الكسندر بوشكين Aleksandr Sergeyevich Pushkin
- نوفمبر 4, 2013
- 0
الكسندر بوشكين 1799-1837
Aleksandr Sergeyevich Pushkin
ربما لن تجد مدينة روسية تخلو من تمثال أو نصب لهذا الرجل الكسندر سيرجييفتش بوشكين شاعر روسيا الاعظم والاب الروحي للادب الروسي الحديث.
الكسندر بوشكين 1799-1837
Aleksandr Sergeyevich Pushkin
ربما لن تجد مدينة روسية تخلو من تمثال أو نصب لهذا الرجل الكسندر سيرجييفتش بوشكين شاعر روسيا الاعظم والاب الروحي للادب الروسي الحديث.
ولد في موسكو عام 1799 لعائلة ارستقراطية كانت شبه مفلسة. يتحدر من عائلة نبيلة ذات نسب عريق من جهة الأب, وكانت أمه ناديجدا أوسيبوفنا Nadezhda Osipovna حفيدة عبد حبشي يدعى إبراهيم (أبراهام) هانيبال، قيل إنه سليل أسرة نبيلة من أصل عربي من إريترية، اشتراه بطرس الأكبر من اصطنبول ورعاه وأعتقه وجعله من بطانته، مما يفسر الملامح الشرقية التي غلبت على محيا ألكسندر بوشكين وسلوكه، ويفسر سعة اطلاعه على التقاليد الشرقية التي أخذها عن جدته لأمه. وقد خلَّد ألكسندر بوشكين جده إبراهيم هذا في قصة كتبها ولم يتمها بعنوان: «مولى (عبد) بطرس الأكبر»Arap Petra Velikogo
في سن الثانية عشرة التحق بوشكين بمدرسة "الليسيه" وهي مدرسة كانت مخصصة حصرا لأبناء الطبقات العليا في المجتمع الروسي والتي كانت توفر افضل تعليم يمكن الحصول عليه في روسيا ذلك الوقت. بعد التخرج تحصل بوشكين على وظيفة في الشؤون الخارجية.
نشأ ألكسندر بوشكين مع أخيه و أخته في أملاك الأسرة بالقرب من موسكو في رعاية جدتهم لأمهم ومربيتهم أرينا ياكوفلفنا، وتأتى لهم أن يتقنوا الفرنسية في سن مبكرة، وأن ينهلوا من ثقافتها من مكتبة أبيهم الغنية بالمراجع الفرنسية، على ما جرت عليه عادات الأسر النبيلة في روسية في القرن التاسع عشر.
ظهرت مواهب ألكسندر بوشكين في سن مبكرة، والتحق في العام 1811 «بالليسيه» في بلدة تسارسكويه سيلو Tsarskoye Selo (أطلق عليها اسم بوشكين فيما بعد) وبدأ فيها نشاطه الأدبي. وكتب بوشكين وهو على مقاعد الدراسة (1811-1817) نحو 120 قطعة شعرية وقصيدتين طويلتين نهج فيها جميعها منهج الاتباعية (الكلاسيكية)، وطرق فيها جميع أنواع الشعر التي كانت معروفة … والأغنية العاطفية وغيرها، ونشر في مجلة «الرسيل الأوربي» Vestnik Evropy رسالة شعرية عنوانها: «إلى صديقي الشاعر» (1814). كذلك شرع في كتابة أول أعماله الكبيرة «رسلان ولودميلا» Russlan i Ludmilla، وهي قصيدة عاطفية نظمها بأسلوب روائي على نمط ما سار عليه فولتير، واستقى أحداثها من الأدب الشعبي الروسي، و صور بوشكين فيها البطل الروسي التقليدي ومغامراته ومعاناته في سبيل إنقاذ حبيبته، ومآسي الشعب الراسف في أغلال الرق والقنانة. وقد عبر بوشكين في هذه القصيدة عن أفكاره التحررية التي بدأ يؤمن بها، وخرج بها عن مألوف الأنواع الشعرية التي كانت سائدة آنذاك في روسية (أتمها ونشرها عام 1820وجلبت له شهرة واسعة).
