أعزاءنا في عالم نوح، و مرة أخرى وليست أخيرة، لنا و بكل الود لقاء مع الفنان حسام حمود. كنا قد التقينا به كممثل و مخرج مسرحي و تعرفنا على أعماله المسرحية و مسلسلاته التلفزيونية المميّزة، واليوم نحاوره كمخرج حصل فيلمه على أفضل عمل متكامل “الموت حباً”.. حاوره لعالم نوح جلال مولوي و حرره أغيد شيخو.

أعزاءنا في عالم نوح، و مرة أخرى وليست أخيرة، لنا و بكل الود لقاء مع الفنان حسام حمود. كنا قد التقينا به كممثل و مخرج مسرحي و تعرفنا على أعماله المسرحية و مسلسلاته التلفزيونية المميّزة، واليوم نحاوره كمخرج حصل فيلمه على أفضل عمل متكامل "الموت حباً".. حاوره لعالم نوح جلال مولوي و حرره أغيد شيخو.

 

في البداية هلا حدثتنا عن الجائزة التي نالها فيلم الموت حباً؟

هي جائزة يمنحها مهرجان بيروت للسينما والتلفزيون، نالها فيلم "الموت حباً" كأفضل عمل متكامل، والفيلم روائي طويل مدته ساعتان من إنتاج الفضائية التربوية السورية وهو يندرج تحت عنوان الدراما الغرائبية، وهو من تأليف الدكتور طالب عمران وسيناريو وحوار رانيا درويش وإخراجي وفيه مجموعة من نجوم الدراما السورية أمثال سوزان نجم الدين، عامر العلي، صباح الجزائري، حسام تحسين بيك، فاتن شاهين، لينا دياب، فاتح سلمان، مرام علي، مروان غريواتي – ناصر مارديني وآخرون.

ذكرت مصطلح "الدراما الغرائبية"، كيف تعرّف لنا هذا النوع من الدراما؟

أسميتها بذلك  برأي انا كونها جديدة على صعيد الدراما التلفزيونية وعلى صعيد الدراما السينمائية بشكل خاص، والدكتور طالب عمران معروف في كتاباته بأنه  يتناول الحقائق الموجودة في مجتمعنا والتي قد تكون صعبة التصديق أو لا تصدق، وبالتالي يمكن أن تكون غريبة أو غير مألوفة للناس، والفيلم يروي إحدى هذه القصص.

وإلى الآن لدي حوالي /10/ أفلام من هذا النمط وهذه الأفلام هي عبارة عن سلسلة ضمن نطاق الدراما الغرائبية، وقد اخترت مع السيناريست رانيا درويش هذه الأفلام من أصل /70/ قصّة للدكتور طالب عمران وتم العمل عليها منذ البداية إلى أن أصبحوا أفلام روائية طويلة.

 كل فيلم له قصّته الخاصة ولكن تربطها حالة غرائبية، وكل هذا طبعاً يندرج ضمن إطار التشويق والإثارة ومفاجأة المشاهد بشكل أو بآخر، وأعتقد أنّ هذه هي عوامل السينما بالتحديد وبالتالي نحن عملنا على هذا الأساس لتحضير لهذه الأفلام، طبعاً جميع الأفلام تتحدث عن مفارقة الموت والحياة وعن التخاطر الذهني بين الأشخاص وحالات أيضاً لا تصدّق كأن يموت شخص ومن ثم يتم الاكتشاف بأنه ما يزال على قيد الحياة كفيلم "الإصبع التي أنعشت المدفون"، وكان الفيلم الأول الذي اخترناه هو فيلم "الموت حباً".

لماذا توجهت نحو الدراما الغرائبية؟

أعتقد لأنها جديدة على صعيد الدراما السورية بالتحديد وحتى على صعيد الدراما في الوطن العربي بشكل عام، إذ لم يتطرق لها أحد من قبل، وقد تم تنفيذها سابقاً ولكن كان العمل ضمن نطاق إذاعيّ في برنامج "ظواهر مدهشة" وكان أيضاً للدكتور طالب عمران

 

 

ماذا عن الفكرة العامة لفيلم الموت حباً؟

الفيلم يتحدث عن حالة حب بين صحفية جسدت شخصيتها الفنانة "سوزان نجم الدين" وشاب في السنة الرابعة بكلية الطب البشري جسد شخصيته الفنان /عامر العلي/،  وتتطوّر علاقة الحب بينهما إلى أن تصل إلى حدّ الثمالة،تنتهي بموت البطل . وتجري الأحداث ضمن إطار درامي خفي على المشاهد تنكشف معالمها تباعاً وضمن إطار غرائبي وتشويقي كما ذكرت سابقاً، ولا أريد الدخول في تفاصيل القصة لتكون مفاجأة للجمهور وليشعر بها أكثر أثناء المشاهدة.

