يقع مدرج جبلة الروماني قرب المدينة القديمة في جبلة وهو أهم ثلاثة مسارح أثرية متواجدة في سورية، بني هذا المدرج على أيدي السكان المحليين الذين يعودون بنسبهم إلى الفينيقيين والذين سكنوا مدينة جبلة زمن الاحتلال الروماني لسورية منذ القديم وذلك قبل 1800 سنة وهو يعطي انطباعاً عن عبقرية المهندسين السوريين وقدراتهم. وما الجديد في التنقيبات الحاليةلغاية 11- 6-2010

وطبعاً دليلنا إلى مدينة جبلة كان الصحفي يزن كركوتي، والتصوير لنوح أما المادة التاريخية والتحقيق فهي للصحفي والكاتب العزيز شادي نصير. استمتعوا معنا.

يقع مدرج جبلة الروماني قرب المدينة القديمة في جبلة وهو أهم ثلاثة مسارح أثرية متواجدة في سورية.

 بني هذا المدرج على أيدي السكان المحليين الذين يعودون بنسبهم إلى الفينيقيين والذين سكنوا مدينة جبلة زمن الاحتلال الروماني لسورية منذ القديم وذلك قبل 1800 سنة وهو يعطي انطباعاً عن عبقرية المهندسين السوريين وقدراتهم.

ويقول الأستاذ المسؤول عن المدرج الروماني في جبلة:

بنى المدرج في عهد الإمبراطور جوستنيان " 493-565"م و تحول المسرح إلى حصن أيام البيزنطيين ومن ثم في العهود الصليبية والأيوبية مروراً بالعهد المملوكي، وقد بني على ركائز وقواعد متينة من الأعمدة، ويحيط به على شكل نصف دائرة دهليز واسع يبلغ عرضه أربعة أمتار، مسقوف بحجارة مقوسة طويلة قليلة العرض، مشكلة عقوداً متتالية، ومتدرجة في الميل والانحدار للأسفل مسايرةً ميل وانحدار صفوف المدرج الذي يرتكز على هذا الدهليز.

 للمسرح شكل دائري يبلغ قطره حوالي "90" متراً ويتألف من ثلاثة أدوار ويرتكز على عقود تحمل عقوده "35" صفاً من المقاعد الحجرية تركت بينها مسافات تسمح لجمهور المتفرجين بالدخول والخروج للمسرح، ويستوعب المدرج نحو ثمانية آلاف متفرج، ويتألف من قسمين رئيسيين متقابلين، هما المدرج من الجهة الجنوبية، ومنصة التمثيل في الجهة الشمالية وقاعاته ويتوسطهما صحن مستدير قطره "21.5" متراً يتسع لحوالي عشرة آلاف متفرج.

ويضيف:

بقي المدرج لفترة طويلة زمن الاحتلال الفرنسي مهمل جداً بل وأصبح مكب للنفايات فيما تلى ذلك، حتى قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف بتنظيف تدريجي له ومن ثم تطور العمل ليصار إلى ورشة عمل تهتم بالترميم والتنقيب في المدرج.

أما عن أعمال الترميم فيقول:

في العام الماضي 2009 قمنا بترميم المنصة الحجرية، (المسرح) وذلك لأن عليها تقام مهرجانات ضخمة كمهرجان جبلة الثقافي الذي تقيمه جمعية العاديات ومهرجان المحبة الدولي، ويستضيف فرق ومطربين عالميين كفرقة إنانا وعازف العود الشهير نصير شما وغيرهم.

وقد أقيمت على مصطبة واسعة كانت في السابق محاطة بأعمدة مرفوعة على قواعد تعلوها تيجان كورنثية الطراز كما هو الحال في مدرج بصرى، ويتم الدخول إلى المسرح من خلال سبعة أبواب ضخمة تؤدي إلى الدهاليز ثم إلى الممرات التي تؤدي إلى كراسي الجلوس وهناك بقايا كثيرة قد كشفت عنها عمليات التنقيب الحديثة توضح أن للمدرج امتداداً كبيراً نحو الشرق يعتقد أنها بقايا أماكن الإقامة والمنشآت الدفاعية، وقد كشف عن وجود أربع أدراج تسمح لدخول الجمهور إلى المدرجات وكان الدرج الرابع المكتشف حديثاً مبني من الحجر الكلسي ذو الأحجام والقطع الكبيرة المجذب وهو تحت أقنية الشعاعية.

أما في أروقة المدرج الداخلية يقام معارض للكتب ومعارض للفن التشكيلي، وتقوم شعبة التنقيب كل عام بورشة للتنقيب وخلال السنوات السابقة كانت هناك اهتمام بالأقبية والأروقة لأنها كانت مردومة على ارتفاع 3 أمتار وقد وجد فيه نقود وفرن لشي الفخار يعود إلى الفترة المملوكية حيث أقيم هنا في غير مكانه الحقيقي.

