المثلية و بقعة ضوء في حلب… تحقيق جلال مولوي
- سبتمبر 12, 2012
- 0
لا يمكننا رفض وجود المثليين في محافظتنا لأنهم موجودون في كل مكان من العالم, و لا يخفى على المارين في شوارع حلب و بالأخص ساحة العزيزية و مؤخراً منطقة الشلال رؤية العديد من أفراد الجنس الثالث يجولون غير آبهين بشيء, أما موقف المارة فمنهم من يشفق عليهم و يتعاطف معهم ومنهم من يتسلّى معهم و منهم من يحاول التعدي بالضرب عليهم و الكثير يكتفي بقوله “حسبي الله و نعم الوكيل” أو ” الله لا يشقي لنا عاقبة”
"المثلية" و بقعة ضوء في حلب
استغرب قولي كثيرا عندما قلت له أنها "مثلية" وأجابني بدون تردد وبسرعة البرق لا يمكن أن يكون هذا هي بنت عائلة، وعائلتي على علاقة بها ولكن تحب أن يكون لباسها كملابس الرجال وتصرفاتها كذلك…
غبت عنه لمدة وعدت لأقول له إن أخاك "مثلي" فانهال علي بالكلام اللاذع وقال لا يمكن هذا أخي مربّى ولا يمكن أن يكون مثليا!!
طالت فترة الغياب وعندما عدت قال لي أنه تزوج وزوجته حامل فقلت ألا تخشى أن يكون ابنك مثليا فرد علي مستحيل … إن ولدي لن يصبح ذلك سأربيه جيدا …
ضحكت … و سألت نفسي:
لماذا كل هذا الخطأ في مفهوم المثليين والمثليات؟
ألا ندّعي أننا نسعى نحو حضارة تقدمية ورقي اجتماعي؟
كيف يكون هذا ونحن إلى الآن لا نستطيع التفريق بين المثلي والمبنّت وبين المثلية والمسترجلة فنقول عمّن يهوى الرجال من المؤنثين ( (Gayوهذا المصطلح بعيد كل البعد عما نريد التعبير عنه والقصة لدينا نحن الشرقيون عبارة عن التباس في المصطلحات ليس أكثر , وهنا يجب علينا أن نراعي عدة أسئلة منها:
– من هو "الشاذ جنسيا"؟
إذا كان علينا معرفة من هو الشاذ أو إيجاد طريقة لتعريف مفهوم الشذوذ فيجب علينا معرفة من هو الطبيعي وإذا كان الطبيعي هو كل شخص ينجذب إلى الجنس المخالف لجنسه بهدف السلوك الجنسي والعاطفي والشعوري السوي فيكون مادون ذلك شذوذ.
– هل "الشاذ جنسيا" تعني "لوطي" أو "مثلي"؟
– إن الإجابة عن هذا السؤال تعطي فكرا جديدا لدى الكثير من العقول وتعطي العديد من المفاهيم الجوهرية فإذا بدأنا بالشاذ وقلنا أن الشاذ هو الشخص الذي يكون فكره الجنسي أو العاطفي أو الشعوري شاذا عن الطريقة الطبيعية وعن الهدف الطبيعي الرئيسي لعملية الجنس وهو استمرار النسل فعندها يجب علينا قبول الحالات التالية كنوع من الشذوذ:
· ممارسو الجنس بهدف المتعة المؤقتة
· ممارسو العادة السرية بإختلاف الوسائل
· ممارسو الجنس الشرجي (اللوطية الصغرى)
· ممارسو الجنس مع الحيوانات
· أبناء الجنس الثالث ( المثليون والمخنثون والترانسسكشواليون و ثنائيو الجنس )
أما "اللوطي" فهو كل شخص يأتي الدبر مهما كان نوع الممارس فيه فالرجل الذي يأتي امرأته في دبرها لوطي والرجل الذي يأتي الأطفال والرجال من أدبارهم فهو لوطي
أما "المثلي" فهو حسب تعريف المثلية هو الشخص الذي ينجذب إلى الجنس المماثل لجنسه بغض النظر عن الممارسة فقد يكون الانجذاب شعوريا وعاطفيا وجنسيا ولكن دون الممارسة فمن الخطأ الكبير أن نقول أن "الشاذ" هو "اللوطي" و"اللوطي" هو "مثلي" فالتسمية يجب أن تكون دقيقة وفق التسلسل التالي:
– ماهو "الجنس الثالث"؟
– يطلق مصطلح ابن الجنس الثالث على كل من تمرّد على بني جنسه بصورة مطلقة أو بنسبة معينة وليس من الضروري أن يكون من الناحية الجسدية يملك أعضاء الجهازين الذكري والأنثوي فهذا الأخير يملك اتجاها جسديا لأحد النوعين أو لكلاهما معا.
