النجم عامر العلي ولقاء مع عالم نوح
- يونيو 27, 2012
- 0
الفنان عامر العلي، له العديد من الأدوار المميزة والتي تركت بصمة في تاريخ الدراما السورية، ويعتبر من الممثلين الذين يضمن نجاح أي عمل يتواجد فيه
النجم عامر العلي
دمشق ـ عالم نوح ـ شادي نصير:
يتميز النجم السوري عامر العلي بالعفوية والإتقان في أداءه لشخصياته، ينقلها من الورق ويرسم لها حياتها، يدخلك إلى ماضيها ويرسم لك أفق مستقبلها من خلال تفاصيل يضيفها من روحه وإحساسه العالي، ومن شغفه بالفن ومن قراءاته يضيف روحاً لأي شخصية لا يستطيع غيره أن يضيفها.
له العديد من الأدوار المميزة والتي تركت بصمة في تاريخ الدراما السورية، ويعتبر من الممثلين الذين يضمن نجاح أي عمل يتواجد فيه.
التقى "عالم نوح" وشادي نصير الفنان "عامر العلي" بالمحبة وكان هذا الحوار الدافئ بوجود الإعلامي والمصور نوحي حمامي:
* ما الإغراء الذي دفع عامر العلي لدخول الوسط الفني؟
** كانت رغبتي في الحياة (أن أعيش عدة أشخاص أو (كاركتيرات) كأسلوب حياة وليس كمهنة، ثم أدركت أن الحياة لا تستوعب كل الأحلام التي أحلم بها، وفي فترة من الزمن أضعت ما أريد أن أكون عليه.. فقررت أن أبحث عن نفسي وأن أعيش هذه الأساليب واكتشفت أنني من خلال المسرح أستطيع أن أكون عدة شخصيات وعدة نماذج حياتية وهكذا دخلت إلى عالم التمثيل.
درست التمثيل مع أن رغبتي الأساسية كانت نحو دراسة الإخراج، وبعد التخرج كان هدفي أن أكون مميزاً بأدواري وأن أترك أثراً مهماً في الحياة الفنية، وأن يقول الناس هذا هو عامر الممثل المشهور، وهذا هو سبب عدم قبولي الأدوار الكثيرة، فالأدوار المهمة التي قدمتها هي ادوار بمساحات صغيرة، فما يهمني هو نوعية الدور ولهذا بقيت نظرة الناس لي على أنني جديد في الوسط الفني لعدة سنوات، فلا بد أن أقدم في كل دور شكل وشخصية جديدة مختلفة عن سابقها.
ربما في البداية هذا الموضوع ضر بي كممثل، ولكن ما كان يهمني هو الترسيخ الذي أسعى إليه في ذهن المشاهد والذي بدأت أراه مع مرور الوقت، وأن أعمل على اسم خاص بي كعامر وليس نجم أو ممثل فقط، فقد كان قراري منذ البداية أن أكون مميزاً ولي خطي أو أن أنسحب من الوسط، ولا أقبل أن أكون مرتبة ثانية في الحياة، فالقصة ليست نجومية بقدر ما هي أن أقدم شيء يخصني كعامر.
* ما هي الأدوات التي كنت تستخدمها ومن أين تستقيها في لعب الشخصيات المختلفة؟
** الممثل يمتلك مناحي عديدة يستطيع من خلالها أن يستقي أدواته، فعندما كنت صغيرا كنت أنتبه للتفاصيل التي حولي، وأعماق الشخصيات التي تعجبني سواء التي تعيش حولي أو في التلفزيون أو في عموم الحياة.
كنت أفكر كيف يعيشون، فأدقق في تفاصيل حياتهم، البعض لفتتني طريقة حياته، والآخر ثقافته، وبعضهم ردود فعله، وكنت أتساءل كيف يفكرون لتكون ردود أفعالهم بهذا الشكل، وقد ترك هذا الشيء عندي مخزون ودراية بانطباع الناس المحيطين، إضافة إلى مشاهداتي للأفلام وللقراءات التي أقرأها.
