الكاتب الشاب علاء مزيد
- مارس 1, 2011
- 0
أعزاءنا، يسعدنا اليوم تقديم موهبة نعتز بنتاجها الأدبي وهو الكاتب الشاب علاء مزيد متمنين له المزيد من النجاح والشهرة التي يستحقها. سنقرأ: الفستان المطرز، اللغم، مذكرات أم لبنانية، صيدلية جمانة، كلب ينبح و شبراً واحداً فقط. نتمنى لكم قراءة ممتعة.
الفستان المطرز
الأبواب مفتوحة على مدار الساعة ….
كل ما تحلم به العين تجده هنا …..الألبسة الفاخرة ,العطور,الهدايا والألعاب ,الأطعمة الشهية باختصار كل شيء…
وفي الطابق الثاني من الحياة تقف عبير في الزاوية الميتة تختبئ احيانا بين الفساتين المطرزة المعلقة على المشاجب تنتظر من يرتديها ,وتحلم بأنوثة مغمضة العينين بأنها ستكون يوما ما حبيبة لأحد بالرغم من أنها قد تجاوزت الخامسة والثلاثين…
وتسأل نفسها : هل يقف العمر جدارا سميكا أمام مشاعر الحب ….
وتجيب نفسها : طبعا لا ,خاصة وأن الحب يولد فجأة دون حمل أو مخاض …جنين لطيف رائع يسقط من السماء وأحيانا يقع أرضا قبل أن تستعد الذراعان المقفلتان لاستقباله….
وماذا بعد الحب ؟؟؟
تسأل عبير نفسها من جديد وتصغي بكل مشاعرها الرقيقة لأحلام الفساتين المطرزة بألوان الحياة
حكى لها أحد الفساتين حكاية عاشق …وفستان آخر عن ليلة الزفاف …وفستان ثالث عن رحلته الطويلة من حقول القطن وبعدها إلى مصانع النسيج إلى محل خاص ببيع الأقمشة ,يومها كان مجرد فكرة ولدت في رأس المصمم صار على جسد إحدى الفتيات العارضات للأزياء ….ولكنه استحى كثيرا من عريه والعيون التي كانت تنظر إليه بشهوة !!
وقال في سره : يا ليتني أنعم بملامسة جسد امرأة طاهرة تتزين لزوجها ويجلسان معا في غرفتهما لا يراهما أحد فاستمتع بحديثهما وضحكاتهما …وأدعو الله من أجلهما …!!
ما أروع ذلك الحب – قالت عبير- وأغمضت عينيها مع صوت المؤذن ينادي لصلاة المغرب ….
الله أكبر …الله أكبر ….
وبشيء يشبه المعجزة صارت عبير فستانا جميلا مطرزا بألوان الحياة , معلقا على المشجب, لا يعرف قماشه من أي نوع ……..
ولا يعرف مصممه المبدع … وما يزال معلقا !!!!
علاء الدين مزيد /2009
اللغم
كلما رفع يده ليسأل …كان أستاذه الجامعي الوقور يعترض السؤال ويقول :
( مع الوقت رح تعرف كل شي ) بمعنى أنك ستصبح عبقريا مع الأيام
القضية قضية وقت….
ولكن الأيام التزمت الصمت والأستاذ الجامعي لا يجيب على الأسئلة ….
وطموح لديه شوق كبير للتجربة في مخبر الكيمياء …استبد به شوقه
فأقدم على تجربته التي جعلته مشوه الوجه واليدين ….
هناك شيء ما قد انفجر أثناء التجربة ….
شيء ما ربما يعرفه الأستاذ الجامعي وربما لا…!!؟؟
دفع طموح الطالب المسكين ثمن شوقه, أما الأستاذ الجامعي فأعجبته لعبة الانزواء فصار يجلس في زاوية متطرفة في مخبر الكيمياء يرقب بعينيه الثعلبيتين ضحية جديدة مع لغم جديد لم ينفجر بعد .
علاء الدين مزيد /2011
مذكرات أم لبنانية
القذيفة التي أصابت بيتنا دمرت كل شيء….
خرجت مسرعة أنا و زوجي و عيناي في كل اتجاه تبحثان عن فادي و مريم…
قبل لحظات اصطحب فادي مريم ليشتري لها الأيس كريم من الشارع المجاور, أنا واثقة بأنهما بخير و لكنني لا أعرف أين هما الآن …
فادي ابن الأربعة عشر ربيعاً بطل بمعنى الكلمة فقبل يومين فقط كان يسألني عن حزب الله و هل يمكنه أن ينضم للمقاومة اللبنانية عندما يصبح عمره ثمانية عشر عاماً…
لم أعرف بماذا أجيبه….ولا أعرف الآن بماذا أجيب نفسي على أسئلة لها أول وليس لها آخر, أسئلة تشبه المسامير المغروسة في القلب وكلما اقتلعت مسمارا ظهر مكانه مسامير أكثر وأكبر ….
أنا واثقة بأن الله سبحانه مع فادي ومريم ولكن أين هما الآن لا أعرف لا أدري؟؟؟
هل هما في لبنان , في إحدى المدارس أو الحدائق…..هل ذهبا إلى سورية مع مجموعة من الجيران الذين غادروا لبنان …
هل هما في المستشفى , زوجي وأنا سألنا في كل المشافي حولنا لم نعثر عليهما ….