* الجنس الثالث عنوان عريض يتفرّع ضمنه العديد من العناوين الصغيرة كالمخنّثين والمثليين وثنائيي الجنس أو الهتروسكسولوجيينوالترانسسكسولوجيين:
– أما التخنيث فهو عبارة عن حالة جسدية فيزيولوجية بالتعبير الأول فالمخنث يمتلك أعضاء كلا الجنسين أوتغلب عليه جسديا سيطرة أحد الجنسين مع ظهور واضح لمظاهر الجنس الثاني المحايد عمليا و تعود أسباب هذه الظاهرة إلى حدوث طفرات أثناء انقسام المضغة وبالأخص مضغ التوائم المختلفي الجنس أو إلى غلبة إحدى المورّثات الجسدية لأحد الجنسين أو إلى التساوي في كمية الهرمونات الحمليّة للجنسين لدى الجنين فيتطور جسده ليبلغ حالة التخنيث ومن الممكن أن يأتي هذا الطفل طبيعيا مع امتلاك نسبة كبيرة من الهرمونات المعاكسة لبناء جسده فيتطور ليتحلى بعد البلوغ غالبا بصفات الجنس المخالف لجنسه الأصلي.
– أما المثليينHomosexualityوثنائيي الجنسbisexuality فهما النوعان الأكثر انتشارا و ثنائيو الجنس في تركيبهم النفسي ينجذبون إلى كلا الجنسين ويشعرون بالمتعة مع أي شخص مثلهم أو غيرهم.
– أما المثليين أو المتمردون على أبناء جسدهم فهم لايشعرون نحو الجنس الآخر بأيّة مشاعر وحتى لو حاول ذلك الآخر الإدلاء بأعلى المظاهر إثارة وإغراء و إن نسبهم في جميع أنحاء العالم باتت نسبا لا يستهان بها وأصبحوا يمثلون قوّة أكثر فاعليّة من قبل, قوّة تملك زمام الأمور.
– وهناك أيضا الترانسسكسولوجيينtransexuality وهم الذين يعانون من اضطراب مطلق في الهوية الجنسية كاستنساء الرجال واسترجال النساء شكلا ومضمونا وللأسف كثير ما يحدث التباس بينهم وبين المثليين في البيئة الشعبية العربية مع أن الفرق بين الحالتين شاسع وواضح.
المثلية والطب النفسي ـ علاقة ملتبسة
في البداية تجدر الإشارة إلى أن المؤسسين الأوائل للطب النفسي مثل فرويد ويونجوأدلر اعتبروا الجنسية المثلية نوعاً من التوقف في التطور الجنسي للإنسان. كان فرويد يؤمن أن الطبيعة الجنسية للإنسان هي في الأساس ثنائية الميل bisexual، أما الأفراد فيصبحون غيريين أو مثليين من خلال خبراتهم في العلاقة مع الوالدين والآخرين (فرويد 1905).