* رغم مساحة الدور المسند لك في الأعمال التاريخية، كنت تقدم شخصية مختلفة ولها طابعها المميز، كيف تقدم شخصياتك التاريخية بحسّك الشخصي؟
** من الأساس أحب اللغة العربية الفصحى، وكانت تشغل تفكيري ويستهويني قراءة التاريخ، بالإضافة إلى أن هوايتي الرئيسية هي ركوب الخيل، وكلهم ساعدوا لأمسك الشخصية وأدرسها وأضع إكسسوارها، أمسك الشخصية وأبحث عن تاريخها سواء أكانت قديمة أو جديدة .. أتعامل معها بظروفها وهدفي أن أجعل الشخصية تعيش. ودائماً أوجد لها مبررات ودائماً أبني للشخصية ماضٍ قبل الأحداث الموجودة في النص وأبحث عن مبررات لها ضمن العمل، وأن أصدقها أولا أنا ومن ثم لتصدقها الناس.
* ما هي الأمور التي دعمت من خلالها الممثل الشاب في سورية حتى استطاع أن يحقق حضوره عربياً؟
** إن من أسّس وأعطى الخصوصية للدراما السورية هو جيل الرواد من الممثلين، وبالرغم من أن الانتشار كان ضعيفا لا يزال شعب الوطن العربي يتذكر مسلسلات "صح النوم" و"حمام الهنا" و"أسعد الوراق" بنسخته القديمة، وغيرهم من المسلسلات، وقد أسسوا لأسلوبية خاصة ومن ثم أتى الجيل الثاني الذي عمل أيضاً على تأسس أسلوبية خاصة وجديدة، أما ما أفاد جيلنا هو انتشار الفضائيات وبدأ العالم يتواصل عبرها وعبر الإنترنت، وصار هناك تأثر بالأساليب الفنية من إخراج وإضاءة وهذا التأثر جعل تطور وفتح سوق للدراما وإنتاج أكبر للساعات الدرامية أمرا لا بد منه، ومن هنا تزداد فرص العمل.. ومن ثم تزداد رؤية الممثل ليعمل على أدواره المتزايدة، وصارت فرص لأعداد أكبر.. وأدى إلى كم من الانتاجات أفرزت النوع الذي ساهم في وجود الدراما السورية وساهم أيضاً اختلاط المخضرم بالشباب من الممثلين مما أعطى الدراما السورية نكهتها الخاصة.
* هل يهمك حجم الدور أم الدور نفسه؟
** لا يهمني حجم الدور بقدر ما يهمني الدور نفسه ومدى عمقه، مع أنني بدأت بأدوار البطولة كمسلسل "هولاكو" ومن ثم مسلسل "الزيزفون" و"قاع المدينة" و"ملح الحياة" ولكن إذا كان الدور المقدم مهم ومساحته صغيرة فأقوم بأدائه.
* حدثنا عن شخصية "روحي" في مسلسل (رسائل الحب والحرب) التي أثارت ضجة وقدمتك للجمهور العربي بشكل مختلف؟
** أساساً شخصية روحي كانت غريبة لأنني بدأت تصويرها ولم تكن مكتوبة بالكامل، وهذا جعلني أتردد، وحتى الشخصية لم تكن قد وصلت للذروة وغير معروف إلى أين تتجه، وعندما بدأنا التصوير تكلمت مع الكاتبة ريم حنا وطلبت منها أن تضعني بسير الشخصية كي أعرف أن أحضّر لها، ومن بعض الإيحاءات الغريبة التي وجدت بما كتبت، وسألتها إذا كانت ستدافع عن هذه الإيحاءات فأجابتني بأنه لا يجد مساحة للشخصية لتدافع عن إيحاءاتها، والناس ستكون الحكم حول الشخصية وهي أول مرة تطرح شخصية بهذا النوع كان لا بد من أن أدافع عن الشخصية بسلبياتها وايجابياتها لضيق المساحة شاركت بتركيبتها وأظهرت رؤيتها للعمل على الشخصية فالسيدة ريم أعطتها أبوابا وأنا أوجدت المبررات رغم هذه المساحة الصغيرة لندافع عنها اعتبر بأنني شاركت بكتابتها بشكل أو بآخر.