في كل لحظة نسمع صوتهما ….نرى وجهيهما ولكنا لا نراهما …
هل استشهدا تحت القصف …..
في قلبي إحساس كبير بأنهما بخير , ولكن أين هما لا أدري لا أعرف …؟؟؟
الشمس تلتقط صورا لي ولزوجي كيفما تحركنا …لقد ملَت من تتبعنا … ماتت من مرافقتنا …وحين تختفي كل يوم تشتعل في قلبينا أنا وزوجي نيران أشد حرارة من نار
الشمس …..
ماذا أفعل لإطفاء النيران في قلبي ….هل تسمعونني أيها الناس ….
أيها الطيبون في كل مكان ….أيها الصالحون …. هل تسمعونني …؟؟؟؟
هل لديكم طفلة رائعة مثل مريم , ضاعت منكم فجأة خلال دقائق فقط…
هل لديكم بطل مثل فادي سأراه يوما في صفوف شباب المقاومة في لبنان ؟؟؟
لن تهدأ أحلامي …
لن تنام أمنياتي …سأواصل البحث عن فادي ومريم ….
سأراهما يوما ما قريباً ….قريباً جداً ….
أرجو من الله أن يكون قريبا, فإحساسي بأنهما بخير ….
في مكان ما …..قريب ……….بعيد …..
ولكن أين هما الآن لا أعرف……….لا أدري ..؟؟؟؟
علاء الدين مزيد /2009
صيدلية جمانة
التقي بها صباح مساء …. ترد التحية بأحسن منها…. تبتسم دائماً و كأنها تقول لك الدنيا بخير …. تتعجب علب زجاجات الأدوية من لطفها و حسن تعاملها….
يدخل الصيدلية شاب يطلب دواء لآلام الظهر …
– يبدو أنك حملت وزناً ثقيلاً …؟؟
– نعم هذا ما حدث بالضبط .
وتمد يدها لتتناول علبة الدواء …..
العلبة لا تحب أن تغادر مكانها…. الرف تعب من حملها…. المريض يحتاج للدواء …
وأنا أسمع وشوشات بين الأدوية لا أفهمها بوضوح …
تتناول قلماً أزرق و ترسم خطين فوق علبة الدواء معنى الخطين أن فترة الإقامة هنا قد انتهت لتلك العلبة …
سأغادر الصيدلية لم أعد أسمع صوتها … تقول العلبة و تبكي دموعاً لا يراها أحد ..
هذا الدواء جيد حبتين في اليوم بعد الطعام … بعد الطعام حصراً حتى لا تصاب المعدة بأذى….عليك أن ترتاح جيداً لا تتعب نفسك …. تمدد على ظهرك كلما استطعت .. معافى إن شاء الله …..
يمد الشاب يده لجيبه يخرج نقوداً يدفعها ثمناً لدموع العلبة.
أما أنا فأتابع وشوشات أسمعها يبدو أن كل شيء في الصيدلية يحبها …..
لفائف القطن … ابر الأنسولين … حبوب الصداع و الروماتيزم و حتى قطرات العيون
أنا شخصياً لا تدهشني الوشوشات لأنني أؤمن بأن الحب يصنع المعجزات .
علاء الدين مزيد /2009
كلب ينبح
في العاشرة مساء من كل يوم يهبط درجات عمارته مسرعا ً ليرمي الأوساخ ….
على الجدار المقابل للحاوية عبارة يقرأها كل يوم ….
( كلب ابن كلب الذي يرمي الأوساخ هنا )
يضحك ويتلمس ذيله …ومن ثم يقذف كيس الأوساخ من بعيد نصفه يقع في قلب الحاوية
والنصف الآخر يتبعثر في المكان المحيط بالحاوية …..
يعود للبيت وهو يتأرجح مرحاً ….
يطرق الباب , تنادي أمه …من في الباب ….
كان يريد أن يقول : أنا يا أمي , ولكنه دون شعور راح ينبح ….!!!!
شبراً واحداً فقط ….
في قديم الزمان كانت الجدة ترتدي عباءتها الطويلة وتتعثر بها في الطريق ….
أشار أحدهم عليها يا جدتي لماذا لا تقصرين العباءة قليلا ….شبرا واحدا فقط …..
يومها غضبت الجدة كثيرا , ولكنها بعد فترة من الزمن , قصرت عباءتها شبرا واحدا فقط
أو أقل بقليل …..
مرت أعوام وعقود ….ماتت الجدة…..
ولكنه في إحدى المرات وفي عالم ما بعد الموت رأت حلما عجيبا غريبا ….
استعاذت بالله من الشيطان الرجيم وقرأت آية الكرسي وأغمضت عينيها من جديد لترى مرة أخرى إحدى حفيداتها ….لم تعرفها طبعا ….وأصاب الجدة الرعب مما رأت ….
فالحفيدة لا ترتدي عباءة على الإطلاق بل تلبس تنوره طولها شبرا واحدا فقط …..
عندها بكت الجدة بحرقة , وتذكرت ذاك الشبر الذي قصته من قماش عباءتها القديمة ….
وتساءلت الجدة :ترى أهو ذات الشبر الذي ترتديه حفيدتي الآن …..؟؟؟!!!!
علاء الدين مزيد /2009