ماذا تعني لك هذه الجائزة عل الصعيد الشخصي؟

الجائزة صراحةً تحمل معانٍ إيجابية وسلبية في الوقت ذاته، فهي إيجابية كوني حصلت عليها عن أول فيلم أعمل عليه، ولكنها في الوقت ذاته حمّلتني الكثير من المسؤولية في أفلامي القادمة وانتقائي للنصوص التي سأعمل عليها لكي لا تظهر بصورة أقل من فيلم "الموت حباً"، فأنا كحسام حمود لا أفضل أن أقدّم شيئاً مشابهاً لنمط قدمته سابقاً، ومن الضروري أن يكون النتاج القادم أهم من الأول وإن لم يكون كذلك فإن حسام حمود لم يتطوّر أبداً.

مادمت قد اخترت مسبقاً عشرة نصوص لتصويرها، كيف يمكن أن يكون العمل القادم أهم من العمل الحالي؟

إنّ الحالات التي أقدمها في هذه الأفلام تجسّد حالة واحدة وبالتالي من الممكن أن تأخذ هذه الحالة الغرائبية عدّة أساليب في الإخراج، فإن قدّمت فيلم الموت حباً بأسلوب معين فمن الممكن أن أعمل على الفيلم الثاني بأسلوب آخر ومغاير للذي قدمته في الفيلم السابق، وهذا طبعاً متوقف على الحالة العامة للفيلم، وأنا ضد أن أحرك الكاميرا عن عبث لأنّ الحالة الدرامية هي التي تفرض نفسها بناء على رؤية و خيال المخرج.

قلت أن فيلم الموت حباً هو دراما تلفزيونية بروح سينمائية وقد درج هذا المصطلح كثيراً في الآونة الأخير، مالمقصود بها؟

بما أننا نعمل ضمن نطاق "فيلم" فحاولت قدر الإمكان أن أعمل بروح سينمائية كاللقطة والصورة والجودة العامة له بالإضافة إلى النص الذي حاولنا قدر الإمكان أن نبتعد في الكتابة عن النص المسلسلاتي والذي يختلف تماماً عن النص السينمائي من ناحية اختصار الأحداث والدخول فيها بالإضافة إلى أن التشويق الزائد هو الذي يصنع الحالة الفيلمية بشكل عام، ومن ثم يأتي التصوير وحالة الممثلين التي نعمل عليها بالتعاون معهم وبإيمانهم بالشخصية التي يجسدونها، فنعمل سويّة لخلق ملامح الشخصية بحيث أفهم وجهات نظرهم وأعطيهم وجهات نظري لنصل في النهاية إلى تقاطعات بالآراء يمكن أن تخدم الشخصية وتخلق ملامحها العامة، وبهذه الطريقة يجسد الفنان حالة الشخصية بدقة شديدة لأنه يكون قد ألمّ بالشخصية تماماً من خلال الحوار والنقاشات حولها، والاختلاف بين الممثل التلفزيوني والممثل السينمائي هو أن الثاني لديه حالات خاصة جداً، ففي المشهد السينمائي من حيث الحالة الإنتاجية يمكن أخذه في فترة /6/ ساعات تقريباً أما تلفزيونياً فلا يتجاوز الساعة والنصف، ولكن رغم ذلك يمكن أن أقول أن الكادر الذي اخترته والحالة العامة لهم هي حالات سينمائية ولكن بمعدات تلفزيونية، وهذه الحالة حدثت أيضاً في فيلم "طعم الليمون" للمخرج نضال سيجري فهو أيضاً فيلم تلفزيوني ولكنه عرض بطريقة سينمائية، فطالما أن شروط السينما ومعداتها غير متوفرة لدينا فلماذا لا نحاول قدر الإمكان أن نعمل بهذه الروح لأن الفيلم السينمائي فعلياً مكلف جداً من ناحية الإنتاج ومعدات التصوير ومن كافة النواحي، فحاولنا في النهاية وضمن المتاح لدينا أن نصل إلى حد ما إلى الحالة السينمائية وهنا لا بدّ لدي من أن أشكر مدير التصوير الأستاذ وليد كمال الدين ومدير الإضاءة الأستاذ أسامة برو والمشرف على الصوت الأستاذ محمد كريم و المخرج المنفذ معتصم مارتيني و العمليات الفنية لجلال الحافظ ومدير الانتاج ناصر الجندي و كل اللذين ساهمو في انجاح هذا العمل بالإضافة إلى الذي أعطى الألق للإنتاج والذي كان معنا تماماً وكانت له أيادٍ بيضاء في هذا العمل وهو مدير ادارة الانتاج  الأستاذ فراس الجاجة.