* في دورك في فيلم حسيبة كان حضورك قوي كممثل في شخصية ليس لها فعل، حدثنا حول دورك في الفيلم؟
** فيلم حسيبة هو رواية لخيري الذهبي، وفي السنة الثانية من المعهد، قرأتها وسحرت بها وتمنيت أنه في يوم من الأيام أن أؤدي شخصية فياض التي سحرت بها، وفي نفس السنة تم اقتراح عمل مسلسل حسيبة ورشحت للبطولة ولكن تم إيقافه.. ولكن بعد عشر سنوات عندما قررت المؤسسة العامة للسينما أن تقوم بالفيلم واختيار الكاست وقع اختيارهم علي لأؤدي نفس الشخصية التي رشحت لها مسبقاً وكنت أحبها وهي شخصية فياض.
كان لي وجهة نظر حول الشخصية وتفاعلاتها وللمخرج كان له وجهة نظر وكعمل في السينما كنت محكوم ضمن رؤية المخرج .. وبالنسبة لي شخصية فياض هي أهم مما قُدم فالأستاذ خيري الذهبي كتب روايتين، أو ثلاث روايات الأولى اسمها حسيبة والثانية اسمها فياض والثالثة اسمها هشام والدوران في المكان والتي هي عن ابن فياض من بنت حسيبة.
فياض هو عالم مختلف ودخل على عالمها .. كركب .. حياتها وغير مبادئها وهو أثر بكل الشخصيات الموجودة. أحد النقاد قالوا بان الفيلم يبدأ منذ دخول فياض إلى عالم حسيبة فهنا كان يوجد فِعل، ودخول فياض كسر كل عالم حسيبة. وقد حاولت أن أسرق من الفيلم فياض كما أراه ولكن للأمانة كنت خاضع لرغبة المخرج بأن حسيبة هي المحرك الأساسي بالرغم من أن رؤيتي الخاصة هما فاعلين لأنهم اقتحموا عالم بعض وأثروا ببعض.
* هل كانت كل خطوات فياض مدروسة من لباس إلى تصرفات؟
** يعرفني الفنيون بأنني أدقق على أصغر الأمور على الديتلز وعلى أدق التفاصيل الخاصة، وأنتبه على ألوان الشخصية وطبيعة تصرفها سواء تاريخ حديث أو قديم أو معاصر وأحاول أن أرى أفلام وعوالم الشخصية وزمنها وكنت أعيش حياة فياض بأفكاري ولو أعطيَ فرصة أكبر وعلى ردّات فعل فياض التي اختلفت بوجهات النظر مع المخرج ولكنني خضعت لما يراه هو.
فعالم فياض لم يكن شكله ولباسه فقط، هو طريقة كلامه ولباسه وحتى تسريحة شعره ومأكله هي من التفاصيل التي لابد أن ندخل إلى عالمها لان النساء بدأن يكتشفن شيء جديد في عالم فياض .
* هل تخضع لرغبة المخرج في كل الأدوار التي تؤديها أم تفرض رأيك ورؤيتك في الشخصية في بعض الأحيان؟
** ليس دائماً فهناك تمرد دائم بداخلي، ولكن التزم برؤية المخرج وأحاول أن أقرّبها أو أن أبحث عن التقاطعات التي تتشابه مع رؤيتي.
وظيفة المخرج أن يضبط الممثل لأنه شخص منفلت، وفي حال كان الخلاف كبيرا لا أستطيع تأدية الدور لأنني لا أعمل ضد قناعتي.
أحياناً يكون خلاف جهات نظر فقط وربما أقتنع ببعض ما يراه المخرج، ولكنني في الغالب أعمل بطريق المخرج، ولكنني أسرق تفاصيل خاصة وأعطيها للشخصية من طريقتي، فأنا أخضع بشكل أو بآخر لرؤية المخرج وطريقته، ولكنني أبحث ضمنها على طريقتي الخاصة لأعيش داخل الشخصية.
* ما هو مقدار دفاعك عن الشخصية التي تؤديها في المجتمع المحيط بك سواء محببة أو غير محببة؟
** خلال أدائي لأي شخصية أبحث لها عن مبرراتها ولو كانت شخصية غير محببة، ولا بد من حبي للشخصية التي ألعبها ولو لم أستطع إيجاد مبررات لها.
* كيف ترى السينما بالنسبة لك كممثل؟
** في الحقيقة بالنسبة لأي ممثل فالسينما تبقى مميزة، وحياتها مختلفة هي تاريخ .. هي تغير المجتمعات .. أما الدراما فعمرها قصير والمسرح لحظي بوقته.