عُيّن بوشكين بعد تخرجه في الليسيه في إدارة السلك الخارجي في بطرسبرغ، وكان قد ذاع صيته شاعراً وأديباً فانضم إلى حلقة أرزماس Arzamas الأدبية (1814-1818) التي أسسها بعض أصدقاء عمه، وكانت تنادي بالتجديد وتتبنى منهج الابداعية (الرومنسية)، وتناهض أنصار الأدب الكلاسيكي القديم، وقد تحولت هذه الحلقة سنة 1818 تحت اسم «المصباح الأخضر» إلى فرع لجمعية سرية تدعو إلى التحرر والقضاء على الاستبداد، وتحول بوشكين بأشعاره وقصائده السياسية التي كتبها في بطرسبُرغ إلى داعية لأفكار هذه الجماعة وملهماً لدعاة التحرر ممن شاركوا فيما بعد في اضطرابات كانون الأول سنة 1825، وصاروا يعرفون باسم الديكابريين Dekabrists.
كان بوشكين متحررا من تقاليد المجتمع الارستقراطي وعلاوة على ذلك أصبح عضوا في حركة متطرفة كانت مناهضة للملكية المطلقة. اذ استخدم أشعاره للترويج لأفكاره التحررية كقصيدة "نشيد الحرية" و "القرية". أثارت قصيدة "نشيد الحرية" غضب القيصر الكسندر الأول ليقوم بنفي بوشكين خارج العاصمة القيصرية سانت بطرسبيرغ بدأها في مدينة ايكاتيرونوسلاف في اوكرانيا الحالية وكان هذا سنة 1820ومنها سافر في القوقاز, القرم ومولدوفا. وفي هذه الفترة انتشرت أشعاره ونالت عشق الروس ليصبح بوشكين معشوق الشعب الاول.
في سنوات النفي تأثر بوشكين بأعمال جورج بايرون George Gordon Byron أحد رواد الشعر الرومانسي الأنجليز في القرن التاسع عشر ليصبح بوشكين رائد الشعر الرومانسي في روسيا.
سجل بوشكين انطباعاته عن المدة التي قضاها في منفاه هذا (1820-1824) في قصائد كثيرة سماها «مجموعة الجنوب» ومنها قصيدة «الأسير القفقاسي»(1822)Kavkazski plennik و«الإخوة الأشقياء» (1821- 1822)Bratya razboiniki و«نافورة باخشيساراي» Bakhchisaraysky fontan وغيرها، واتصل في هذه المدة بعدد من أبرز أعضاء «جماعة الجنوب» الثورية. ومع أن القصائد التي نظمها في الجنوب رسخت مكانة بوشكين شاعراً رائداً في الأدب الروسي الإبداعي (الرومنسي) فإنه لم يكن راضيا تماما عن أسلوبه فيها، وطفق يبحث عن أسلوب جديد يعبر عن شخصيته وتفرده. فبدأ سنة 1823 يكتب ملحمة شعرية سماها «يفغيني أونيغن» Yvgeny Onegin استغرق إنجازها، على نحو متقطع، ما يقارب تسع سنوات (نشرها عام 1833)، وحاول فيها رسم صورة شاملة للحياة الروسية في عصره.
مع قدوم القيصر الجديد نيقولا الأول سمح لبوشكين بالعودة إلى موسكو لينهي ست سنوات من النفي بعد أن أرسل استرحاما للقيصر يتوسله إخراجه من النفي وبراءته من المشاركة في تمرد ديسيمبر 1825 الذي حاول خلع القيصر. على أن تعرض أعماله للرقابة. بموجب ذلك منع بوشكين من السفر او الكتابة في المجلات أو حتى عرض أعماله للعامة بدون إذن مسبق من السلطات.
