مخرج شاب له العديد من الأفلام القصيرة بالإضافة إلى تكريمه من قبل عددٍ من القنصليات والجاليات العربية والأجنبية

المهند كلثوم في البرزخ


مخرج شاب له العديد من الأفلام القصيرة بالإضافة إلى تكريمه من قبل عددٍ من القنصليات والجاليات العربية والأجنبية، التقاه عالم نوح في حلب وكان معه هذا الحوار حول فيلمه الأخير"البرزخ" بالإضافة إلى جديده على صعيد السينما والتصوير الضوئي:

 

ماذا تحدثنا عن آخر فيلم لك والذي كان تحت اسم "البرزخ"؟

هو فيلم مدّته 30 دقيقة يتحدث عن فتاة فلسطينية لاجئة مقيمة في سورية وكان لها شرف المشاركة مع شباب سوريين وفلسطينيين في ذكرى النكسة والنكبة، وقد استطاعت بصحبة الشباب أن تقطع الشريط الفاصل بين الأراضي العربية المحتلة وبين الأراضي السورية، فالتقت بأهلنا في الجولان ومكثت معهم قرابة الساعتين ومن ثمّ قررت أن تتابع إلى فلسطين، وعند حدود بحيرة طبرية تم إلقاء القبض عليها وهي بصحبة صديق استطاع أيضاً العبور ضمن تلك الأراضي، وتم الحكم عليها من قبل الجيش الإسرائيلي بالسجن لمدّة ثلاثة سنوات مع وقف التنفيذ ومن ثمّ سلّمها الجيش الإسرائيلي للصليب الأحمر وهو بدوره قام بتسليمها إلى السلطات السورية، هذه هي القصة بشكل مختصر.

ولماذا البرزخ بالتحديد؟

كوني اعتبرت المنطقة الفاصلة بين سورية والأراضي المحتلة والمكوّنة من الأسلاك الشائكة هو منطقة برزخ بالنسبة لنا، ففي كافة الكتب السماوية والديانات نلاحظ أن منطقة البرزخ لم يتم تحديدها بشكل دقيق وتعتبر مجهولة بالنسبة لنا وكذلك الأمر بالنسبة لي، إذا لا نعلم إن كان هناك موت أو حياة أو حتى ألغام أو أمان فكل هذا بالنسبة لنا مجهول تماماً كما هي منطقة البرزخ، ونلاحظ أن هنالك الكثير من التساؤلات حول تلك المنطقة لذلك حاولنا من خلال فيلم "البرزخ" أن ننقل بشكل تقريبي تصورنا لعالم البرزخ، ويمكن أن تكون تسمية البرزخ تسمية روحانية افتراضية لعالم نحن أطلقنا عليه هذا لذلك اعتبرت منطقة الأسلاك الشائكة هي بالنسبة لي ولفريق العمل الذي كان معي هي منطقة "البرزخ".

من النادر أن نرى مخرجين حتى على الصعيد العربي يتطرقون إلى مثل هذه المواضيع، فما الذي دفعك كمخرج شاب إلى خوض تجربة "البرزخ"؟

