل بينما احتفظت بدقيقة فوق الاختناق . "مستحيل لم يحدث هذا من قبل" . نظرت جيدا و دققت النظر فلربما كان الرمل يتسلل ببطء شديد ، لكنه لم يكن يفعل . لقد توقّف الرمل عن التقطّر و توقّف الزمن . و شعرت بشيء مرّ كالموت . الوقت الذي طالما تمنيته ألا يمضي .. صار توقفه مخيفا إلى هذا الحد. ولأنها ساعته المُهداة لي، خفت كثيرا من هذا الأمر . قلت :لا بد أن نبضه توقف فتوقف الزمن و توقف زحف الرمل نحو الشواطئ الزمنية الأزلية. كانت الساعة الإلكترونية تشير إلى الثانية ليلا . قفزت نحو الهاتف. اتصلت به علّي ألحق بأنفاسه الأخيرة فأخبرها كم كنت أحبها و أقدّسها. و على غير عادتي اتصلت ليلا.. و على غير عادة لم يجب هو من بيته الذي يسكنه وحده.. أجابت امرأة بصوت مبحوح. علمتُ أنه مات. و تلفّت نحو الساعة أهزّها .. أهزّها علّ طبيبا يضغط على صدره بضع ضغطات توقظ قلبه كما سأوقظ هذا الرمل المتحجّر.. هذا الرمل الذي شاء الركود فجأة. هززتها كثيرا و سال الرمل .. لكنني سمعت صوت تحطم قلب لم أدرِ أنه قلبي و اعتقدته قلبه. فيما مضى كنت لا أهزها.. فبمجرد أن أقلبها كانت تساقط عليّ رطباً جنياً من محبته و كلامه الجميل. رميت الساعة الزجاجية الرملية فهي السبب . لو ما توقفْ الرمل فيها لما مات حبيبي. تهشمت الساعة و انتثر الرمل على بقعة صغيرة من أرض الغرفة. لعقت الرمل بلساني على أنه رفات عظامه ثم نمتُ على الأرض فوق الزجاج المهشّم الذي جرح وريدي. عند الصباح جلست كالمغمي علي انتظر نعوته بأذنيّ اللتين لم تعودا تسمعان و بعيني اللتين لم تعودا تريان ..لكنّ المذيع قدّمه على التلفاز بلقاء حي و مباشر معه. فرحت .. حزنت .. ضحكت على نفسي .. ضحكت كثيرا .. ضحكت حدّ البكاء .. ضحكت ثم بكيت.. فلقد كسرت الذكرى الأخيرة منه و أضعت الرمال التي حلمتُ بأن تُضفَر يوماً فتشكل حبلاً يشدّني نحوه أو يشدّه نحوي. جمعت شظايا الزجاج في علبة شفيفة علّها تتحول مع مرور الفصول و تعود ساعة كما تعود الأشجار خضراء بعد أن تعرى. لكن ما آلمني أن الرمال سوف لن تأتي و تجتمع لتصب فيها من جديد بعد أن يلتحم الزجاج من الجوانب كلها. أما الزجاج فهولا يملك نسغا يُنبِت رملا كما يُنبِت نسغ الأشجار أوراقا. عدت نحو البقايا .. رميتها لعلمي أنّ هذه نهاية الحكاية فلقد صار لديه امرأة تردّ ليلا على مخاوفي . أما أنا فلم يعد لدي رمل ولا زجاجة و لم تعد لدي ساعة رمل أتخاطر من خلالها معه.