في عام 1830 أعلن بوشكين خطبته لناتاليا غونشاروفا أجمل امرأة في روسيا. وكهدية زفاف من السلطات –أو لعلها محاولة من السلطات لاستمالة الشاعر المتمرد لصفها- سمح لبوشكين بنشر مسرحية "بوريس غودونوف" بعد أربع سنوات من المنع. وكان الزواج سنة 1831
من المفارقات كانت ذهابه الى مدينة بولدينو لتسوية بعض الأمور المالية لممتلكات العائلة, في هذه الأثناء انتشرت الكوليرا في سانت بطرسبيرغ وبدلا من رحلة كان مخططا لها أن تدوم لأيام استمر بقاءه هناك ثلاثة أشهر تعتبر الأكثر غزارة وانتاجا في حياة بوشكين الأدبية كتب خلالها الكثير من القصائد والمسرحيات والأهم من ذلك كله كتابته للفصل الاخير من ملحمته الخالدة "يوجين اونيخين" "Eugene Onegin".
وقد كتب لناتاليا من بولدينو: "أنا هنا مسجون في بولدينو وممنوع من دخول سانت بطرسبورغ. بحقّ السماء يا ناتاليا نيكوليفنا اكتبي إليّ حتى لو لم تكوني تحبّين ذلك. اخبريني أين أنت؟ هل غادرتِ موسكو؟ هل من طريق يقودني إلى قدميك؟! أشعر بالإحباط، وأنا حقّا لا أعرف ما أفعل. من الواضح أن زواجنا لن يتمّ في هذه السنة الملعونة. لـ بولدينو هواء الجزر الصخرية. لا جيران هنا ولا كتب. الطقس مخيف. أقضي وقتي في التدخين والخربشة".
رسالة الكسندر بوشكين إلى ناتاليا غونشاروفا، 11 أكتوبر 1830م
كان لجمال زوجته حضور قوي في المجتمع الراقي, القيصر بنفسه كان من المعجبين بها ونتيجة لذلك أجبر بوشكين على إمضاء معظم وقته في موسكو رغما عنه وأعطي وظيفة رمزية للإيقاء عليه في موسكو. ما جعل بوشكين يشعر بالإهانة الدامغة.
لاحقا بدأت المشكلات تحاصر بوشكين حيث زاد النقد الحاد لأعماله بدعوى أنه قد عفى عليها الزمن إلى جانب مشكلاته المادية المستعصية ما أدخل بوشكين في حالة من الإحباط الشديد.
وقعت المأساة في شتاء عام 1837 حيث كان هناك ضابط فرنسي يغازل زوجته منذ فترة وأخبار كهذه في المجتمع الأرستقراطي كانت تجلب العار والفضيحة. ليثأر لشرفه تحدى بوشكين الضابط الفرنسي في مبارزة أصيب خلالها برصاصة قاتلة توفي بعدها بيومين. – ويقال أن ما حدث كان مؤامرة من القيصر للتخلص من بوشكين.
وبالرغم من أن بوشكين لم يعش أكثر من 36 عامًا، توفي عام 1837م، فإنه قد ترك الكثير من الآثار الأدبية؛ لدرجة أن قراءه يشعرون أنه قد عمَّر كثيرًا.
تبوأ بوشكين مكانته الأدبية عن جدارة، واعترف به معاصروه شاعراً وطنياً عظيماً وهو مايزال على قيد الحياة، ولعل أهم ما تميز به بوشكين ولعه بالرواية الشعرية والقصص الشعري، واقتباسه من الأساطير الشعبية السائدة في زمانه قصائد وروايات استطاع أن يرقى بها درجة سامية من الخيال المجنح راسماً في ثناياها صوراً مبتكرة عن صميم الحياة الروسية، ومضمناً إياها نفحات من السخرية المرة والنقد اللاذع المبطن الموجه إلى النظام التعسفي الذي يرزح المجتمع في ظله. ولقد تأتى لبوشكين إلى جانب شعره أن يسهم في ميدان القصة والرواية، وأن يضرب في درب النثر ويبدع فيه، فتترادف جمله قصيرة سلسة، وتتلاصق الحركة في سياق الحوادث، وتبرز شخصيات أبطاله في قصصه طبيعية من دون تكلف ممهدة الطريق لمن جاء بعده من مشاهير أدباء روسية.