في هذا الصدد يجب التأكيد على أن هناك فرق بين مفهوم المرض الذي يفترض أن الإنسان يكون سليماً ثم يصاب بالمرض ومفهوم الاضطراب التطوريDevelopmental Disorder والذي هو توقف وفشل في الوصول إلى التطور الجنسي الذي كان من المفترض أن يتم الوصول إليه. يعتبر فرويد أن الجنسية المثلية هي مرحلة من مراحل التطور الجنسي للإنسان، يعبرها البعض إلى الجنسية الغيرية بينما يتوقف البعض الآخر عندها ويصبحون مثليين. لكن فرويد لم يكن يعتبر الجنسية المثلية مشكلة كبيرة أو مرض ينبغي علاجه. وفي خطاب وجهه فرويد سنة 1935 لأم أمريكية لشاب مثلي، كتب فرويد التالي:
"بالطبع المثلية ليست ميزة، ولكنها أمر لا ينبغي الخجل منه، ولا هو رذيلة أو أمر يقلل من شأن الإنسان. لا يمكن أن نعتبر الجنسية المثلية مرض، ولكننا نعتبرها شكلاً من أشكال النشاط الجنسي يحدث بسبب توقف في النمو الجنسي. الكثير من الأشخاص المحترمين في العالم القديم والحديث على حد سواء كانوا من المثليين مثل أفلاطون ومايكل أنجلو وليوناردو دافنشي وغيرهم. إنه من الظلم الكبير أن نضطهد المثلية فاضطهاد المثليين جريمة وقساوة شديدة أيضاً.
أما التحليليون الذين تبعوا فرويد فكانت لهم آراء متباينة حول سبب المثلية. فعلى سبيل المثال رفض ساندور رادو (1940، 1949) فكرة فرويد أن الإنسان يولد ذو طبيعة مزدوجة وقال أن الجنسية الغيرية طبيعية، أما المثلية فهي محاولة للحصول على اللذة الجنسية عندما تكون العلاقة الغيرية الطبيعية صعبة ومهددة للمراهق. غيره من التحليليين رأوا أن الجنسية المثلية تنتج من علاقات مرضية داخل الأسرة خلال المرحلة الأوديبية من النمو الجنسي (4-5 سنوات).
السؤال هنا هو: هل تغير المشهد العلمي كثيراً منذ ذلك الوقت؟ هل ظهرت أبحاث قاطعة تثبت أن الجنسية المثلية مرض، أو توقف في النمو الجنسي؟ وهل خرجت أبحاث قاطعة تؤكد أن المثلية هي مجرد اختلاف وراثي؟ الحقيقة هي أن العلم لم يقل كلمته بعد ولم يثبت أي من هذه الأشياء بالدليل القاطع لأن المشكلة هي أن السياسة قطعت الطريق على الحوار العلمي حيث أصبح يتهم بالكراهية و يوصف بالرجعية والتخلف ومعاداة المثليين، كل من يقوم بأي بحث في هذا المجال، أللهم إلا الأبحاث الوراثية التي تحاول أن تثبت أن الإنسان يولد مثلياً تماماً وأن المثلية ليست سوى اختلافاً وراثياً مثل لون العينين أو الشعر أو الميل لاستخدام اليد اليسرى بدلآً من اليمنى. أما عن كيف وصل الحال إلى ما هو عليه، وماذا كان دور السياسة في التشخيص والبحث العلمي في هذا المجال، فهذا ما سوف نجيب عليه في السطور التالية من خلال تتبعنا لتاريخ هذا التشخيص.
كما يشير الدكتور مصعب قوقو "طبيب مقيم للاختصاص في الطب النفسي في مشفى ابن خلدون للأمراض النفسية – باحث قي العلوم الشرعية و التصوف" إلى أن السبب الرئيسي لوجود حالات المثلية في المجتمع الحلبي يعود للجهل بنسبة خمسين بالمئة و من ثم الفقر بنسبة عشرين بالمئة و إلى أسباب أخرى بنسبة ثلاثين بالمئة, كما نوّه إلى عدم وجود مراكز صحية لعلاج هذه الحالات و احتوائها في مجتمعنا, و أيضاً ذكر بأن حالة المثلية هي مشكلة اجتماعية أكثر منها نفسية و إن مجموعة المرضى لا تصل للطبيب بسبب الظروف الاجتماعية و العادات الموجودة في المجتمع.
