أغيد شيخو: الأمر المفروغ منه هو أننا لسنا كأية دراما أجنبية يمكن استخدام أية ألفاظ أو عبارات من قبل الصغير والكبير

 

 

 

الكلمة في الدراما السورية 2012


أغيد شيخو_ عالم نوح

لعل الكلمة هي الوسيلة الأكثر فعالية وسهولة في مخاطبة الآخر ليعرض الأول بها كل ما يفكر به أو يتخيله ويوصله بكلمة أو اجتماع عدد من الكلمات إلى الطرف الثاني، وإذا خضنا في مجال الدراما السورية نجد أن الكلمة هي الوسيلة الوحيدة في مخاطبتنا كمتلقيين، إذ أنها ليست كالهند الذي يعتمد على الرقص في كثير من الأحيان لإيصال أجزاء أو أحداث مهمة للمتلقي وليست كالغرب الذي يعتمد على المؤثرات الصوتية والبصرية حتى أحياناً أكثر من الكلمة في دراماها وسينماها، لذلك فالدراما السورية لا تملك شيئاً في مخاطبتنا غير الكلمة.

وبالنظر إلى تاريخ هذه الكلمة نجد أنها كانت تأخذ طابع الجدية والرسمية وأحياناً كانت تصل إلى حد الإبتزال والتكلّف في كثير من الأحيان مما قد يدخل المتلقي في مدينة فاضلة ومثالية لا تمت للواقع بصلة، حيث أنها لا تخاطبهم كما هم وإنما ترتقي بهم إلى ألفاظ وعبارات أسمى .. ترتفع بهم أو يرتفعون بها. أما في الفترة الحالية فنجد أن كلمة الدراما قد انخرطت كثيراً في المجتمع لتعبّر بذلك عن صلب المجتمع وما يحويه من عبارات وكلمات قد تكون سوقية إلى حد كبير أو دون الذائقة الفنية، ولكنها والحق يقال معبرة فعلياً عن واقع بات لا يستخدم إلا هذه الكلمات، ونحن في دراما 2012 نجد الكثير من العبارات التي أخذت بالتفشي في جسد الدراما وكانت خادشة لأذن السامع أكثر من الحدث نفسه، هذا على الرغم من وجود بعض المواقف التي أتت الكلمة فيها مناسبة لرد الفعل ومحاكية إياه ومعبرة عن الحالة الإنفعالية للموقف وللممثل إلى حد كبير، ومن تلك العبارات في المتداولة في الدراما نجد " ياحمار، يا كلب، يا ابن الكلب، خازوق، كابريه…" وغيرها الكثير، ولعل الكاتب هنا أراد بهذه العبارات أن يخاطب المجتمع مباشرة ويجعله يعيش القصة وكأنها حقيقية ولكنه في الوقت ذاته أغفل أن يخاطب المتلقي وواقعه في كثير من النواحي الأخرى كالديكور والأزياء والحالة المعيشية للشخصيات التي لا نجد في "كثير منها" الواقعية، بل بدت مبتذلة وخيالية ومنساقة وراء درامات غير عربية فأصبحت مقلّدة لها بنكهة سورية، فأين الواقعية في مخاطبة هذا الجمهور وأين الواقعية في عيش كل الشخصيات في مباني فخمة ومنازل لا تشبه سوى القصور، وهل باتت الواقعية في القصة من خلال بعض الكلمات الفاحشة أو المخلة للذائقة الفنية أكثر من الحالة العامة للعمل ككل..!!؟، فجميع من في الوسط الفني يتفق على أن الدراما هي للمجتمع ومخاطبته بكل مافيه من آلام وفرح وأماني وحوادث، وهي أيضاً غير مطالبة بإصلاح المجتمع أو عرض الرؤية الجميلة له، ولكنها في الوقت ذاته يجب أن تكون مراعية لذوقه ومحاكية لأوجاعه بإسلوب إحترافي وخاصة أنها للعائلة ككل وليست خاصة بفئة دون أخرى، ولعل الأمر المفروغ منه هو أننا لسنا كأية دراما أجنبية يمكن استخدام أية ألفاظ أو عبارات من قبل الصغير والكبير، وهنا يتبادر إلى أذهاننا الكثير من الأسئلة وهي: هل خُلقت الدراما السورية لتخاطب المجتمع السوري أم العربي، وهل هي بهذه المخاطبة استطاعت محاكاته مباشرة دون الإهتمام بالعربي على حساب السوري أو العكس، وهل هذا التناقض بين كل مافي الدراما من ديكور وملابس ومكياج وبين الكلمة يمكن أن يؤثر عليها سلباً أم إيجاباً، وهل هي تسعى لمخاطبة الجمهور العربي "شكلاً" والجمهور السوري "كلمة وحواراً"..!!؟، هذا مانتركه للقائمين على الدراما السورية من كتاب ومخرجين وممثلين ومنتجين وحتى مصورين…