وعن الترميم يقول:

في عام 2008 تم اكتشاف المدخل الغربي للمنصة، وهذا المدخل كان مدفون تحت الردميات، وهو الذي يساعد الممثلين على الدخول إلى صحن المدرج ومن خلال عملية التنقيب اكتشفنا مقدار إبداع الرومان في عملية جر المياه المالحة والمياه النظيفة فوجدنا قنوات تعود للعصر الروماني مدروسة بمنتهى الدقة، وموضوعة في أماكنها بعناية شديدة، وتم اكتشاف مهم في آخر الرواق قسم لا يتجاوز 10 أمتار ب 4 أمتار وهو القسم الوحيد المتبقي والذي يحتوي على البلاط الحقيقي للرواق وسنعتمد عليه لتبليط باقي الأروقة في الأعوام القادمة.


أما في عام 2009 كان وجد أعمدة متناثرة حول المدرج، منها نقل إلى خارجه ومنها ما بقي في الداخل وتم جمعها في زاوية المدرج للقيام بترميمها والاستفادة منها.
وتم اكتشاف غرف تلقيم الممثلين في المنصة وهي عبارة عن سبع غرف وممر يساعد على خروج ودخول الممثلين بالإضافة إلى رأس لرجل روماني من حجر البازلت وهذا من أهم الاكتشافات.


في عام منذ عام 2010 بدأنا بترميم الأقواس الشعاعية المتبقية والتي هي موجودة في القسم الغربي من المدرج بالإضافة إلى مقاعد جلوس المتفرجين والموجودة في الطبقة الأولى منه ويتألف المدرج من ثلاث طبقات الأولى قريبة من الصحن والثانية تليه ولم يبقى منها حتى الآن سوى القسم الغربي والجنوبي أما الطبقة الثالثة لم يتبقى منها إلا جزء صغير جداً.


وتبقى من المدرج في حالة سليمة حوالي 60 % ويتم العمل فيها وأصبحت نسبة الترميم تتجاوز30 ـ 40 بالمائة، ويكون لون الحجارة التي يتم الترميم من خلالها بيضاء وذلك لأنه لا بد للسائح من أن يميز بين الأماكن التي تم ترميمها وما كان موجوداً في الأصل ولكن بشرط أن تكون حجارة الترميم مطابقة للمواصفات التي تتمتع بها حجارة المدرج.


بالإضافة إلى العمل ضمن الكتلة الشرقية من المدرج ومن خلال التنقيب ظهر معنا قبور إسلامية يتراوح عمرها بين 80 إلى مئة سنة فقط وكان هناك دقة في رفع الرفاة ونقلها وإعادة دفنها.
كان للمدرج في السابق سبعة مداخل، أما اليوم فهناك مدخل واحد متبقي وكانت هذه المداخل لتسهيل حركة المشاهدين، حيث أن كل باب يؤدي إلى إحدى الطبقات دون أن يعيق من سيدخل إلى الطبقة الثانية أو الثالثة.

أما في منتصف ساحة المدرج هناك مربع وهو عبارة عن قناة تمر تحت منصة المدرج وهي قناة لتجمع مياه المدرج مع الصحن أثناء فترة الشتاء والتنظيف ودخل إليها بعض التعديل في الفترات التي تبعتها، وهناك قناة في القسم الشمالي للمنصة قمنا بتنظيفها ولا تزال جيدة ولكننا اضطررنا لتغطيتها لكي نستطيع أن نكمل ترميم المنصة وهي باتجاه الغرب ولا نعرف نهايتها بالإضافة إلى أنه يوجد بئر ماء بعمق 14 متر ولا يزال المدرج يحتوي على جزء صغير من طريق روماني وقد تم اكتشاف حمام روماني ولكن للأسف لم يتبقى منه إلا الأرضيات وجزء من لوحة فسيفسائية وهي النقطة الأولى التي تم اكتشافها.

أما بالنسبة للتنقيب فهناك مهندسين يقدرون الأماكن التي هي بحاجة للترميم قبل غيرها خوفاً من أن تنهار ويبدأ الترميم من الشهر الأول في كل عام وينتهي في الشهر السادس أو السابع بسبب السياحة في سورية، ويستضيف المدرج، الطلاب مع مدرسيهم ليتعرفوا على التاريخ الحقيقي لبلدهم، ووفود رسمية من مختلف المحافظات والبلاد العربية والأجنبية.

ولا بد أن أشيد بجهد كل من ساهم ويساهم في إحياء هذا الصرح المعماري الحضاري الكبير ولهم منا عالم نوح كل التقدير.

(الصور قيد التحميل)