كما نبه إلى ضرورة التفريق بين حالة المثلية و اضطراب الهوية الجنسية فالمثلي هو الذي يقر بأنه شاب و يتوجه عاطفيا و جنسياً لشاب آخر أما الاضطراب فهو بأن يشعر الشخص بأنه فتاة في جسد ذكر, و أكد على أن مثل هذه الحالات تعتبر مرضية و يجب على صاحبها أن يصبر عليها كنوع من جهاد النفس.
– التربية والتعليم …. في الأسرة والمدرسة
– بعد أن تناولنا بعض الآراء النفسية حول موضوع المثلية يأتي دور الكلام عن التربية والتعليم. فالتعليم أيضاً تعرض لحملات الضغط والتسييس وذلك للترويج للتوجه الجنسي المثلي بين الأطفال والمراهقين أو على الأقل اعتباره اختياراً مقبولاً (لاحظ شعار "لا بأس بالمثلية" Gay is Okay) هنا تكمن الخطورة. وهنا يظهر الاحتياج للتفريق الدقيق بين حقوق المثليين في التعبير وممارسة توجههم المثلي، وبين ترويجهم لهذا التوجه خاصة بين الأطفال والمراهقين. من الطبيعي أن يمر بعض المراهقين في بداية فترة المراهقة بحالة من الحيرة والتشويش فيما يتعلق بهويتهم أو ميولهم الجنسية. في هذه المرحلة الدقيقة من النمو الوجداني والجنسي، يمكن أن يشعر بعض المراهقين بمشاعر الانجذاب الجنسي المثلي، بل وربما يقومون ببعض الممارسات الجنسية مع أقرانهم من نفس الجنس.
– لكن هذا لا يؤدي بالضرورة لنشوء التوجه الجنسي المثلي. فقد أكدت الدراسة المسحية للتنظيم الاجتماعي لممارسة الجنس في الولايات المتحدة الأمريكية أن الغالبية العظمى من الأطفال والمراهقين الذين قاموا بممارسات مثلية في وقت ما من حياتهم، قد تخلوا عن هذه الممارسات فيما بعد. لكن إذا قام أحد بتشجيعهم على الاستمرار في هذه الممارسات، فإن هذا يجعلهم يتجهون ناحية الجنسية المثلية. الحقيقة هي أن التوجه الجنسي للإنسان ليس أمراً ثابتاً وإنما هو قابل للتغيير. فمن الممكن، وبالذات في فترة المراهقة، التي لم تتأكد فيها بعد كل عوامل الشخصية، أن يتحرك الإنسان إما ناحية التوجه المثلي أو التوجه الغيري إذا حصل على تشجيع في أي من الاتجاهين.
– في كتابه تربية الأولاد اقتبس جيمس دوبسون الصفحات التالية من كتاب جوزيف نيكولوسي الوقاية من الجنسية المثلية: دليل الوالدين وها نحن بدورنا ننقلها إلى العربية لتوعية الآبـاء والأمهات في بلادنا. يقول جوزيف نيكولوسي أن هناك عدد من المظاهر السابقة لظهور الجنسية المثلية في الأطفال وهي يمكن ملاحظتها والتعرف عليها مبكراً جدأً في حياة الطفل. معظم هذه المظاهر تقع تحت تصنيف ما يسمى بسلوكيات الجنس الآخر Cross gender behavior وهي علامات لوجود اضطراب في الهوية الجنسية للطفل. هذه العلامات هي:
– 1. الإعلان المتكرر من جانب الطفل/الطفلة عن الرغبة في الانتماء للجنس الآخر.
– 2. تفضيل الأولاد لارتداء ملابس البنات وتفضيل البنات ارتداء ملابس الأولاد.
– 3. التفضيل المستمر والقوي لأدوار الجنس الآخر فيما يتعلق باللعب التمثيلي. أي أن يلعب الأولاد أدوار نسائية والبنات أدوار رجولية في التمثيليات التي يقومون بلعبها (لعبة "البيت" مثلاً).