هل عدم حضورك للمهرجان أثناء حصولك على الجائزة يعني أنك لم تكن تتوقع الجائزة؟

صراحةً، أنا لا أتوقع شيئاً لأعمالي، إذ أني في كل عمل أنتهي منه أجد أنه بحاجة إلى الكثير ليكتمل، وإن وصل إلى نصف ما أتمناه فإني أكون راضياً جداً، والأهم من الجائزة بنظري هو الجمهور الذي حضر العمل ومدى رضاه عنه وصراحةً الذي وصلني من أخبار أن الفيلم نال رضاً جماهيرياً جميلاً ولكن مع الأسف لم أستطع حضور المهرجان لظروف عائلية لا أكثر وليس الموضوع متعلقاً بتوقعي إن كنت سأحصل على الجائزة أم لا.

بالإنتقال إلى موضع الدراما السورية، برأيك ما سبب نجاحها ؟

السبب البارز هو أننا في سورية نعتمد على تصوير المسلسلات على أرض الواقع وليس في مدن سينمائية وهذا ما يعطي للدراما روحاً واقعية لا يستطيع أن يصنعها مهندس الديكور مهما كان محترفاً، بالإضافة إلى وجود أبطال الدراما وهم المخرجون الذين يعملون في ظروف إنتاجية صعبة جداً ووفقاً لعدة أمور ضاغطة، وبالرغم من هذا فإن لديهم رؤى إخراجية عظيمة، وقد انتبهت لها الدول الأخرى فأصبحت تستقدم المخرجين السوريين وتصعد على أكتاف رؤيتهم الإخراجية، طبعاً نحن لا ننكر أبداً دور الممثل السوري في إنجاح الدراما ودوره الريادي في ذلك 

لديك ممثلين مسرحيين كثر ممن هم طلابك، فلماذا لم نرى أياً منهم في الفيلم؟

إن كل عمل يفرض ممثليه وهذا متوقف على رؤية المخرج للنص، وإن أردت أن أجلب "زيد وعمر" من الناس وأقحمهم في فيلمي فبرأيي أنّ هذا ليس فناً على الإطلاق، هذا بالإضافة إلى الحالات الأخرى كالإنتاج والتسويق وأمور أخرى كثيرة يتوقف عليها اختيارنا للممثلين، ولكن هذا لا يعني أنني في المستقبل ألاّ أدخل معي في الأفلام وجوه جديدة والذين من الممكن أن يكونوا طلابي، فأنا أؤمن بالوجوه الجديدة وهذا هو مجال عملي كما يعرفني الناس، ففي كل سنة أأتي بوجوه جديدة وأعمل على تدريبها وصقل موهبتها.

نرى أن بعض المخرجين يستخدمون أسلوباً معيناً من حيث حركة الكاميرا، هل تعتبر ذلك بصمة للمخرج؟

إنّ آخر ما يفكر به المخرج هو حركة الكاميرا، وكوجهة نظري أقول بأن حالة المشهد تتطلب حركة معينة للكاميرا دون أخرى، و ممكن أن يكون اسلوب معين بسيناريو الكاميرا ترمز إلى حالة معينة أريدها، وحتى حالة "الجي مي جيب" فإن استدعى الأمر فلا أعتقد أن هنالك مانع من استخدامها وخاصة إن أتت في مكانها المناسب، وهذه الأساليب ليست مقيدة بمخرج معيّن دون آخر ولكنها رغم ذلك أنماط معروفة على صعيد المسلسلات و على صعيد الأفلام، وبالمجمل يمكنني القول أنني مع أي حركة للكاميرا بحيث تخدم فكرة المخرج ورؤيته وفي الوقت ذاته أنا ضد أي حركة مجانية لها.