إن لم يكن المهند كلثوم مخرجاً لكان طياراً حربياً، فهذا كان حلمي منذ أن كنت صغيراً لأخطو خطى والدي العقيد الشهيد الطيار محمد كلثوم رحمه الله، وهذا الحلم حرمت منه ولم أستطع تحقيقه لذلك التجأت إلى مهنة أخرى أكون فيها قائداً وطياراً لقضايا السينما التي أشكو منها مثل كثير من المخرجين الشباب الذين يسعون إلى صناعة سينما وطنية أو قومية، وسبب اختياري لهذا النمط من السينما أنّه في الفترة الأخيرة أي منذ حوالي عشرة سنوات لاحظنا أنّ حبّ الوطن أصبح ظاهرة تقليدية وكلاسيكية من وجهة نظر الكثيرين، فنحن ولدنا من هذه الأرض وقد علمتنا الحب والإيمان وأشياء كثيرة لا تعد، وأنا كمخرج أستطيع أن أطرح فكرتي بأي طريقة فنية أخرى ولكن كوني ذقت الألم وأعلم تماماً معنى محبّة الوطن بالإضافة إلى تقديم الكثير من العائلات للكثير من الشهداء فهذا بحد ذاته كافٍ لنقدّم شيئاً لهم تخليداً لذكراهم وعرفاناً منّا بما فعلوه من أجل الوطن، وحالياً يمكن القول أنّ حبّ البلد أصبح حباً متجدداً وليس تقليدياً وأنا بدوري سواء سابقاً أو حالياً فأشعر أنّ حبّي لهذا البلد وهذه الأرض متجدد دائماً ولا يمكن أن يكون تقليدياً أبداً، فأنا منذ بداياتي في أفلام الدراسة كنت أستعرض فيها عاملين أساسيين هما حب الوطن والقضايا الإنسانية، ففي أوكرانيا كانت معظم الأفلام التي قدمتها تتطرّق للقضايا الإنسانية سواء قضايا حقوق الإنسان أو همومه ومشاكله، في آخر الأفلام التي قدّمتها والذي كان تحت اسم "كفى" تحدثت عن قضية النازيين العنصريين الذين نسميهم بحركة "حالقي الرؤوس" وهي حركة نازية ترفض الوجود الأجنبي في بلادهم ومن وجهة نظر هذه الحركة فإني كعربي غير مرحّب بي في الأراضي الأوكرانية وكذلك الأمر بالنسبة لأي جنسية أخرى، وعلى الرغم من أن هذه الفئة قليلة ولكني أردت تسليط الضوء عليها من خلال هذا الفيلم وقد نال صدىً جميلاً جداً في الصحافة الأوكرانية وعلى أثره تكرّمت من قبل عمدة "خاركوف" بدرع التواصل بين الشعوب، وقد عرض الفيلم في العديد من الدول وفي بعض المهرجانات مثل مهرجان "خطوات" لحقوق الإنسان في أوكرانيا وفي موسكو وفي العديد من الجامعات والمعاهد في أوكرانيا.

هل يمكننا القول أن القضايا الوطنية والإنسانية هو الطريق الذي اختاره المهند كلثوم للسير فيه في أفلامه القادمة؟

صراحةً لا أستطيع القول أني مقيّد بخطٍ معين أبداً فهذا المسار الذي أسير فيه حالياً أحببته كثيراً ولا زلت، ولكن هذا لا يعني ألا أعمل في عمل اجتماعي أو خيال علمي أو حتّى رعب إن كان النص جيّداً، فأنا دائماً أعمل على ما يدخل قلبي وأكون مقتنعاً به تماماً، والمخرج يجب أن يكون في حالة تجدد دائماً فاليوم قدّمت النمط القومي أو الإنساني ومن الممكن أن أقدّم مستقبلاً نمطاً آخر تماماً ولكن يمكن أن أضيف عليه ولو قليلاً من النفس القومي أو الإنساني.

ماذا عن إنتاج فيلم "البرزخ" ودعمه ؟

الفيلم بمجمله هو جهد شخصي حتى بكافة فريق العمل الذي كان معي ولكن من ناحية المعدات الفنية فقد قدمته لنا شركة "إيبلا للإنتاج الفني" مشكورة، ومن ثم تم التنسيق مع وزارة الثقافة والمؤسسة العامة للسينما ومجلس الشباب السوري لعرض الفيلم فقط، أي أن الفيلم كان جاهزاً وكنا بحاجة إلى عرضه لا أكثر.

كيف ترى واقع السينما السورية كمخرج شاب حالياً؟

بخصوص هذا الموضوع صراحة لا أحمّل دائماً القطاع العام سبب عدم وجود إنتاج سينمائي لدينا، فدائماً نسمع أن هنالك ضعف بالإنتاج السينمائي والحقيقة أن إمكانية المؤسسة العامة للسينما في السنة هو إنتاج /5/ أفلام، ولكن من وجهة نظري فالأزمة ليست أزمة إنتاج وإنما هي أزمة نص، فإن كان الرأس المال السوري من ناحية السينما جباناً فهذا ليس ذنب الدولة والقطاع العام، لذلك فأنا كمخرج سوري في بداية الطريق أقول لك أن الأزمة هي أزمة نص أكثر من أن تكون أزمة إنتاج من القطاع العام، فنحن نلاحظ أن هنالك إنتاجات سينمائية ولكن لماذا هذه الإنتاجات لا تضاهي السينما العربية، لذلك أرى أنها أزمة نص وهذا النص الذي لدينا لا يواكب التطوّر الاجتماعي في البلد، ولا يمكن أن نجلب الجمهور ونروّج للفيلم إن كان النص بحد ذاته لا يصلح سينمائياً.