– 4. الرغبة الشديدة في لعب الألعاب المفضلة لدى الجنس الآخر. كأن يلعب الأولاد بالعرائس مثلاً والبنات بالمسدسات والسيارات.
– 5. التفضيل الشديد للعب مع أقران من الجنس الآخر بدلاً من نفس الجنس.
– تبدأ سلوكيات ارتداء ملابس الجنس الآخرCross Dressing في السنوات السـابقة للمدرسة وبالتحديد في السن بين الثانـية والرابعة. لا ينبغي أن نقلق عندما يحدث ارتداء لملابس الجنس الآخر مرات قليلة متفرقة، لكن عندما يتكرر بصورة مستمرة وتبدأ ظهور بعض العادات المقلقة مثل استخدام الولد لمساحيق التجميل الخاصة بأمه وعندما يبدأ في تجنب أولاد الجيران ويفضل أن يكون مع أخته أو مع صديقاته من البنات ويبدأ في الولع بالعرائس وملابسها وبيوتها. بعد ذلك ربما يبدأ الولد في أن يستخدم صوتاً رفيعاً في الكلام وتبدأ حركات جسده ومشيته تكون مشابهة للبنات ويبدأ في الاهتمام بإطالة الشعر ويولع بالإيشاربات والحلقان وغيرها.
– و هنا أود تنبيه العائلات الحلبية لتغيير معاملتهم لأطفالهم فنحن لا ننكر أننا تعودنا على الدلال باستخدام الألفاظ الجنسية و بتأنيث المذكر و تذكير المؤنث, و هذه الأمور التي لا نلقي لها بالاً ولكن صدقوني فإن أغلب المثليين كانوا قد عانوا منها في الصغر فلعبت في عقلهم الباطن لترسيخ التفكير بالتوجه المثلي الجنس, و أيضاً هناك المزاح الجنسي بين المراهقين و الشباب الذي يتحوّل من مزاح إلى واقع مشؤوم يتجلّى بتجربة هذا النوع من العلاقات فإما تكون التجربة عابرة أو تتحوّل إلى مزاولة مرحلية أو لمدى الحياة.
– في الواقع، والكلام ما زال لجوزيف نيكولـوسي، أن هناك علاقة كبيرة بين السلوك الأنثوي في فترة طفولة الأولاد وظهور الجنسية المثلية فيهم عند البلوغ. حيث يشعر الأولاد في سن مبكرة بنوع من عدم الراحـة مع أقرانهم من الأولاد وبإحسـاس دفين بأنهم مختلفون أو ربما أقل من أقرانهم من نفس الجنس. لكن الآبـاء والأمهات غالباً ما لا يدركون هذه العلامات ويتنظرون إلى بعد فوات الأوان ليسعوا في طلب المساعدة لأولادهم وبناتهم. أحد أهم أسباب ذلك هو أن أحداً لم يقل لهؤلاء الوالدين الحقيقة بشأن حالات التشويش في الهوية الجنسية التي ربما تصيب بعض الأطفال وماذا على الأهل أن يفعلوا في مثل هذه الحالات.
المثلية الجنسية و الواقع الحلبي
لا يمكننا رفض وجود المثليين في محافظتنا لأنهم موجودون في كل مكان من العالم, و لا يخفى على المارين في شوارع حلب رؤية العديد من أفراد الجنس الثالث يجولون غير آبهين بشيء, أما موقف المارة فمنهم من يشفق عليهم و يتعاطف معهم ومنهم من يتسلّى معهم و منهم من يحاول التعدي بالضرب عليهم و الكثير يكتفي بقوله "حسبي الله و نعم الوكيل" أو " الله لا يشقي لنا عاقبة", و من منطلق الشمول كان لنا عدة وقفات مع العديد منهم و جرت الحوارات التالية:
يقول "عبدو" أحد المثليين من نوع top "أعمال حرة" :لقد تم استدراجي عن طريق شخص "طنط" حيث أحب أن يتعرف علي و بعد عدة لقاءات تم الاتصال الجنسي بيننا بعد أن أخذني إلى منزل صديقه و قام بإثارتي عن طريق عرض الأفلام الجنسية ثم حدث ما حدث, بعد ذلك تعرفت على "شلة" من أصدقائه المثليين و تعوّدت على الممارسة الجنسية المثلية.