وتعد روايته «ابنة الضابط» أكمل ما ألف في هذا الباب، فهي طرفة أدبية رائعة تجمع إلى جمال العبارة جمال الأسلوب وحسن انتقاء الكلمات وبساطة السرد مقتصراً على الوصف اللماح من دون إيراد صفات مرادفة أو مكررة ومستصفياً ألفاظه إلى أبعد حد على نحو يعجز فيه القارئ الناقد أن يحذف جملة أو كلمة من دون أن يتقلقل بناء الرواية، وليس أدل على ذلك مما كتبه خليفته وتلميذه نيقولاي فاسيليفتش غوغول[ر] N.V.Gogol، وكذلك معاصره الناقد الروسي الكبير فيساريون غريغوريفتش بلِنِسكي[ر] V.G.Belinsky الذي وضع دراسة نقدية حول أعمال بوشكين ما تزال تعد إلى اليوم من أفضل ما كتب في هذا الباب.
وكان كتّاب القرن التاسع عشر المتأخرون يعدون بوشكين ملهمهم ومبدع اللغة الأدبية الروسية ورائد الأدب الروسي وشاعر الواقعية، ويصفه مكسيم غوركيبحجر الزاوية في الأدب الروسي أو «بداية البدايات». ولقد غدا بوشكين جزءاٌ لا يتجزأ من الحياة الثقافية والروحية للشعب الروسي، وكان له أثره الكبير في كثير من مناحيها، وخاصة المسرح والأوبرا. وقد نشرت جميع أعماله الكاملة وغير الكاملة، وترجم قسم كبير منها إلى كثير من لغات العالم. و قد ترجم بعض قصائده ونثره إلى العربية و نقل سامي الدروبي[ر] روايته «ابنة الضابط» إليها، وهي بمجموعها لا تفي بوشكين حقه من الاهتمام.
مؤلفاته
-"زنجي بطرس الأكبر". -قصيدة 1820 "روسلان ولودميلا". -"أسير القفقاس" (1822)، و"نافورة باختشي سراي" (1823)، و"الغجر" (1824)"بوريس غدونوف". -1828 قصيدته الوطنية الملحمية "بولتافا" -قصيدة "الفارس النحاسي" (1833). -1830 روايته الشعرية "يفغيني أونيغين" – "التراجيديات الصغيرة" ودراما اسطورية "عروسة الماء"، وقصيدة "بيت في كولومنا"، "قصص بيلكين". -"ملكة البستوني" عام 1833 -"دوبروفسكي" عام 1841 -"ابنة الآمر" (1836)
النبي
مضنى بالظمأ الروحي
تعذّبت في صحراء موحشة
وفجأة ظهر لي عند مفترق الطرق
الملاك "سيرافيم" السداسي الأجنحة
وبأصابع خفيفة كالحلم
لمس قرة عينيّ
فانفرجت مقلتايّ النبويتان
كأنهما عينيّ نسر مذعور
ثم لمس أذنيّ
وملأهما ضجة ورنينا
فسمعت رعدة السماء
وتحليق الملائكة في الأعالي
وسريان حركة أغوار البحار
ونمو الكرمة النائية
وانحنى الملاك على فمي
وانتزع لساني الآثم
الخامل والمراوغ
ووضع في فمي المشدوه
بيده اليمنى المضرجة
لسان الأفعى الحكيم
وشق صدري بسيفه
واقتلع قلبي المرتجف
وأقحم في صدري المشقوق
جذوة متأججة النيران
فانطرحت في الصحراء كجثة
وناداني صوت :
"انهض، يا نبي، وابصر،
ولب إرادتي،
وجب البحار والأراضي
وألهب بقولك قلوب الناس