عندما درست كان هدفي العمل في السينما وفي الاخراج، ولكن للأسف السينما ضعيفة حالياً في سورية وأتمنى أن تكون أهم في الفترة القادمة، وأداء الممثل في السينما يختلف عن أداءه التلفزيوني، ففي التلفزيون هناك تكنك يكتسبه الممثل مع الوقت، وكيف يستطيع أن يقدم اللحظة، ولكن في السينما يكفي بحركة صغيرة من بؤبؤ العين لتوصل أفكارا كثيرة.
السينما تعمل على التفاصيل بشكل دقيق والثانية في السينما تعادل عشر دقائق تلفزيونية وتعتمد على ضبط المخرج .. أعشق السينما بشكل كبير.
* إلى أين تتجه الدراما السورية اليوم في ظل الحراك الكثيف؟
** ضمن الأزمة الراهنة هناك أزمة في كل شيء، أزمة اجتماعية وسياسية وأزمة بالدراما لأننا نبحث عن الذات، وبشكل عام ومع وجود هذه الأزمة فإن الدراما السورية وصلت إلى تحديد هويتها، ولكننا لم نصل إلى مرحلة إنتاج دراما.. نحن حققنا النجاح وتجربة مهمة، وما ميّز الدراما السورية أنها دراما تجريبية كسرت القوالب القديمة، وأسست قوالب جديدة أو شبه قوالب ببعض أنواع الدراما، وكانت مرحلة نجاح لأنها اختبارية ومرحلة مخاض، ولا بد من الوصل إلى النهاية والبدء بصناعة الدراما فبعد النجاح تبدأ الصناعة.
أهم ما ميّز الدراما السورية، هي أنها لم تكن تمتلك الأماكن للتصوير، فخرجت إلى الشوارع والحارات، وصورت بظروف صعبة أعطاها مصداقية، وأول من عمل بنظام السينما في التصوير هم السوريين ولا بد لها الآن أن تؤسس لخطوط وصناعة حقيقية وإذا لم تستطع فإنها ستتراجع لان صناع الدراما في الدول المجاورة أفاقوا، وضمن الأزمة اختلفت ظروف الإنتاج والتصوير وأتمنى أن تتخطى الدراما المطب الكبير لأنها تعبر عن البلد.
نحن اليوم في مرحلة نجاح وقواعد هشة لا بد من دراسة الخطوات بشكل كبير فيما بعد ومراجعة كل ما جعلها تقفز القفزة النوعية ولا بد من إنشاء قاعدة لترتكز عليها في الأيام القادمة.
* كيف ترى تبادل الخبرات بين الدول العربية أو الأجنبية؟
** بالنسبة لي تبادل الخبرات هو أمر مهم وصحي، بمنظور عام وأحيانا تحكمه أمور ليس لها علاقة بالتبادل وإنما بالمصالح.
أنا مع التبادل إذا قدّم الفائدة للدراما ليس السورية فقط بل أي دراما، وأيضاً تُطلب الاستعانة بالخبرات أو بالتبادل الفني انتشار الانترنت والفضائيات كبير، فأصبح الجمهور متطلب للتقنيات والتطور.
* ما هي آخر أعمالك لهذا العام؟
** انتهيت من تصوير مسلسل "أرواح عارية" للمخرج "الليث حجو".
* وفي الختام كان سؤالنا:
هل تستطيع التضحية من أجل شخص تحبه كما في فيلم "الموت حباً؟
** الموت حبا قصة غرائبية ولكن المشاعر كانت مهمة فيها؛ ولو كانت غير منطقية، بحيث تم تركيز المخرج والممثلين على الحدث وعلى الإحساس ومبدأ التضحية.
وعندما يصل الحب إلى درجة حقيقية يستطيع الشخص أن يضحي ومثال على ذلك حب الأهل والوطن.. فالشخص يضحّي من أجلهم دون التفكير، وأرى أن الحب بشكل طبيعي لمن يستحق التضحية ومن أهمّ التضحيات بالحب هو من يضحي بكليته مثلاً لأخ أو صديق ولولا وجود الحب لما أحسسنا بالحياة والجمال والفن والأشعار.. بتواجد الحب تتواجد التضحية الحقيقية.
إذن أعزاءنا، بكل الحب والمحبة نودع النجم عامر العلي على لقائه الجميل آملين له النجاح المستمر و إلى لقاءات أخرى معه.
دمشق ـ عالم نوح
9-5-2012