تقول أو يقول "لوليانا" كما يسمونه/ها من نوع bottom "هندسة عمارة سنة ثانية" : أنا خلقت هكذا و أنا أشعر بأنني فتاة داخل جسد ذكر و أنا أحب التصرف على هذا الأساس.
أما " محمد" شاب من نمط both "طالب في كلية الصيدلة" فمن وجهة نظره أن مجتمع المثليين في حلب و في سوريا بشكل عام يشبه المستنقع فإن دخلت له لا تستطيع الخروج منه كما دخلت و يحتوي على العديد من التناقضات الاجتماعية فيحوي شخصيات فنية و علمية مختلفة و أشخاص من أعمال حرة و آخرون من أصحاب الجرائم و بمعنى آخر فيمكننا وصف المجتمع المثلي بأنه مجتمع آخر داخل المجتمع العام بل يمكنك استغراب وجود العديد من الأسماء المرموقة و المشهورة جداً اجتماعياً, أما عن توجهه فيقول: أشعر بالانجذاب العاطفي نحو الجنس المماثل قبل أن يتغذى هذا الانجذاب بالجنس و لقد وقعت عدة مرات في علاقات حب مثلية.
أما المثلية "روجين" فتقول : أنا سحاقية و أحب ذلك و أكره الرجال بشكل عام لأنهم كائنات متوحشة و فظة تسعى لتدمير كل شيء, صحيح أنني في محافظة تعتبر متدينة و الكل سيلومني و سأفضح إن أدخلت شاباً إلى منزلي ولكن من سيسألني إن أدخلت فتاة معي إلى المنزل على أننا صديقات لأمارس معها, فالناس لا تهتم إلا بالظاهر و ما خفي أعظم.
"رافي" و "ماهر" في علاقة "ارتباط" نحن نعيش حالة من الحب و الخطوبة كأي اثنين طبيعيين و لدى كل منا عمله الخاص, نلتقي مساءاً في منزل مستأجر و لدينا العديد من الصداقات من المثليين الذين يزورونا و نزورهم و نذهب في رحلات معاً.
"ماجدولين" أنا نشأت في أسرة فقيرة, و اتخذت الدعارة المثلية كمهنة لي و أعتبرها منفعة متبادلة فهناك الكثير من مثليي حلب ممن يريدون العلاقات العابرة و منهم أصحاب الشهرة في المدينة فيلجؤون إلي فآخذ منهم النقود مقابل ليلة أو عدة ليالي حسب الطلب.
المثلية الجنسية و الديانات السماوية
"وجده يصلي فقال له : كيف تصلي و أنت مثلي؟, فأجابه : إنني أصلي لكي أحافظ على شعلة الإيمان ألا تطفئ و كي لا أغرق في مستنقع المثلية الذي نحن فيه"……. لقد تم تحريم الممارسة المثلية بكافة أشكاله في جميع الرسالات السماوية فنجد ذكر قوم "لوط عليه السلام" بصورة تنكيل و عقوبات و تحريم في عشرة مواضع من القرآن الكريم, فيُعتبر الشذوذ الجنسي من وَجهة نظر الشريعة الإسلامية سلوكٌ خاطئ و حالة مرَضيَّة و ممارسة غير طبيعية ، و خُلُقٌ منحرف عن الفطرة الإنسانية السليمة ، و يُعَدُّ الشاذ جنسياً عاصياً لله جَلَّ جَلالُه فيستحق العقاب في الدنيا و الآخرة ما لم يَتُب إلى الله الغفور الرحيم ، و ذلك لأن الشذوذ الجنسي يُعَدُّ عدواناً و ظلماً و تجاوزاً لحدود الله .
قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾
و قال المفسرون : إن قول الله تعالى " فَمَنِ ابْتَغَى ورَاء ذَلِكَ " يشمل كل أنواع الممارسات و الإستمتاعات الجنسية الخارجة عن إطار العلاقات الزوجية المشروعة التي أباحهاالله .