الأستاذ "حسام حمود" كمخرج، كيف يمكن أن يوجد حلول للوضع السينمائي السوري؟

لا أرى أنّ هنالك سينما سوريّة أساساً وإنّما الموجود هي تجارب سينمائية لا أكثر، فالسينما في سورية تقتصر على المؤسسة العامة للسينما التي تعمل على تنفيذ فيلم أو فيلمين يكونان مهرجانيان وليسا جماهيريان وبهذه الحالة لم نحقق الحالة السينمائية، فالحالة السينمائية تستدعي وجود صالات للعرض ويمكن اعتبار ذلك مهماً أكثر من إنتاج الأفلام، أيضاً نحن فقدنا الجمهور السينمائي والذي خسرناه منذ فترة الثمانينات تقريباً، وفي هذه الفترة بالذات وما بعدها بدأت السينما والتلفزيون والمسرح بالانحدار من ناحية الصالات، فبدأ ظهور الدراما ولكن في الوقت ذاته تم إهمال السينما ومازال المسرح باقياً على حاله دون تطوّر، والسبب في ذلك هو عدم وجود اهتمام مؤسساتي بهذا الموضوع كإتاحة فرص للمنتجين لجلب معدات سينمائية بالإضافة إلى تشجيعهم على إنتاج الأفلام، ففي مصر يختلف الموضوع تماماً إذا تتنافس شركات الإنتاج إلى الآن على إنتاج أفلام أفضل من منافسيها في الشركات الأخرى، وقد أصبحت المسلسلات لديهم عبارة عن فيديوهات ومواد مستهلكة لا أكثر.

بالتطرق لموضوع مصر، يقال أنّ السينما المصرية قد أخذت منحىً تجارياً ولم تستطع الظهور خارج مصر أو حتى الوطن العربي، كيف ترى الموضوع؟

هنالك بعض التجارب التي أخذت منحى جيداً ولكن برأيي ليس كل التجارب السينمائية أو المسرحية يجب أن تأخذ منحى النخبوية لأنني إن أردت العمل على عمل مسرحي أو تلفزيوني أو سينمائي فيجب أن أحاكي المتلقي من أصغره إلى أكبره لأن السينما لكل المشاهدين وليس لمجموعة الأشخاص الذين يفهمون بالسينما فقط وبالتالي يمكن أن أعمل عليه بطريقة جمالية وبرؤيتي لأصل إلى معادلة أعتقد أني حققتها في المسرح ألا وهي أن أحقق حالة جمالية وفكرية نخبوية وفي الوقت ذاته أحقق حالة الجماهيرية التي تحاكي الجمهور مباشرة دون عناء.

المخرج حسام حمود، ماذا بعد هذه الجائزة؟

بغضّ النظر عن الجوائز فإن كل مخرج يحلم أن يحقق جزءً من هذا الحلم لذلك من المفروض عليه إن يسعى دائماً إلى تطوير نفسه وقدراته في سبيل إيصال فكرته ورؤيته للمشاهد فيحبب المشاهدين بالعمل ويتعامل مع الممثلين لديه بشكل جيّد، فبرأيي إن سعى أي مخرج على هذه النقاط فإن العمل سيغدو ناجحاً بالتأكيد، وأنا أعتبر نفسي أني مازلت في بداية الطريق إذ يمكن أن أستمر وأصل إلى أكثر مما أحلم به وأيضاً من الممكن ألا أعمل أبداً، فكل هذا عبارة عن طموح، أمّا إمكانية تحقيقه فهي متوقفة على الحالات الإنتاجية ومدى فهم الإنتاج لهكذا مخرجين.

ما الجديد الذي يعمل عليه المخرج حسام حمّود؟

أنا الآن أعمل على الفيلم الثاني من الأفلام الغرائبية وهو تحت عنوان "شفافية أشبه بالصدى" يتحدث عن شخص يكتشف جريمة قتل بعد ثلاثين عاماً من حدوثها بمجرد أنه حلم بالأمر فقط، وهذا نموذج واقعي في المجتمع لأذلك أعتقد أنه يجب تسليط الضوء عليه ليعي الجمهور هذه الحالة ويدرك وجودها.

 

رابط بطاقة الفيلم

لقاء  جلال مولوي

تحرير أغيد شيخو

تصوير نوح حمامي

عالم نوح