فلماذا يتم تقديم هذه النصوص سينمائياً إن كانت لا تصلح للسينما أساساً؟

 إن النصوص التي تم تقديمها هي من أفضل النصوص الموجودة في الساحة، فعلى الرغم من وجود كتّاب سينما لدينا إلا أننا نفتقد لكتاب السينما الأكاديميين والكتاب الموجودون حالياً يحملون النفس القديم، طبعاً هذا لا يعني أنهم متطفلون على الكتابة أبداً بل نحن نشكر جهودهم ونتاجهم ولكن في الوقت ذاته نحن بحاجة إلى كتّاب سينما أكاديميين يواكبون التطّوّر في المجتمع، فالسينما كالسياج إذ لها مراحل معيّنة ولها حبكتها ومطبخها الخاص.

 صحيح أننا لا نملك أكاديمية للسينما إلا أن الراغب في الموضوع لن يوقفه هذا فأنا درست الإخراج السينمائي في أوكرانيا ولو كان هنالك معهد للسينما هنا لكنت من أوائل الناس الذين درسوا فيه، طبعاً أنا لا أتهرب بهذا من أنه يجب أن تكون لدينا أكاديمية أو معهد لتدريس السينما وقد طرحت هذا الموضوع في العديد من جلسات الحوار ولكن الموضوع هو موضوع أولويات بالنسبة للجهات المختصة وصراحةً لا أودّ الدخول كثيراً في السياسة التعليمية أو ما شابه ولا أستطيع الحكم على قرار الدولة بذلك، فأنا أمنيتي أن يكون لدينا قسم خاص بنا وأتمنى لو يكون كل الشعب السوري مخرجين وكتّاب سيناريو وأن يتم استغلال كافة الطاقات الشابة المولعة بالسينما ولكن كما قلت الموضوع أوليات أكثر من أن يكون أي شيء آخر.

فهل عشقك للسينما جعلك مصوراً أم أن التصوير جعلك سينمائياً؟

في السنة الأولى والثانية  في أكاديمية السينما من الممنوع تماماً أن تقترب من الكاميرا السينمائية أو كاميرة الفيديو بل يكون كل عملك على كاميرة الفوتوغراف  لتعليم كيفية تأسيس وإنشاء كادر ومعرفة معالمه وتفاصيله، وأقول أن عشقي للسينما وعشقي لكاميرة الفوتوغراف التي أهداني إياها والدي في صغري جعلت مني مخرجاً سينمائياً.

فيلم "البرزخ" إلى أين حالياً؟

عرض في دمشق بافتتاحٍ تحت رعاية وزارة الثقافة والمؤسسة العامة للسينما ومجلس الشباب السوري، وهنالك عروض في المراكز الثقافية في دمشق ومن ثمّ ستبدأ جولة المحافظات كاللاذقية وطرطوس وبقية المحافظات السورية،  وحالياً تلقينا دعوات من بعض النوادي السينمائية  كالجالية العربية السورية في أوكرانيا لعرض الفيلم هناك، أيضاً تلقيت دعوة من النادي السينمائي في الإمارات العربية المتحدة ، كما أننا أرسلنا الفيلم إلى عدّة مهرجانات سينمائية وننتظر النتيجة حالياً، وسنقدّمه في حلب كما هو متوقع في منتصف الشهر الثاني "شباط".

ما هي التحضيرات الجديدة للمهنّد كلثوم؟

حالياً أجهّز لتصوير فيلم "سيجار سوري" الذي يتحدث عن الأزمة العصيبة التي يمرّ بها بلدنا وهي وجهة نظر شاب سوري خائف على مستقبل بلده، وهو فيلم روائي قصير مدّته /15/ دقيقة ومن نص وإخراج المهند كلثوم، بالإضافة إلى تجهيزي لمعرض للتصوير الفوتوغرافي والذي سيكون افتتاحه في منتصف شهر أيار وتحت اسم "على موعد مع تفتّح شقائق النعمان".

أغيد شيخو_ عالم نوح