و عليه فإن الزنى و اللواط و السحاقو الإستمناءو غيرها من أنواع الممارسات الجنسية الممنوعة في الشريعة الإسلامية تُعَدُّ كلها من الشذوذ الجنسي .
أما وجهة نظر الديانة المسيحية فهي تحريم هذه العلاقة حيث اجتمع رؤساء وممثلو الكنائس المسيحية في مصر بكافة طوائفها، برئاسة صاحب القداسة البابا شنودة الثالث بالمقر البابوي في دير الأنبا رويس بالقاهرة مساء الإثنين 8-9-2003م، وأصدروا البيان التالي:
بعد أن تدارس الحاضرون محاولات بعض الكنائس في الغرب، تقنين الجنسية المثلية (الشذوذ الجنسي)، وزواج اثنين من نفس الجنس، وسيامة هؤلاء في الرتب الرعوية المتنوعة، رجالا ونساء في كنائسهم، والسعي في سيامة أسقف من هذا النوع، بالكنيسة الأسقفية في نيوهامبشاير NewHampshireبالولايات المتحدة الأمريكية، قرر الحاضرون -بالإجماع- رفض وإدانة الشذوذ الجنسي وسياماته، استنادا إلى تعاليم السيد المسيح، ونصوص الكتاب المقدس بعهديه: القديم والجديد، وذلك انطلاقا من مسئولياتهم في الشهادة لحق الإنجيل:
1- فالسيد المسيح أدان هذا الأمر بوضوح، حينما تحدث عن هلاك سدوم وعمورة في (إنجيل لوقا10: 12) (ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) انظر أيضا (تكوين 24:19)، (رسالة يهوذا 7). وكذلك الكتاب المقدس يحذر قائلا: "لا تضلوا، لا زناة، ولا عبدة أوثان، ولا فاسقون، ولا مأبونون، ولا مضاجعو ذكور…. يرثون ملكوت الله" (كورنثوس الأولى 10،9:6). انظر أيضا (رومية 1: 26-32)، وما ورد في توراة موسى: "لا تضاجع ذكرا مضاجعة امرأة، إنه رجس" (اللاويين 18: 22)، (لا 20: 13).
2- إن زواج الشذوذ هو ضد الخطة الإلهية في الزواج والخلقة، إذ يقول السيد المسيح: "من بدء الخليقة ذكرا وأنثى خلقهما الله، من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته" (آنجيلمرقس 7،6:10). وكما ورد أيضا في (انجيل متي 19: 4-6)، (أفسس 5: 31)، (التكوين 1: 27)، (تكوين 2: 24).
3- إن من يختارون لرتب الرعاية الكنسية، يجب أن يلتزموا بتعاليم الكتاب المقدس، وأن يكون "الأسقف بلا لوم… صاحيا، عاقلا، محتشما…صالحا للتعليم" (رسالة تيموثاوس الاولى 2:3). مصدر المقال: موقع الأنبا تكلا.
وعليه… فنحن ندين ونعارض بشدة زواج الشذوذ جنسيا بصفة عامة، وبصفة أخص وأخطر سيامتهم في رتب الكهنوت والرعاية.
أما التوراة فلا أعتقد بأنه يخالف ما سبقه, و إلى الآن لا يوجد توراة ممكن أن نعتمده في الشهادة على أي بحث.
الأمراض الجنسية التي تصيب المثليين و المثليات
1- الايدز: في تقرير Centers for DiseaseControlandPrevention،في يونيو 2000م, فقد أعلن أن أغلبية حالات الإيدز بالولايات المتحدة تقع بين الرجال الذين يمارسون الشذوذ الجنسي مع الرجال,فقد أصيب 348657 شاذ جنسيا بمرض الايدز من أصل 745102 أي بنسبة أكثر من النصف, أما الباقي فمنقولا منهم بواسطة الحقن أما في تقرير الإيدز التابع لمنظمة الصحة العالمية فيمثل الشواذ جنسيا 68.6% من حالات الإيدز بهولندا، و65.8% في المملكةالمتحدة.
2-الاضطرابات النفسية: في دراسة نُشرت في يناير 2008م في Archives of General Psychiatry، والذي قام به فريق هولندي.وجد الفريق أن الشواذ من الرجال يصابون بالاضطرابات المزاجية التي تستمر لأكثر من 12 شهرًا بمعدل 2.94 مرة عن غيرهم من الأسوياء. كما يصابون باضطرابات الحصر النفسي anxiety التي تستمر لأكثر من 12 شهرًا بمعدل 2.61 مرة عن غيرهم من الأسوياء.وأن احتمالية محاولة الانتحار بين الشواذ من الرجال كانت أعلى 6.5 مرات منها في توائم هؤلاء الأسوياء.
3-الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق الممارسة الجنسية: في دراسة نشرت عام 1990 في مجلة Diseases of the Colon and Rectumيقول الدكتور ستيفن وكسنر: إن 55% من الشواذ من الرجال الذين لديهم شكاوى من منطقة المستقيم والشرج مصابون بالسيلانgonorrhea، كما أن 80% من مرضى الزهري syphilis من الشواذ جنسيا، هذا بالإضافة إلى إصابة 15% من الشواذ الذين لا يشتكون من وجود أعراض مرضية بالمندثرة chlamydia، كما أن ثلث الشواذ جنسيا مصابون بفيروس الهربس البسيط النشطherpessimplex virus في منطقة المستقيم والشرج. وقد ذكرت دراسة أخرى أن الشواذ من الرجال مصابون بالسيلان في منطقة الحلق بنسبة 15.2%، بالمقارنة بإصابة 4.1% من أسوياء الرجال بالمرض نفسه.
4-سرطان الشرج: هناك عدة نظريات تعلل انتشار سرطان الشرج بين الشواذ جنسيا وبين الأسوياء الذين يمارسون الجنس عن طريق الشرج. إحداها بسبب استخدام بعض المزلّقات lubricants من أجل تسهيل تلك الممارسة. نظرية أخرى هي تقول بأن دخول الحيوانات المنوية والسائل المنوي إلى تلك المنطقة قد يكون سببا آخر للإصابة بسرطان الشرج. وآخر النظريات هي الإصابة بالسرطان تبعا للإصابة بالالتهاب بفيروس الورم الحليميالإنسانيhumanpapillomavirus.
5-مرض كابوسي الخبيثKaposi sarcoma، والذي يعتقد أن للمخدرات التي يستخدمها الشواذ جنسيا من أجل استرخاء عضلة الشرج والمعروفة بـ poppers علاقة بالإصابة بهذا المرض بين مصابي مرض الإيدز منهم.
6-سرطان الغدد اللمفاوية.
7- خلل بالجهاز المناعي، وذلك قد يكون بسبب امتصاص المستقيم للسائل المنوي ليصل إلى الدورة الدموية، وهو ما يعتقد العلماء أنه يصيب الجهاز المناعي بالضعف.
8- مشاكل جراحية بمنطقة الشرج بسبب ممارسة الشذوذ: كالجروح الشرجية واحتباس جسم غريب داخل المستقيم، وتكوين أوعية دموية جديدة بالمنطقة وتليّف المستقيم.
كلمة أخيرة ….
وختاماً أقول أن العيون المفتوحة كثيراً ما لا ترى الحقيقة سواء من خلال تسييس العلم والإعلام والتعليم في الغرب، أو من خلال الجهل والتعمية والتعتيم والفصل الحادّ بين الجنسين في الشرق. والحقيقة هي أن الجنسية المثلية ليست خياراً طبيعياً للحياة، كما أنها ليست الإثم الذي لا يُغتفر والعار الذي لا يُعبر عنه. هي اضطراب في التطور الجنسي لدى الأطفال يمكن تفاديه في الطفولة والمراهقة ويمكن معالجته فيما بعد ولكن بصعوبة بالغة.
تحقيق الإعلامي …… جلال مولوي